6.8 مليون دجاجة مستوردة نزلت الأسواق دون الخضوع للفحوصات المخبرية

عادل بشر / لا ميديا -
كشف قطاعا الخدمات الزراعية والإنتاج الزراعي بوزارة الزراعة والري، عن محاولات للإفراج عن شحنة دواجن مجمدة مخالفة وغير مصرح باستيرادها، تم إيقافها في ميناء الحديدة. وأكدا أن كميات كبيرة، أخرى، من الشحنات المماثلة، غير المحتجزة في الميناء، تم مؤخراً إدخالها وإنزالها إلى الأسواق المحلية دون فحوصات مخبرية من الجهة المختصة بالوزارة، مما يعرض صحة المستهلك للخطر.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي، نظمه في العاصمة صنعاء، وكيلا وزارة الزراعة والري لقطاع الخدمات الزراعية، ضيف الله شملان، وقطاع تنمية الإنتاج الزراعي سمير الحناني.
المؤتمر الصحفي -إن جاز التعبير- اكتفى منظموه بتلاوة بيان حول "تكرار انتهاك الحجر الصحي البيطري وإدخال شحنات دجاج مجمد مستورد بالمخالفة للقانون وبدون أن تخضع للفحوصات المخبرية".
وقال البيان: "في وقت تسعى وزارة الزراعة ممثلة بقطاعي الخدمات الزراعية والإنتاج الزراعي ووفقاً لتوجهات القيادة الثورية، لإحلال منتج الدواجن المحلي بدلاً عن المستورد بهدف الوصول للاكتفاء الذاتي، وبموجب آلية التحول للإنتاج الموقعة من مستوردي الدجاج المجمد الموجه بتنفيذها رئيس المجلس السياسي الأعلى دعماً للاقتصاد الوطني، إلا أنه تكرر إدخال كميات من شحنات الدجاج المجمد المخالفة وغير المستوفية لشروط الاستيراد وغير حاصلة على تصاريح مسبقة بالاستيراد".
وأوضح أنه "في منأى عن الجهات المختصة بالوزارة ودون خضوعها لأي إجراءات قانونية أو فنية محجرية كالتحريز الصحي والفحص المخبري بهدف التأكد من سلامتها وخلوها من أي مسببات مرضية أو أوبئة تهدد الأمن الصحي في البلاد بشقيه البشري والحيواني وقبل تداولها في الأسواق، أقدم عدد من مستوردي الدجاج المجمد على التصرف بتلك الشحنات المخالفة وإنزالها للأسواق دون فحوصات مخبرية من قبل الجهة المختصة".. لافتاً إلى أن تلك الكميات المخالفة التي تم التصرف فيها وإنزالها للسوق بلغت ستة آلاف و831 طناً، ما يعادل ستة ملايين و831 ألف دجاجة، معرضين بذلك صحة المستهلك للخطر، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تعاني منها البلاد من استهداف ممنهج ومدروس من قبل الأعداء.
وأشار البيان إلى أن هذه الشحنات الكبيرة من الدجاج المجمد تسببت في إغراق السوق المحلي والإضرار الكبير والمباشر بصغار مربي ومنتجي الدواجن المحلية وتكبدهم لخسائر فادحة بلغت ما لا يقل عن 36 مليار ريال، مما أدى إلى خروج غالبيتهم من العملية الإنتاجية".
ولم يُسمِ البيان الجهات التي قال إنه تم مخاطبتها بالعديد من المذكرات حول تلك المخالفات، كاشفاً في ذات الوقت عن محاولات "مستمرة حتى الآن" للإفراج عن شحنات من الدواجن المجمدة والمخالفة والموجودة حالياً في ميناء الحديدة بعدد 27 حاوية.

الوكيل شملان لـ «لا»: هدفـنا من البيان توجيه «قرصة أذن» للمخالفين
بخلاف المؤتمرات الصحفية المتعارف عليها عالمياً، حيث يقوم الصحفيون بطرح الأسئلة على الجهات المسؤولة، رفض وكيلا قطاعي الخدمات الزراعية والإنتاج الزراعي بوزارة الزراعة والري، فتح المجال لأسئلة الصحفيين، وغادرا المنصة، فور الانتهاء من تلاوة البيان، تاركين الباب موارباً للتكهنات حول الجهات التي تسعى للإفراج عن شحنة الدواجن المحتجزة في ميناء الحديدة، وكذلك الجهات التي ذكر البيان أنه تم مخاطبتها رسمياً بالعديد من المذكرات منذ بداية المخالفات والتجاوزات. إضافة إلى الكثير من علامات الاستفهام التي تُطل برأسها من خلف السطور.
صحيفة "لا" كانت حاضرة المؤتمر، وأول من طلب من وكيلي وزارة الزراعة والري، الإيضاح حول بعض النقاط المُبهمة في البيان الذي بدا في قسم من فقراته كأنه صادر عن جمعية أهلية ذات اهتمام بالدواجن المجمدة، وليس من جهة حكومية مسؤولة. لكن وكيل قطاع تنمية الإنتاج الزراعي سمير الحناني، التزم الصمت، وغادر المنصة، وتبعه وكيل قطاع الخدمات الزراعية ضيف الله شملان، قائلاً: "تم تنظيم المؤتمر لتلاوة البيان فقط، وليس للرد على أسئلة الصحفيين".
في نهاية القاعة التي شهدت الاستماع لبيان الزراعة وتتبع الإدارة العامة للصحة الحيوانية، انتبذ الوكيل الحناني ركناً قصياً، عن بوابة الخروج التي استوقفت فيها "لا" الوكيل شملان، بغرض الرد على استفساراتنا، كصحفيين وأيضاً كمواطنين، فحاول الوكيل شملان اختصار الإجابة بعبارة واحدة مفادها: "هذا البيان نشتيه قرصة أذن للمخالفين ألا يكرروا المخالفة حالياً".
من هم المخالفون؟ لماذا لا يتم ذكر أسمائهم ومحاسبتهم؟ ما الهدف من التستر عليهم؟ وهل أصبحت صحة المواطن مرهونة بـ"قرصة الأذن"؟
سيلٌ من الأسئلة تدفق أمام المسؤول الحكومي، وكان أن حصلنا من الأخير على "قطرات"، حيث قال لـ"لا" الوكيل ضيف الله شملان: "هدفنا من البيان أن يرتدع الذين خالفوا، وأن توصل لهم رسالة بأن يمتنعوا عن محاولاتهم للإفراج عن شحنات الدواجن المجمدة المخالفة والموجودة حالياً في ميناء الحديدة".
أعدنا السؤال الأول: من هم؟
أجاب: "الجمارك".. وأضاف: "على مدى نحو عشرة أيام أو أكثر ونحن نحذرهم ونوجه لهم مذكرات رسمية، ولكنهم يصرون على إخراج تلك الشحنات، بحجة أن لديهم أمرا من المحكمة يقضي بإخراجها وتسليمها إلى أصحابها التجار. قلنا لهم إنه لا يحق للمحكمة أن تتجاوز القانون وإنما تحكم وفقاً للقانون".
وأوضح شملان أن هذه الشحنة غير مصرح باستيرادها.. مؤكداً: "منذ سنة لم يتم التصريح باستيراد أي شحنة دواجن مجمدة".

48 حاوية دواجن مجمدة تُفجر خلافات بين الوزير والوكيل
بعد عملية بحث توصلت صحيفة "لا" إلى معلومات تفيد بأن شحنة الدواجن المجمدة الواصلة إلى ميناء الحديدة، تم التصريح بدخولها من قبل وزير الزراعة والري المهندس عبدالملك الثور، إلا أن وكيل الوزارة لقطاع الخدمات الزراعية، ضيف الله شملان، شكل لجنة لفحص الشحنة، ثم وجه مذكرة إلى رئيس مصلحة الجمارك بأن هذه الشحنة مخالفة ودخلت بطريقة غير رسمية وتم مصادرتها من قبل قطاع الخدمات الزراعية، وبذلك احتُجزت الشحنة في الميناء، مما اضطر التجار للجوء إلى المحكمة التجارية التي قضت بإطلاق كميات خاصة ببعض التجار.
وحصلت "لا" على صورة من مذكرة موجهة من الوكيل شملان إلى رئيس مصلحة الجمارك، بتاريخ 28 آذار/ مارس 2024، بعنوان "مصادرة شحنات الدجاج المجمد المخالفة والتي دخلت بطريقة غير رسمية".
وجاء في المذكرة: "نود إبلاغم  بأنه تمت مصادرة شحنات الدجاج المجمد التي وصلت إلى ميناء الحديدة بطريقة غير قانونية وعددها 84 حاوية، وبموجب ما نص عليه قانون تنظيم وحماية الثروة الحيوانية رقم 17 للعام 2004م، نأمل منكم تسهيل إجراءات المصادرة وخروج الشحنات لغرض نقلها الى المخازن المحددة من الإدارة العامة للصحة الحيوانية والحجر البيطري وتحت إشراف مندوب الإدارة...".
كما حصلت الصحيفة على صورة من مذكرة موجهة من وزير الزراعة والري عبدالملك الثور إلى مدير عام موانئ البحر الأحمر ومدير مكتب جهاز الامن والمخابرات ومدير جمارك ميناء الحديدة، وصادرة بذات التاريخ (28 آذار/ مارس 2024م) طالب فيها الثور بعدم التعامل مع التكاليف الصادرة من قبل وكيل قطاع الخدمات ضيف الله شملان، بخصوص تشكيل لجنة فحص الدواجن المجمدة الواصلة إلى ميناء الحديدة وحصرها ومصادرتها.
وأضافت المذكرة: "ليس من حقه -أي الوكيل شملان- ذلك وليست هذه الشحنات مخالفة وبسبب تعنته هو وصحة الحيوان مع المستوردين، وعليه أؤكد لكم ألا يتم التعامل مع هذه الرسائل ما لم تكن معمدة من قبلنا ومختومة بالختم الرسمي من الوزارة".
وكانت وزارة الزراعة والري قد أصدرت بتاريخ 11 حزيران 2023 قراراً بمنع استيراد الدواجن المجمدة من خارج الوطن لمدة ستة أشهر، بغرض تشجيع وحماية الإنتاج المحلي وبما لا يؤثر على صغار المنتجين المحليين.