فرهاد رضائي - القدس الناطقة بالعبرية 
ترجمة خاصة:إياد الشرفي / لا ميديا -
تواجه إسرائيل هجمات متصاعدة لحزب الله، لكن يتعين عليها تأجيل العمل العسكري الكبير بسبب الجبهات المتعددة والانحرافات الأمريكية، مع التركيز بدلاً من ذلك على مواجهة التهديد النووي الإيراني حتى يناير/ كانون الثاني 2025.
إن صراع حزب الله المتصاعد ضد إسرائيل من خلال الهجمات الصاروخية المستمرة يتطلب رداً عسكرياً حاسماً. ومع ذلك، فإن بدء صراع واسع النطاق الآن سيكون محفوفاً بالمخاطر. فمع تورط إسرائيل في صراع على جبهات متعددة وانشغال الولايات المتحدة بالانتخابات، تستطيع إيران استغلال الفوضى لتعزيز طموحاتها النووية وربما تطوير سلاح نووي.
ويتعين على إسرائيل أن تؤجل أي عمل عسكري كبير ضد حزب الله حتى يناير/كانون الثاني 2025، عندما يتولى الرئيس الأمريكي الجديد منصبه. وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون التركيز على مواجهة التهديد النووي الإيراني. وبعد يناير/كانون الثاني، إذا لزم الأمر، تستطيع إسرائيل الرد على حزب الله بقوة ساحقة.
منذ الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أطلق حزب الله أكثر من 5000 صاروخ وقذائف مضادة للدبابات وطائرات انتحارية بدون طيار على إسرائيل، مما أدى إلى سقوط أكثر من 20 ضحية، وتشريد 80 ألف شخص، وإشعال حرائق الغابات التي أحرقت 9000 فدان.
وفي خطوة وقحة، أصدر حزب الله أيضاً مقطع فيديو مدته تسع دقائق بطائرة بدون طيار لمدينة حيفا الساحلية الإسرائيلية، يظهر مناطق مدنية وعسكرية ويهدد بمهاجمتها. ودفع ذلك وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى الرد بقوة على منصة (X)، منتقدا زعيم حزب الله حسن نصر الله لتفاخره بتصوير موانئ حيفا. وكتب كاتس: «نحن قريبون جداً من لحظة قرار تغيير القواعد ضد حزب الله ولبنان. في حرب شاملة سيتم تدمير حزب الله وسيتعرض لبنان لضربة شديدة».
كما أعلنت القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي أنها وافقت على خطط عملياتية للهجوم على لبنان. وقال رئيس الأركان اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي للقيادة السياسية إن الجيش مستعد للحرب.
إن تصرفات حزب الله العدوانية تترك لإسرائيل خيارات محدودة لحل الصراع في الشمال. وقد دفعت الدولة اليهودية من أجل حل دبلوماسي يعتمد على تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701. ويدعو هذا القرار، الذي تم تبنيه لإنهاء حرب لبنان الثانية في عام 2006، إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح من الخط الأزرق إلى نهر الليطاني، على بعد حوالي 18 ميلاً الى الشمال. ومع ذلك، فقد رفض حزب الله باستمرار الجهود الدبلوماسية، وحافظ على موقفه العدائي وقام بتصعيد التوترات بشكل أكبر.

التوقيت هو كل شيء
ورغم أن الأمر قد يبدو أمراً لا مفر منه، إلا أن شن حرب واسعة النطاق ضد حزب الله الآن قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وهذا من شأنه أن يضع الدولة اليهودية في حرب استنزاف أخرى مع مجموعة أكبر وأقوى بكثير من حماس. وقال كمال خرازي، مستشار آية الله علي خامنئي للشؤون الخارجية، إذا شنت إسرائيل هجوماً شاملاً على حزب الله، فإنها ستخاطر بإشعال حرب إقليمية ستدعم فيها طهران و»محور المقاومة» الجماعة الإرهابية المتمركزة في لبنان بـ»كل المعاني».
ورغم أنه من غير المرجح أن تدخل إيران مباشرة في حرب واسعة النطاق مع إسرائيل، فمن الممكن أن يحشد النظام شبكته من الجماعات الإرهابية المدعومة في جميع أنحاء المنطقة، مثل الحوثيين في اليمن، والمليشيات الشيعية في العراق وسوريا. وقد أوضحت المليشيات الشيعية العراقية والحوثيون اليمنيون أنهم سينضمون إلى المعركة إذا قامت إسرائيل بضرب حزب الله.
لقد شكل الحوثيون بالفعل تحدياً اقتصادياً كبيراً لإسرائيل من خلال مهاجمة السفن في البحر الأحمر التي يعتقدون أنها مرتبطة بالدولة اليهودية. وإذا هاجمت إسرائيل حزب الله، فقد تكثف هذه الجماعات هجماتها على حركة المرور البحرية في البحر الأحمر لإحداث المزيد من التعطيل. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الغزو البري إلى تدفق المقاتلين الشيعة إلى الأراضي اللبنانية.
وسيكون من الصعب على إسرائيل إنهاء مثل هذه الحرب بسرعة دون مساعدة عسكرية من الولايات المتحدة. هناك دلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة على تقديم دعم كبير، على غرار دعمها السابق خلال الهجمات الصاروخية الإيرانية، بسبب الانحرافات السياسية الداخلية.
ومع تورط إسرائيل في الصراع على كافة الجبهات، وانشغال الولايات المتحدة بقضايا سياسية داخلية، يلوح في الأفق تهديد أكبر: وقد تنظر إيران إلى هذا باعتباره الفرصة المثالية للانطلاق في إنتاج القنابل النووية.
ومن المهم أن نلاحظ أن إيران قد أحرزت بالفعل تقدما كبيرا نحو الحصول على الأسلحة النووية. لقد تقدم النظام في مكونين أساسيين لبناء القنبلة الأول: تخصيب اليورانيوم إلى مستوى صنع الأسلحة وتطوير وسيلة الإطلاق (الصاروخ).
ووفقاً لآخر تقييم أجرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران الآن ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة لإنتاج العديد من الأسلحة النووية في غضون شهر واحد. فالقنبلة الإيرانية يمكن أن تؤدي إلى سباق نووي في الشرق الأوسط وتعجل بالانسحاب الأمريكي من المنطقة، وهو ما يشكل عائقاً استراتيجياً بالنسبة لإسرائيل. ينبغي أن يمنح التقدم النووي الإيراني لإسرائيل سبباً مقنعاً لإعطاء الأولوية لمواجهة التهديد الأكبر الذي تشكله على ضرب حزب الله في هذه اللحظة.
إن ضرورة رد إسرائيل على النهج العدواني الذي يتبعه حزب الله لاستعادة الأمن في الشمال أمر ضروري. يمكن لإسرائيل مواصلة الجهود الدبلوماسية إلى جانب الهجمات المضادة على نطاق منخفض ضد الجماعة الإرهابية وحملة قطع الرؤوس التي تستهدف كبار قادة حزب الله.
لكن يجب على إسرائيل أن تدرس بعناية توقيت أي عمل عسكري واسع النطاق ضد حزب الله، وربما الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية لضمان دعم أقوى من الولايات المتحدة، حليفتها الاستراتيجية. وعلى الرغم من أن بعض السياسيين الإسرائيليين يؤكدون على أن إسرائيل يجب أن تستعد لاحتمال التعامل مع إيران وحزب الله دون الاعتماد على المساعدة الأمريكية، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع الأمني للدولة اليهودية نظرا للقدرات العسكرية الكبيرة لحزب الله ونفوذ إيران الإقليمي.
ومع تورط إسرائيل في الصراع وانشغال الولايات المتحدة بالقضايا السياسية الداخلية، فقد تغتنم إيران هذه الفرصة المثالية لتعزيز طموحاتها النووية. وبالتالي، فإن هذا الوضع يجعل من الصعب على إسرائيل مواجهة هذه التهديدات بمفردها، مما يؤكد الحاجة إلى دعم قوي من الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، يتعين على إسرائيل أن تركز كل طاقتها على مكافحة الأنشطة النووية التي يمارسها النظام الإيراني حتى نهاية الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وبالنظر إلى المستقبل، إذا أعيد انتخاب دونالد ترامب، فمن المرجح أن تحصل إسرائيل على دعم سياسي قوي ومساعدة عسكرية قوية من إدارته في أي صراع محتمل ضد حزب الله وغيره من حلفاء النظام الإيراني.