حاوره: إياد الشرفي / لا ميديا -
الفنان المتألق عبدالله الحبيشي، فنان من نوع آخر، أُسندت إليه أدوار العنف والخشونة في جميع الأعمال التي شارك فيها تقريبا، لكنه في الواقع شخصية أقرب الى الناس، يصفه الجميع بالشرير، وهو يبتسم وقد خلع عن وجهه كل أدوار الجريمة، حاورناه في لقاء جميل جمعنا به في مكان عمله، واقتطعنا جزءا من وقته لنقدمه كما هو بشخصيته الجميلة وروحه المرحة وترحابه النبيل للقارئ الكريم.
بداية فناننا المتألق هل يمكن إطلاع القارئ الكريم على هويتكم وصفتكم؟
اسمي عبدالله محمد الحبيشي ممثل تلفزيوني ومسرحي، متزوج ولدي أربعة أبناء (بنتين وولدين)، وأعمل حاليا في جامعة صنعاء مديرا للشوؤن الإدارية في نيابة شؤون الطلاب.

بدأت في «حي الحكمة»
 متى كانت البداية أو الانطلاقة في مجال التمثيل؟
البداية كانت في 2012 وعملت كممثل كومبارس في مسلسل «حي الحكمة» للمخرج منير الحكيمي، ولازلت أفخر أني بدأت كومبارس صعد سلم التمثيل من بدايته، وبعدها عملت كبطل في مسلسل «كل يوم حكاية» للمخرج عبدالرحمن دلاق مع الفنان الكبير عبدالله يحيى إبراهيم والفنان نزيه العنسي، ثم توقفت عن المشاركة الفنية مدة سنتين وعدت بعد ذلك في مسلسل «ماشي كماشي» للمخرج مجاهد الآنسي وإنتاج مؤسسة الإمام الهادي ثم مسلسل «بعد الغياب» كمشارك في البطولة و«قلوب مقفلة» و«أنياب الشر»، وشاركت كبطل رئيسي في المسلسل الشهير «تكتيك» مع الفنان الكبير والكوميدي محمد قحطان وكوكبة من الفنانين المتألقين، ثم مسلسل «القريب بعيد» العام المنصرم ومسلسل «العاقبة» خلال شهر رمضان الفائت.

جبل الرهبة
وهل كان لديك هذا الشغف في صغرك؟
قبل أن أدخل في عالم الفن والتمثيل كنت أدرس كيمياء سنة ثانية جامعة صنعاء في العام 2009 وكانت هنالك مسابقة وحفل استقبال للطلاب المستجدين وتوديع الطلاب الخريجين، وكنا بحاجة إلى مسرح ولم يكن لدى الطلاب ميزانية تكفيهم لتحمل تكاليف الحفل، ولأني أملك شغف التمثيل منذ أن كنت صغيرا فاقترحت عليهم عمل مسرحية متواضعة بإمكانيات بسيطة من خشبة مسرح وإلى آخره حيث قمت بكتابة السيناريو مع صديقي خالد المنعي، وكان موضوع المسرحية هو «غزة» ولأول مرة أصعد على خشبة المسرح وبذلك كسرت حاجز الرهبة أمام جمهور كبير يتكون تقريبا من أكثر من 500 طالب وطالبة وأكاديميين وكنت مؤلفا وبطلا ومخرجا. فالمسرح مقارنة بالدراما عمل صعب ومخيف لكنني حين رأيت تفاعل الجمهور انصهر جبل الجليد الأخير من الرهبة. وقد نجحت تلك المسرحية وحصلنا على مكافأة مالية وعقد عمل توظيف داخل جامعة صنعاء.

الأعلى مشاهدة
من الأعمال الفنية التي شارك فيها مؤخرا عبدالله الحبيشي، مسلسل «العاقبة»، برأيك هل نجحت هذه الأعمال في الوصول إلى المشاهد اليمني وحازت على إعجابه؟
بالطبع نجحت أكثر المسلسلات اليمنية التي قمنا بها ومن إنتاج مؤسسة الإمام الهادي في حيازة أعلى نسبة مشاهدة في الداخل ومؤخرا عملت في مسلسل «العاقبة» وبالرغم من أن دوري كان فيه مشاركا في البطولة وبدور شخص يكرهه الناس «توفيق ابن صاحب الشركة» إلا أن هذا العمل طغى على مسلسلات في قنوات أخرى من خلال حبكته الدرامية والتصوير والإخراج، وقد أضاف بصمة كبيرة لمؤسسة الإمام الهادي، أما مسلسل «بعد الغياب» فيعد الأعلى نسبة مشاهدة إلى الآن من بين كافة الأعمال الأخرى ولاتزال أحداثه عالقة في مخيلة الناس.
 ما هو الدور الذي لعبته ووجدت نفسك تنتمي إليه أو أنه يتوافق مع شخصيتك؟
شخصية «إسماعيل» في مسلسل «العاقبة»، فقد كان إسماعيل لا يمثل شخصية إجرامية ولا زعيم عصابة، بل كان بارا بوالديه وهذه أعظم صفات المرء بشكل عام، كما كان يحب «الفزعات» والوقوف إلى جانب الضعيف والمظلوم وهذه أحب شخصية وأقربها إلى قلبي لأني أشعر أنها تتوافق مع ما أشعر به تجاه الآخرين.

تلازمني الشخصية الشريرة
ما هي الأدوار التي لعبها عبدالله الحبيشي ولازالت راسخة في ذهنه؟
شخصية «منير» في المسلسل الشهير «تكتيك».
لماذا توكل إليك دائما أدوار الفتوة والعنف أو لنقل الأدوار الخشنة؟
(يضحك) لقد طرح علي هذا السؤال كثيرا لدرجة أن البعض كرهني وبدأ بإطلاق الألقاب علي: «يا محشش»، «يا كريه»، «يا زعيم العصابة»، «يا مجرم»... إلخ، ومن يسألني من المعجبين ساخرا: «أين المخدرات؟!»، غير أن المخرج وحده من يحدد الدور.

ثلاثي رائع
من المخرجين الذين عملت معهم وتشعر أنهم ارتقوا في مجال الإخراج؟
هناك ثلاثة مخرجين رائعين، وهم عبدالرحمن دلاق ومجاهد الآنسي وعبدالله الوشلي، وأكن لهم جميعا كل التقدير والاحترام، وتسنح لي الفرصة هنا أن أشكر المخرج العزيز عبدالله الوشلي الذي شعر بمعاناة الفنانين وأولاهم اهتمامه وأعطى قيمة كبيرة للكثير من الممثلين وارتقى بالجانب الفني والإخراجي كثيرا.

بداية حضور عربي للدراما اليمنية
هل ستتطور الدراما اليمنية لتصبح مشاهدة عربيا؟ وبرأيك ما هي عقدتها أو مشاكلها؟
الدراما اليمنية في الفترة الأخيرة شهدت قفزة نوعية كبيرة من خلال الحبكات الدرامية الراقية والإخراج والتصوير والاحتراف، وبالفعل أصبحت مشاهدة عربيا بشكل متزايد، وقد عرفنا ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبدأنا نصل للمشاهد العربي غير اليمني بكل اقتدار، شاهدنا تعليقاتهم ومتابعاتهم في فيسبوك ويوتيوب وانتظارهم حلقات المسلسلات أولا بأول.
من هو مثلك الأعلى في الدراما اليمنية؟
الفنان الكبير الراحل عبدالكريم الأشموي (رحمه الله) الذي ترك فراغا كبيرا في الساحة الفنية اليمنية.
إن لم تكن ممثلا ماذا كنت ترغب أن تكون؟
ممثلا أيضاً.. إنه الشغف، فأنا أحب مهنة التمثيل جدا.

«المخرج عاوز كده»
هل تقوم أنت باختيار أدوارك أم يفرضها عليك المخرج؟
من يقوم باختيار الدور هو المخرج، فهو يرى من سيجيد دور الشر ودور الخير وقد طالبت بعض المخرجين أحيانا بإعطائي دورا إيجابيا حتى أجد بعض المحبة عند الأطفال والمعجبين والمحبين، لكنني أرى نفسي شكلا مناسبا للأدوار التى تمثل الشر، بينما في حياتي الواقعية أختلف اختلافا كليا عن هذه الأدوار، فأنا رجل أملك قلبا ضعيفا وطيبا وأحب الخير للجميع.
الفن نوعان كوميدي ودرامي أيهما يستهويك؟
الدراما كثيراً، لما لها من أثر على الجمهور.
هل أنت راض عن أدائك في المسلسلات التي شاركت فيها؟
نعم، إلى الآن الحمد لله.

لا حدود للإبداع اليمني
من أين تأتي هذه المواهب بينما لا يوجد معهد فنون؟
الموهبة لا تحتاج إلى معهد، فقط تحتاج إلى اكتشاف، ثم يأتي دور المعهد في صقل تلك الموهبة وتقديمها للجمهور، وبما أنه ليس لدينا معهد فنون فنحن نبذل قصارى جهدنا وقد نجحنا، فاليمني مبدع في كل شيء.
ما هي نقاط ضعفك؟
أولادي هم أكبر نقاط ضعفي، فقد حصلت على عقد عمل براتب مغر جدا خارج اليمن ورفضت ذلك بكل إصرار، فأنا أرى أن مبلغا بسيطا في بلدي وبين أطفالي أكثر إغراءً من أي مشروع آخر بعيدا عنهم.

غياب الاهتمام الرسمي
هل يجد الفنان أو الممثل اليمني اهتماما من قبل وزارة الثقافة أو وزارة الإعلام؟
ولا حتى واحد في المائة، هناك إهمال كبير للفنانين وقد شاهدنا في الفترة الأخيرة بعض زملائنا الفنانين وقد وصل بهم الحال إلى طلب المساعدة والمناشدة عبر «فيسبوك» في وضع مأساوي جدا وحزين جدا ونحن مستاؤون من ذلك، إلا أن ظروفهم الصعبة قد أجبرتهم على هدر ماء وجوههم، والسبب هي وزارة الثقافة ومن يهمه الأمر، فالممثل لا يملك سوى ذلك الأجر المتواضع من خلال مسلسل واحد ينتظره طول العام وهو أجر بالكاد لا يكفية لشهر أو شهرين أو ثلاثة، نحن نطالب الوزارة بشيء من الاهتمام بالفنان أو الممثل وعدم إهماله، فالبعض لا يملك قوت يومه ويخجل حتى أن يقابل الناس.
رسالتك اليوم للفنانين ككل ودورهم في ترسيخ قيم وأخلاق اليمني ونصرتهم للقضية الفلسطينية؟
رسالتي إلى كل زملائي الفنانين بأن نستمر على ما نحن عليه، وأن نكون دائما إلى جانب القضية العربية الأولى «فلسطين»، وعلى الفنانين أن يعملوا على إنتاج فلاشات توعوية أو الكتابة عبر مواقع التواصل لمناصرة أهلنا في غزة.
أخيراً، كلمة توجهها عبر صحيفة «لا»؟
أشكر كثيرا صحيفة «لا» لإتاحة هذه الفرصة لي والتحدث خلالها واهتمامها بعمل اللقاءات والمقابلات مع الفنانين، وأشكر مؤسسة الإمام الهادي بإدارة الأستاذ المخرج عبدالله الوشلي التي تعمل بكل حرص وتفان على تقديم دراما يمنية تضاهي نظيرتها العربية والعالمية.