اليمن بالحبر الغربي -
وصف مسؤول كبير في جيش الاحتلال الصهيوني العملية اليمنية التي استهدفت «تل أبيب»، بأنها «7 أكتوبر الدفاع ‏الجوي الإسرائيلي»، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة «كالكاليست» الاقتصادية «الإسرائيلية».‏
وقال المسؤول إن نجاح اليمن في إطلاق المسيرة المتفجرة إلى وسط «تل أبيب» هو «فشل مدو لنظام الدفاع الجوي، ‏ويمثل «نهاية عصر السماء النظيفة» الذي كانت تتغنى به «إسرائيل» لعدة سنوات.‏
واستعرض مزيجاً من عدة ظروف وإخفاقات يمكن أن تفسر اختراق الطائرة المسيرة المجال الجوي «الإسرائيلي»، من ‏دون أي محاولة مسبقة لاعتراضها، أولها «وجود فجوة حرجة في المعلومات الاستخباراتية الملموسة حول مثل هذه ‏الطائرة المسيرة التي اجتازت مسافة نحو 2000 كيلومتر من دون اكتشافها».‏
وأوضح أنه «كان من المفترض تزويد نظام الدفاع الجوي بمؤشر مبكر من شأنه أن يمكن من نشر جميع الأنظمة ‏الدفاعية، على الأرض وفي الجو، في محاولة لاكتشاف الهدف المشبوه والتعرف إليه، ثم تدميره باستخدام صواريخ ‏دفاعية أو مروحيات أو طائرات».‏
وبالإضافة إلى عدم وجود مثل هذه المعلومات الملموسة، فإن «نظام الدفاع الجوي لسلاح الجو لديه وسائل أخرى كان ‏من المفترض أن تساعده في اكتشاف التهديد الذي يقترب، مثل كشف الأقمار الصناعية والكشف البصري والرادارات»، ‏وفق المسؤول الصهيوني.‏
وبين أن لدى سلاح الجو «أجهزة بصرية مختلفة، الكثير منها سري»، كان «من المفترض أن تدعمه في حال لم توفر ‏أجهزة الكشف الأخرى البيانات لتصنيف الهدف على أنه معاد».‏
ولفت إلى أن صعوبة الحصول على صورة موثوقة للسماء بناءً على الوسائل البصرية خلال العملية «قد تكون مرتبطة ‏بحقيقة أن الهجوم جرى تنفيذه في الليل، مما يصعب الأمر على مثل هذه الأنظمة».‏
كما أن مسار رحلة الطائرة المسيرة من اليمن، وهي رحلة طويلة لعدة ساعات، «ضللت المنظومات الإسرائيلية، حيث ‏غيرت الطائرة المسيرة بشكل متكرر ارتفاعها ومسارها، ووصلت في النهاية إلى تل أبيب من البحر»، بحسب المسؤول.‏
وعليه، أكد أن «التفوق الجوي الإسرائيلي لم يعد مطلقاً؛ إذ لا توجد حماية محكمة لأجواء إسرائيل»، مؤكداً أن «أي ‏شخص يقول خلاف ذلك هو ضال ومضلل».‏
وتابع لصحيفة «كالكاليست» أن ليلة الهجوم «خلطت الأوراق من جديد، وبطريقة يمكن أن تشير إلى دخول إسرائيل في ‏عصر يكون فيه المستوطنون في كل مكان فيها عرضةً لهجوم جوي مفاجئ لا يمكن منعه مسبقاً».‏
وفي السياق، أشار إلى أنه «سيتعين على سلاح الجو أيضاً، عند التحقيق في الفشل الذريع، فحص ما إذا كانت القوات ‏الأميركية المنتشرة في البحر الأحمر والخليج قد حددت حركة مشبوهة في المنطقة، وما الذي حددته، وما الذي فعلته، ‏وما إذا كانت هناك ثغرات في التنسيق تتطلب الآن إغلاقها وتوثيقها».‏
ويرى المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» العبرية أن المُسيرة اليمنية غيرت قواعد اللعبة في الحرب التي تخوضها ‏»إسرائيل» على عدة جبهاتٍ، معتبراً إياها علامة فارقة فيما يسمى عسكرياً بالمعارك بين الحروب.‏
ونقلاً عن مصادر وصفت بأنها مطلعة في «تل أبيب» قال موقع (‏YNET‏) العبري: «يبدو أنه لم يرصد أي رادارٍ ‏تابعٍ لجيش الاحتلال على الأرض وفي الجو أو في البحر الطائرة المسيرة التي سقطت بمدينة تل أبيب، فجر الجمعة، ‏كي يتم تشغيل صافرات لتحذير السكان ومنع استهداف موقعٍ استراتيجي دولي، هو مبنى السفارة الأمريكية في المدينة، ‏التي تعتبر المدينة الأهم في إسرائيل»، لافتاً في الوقت عينه إلى أن الحديث يجري عما سمّاه العمى ‏المطلق وتحديداً في فترةٍ فيها جميع المنظومات مستنفرة والتأهب مرتفع، طبقاً لأقوالها.‏
ولفت الموقع إلى أن «هذا الحدث يطرح أسئلة حول مواجهة تهديدات كهذه بحجم آخر في حربٍ شاملةٍ ضد حزب الله ‏وربما على جبهاتٍ أخرى».‏
وكانت تقارير «إسرائيلية» ذكرت أن صعوبة رصد واعتراض طائرات مُسيّرة يطلقها حزب الله من جنوب لبنان ينبع ‏من أنها تحلق على ارتفاعٍ منخفضٍ. لكن الموقع العبري أشار إلى أنه عندما تُطلَق مسيّرات من مسافاتٍ بعيدةٍ بالإمكان ‏رصدها بسبب مدة تحليقها الطويلة من مسافة تبعد عشرات أو مئات الكيلومترات عن الحدود، وفقاً لما ‏ذكره.‏
وبحسب موقع (‏Ynet)‏ نفسه، فإن الطائرة بدون طيار التي انفجرت في «تل أبيب» حلقت في مسارات جديدة نسبيا، مقارنة ‏بالحوادث السابقة، من أجل جعل أنظمة الكشف في جيش الاحتلال «الإسرائيلي» أكثر صعوبة.‏
وأضاف الموقع أن التحقيقات الأولية أثبتت أن تصميم رأس الطائرة الحربي صغير نسبيا، مع عدة كيلوغرامات من ‏المتفجرات، لتتمكن من القيام برحلة طويلة بنجاح، ولا يتم اكتشافها قبالة سواحل الأراضي المحتلة.‏
وبشأن ماهية وأهمية المسيّرة «يافا» نفسها، يشير فابيان هينز، وهو خبير أسلحة ألماني في المعهد الدولي للدراسات ‏الاستراتيجية، في تعليقات له على منصة «إكس»، إلى أن صور حطام الطائرة «يافا» تظهر «أوجه تشابه مثيرة للاهتمام ‏مع حامل المحرك لطائرة (صماد 3)»، وتظهر أن «المحرك المستخدم من نوع مادو 275، وهو نسخة غير مرخصة من ‏محرك ألماني».‏
وأضاف: «يمكن للمرء أن يرى أيضاً أن ما نتعامل معه هو طائرة بدون طيار كبيرة تذكّرنا بإصدارات صمّاد».‏
وقال: «لست متأكداً إن كانت طائرة صماد؛ لكن الشيء الوحيد الذي أجده ملحوظاً هو استخدام محرك مادو 175، ‏فمعظم طائرات صماد التي رأيتها تستخدم محرك (دي إل إيه 170) الأقل قوة».‏
وتابع: «لذلك من الممكن أن تكون نسخة جديدة من صمّاد، أكثر تطوراً».‏
وأضاف: «بالنسبة للحوثيين، فإن زيادة مدى الطائرات بدون طيار سيسمح لهم بضرب أهداف أبعد، والتحليق في طرق ‏تتجنب دفاعات العدو والهجوم من زوايا غير متوقعة».‏
وبالعودة إلى البحث عن كيفية وصول الطائرة «يافا» إلى قلب وعصب الكيان، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن ‏جيريمي بيني، محلل الأسلحة في شركة «جاينز» للاستخبارات الدفاعية، والذي يقدم نفسه كخبير في طائرات «صمّاد»، قوله إن «الدفاعات الإسرائيلية ربما تكون قد تعقبت الطائرة بدون طيار؛ لكنها ظنت خطأً أنها شيء آخر، ‏خاصة وأنها اقتربت من تل أبيب من البحر الأبيض المتوسط ولم تتخذ أقصر مسار طيران من اليمن».‏
واعتبر تقرير «نيويورك تايمز» أن «ضربة الطائرات بدون طيار على تل أبيب كانت اختراقاً غير عادي للدفاعات الجوية ‏الإسرائيلية التي كانت قد سمحت لمعظم الإسرائيليين بمواصلة روتين متوتر في زمن الحرب حتى مع استمرار الهجوم ‏العسكري المدمر في غزة».‏
ووفق تقرير لموقع «جلوبس» العبري المختص بالتحليل العسكري فإن أنظمة الكشف والإنذار في الداخل والخارج تبحث ‏عن متجه ينطلق من نقطة (أ) إلى (ب) ثم يتم تحديده لأول مرة، ثانية، ثالثة، وفيما بينها يتم قياس متجه الحركة لتقدير ‏المكان الذي قد يسقط فيه.‏
فإذا كانت الطائرة بدون طيار تعتمد على الملاحة بالقصور الذاتي، وهو نظام مشابه لـ(GPS)‏ يعتمد على المغناطيسية ‏وأجهزة التسارع والجيروسكوبات، يتم التوجيه بقياس التسارع ومعدل الزاوية لفهم موقع الهدف وحركته.‏
ولكن، مثل الصاروخ، الطائرة بدون طيار هذه محددة لهدف ثابت، وبالتالي قدرتها على التتبع والاعتراض ‏مشابهة للصاروخ.‏
وبحسب الموقع العبري فمن التحقيق الأولي لجيش الاحتلال «الإسرائيلي»، يتضح أن أنظمة القوات الجوية حددت الطائرة ‏بدون طيار، لكنها لم تعترضها بسبب خطأ بشري أدى إلى عدم التعرف عليها كجسم معادٍ، مثلما حدث من قبل عندما ‏أطلق حزب الله عدداً من المسيرات على أهداف داخل «إسرائيل».‏
وتعتمد «إسرائيل» حالياً بشكل أساسي على التعرف من خلال أنظمة الإنذار الحالية والاعتراض بواسطة القبة الحديدية، ‏ولا يوجد نظام مخصص يكون مفيداً بشكل خاص لتهديد الطائرات بدون طيار، بحسب الموقع العبري.‏
إلى ذلك، أكد موقع (‏WALLA‏) العبري أن ما حدث، فجر الجمعة، في «تل أبيب»، هو فشل لسلاح الجو «الإسرائيلي» في ‏الدفاع عن الجبهة الداخلية، متسائلاً: «ما التهديد الذي تم بناء سلاح الجو من أجله في العقد الماضي؟!».
وانتقد محلل الشؤون العسكرية في الموقع، د. أمير بوحبوط، أنه بعد خطة متعددة الأعوام، وبعد 9 أشهر من الحرب، ‏‏»يكتشفون فجأة عدداً غير قليل من الثغرات»، وأن الخطط «لم تعالج التهديدات بصورةٍ صحيحةٍ».‏
ورأى بوحبوط أن رد سلاح الجو على الحادثة المروعة يثير شكوكاً كبيرةً، في إشارة إلى الحديث عن «خطأ بشري» ‏لجهة «رصد الطائرة المسيّرة وعدم تصنيفها تهديداً»، في حين تُظهر صور جناح الطائرة على الرصيف حجمها ‏الكبير، فضلاً عن موقع إطلاقها البعيد جغرافياً.‏
ولفت إلى أن الحادثة «خطيرة من عدة نواحٍ»، في ظل خوض «إسرائيل» حرب استنزاف مع «محور يتألف من إيران ‏والفصائل المسلحة في العراق وسورية، وأنصار الله في اليمن، وحزب الله في لبنان».‏
وقال بوحبوط إن ذلك يعني تآكل قوة الجيش من خلال تقاطر الطائرات المسيّرة وصليات الصواريخ والقذائف ‏الصاروخية، مشدداً على أنه بالنسبة إلى المحور فإن أي إصابةٍ للجبهة الداخلية «الإسرائيلية»، «تُعتبر إنجازاً».‏
وشدد بوحبوط على ضرورة أن يفهم «الإسرائيليون» أن «التهديد الحقيقي، الذي يتراكم أمام أعين الجميع، هو الحرب ‏الكبرى»، مؤكداً أن تقديرات الخبراء تشير إلى نحو 5000 طائرة مسيرة وصاروخ من أنواع مختلفة ستسقط على ‏منطقة غوش دان، أي: منطقة مركز الكيان، من مناطق متعددة في الشرق الأوسط.‏
أما موقع «إنتل تايمز» الاستخباري «الإسرائيلي» فعلق على اختراق المسيّرة اليمنية ووصولها إلى «تل أبيب»، بالقول: ‏‏»اليوم تل أبيب، وغداً سيوجهون نحو منصة الغاز»، متسائلاً عن قدرة «إسرائيل» على ردع اختراقاتٍ مماثلةٍ مستقبلاً، وهو ‏الشيء الذي فشلت فيه ائتلافات عربية وغربية».‏
وختاماً نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية تقريراً قالت فيه إن «ترسانة الطائرات بدون طيار التي يمتلكها ‏الحوثيون مثيرة للإعجاب، فقد أرعبت طائراتهم المسيرة السفن، ويبدو أن مداها يتوسع».‏
وأضافت أنه «رغم أن الطائرات بدون طيار لا تحتوي على رؤوس حربية كبيرة، فهي لا تزال أسلحة شديدة الفتك ‏يمكن برمجتها لتوجيه ضربات دقيقة لأهداف مختلفة، مما يجعلها خطيرة للغاية».‏
وقالت إن «الحوثيين طوروا ترسانتهم من الطائرات بدون طيار، ومن المتوقع أن يستمروا في ذلك، وهو واقع ينطبق ‏أيضاً على حزب الله في لبنان».‏


«كالكاليست» الاقتصادية + موقع (‏YNET‏) + موقع «جلوبس» المختص بالتحليل العسكري + موقع (‏WALLA‏) + موقع «‏إنتل تايمز» الاستخباري + «هآرتس» + «جيروزاليم بوست» + صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية