«لا» 21 السياسي -
تُدرك الولايات المتحدة خطورة مشاركة اليمن في أي حرب إقليمية مقبلة؛ إذ يشكل موقع هذا البلد تحدياً استراتيجياً للحضور الأجنبي في المنطقة، في حال فعلت صنعاء أصولها العسكرية كافة، واستثمرت في موقعها الجغرافي (وقدراتها). ويطل اليمن على البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، وعلى أهم ممر يَربط بحر العرب بالبحر الأحمر، هو مضيق باب المندب، الذي يُشرف بدوره على أهم الطرق الدولية بين الشرق والغرب. وكانت قد أعلنت قيادة صنعاء، أكثر من مرة، أن قدراتها العسكرية تغطي كامل مساحة البحر الأحمر، كما أنها أجرت، في الأشهر الماضية، أكثر من مناورة عسكرية استَخدمت فيها معدات وأسلحة حديثة، منها ما هو معلن، ومنها ما لم يُكشف عنه بعد، علماً بأن البحرية الأمريكية راقبت تلك المناورات.
المخاوف الأمريكية عبرت عنها وكالة «إس آند بي غلوبال» الأمريكية، بالقول إن «قوات صنعاء لديها عدد من الخيارات في ترسانتها العسكرية التي يمكنها عبرها تهديد السفن في جنوب البحر الأحمر، وهي تشمل صواريخ مضادة للسفن، وزوارق مُسيّرة محملة بالمتفجرات، وسفناً وطائرات من دون طيار». وأشارت الوكالة إلى أن «هناك دلائلَ على أن الصراع الإقليمي الشامل قد اجتذب بالفعل قوات صنعاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار أوسع نطاقاً على تدفقات السلع التي تمر عبر مضيق باب المندب».
ويقول الكاتب محمد فرج في مقال له على موقع «الميادين نت»: «لكن ما الذي يعنيه فتح جبهة من البحر الأحمر، من اليمن تحديداً، بالنسبة إلى الكيان الصهيوني؟
- اليمن مصدر جديد للتهديد المباشر: إطلاق صواريخ بعيدة المدى من اليمن في اتجاه الأراضي المحتلة، وتحديداً «إيلات»، أمر ممكن. الأعباء التي يضيفها العامل اليمني ليست قليلة.
- شل التجارة البحرية الصهيونية: يعتمد كيان الاحتلال في تجارته، بصورة أساسية، على البحر، إما البحر الأحمر وصولاً إلى باب المندب، بغية الوصول إلى شرقي آسيا، وإما البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى أوروبا.
تصعيد إطلاق الصواريخ البالستية والمُسيّرات في البحر سيمنع وصول عدد من البضائع الاستراتيجية إلى الكيان الصهيوني من جهة، ويرفع أسعار بوليصات تأمين حاويات النقل من جهة ثانية، ويشجع حالة الاستنكاف عن التجارة مع الكيان الصهيوني، وبالتالي سيتم إنتاج حالة مقاطعة ضمنية، من جهة ثالثة.
- موانئ قلقة لا تعمل: ما زالت سلطات الاحتلال تقول إن الموانئ تعمل بصورة طبيعية؛ إلا أنها لا تستطيع ضمان هذه الاستمرارية من جهة، ولا تستطيع نفي حالة القلق التي تعيشها هذه الموانئ من جهة أخرى، فعمليات تفتيش الشحنات تزايدت، وحظر استيراد مواد محددة أو تصديرها أيضاً تزايد.
- نشاط الكيان الصهيوني مستهدف على امتداد البحر الأحمر: لا يمكن اختصار المساهمة اليمنية عملياً في إمكانية إطلاق صواريخ بعيدة المدى (2000 كم)، أو مُسيّرات لمسافات طويلة، وإنما أيضاً في ضرب مواقع حساسة للاحتلال، موجودة في دول مطلة على البحر الأحمر. ومن ذلك ما جرى الحديث عنه بخصوص قاعدة تجسس في أمبا سوير في إريتريا، أو حتى النشاط الاستخباري المعروف في إثيوبيا. القرب الجغرافي اليمني من هذه الأهداف يضيف مزيداً من الأعباء على كاهل الكيان الصهيوني في هذه الحرب.
- فشل مغامرات الاندماج الاقتصادي، دولياً وإقليمياً: خلق حالة من التوتر في البحر الأحمر كفيلة بحرمان الكيان الصهيوني من مغامرات الاندماج والاستفادة من المشاريع الاقتصادية في المنطقة (نيوم)».