تقرير عادل عبده بشر / لا ميديا -
عقدت محكمة غرب الأمانة، اليوم الأحد 17 أيلول/ سبتمبر2023م، الجلسة الـ23 في جريمة الدواء الملوث الذي أودى بحياة 11 طفلاً من مرضى لوكيميا الدم  في مستشفى الكويت بصنعاء، وأصاب 10 آخرين بمضاعفات، بينهم طفلان بمركز الأورام في سيئون بمحافظة حضرموت، أواخر أيلول/ سبتمبر 2022م.
وأوضح القاضي أسامة الجنيد أن الجلسة التي كان مقرراً عقدها بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر الجاري، تم تقديم موعدها إلى اليوم، بناءً على طلب المتهمين الرابع والتاسع لتقديم مستندات ووثائق لم يسبق أن قدماها للمحكمة، التي شارفت على إسدال الستار عن واحدة من أكثر القضايا التي شغلت الرأي العام.
وفي الجلسة التي حضرها وكيل نيابة غرب الأمانة القاضي ياسر الزنداني، قدم محامي المتهمين الرابع عبدالله رشيد العريقي والتاسع عمر رشيد العريقي، لهيئة المحكمة، حافظة مستندات، وقسيمة إيصال بالأدوية صادرة من مصلحة الجمارك بتأريخ 28 أيلول/ سبتمبر 2022م، باسم المتهم الرابع، مُفيداً بأنه يستدل بذلك على أن الأدوية دخلت بعد حصول كارثة أطفال اللوكيميا بأربعة أيام، وتم إدخالها بتصريح من الهيئة العليا للأدوية.
وكيل النيابة اعترض على طرح محامي المتهمين الرابع والتاسع، مؤكداً ضبط من 20 إلى 30 فيالة من التشغيلات الدوائية محل قرار الاتهام في مخازن الصيدلية التابعة لهما، حيث أفادا -وفقاً لوكيل النيابة- في اعترافاتهما أمام النيابة والمحكمة، خلال جلسات سابقة، بضبط تلك التشغيلات في صيدليتهما، وقالا إنهما لم يعرضاها للبيع.
المحكمة سألت المتهم الرابع عبدالله العريقي، عن عدد المرات التي قام خلالها باستيراد أدوية الميثوتركسات، والأدوية التي ضُبطت في مخازنه، فأجاب بأنه استورد مرة واحدة، في آب/ أغسطس 2022م، وتم الإفراج عنها من منفذ الراهدة الجمركي بتاريخ 28 أيلول/ سبتمبر 2022م، وهي أدوية سليمة، وبخصوص الفيالات التي تم ضبطها في المخزن التابع له وعددها 20 فيالة، فقد قام بشرائها من المتهم الأول فيصل عوض.. لافتاً إلى أنه قام بتحريز هذه الكمية ولم يعرضها للبيع.
وفي ذات الجلسة أفاد المتهم الثامن، هيثم البكاري، بأنه أثناء الواقعة كان مسافراً في الهند، مثبتاً ذلك بجواز السفر المدون عليه تاريخ مغادرته وكذلك عودته، وهو ما رفضه وكيل النيابة، مؤكداً أن تواجد المتهم البكاري خارج الوطن لا يُعد دليلا على براءته، كونه تم ضبط كمية من الفيالات محل الاتهام في الصيدلية التي هو مسؤول عنها.
المتهم الثالث يوسف علي صويلح، أدلى بدلوه في سجالات جلسة اليوم، طالباً من المحكمة الإفراج عنه، قائلاً بأنه ليس له علاقة بالقضية وأن النيابة لا تمتلك أي دليل يُثبت متاجرته أو بيعه للأدوية.
وحفَّز ذلك المتهم الثاني، فهد أبو بكر سالم، الذي كان شبه صامت طوال الجلسات السابقة، ليتحدث اليوم، بأنه هو الآخر ليس له علاقة بالقضية، وتم احتجازه وتقديمه كمتهم. وأنكر وجود أي اعترافات له بمحضر النيابة، الأمر الذي فنده وكيل النيابة بالقول إن المتهم أبو بكر أقر في اعترافاته أنه قام بنقل العلاج على متن الباص الخاص به.. فردّ محامي المتهم قائلاً: "ليس هو نفس العلاج المتسبب بوفاة وإصابة الأطفال، كما أن موكلي هو فقط سواق وليس تاجر أدوية".
وفي السياق أكد وكيل النيابة القاضي ياسر الزنداني أنه تمت مخاطبة وزارة الصحة حول قرار المحكمة الصادر في آذار/ مارس المنصرم، بتسليم مليون ريال لأسرة كل طفل متوفٍّ ومصاب، كجزء من التعويضات المستحقة لهم.. مشيراً إلى أنه تم توريد المبلغ بإجمالي 21 مليون ريال إلى خزينة المحكمة وتسليمه لأولياء الدم.
ويأتي تنفيذ هذا القرار بعد تسعة أشهر من صدوره، نتيجة تعنت الهيئة العليا للأدوية ورفضها تسليم التعويضات على مدى الأشهر الماضية التي تبعت قرار المحكمة.
وفي ختام الجلسة، قرر القاضي أسامة الجنيد تكليف النيابة بإحضار الأدوية المضبوطة من الهيئة العليا للأدوية خلال وقت لا يتجاوز انتهاء الدوام الرسمي للجلسات، لليوم والتأجيل إلى غد الثلاثاء، لاستكمال الاطلاع على ملف القضية.
وكان الأطفال من مرضى لوكيميا الدم في مستشفى الكويت بصنعاء، تلقوا أواخر أيلول/ سبتمبر 2022م، جرعة من دواء (methotrexate) المصنع لدى شركة CELON LABS (سيلون لابز) الهندية، ليتضح لاحقاً أن الدواء ملوث وأودى بحياة 11 طفلاً، وأدخل 10 آخرين العناية المركزة نتيجة للمضاعفات الخطيرة التي تسببت بها الجرعة الفاسدة.
والمتهمون في هذه القضية تسعة وهم: فيصل محمد عوض، فهد أبو بكر سالم، يوسف علي صويلح، عبدالله رشيد العريقى، الهيئة العليا للأدوية ممثله برئيسها السابق محمد الغيلي، صلاح الدين العامري، صلاح عبدالله الحميري، هيثم أحمد البكاري، وعمر رشيد العريقي.

قرار الاتهام
وتتهم النيابة المذكورين من الأول حتى الرابع، بأنهم تسببوا بخطئهم بقتل 11 طفلاً من مرضى لوكيميا الدم، وإصابة 10 آخرين بمضاعفات، جراء مخالفتهم للقوانين واللوائح بأن قاموا بتهريب مجموعة من الأدوية غير المصرح لها وغير المسجلة، ولم تخضع لفحص العقامة من الجهات المختصة، بينها دواء الميتوتركسات التشغيلة، المتسبب في الوفاة والإصابة.
كما تضمن القرار قيام المتهم الخامس "رئيس الهيئة العليا للأدوية" بصفته المسؤول المباشر عن تنظيم شراء وبيع الأدوية وحماية السوق الدوائية والإشراف عليها، بتقديم مساعدة للمتهمين وتسهيل والتصريح بدخول أدوية مهربة وغير مسجلة بالهيئة ولم تخضع للفحص المختبري، بينما المتهمان السادس والسابع قاما بالعرض والبيع والمتاجرة بالأدوية المهربة مع علمهما أنها غير مسجلة ولم تخضع لفحص العقامة من جراثيم أو أي نمو بكتيري مخالفين بذلك أحكام وقواعد القانون واللوائح النافذة.

علامات استفهام
أفادت "لا" مصادر قضائية أن جلسة المحكمة اليوم الأحد، هي الجلسة قبل الأخيرة، في هذه القضية.
وأوضحت المصادر أن المحكمة من المقرر أن تقوم في جلستها غداً الثلاثاء بالنطق بالحكم، بعد نحو عام كامل من وقوع كارثة أطفال اللوكيميا، ونحو 24 جلسة شهدتها قاعة المحكمة.
ورغم انتظار أهالي الأطفال الضحايا بفارغ الصبر لليوم الذي ستقتص فيه العدالة من المُتسببين بهذه الجريمة الشنيعة بحق فلذات أكبادهم، إلا أن عدداً منهم يتساءلون عن أسماء تنامت إلى مسامعهم في جلسات مختلفة، بلسان بعض المتهمين ومحاميهم، من تلك الأسماء تاجر أدوية قيل إن المتهم الثاني فهد أبو بكر سالم، أوصل له كمية من الأدوية من بينها التشغيلة محل الاتهام، وهي الكمية التي تم احتجازها في منفذ الراهدة الجمركي، والإفراج عنها عبر الهيئة العليا للأدوية، وكذلك تاجر آخر قيل بأن المتهم الأول فيصل عوض، أفاد بأنه قام بشراء الأدوية منه.