تقرير- عادل بشر / لا ميديا -
جلسة جديدة شهدتها محكمة الأموال العامة ومكافحة الفساد بالعاصمة صنعاء، أمس الثلاثاء 23 تموز/ يوليو 2024م، لمحاكمة 38 متهماً من كبار تجار المبيدات وعاملين لديهم، بتهم إدخال وتداول وبيع مبيدات مهربة ومحظورة ومنتهية الصلاحية.
الجلسة التي عُقدت برئاسة رئيس المحكمة القاضي سوسن محمد علي الحوثي، وحضور مدير المحكمة القاضي محمود شرف الدين، وأمين السر القاضي أحمد الخولاني، كانت ساخنة ومركزة وقصيرة متجاوزة النصف ساعة بقليل.
وكعادة المحكمة في إجراءات التقاضي، بدأت الجلسة بالنداء بأسماء المتهمين، حيث تبين حضور 10 متهمين فقط من بين 38 تاجر مبيدات وعاملين لديهم.
وباستعراض قرار المحكمة في الجلسة السابقة التي عُقدت بتاريخ 9 تموز/ يوليو الجاري، بتكليف النيابة بإحضار المتهم الأول «ع. دغسان» قهراً وإيداعه السجن، وللنيابة في ذلك إغلاق محلاته التجارية، لتغيبهِ عن حضور الجلسة، حيث أفاد عضو النيابة بأن القرار تم تنفيذه والمتهم ماثل «الآن» أمام عدالة المحكمة.

وقائع الجلسة
وفي الجلسة التي وثقتها صحيفة «لا»، قدم محامي المتهم الأول «ع. دغسان» كشفاً بالمبيدات التابعة لموكله والتي تم ضبطها واحتجازها من قبل النيابة في حملة التفتيش على محلات ومخازن مبيدات الآفات النباتية بأمانة العاصمة، التي نفذتها النيابة أواخر العام 2018م.
وقال محامي المتهم دغسان، إن الكشف يتضمن أسماء وأنواع المبيدات وقيمتها.. مطالباً المحكمة بالحكم لموكله بقيمة تلك المبيدات «نظراً لكون وزارة الزراعة والري قد تصرفت في البعض منها».
وأوضح أن تعذر حضور موكله الجلسة المنصرمة كان بسبب تعرضه لـ»ظرف طارئ».. ملتمساً من عدالة المحكمة التوجيه بإعادة فتح محلات موكله التي تم إغلاقها بقرار من المحكمة.
رئيسة المحكمة القاضي سوسن الحوثي، توجهت بسؤال للمتهم دغسان، عن «الظرف الطارئ» الذي حال دون حضوره الجلسة رغم التزامه في وقت سابق بعدم التغيب عن أي جلسة.. فقال إن محلاته في محافظة الجوف تعرضت للسرقة، الأمر الذي اضطره للذهاب إلى الجوف لمتابعة قضية السرقة. وقدم للمحكمة مذكرة صادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 14 تموز/ يوليو الجاري، تُبين أنه قام بنقل بضاعته من مخازنه في محافظة الجوف إلى مخازنه في محافظة صعدة، بإشراف الداخلية.. مشيراً إلى أن نقل المخازن جاء بعد سرقة محلاته في الجوف ببضعة أيام.
القاضي سوسن وجهت له سؤالاً آخر وهي ترفع الكشف الذي قدمه محاميه في يدها: «هل هذا الكشف يحوي كمية المبيدات المضبوطة والتابعة لك، كاملة؟». أجاب: نعم. وأعاد القول بما أفاد به في جلسة سابقة من أن وزارة الزراعة رفضت تسليمه المبيدات المضبوطة في مخازنه، بالرغم من وجود أوامر من النيابة وأخرى (عُليا) بالإفراج عن هذه المبيدات، وكان ذلك قبل الرفع بملف القضية إلى محكمة الأموال العامة.. مؤكداً استلامه الكمية الخاصة بمبيد «بروميد الميثيل» شديد السمية.
سألته رئيسة المحكمة والكشف مازال في يدها: «هل المبيدات المضبوطة في مخازنك ومحلاتك مجمركة؟». سارع محاميه بالرد: «نعم». فقالت القاضية: «سؤالي موجه لدغسان»، وأعادت تكرار السؤال، فتلعثم بداية في الجواب، ثم قال: «نعم».
أضافت القاضية: «ما الذي يثبت أنها مجمركة؟». فما كان منه سوى الالتزام بتقديم ما يثبت ذلك في الجلسة القادمة.

تناقض المتهم الأول
تأكيد المتهم الأول «ع. دغسان» في جلسة أمس، أن المبيدات المضبوطة في مخازنه ومحلاته، مجمركة رسمياً، يناقض ما اعترف به في جلسات سابقة من أنه أدخلها إلى اليمن عبر التهريب.
ففي الجلسة المنعقدة بتاريخ 21 أيار/ مايو 2024م، ونشرت صحيفة «لا» تفاصيلها في العدد رقم 1389، أفاد المتهم دغسان بأن ما تم ضبطه في محلاته ومخازنه هي مبيدات «مقيدة ومقيدة بشدة ومسموحة» وعند سؤال رئيسة المحكمة له: كيف أَدخلت هذه المبيدات إلى اليمن؟. قال معترفاً: «عبر التهريب». موضحاً أن لديه توجيها (سابقا) من النيابة، وآخر من (جهات عليا) إلى وزارة الزراعة بإعادة المبيدات المضبوطة إليه، على أن يقوم هو بدفع رسوم الجمارك الخاصة بتلك الكمية، إلا أن الوزارة رفضت إعادتها.
وفي الجلسة التالية والمنعقدة بتاريخ 28 أيار/ مايو 2024م، ونشرت «لا» وقائعها في العدد 1394، اعترف «دغسان» بأنه تسلم من وزارة الزراعة 635 كرتوناً من مبيد «بروميد الميثيل» بتوجيه من النيابة، وتصرف بها.
قائمة أدلة الإثبات المقدمة من نيابة الأموال العامة، في قرار الاتهام، هي الأخرى أفادت بأن المتهم الأول أقر في أقواله بمحاضر تحقيقات النيابة أنه يقوم بالاتجار والتداول بالمبيدات المهربة والمحظورة والممنوعة والمنتهية، منذ العام 2015م.
كما اعترف بأن المبيدات التي تم ضبطها في منزله تابعة له، وأن المبيدات المحظورة تم إدخالها عبر التهريب من جيبوتي إلى ساحل عدن وبعدها تم نقلها إلى صنعاء براً عبر مهرب يدعى «أ. الحسني».

قرار المحكمة
في ختام الجلسة قررت المحكمة تكليف النيابة بإعادة فتح محلات المتهم دغسان، وأخذ التزام منه بحضور بقية الجلسات، وتعزيز الضمان المقدم للنيابة من قبله. كما أقرت المحكمة منح جميع الأطراف فرصة أخيرة لتقديم ما تبقى لديهم، والتأجيل إلى جلسة الثلاثاء القادم.
مصدر قضائي أفاد «لا» بأن رئيسة المحكمة القاضي سوسن الحوثي، شارفت على استكمال الجلسات في هذه القضية.. متوقعاً أن يتم في الجلسة القادمة حجز القضية للحكم.

قائمة الاتهام
وتشمل قائمة المتهمين الـ38 في قرار الاتهام الصادر عن النيابة كلاً من «ع. دغسان، ص. عجلان، ص. أ. عجلان، ع. عجلان، هـ. قعيش، م. قعيش، ص. جار الله، ن. المساجدي، م. الخولاني، ع. السياغي، ع. ح. السياغي، خ. الميفاعي، ص. الميفاعي، م. الميفاعي، ن. المهرس، أ. الفرح، ن. الظفري، م. الظفري، س. حيدر، ح. حيدر، س. دهمش، م. الصائغ، ص. الرياشي، ه. السفياني، أ. القحوم، ع. العمراني، أ. الأكومي، ع. الوصابي، أ. الصبري، س. الصالحي، م. سعد، ص. الغيثي، خ. الشاعري، م. العابد، ب. المغلس، م. أبو هدعش، ع. أبو حليقة، أ. عجلان».
وتتهم النيابة المشمولين في قرارا الاتهام، بإدخال وتداول وبيع مبيدات مهربة وممنوعة ومنتهية الصلاحية، وما تؤدي إليه من جرائم تعريض حياة الناس للمخاطر والموت بفعل الأضرار البيئية الكبيرة التي تسببها المبيدات ونفاياتها السامة، من خلال تهريب مبيدات محظورة وإدخالها إلى أراضي الجمهورية اليمنية مع علمهم أن تلك المبيدات محظورة وخطيرة، والقيام ببيعها بطريقة غير مشروعة.
ووفقاً لقرار النيابة فقد تم ضبط كميات كبيرة من المبيدات الممنوعة وغير المصرحة والمقيدة والمنتهية والمهربة في مخازن وبدرومات التجار المشمولين في قرار الاتهام.
وتعود جذور هذه القضية إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2018م، حيث تم آنذاك تنفيذ حملة رقابة وتفتيش على محلات ومخازن مبيدات الآفات النباتية بأمانة العاصمة، وضبطت الحملة كمية تُقدر بأكثر من 125 طناً من المبيدات الممنوعة والمحظورة والمقيدة الاستخدام بشدة، بحسب تصريحات إعلامية لوزارة الزراعة والري، حينها.