اليمن بالحبر العبري -
سلط الخبيران في الشؤون الإيرانية، ولي نصر ونرجس باجوغلي، الضوء على إحياء الحرب في غزة لـ»محور المقاومة» الإقليمي، وأشارا إلى أن هجمات جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين) على السفن المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر جعلتها، في فترة  وجيزة، أبرز أعضاء التحالف العسكري، الذي أصبح نشطا في جميع أنحاء المنطقة.
وذكر الخبيران، في تحليل نشره موقع «فورين أفيرز» أنه ورغم أن الدول الغربية والإقليمية تزعم أنها لا تريد أن تتحول الحرب في قطاع غزة إلى حريق إقليمي، إلا أن إيران وحزب الله والحوثيين وغيرهم من أعضاء «محور المقاومة» يلعبون لعبة مختلفة تماما، ويعملون بصبر ومنهجية على تعزيز تحالف المحور عبر ساحة المعركة الإقليمية، حسبما يرى نصر وباجوغلي.
ويشكل هذا المحور تحديا مباشرا للنظام الإقليمي الذي أنشأه الغرب ودافع عنه في الشرق الأوسط لعقود من الزمن، خدمة للنظرة الاستراتيجية الإيرانية.
فالحرس الثوري الإيراني هو من زود حركات المحور بقدرات عسكرية فتاكة ودعم منسق، لكن طهران لا تتعامل مع تلك الحركات باعتبارها «سيدة الدمية»، بحسب تعبير الخبيرين، بل إن الواقع يعكس تماسك المحور ودوره الإقليمي بأبعد من إملاءات إيران، إذ تربط حركاته الكراهية المشتركة للاستعمار الأمريكي والإسرائيلي.
وبدلاً من كونه أداة في يدي إيران، يرى المحور نفسه كتحالف مبني حول أهداف استراتيجية مشتركة بروح «الكل من أجل الفرد والواحد من أجل الجميع»، ويعتقد أعضاؤه أنهم جميعاً يخوضون الحرب نفسها ضد إسرائيل، وبشكل غير مباشر، ضد الولايات المتحدة، ما يعني أن التحذيرات أو حتى الهجمات الأمريكية لن تجبر المحور على التنحي.
وما لم يقف عمل المدافع الإسرائيلية في غزة، وما لم يتم التخطيط لمسار جدير بالثقة نحو السيادة الفلسطينية وتقرير المصير، فإن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على إخراج نفسها من دوامة التصعيد الخطيرة، حسبما يرى نصر وباجوغلي.
وبات الرأي العام في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، والجنوب العالمي، بل وحتى الغرب، ينظر إلى الصراع باعتباره نتيجة لاحتلال دام عقوداً من الزمن وليس رداً على «الإرهاب الإسلامي» كما تروج الرواية الإسرائيلية، ما يؤكد ضمنيًا صحة نظرة المحور المناهضة للاستعمار، ويساعد في جعل حركاته أكثر شعبية في جميع أنحاء المنطقة.
ويأمل المحور أن تزداد شعبيته العالمية، فلأول مرة منذ عقود أصبحت القضية الفلسطينية بارزة دوليا، وهو ما يعتبره قادة المحور نعمة، إذ يؤدي صعود القضية إلى عزل إسرائيل والولايات المتحدة وزيادة الانتقادات العالمية للاستعمار الاستيطاني والاحتلال والفصل العنصري.
كما نشر الحوثيون مقطع فيديو باللغة الإنجليزية عبر منصات التواصل الاجتماعي يعلنون فيه أن عملياتهم «تتقيد بأحكام المادة الأولى من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها».
وتنص هذه المادة على أن جميع الأطراف في الاتفاقية ملزمة بمنع حدوث الإبادة الجماعية ومعاقبة المسؤولين عن ارتكابها. وينتهي الفيديو برسالة: «يتوقف الحصار عندما تتوقف الإبادة الجماعية».
وطوال الأشهر الثلاثة الماضية، اكتسب الحوثيون، على وجه الخصوص، قاعدة جماهيرية عالمية بين قطاعات الجيل الشاب، مع انتشار مقاطع الفيديو الخاصة بهم على «تيك توك»، فالمحور يقاتل إسرائيل والولايات المتحدة ليس فقط في ساحات القتال بالشرق الأوسط ولكن أيضًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكسب الرأي العام العالمي.
وفي هذا الإطار، ينشر محور المقاومة مقاطع فيديو يومية للعمليات في ساحة المعركة، مكتملة بتأثيرات الحركة البطيئة لتسليط الضوء على الضربات المباشرة للجنود الإسرائيليين والمنشآت العسكرية، كما ينشر مقاطع فيديو للحوثيين وهم يرقصون على متن السفن التي تم الاستيلاء عليها في البحر الأحمر.
وحسبما يرى نصر وباجوغلي: «إذا لم تنته الحرب في غزة قريباً، ولم يتم تأسيس طريق واضح للتوصل إلى تسوية عادلة للفلسطينيين، فإن الولايات المتحدة ستواجه منطقة ستتشكل سياساتها على نحو متزايد بفعل الغضب الذي يجتاح قطاع غزة».
وأضافا أن توسع الصراع إلى ما هو أبعد من غزة، أو من قبل إسرائيل في لبنان أو من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في اليمن، لن يؤدي إلا إلى تغذية هذا الغضب وزيادة تأجيج الرأي العام، وترسيخ نفوذ محور المقاومة، ولا يمكن لواشنطن أن تعكس هذا الاتجاه إلا من خلال التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة ومن ثم تشكيل عملية سلام ذات مصداقية تؤدي إلى تسوية نهائية للقضية الفلسطينية.
ويخلص الخبيران إلى أن الحرب أعطت لمحور المقاومة أكبر فرصة لشن هجوم عسكري وإعلامي على الغرب، وفرض نفسه في المنطقة من خلال أسلحته وجنوده، وعلى المستوى العالمي من خلال رسالته.

ولي نصر ونرجس باجوغلي/ فورين أفيرز