في فمه مصير العالم
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي

«لا» 21 السياسي -
مسرحية «المهرّج» كانت كفيلة باستنهاض واقع مخزٍ ما زلنا نعيشه إلى اليوم. كيف؟ أعلم أن «المهرّج» لم تكن من عيون ما كتبه الرجل، لكنّ قليلين يعلمون أثر مسرحية الأديب السوري العربي الكبير محمد الماغوط في تشكيل شخصية محمد الضيف (نعم، محمد الضيف، القائد الجهادي الذي يقود اليوم أكبر ملحمة قتالية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني). لقب «أبو خالد» الذي اكتسبه الضيف كان بسبب تمثيله مرّةً دور «أبو خالد» في مسرحية «المهرّج». محمد الضيف كان فناناً مسرحياً من قَبل أن يكون مقاتلاً، والماغوط كان مقاوماً -بهذا المعنى- من قبل أن يكون كاتباً.
في «المهرّج» يتوجّه الماغوط إلى الشباب العربي من خلال سرده قصّة فرقة مسرحية هاوية تريد تقديم نصوص مسرحية عالمية في إحدى البلدات أو القرى. تتتالى المشاهد في المسرحية، وتتتالى الإهانات للفرقة السيئة الأداء. في المسرحية، أستاذ لغة عربية (إنسان وظيفي) يشاهد عروض الفرقة، لم تثر ثائرته السجون ولا المعتقلات، بل قواعد اللغة العربية. وفي المسرحية جمهور مقهى لا يردّد غير الشعارات (يسقط الكاتب الاستعماري شكسبير، يسقط، يسقط، يسقط... يسقط حلف الأطلسي، يسقط، يسقط، يسقط). لكن روح «صقر قريش» (عبد الرحمن الداخل) تشاء أن تدخل المسرحية لتحاكم المهرّج الذي هزئ بها وبتاريخنا العربي. في المسرحية عبارة لـ«أبو خالد» في وصف «صقر قريش»، تقول للفتى المهرّج: «تصوَّر فتى في العشرين من عمره يقف على شواطئ الأندلس وحيداً شريداً ليس في فمه كسرة خبز يبتلعها، وبعد عشر سنين كان في فمه مصير العالم!».
أتأمّل العبارة اليوم، ولست أدري إن كانت في وصف عبد الرحمن الداخل، أو محمد الضيف نفسه!
تخيّلوا محمد الضيف، الشاب العادي الذي صدح بها ذات مرّة على أحد المسارح الشعبية في غزة، صار في فمه -بعد عشرة أو عشرين عاماً- مصير العالم!
للكاتب بشار اللقيس (بتصرف)
المصدر «لا» 21 السياسي