التسوق الإلكتروني... فرصة أم مخاطرة؟
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

بشرى الغيلي / لا ميديا -
يصطادون المستهلكين بعبارات دعائية من مثل: «فرصة العمر»، «عرض مغرٍ»، «لا يفوتكم»، «من يفوته العرض سيندم»... تلك العبارات التسويقية والتشجيعية يطلقها عدد من المؤثرين في المنصات لمتابعيهم ليقعوا فريسة في حبال المحتالين.
فتحت التجارة الالكترونية آفاقاً لكثير من العاطلين، والشباب الطموحين، ومن جعلوها مصدر دخل لمشاريعهم الصغيرة، إلا أنها تحتاج إلى الكثير من المهارة، والمصداقية، والشفافية، والرقابة من جهات مختصة تتبنى ذلك. وخلال إعداد هذه المادة وجدنا الكثير من ضحايا التسوق الإلكتروني، وكل قصة تختلف عن الأخرى، منهم من تمت سرقة بياناتهم الشخصية وانتهاك الخصوصية، ومنهم من انخدعوا بطريقة العرض المغري للمنتجات والسلع، ويكتشفون وقت استلامها عدم مطابقتها للصور التي تم عرضها، والكثير من القصص الحصرية لصحيفة «لا» تقدم تنبيهات للتعامل بحذر، لأن التجارة الإلكترونية صارت مرتبطة بالحياة المعاصرة، كون العالم يتجه للرقمنة في كل تفاصيل حياتنا والخدمات الحكومية والمؤسسات الرسمية وغيرها... الكثير من التفاصيل المشوقة ضمن السياق.
تسوق آمن أم مغامرة؟
لكل عصرٍ معطياته وتطوراته. واليمن، كغيره من بلدان العالم، يسعى للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، رغم أن دول العالم سبقتنا بخطوات في استخدام الانترنت في عملية بيع أو شراء أو تبادل المنتجات والخدمات والمعلومات باستخدام شبكات إنترنت داخلية أو خارجية، والتقى البائع بالمشتري وتبادلا السلع والخدمات والمال والمعلومات.
بالنسبة للتعريف، اتفق الخبراء أنه لا يوجد تعريف محدد للتجارة الإلكترونية، وإنما هي مجرد نشاطات تتم من خلال الشبكات والتطبيقات للعرض والطلب، وفيها الصادق والكاذب، والجيد والرديء... وينجح (البعض)، ويخفق الكثير بسبب عدم وجود دراسات جدوى، أو وجود مشاريع إلكترونية غير مناسبة للسوق المحلية، رغم طموح تلك المشاريع وجودتها. وبرزت على السطح مشاريع أغلبها وهمية غرست انطباعات سيئة نتيجة الخداع، والاحتيال، وعدم مطابقة السلع لما يتم عرضه، مما جعل لذلك مخاطر وتبعات ارتقى توصيفها إلى الجرائم الإلكترونية.
متاجر وهمية
في أقسام الشرطة تصل بلاغات بمتاجر إلكترونية وهمية، وشكاوى بأشخاص يدّعون أن لديهم متاجر من هذا النوع، روجوا لها بإعلانات عبر بعض المشاهير، كما يؤكد لـ«لا» زايد الخولاني ـ ضابط شرطة يؤكد أن عمليات نصب كثيرة حصلت في العاصمة صنعاء، كبيع أجهزة جوّال بأسعار مخفضة والإعلان كان عن طريق عددٍ من المشاهير في منصات التواصل، وتسلُّم جوالات من المشترين عبر المحافظ الإلكترونية الخاصة بالمتاجر. ختم الخولاني بأن تلك المتاجر لم تسلم الأجهزة المعلن عنها للمشترين، ولم تعد المبالغ لهم خلال الفترة المحددة، بأعذار عديدة، مثل أن الموصل لم يجد عنوان العميل، «ونتلقىّ دائماً بلاغات حول متاجر إلكترونية وهمية وتم الدفع والاشتباه في وجود قضية نصب واحتيال، ويتم تحويل البلاغ إلى الجهات الأمنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة، وللأسف تطلع وهمية».
شراء ينتهي ببلوك
من مخاطر التسوق عبر الانترنت وعدم مصداقية من يمتهنونه وطرق احتيالهم، ما حدث مع سمر الأصبحي (ربة بيت) التي قالت لـ«لا» إنها اشترت «ميكرفون» من محل «أونلاين»، وعندما وصلها الطلب وجدت المشبك مكسوراً والمايك لا يعمل، فقامت بمراسلة الموقع «بذوق» -كما وصفت- وردوا عليها بداية بمثل أسلوبها، ولكن للأسف مرت ثلاثة أيام دون رد أو توضيح، وانتهى طلبها ببلوك، وحظرها نهائياً. وجهت الأصبحي نصيحتها: «لا تشتروا عبر النت مطلقا، لأنه لا توجد أمانة ولا ضمير».
استبدال البضاعة
عند التسوق الإلكتروني لا يتم التأكد من جودة السلعة، وهذا ما حدث مع علي الحضوري (مواطن) الذي اشترى ملابس وأحذية من متجر إلكتروني (تتحفظ «لا» على باسمه) غير مطابقة لما تم الإعلان عنه في الحساب؛ إذ تبدو الملابس والأحذية في الصور بجودة عالية على عكس الواقع، وعندما تواصل الحضوري مع صاحب الحساب، أحاله إلى موظفة خدمة عملاء برقم واتسأب في مصر، والتي استمرت في تأجيل الموضوع، وعرضت عليه البضاعة أخرى، وهو ما أذعن له الحضوري، لكن الموظفة المكلفة بخدمة العملاء لم تعد ترد عليه ولا على رسائله، بل وتم حذف الحساب الرسمي للمتجر من الواتسأب، رغم أنه واتسأب أعمال عليه ألبوم صور للمنتجات. وبعد استفسار الخبراء أخبروه أن الصور التي في حساب الواتسأب من متجر صيني.
انتهاك خصوصية
من التبعات التي تحدث نتيجة التسوق عبر الانترنت انكشاف بيانات المتسوق أو المشتري الشخصية وبالتالي تعرّضه للاحتيال والابتزاز، كما حدث لـ«أطياف النهمي» (ممرضة) التي اشترت من متجر عبر الانترنت أدوات مكياج وكاوية كهربائية، ثم طلب المتجر رقمها الشخصي واللوكيشن وصورة بطاقتها الشخصية، وأعطته بناء على طلبه، لكنها بعد ذلك تعرضت للابتزاز من ذلك الموقع وكان يزعجها بكثرة اتصالاته ويهددها أنه يعرف منزلها وموقعها ورقمها الشخصي. لم يكتفِ صاحب المتجر بابتزازها، بل استصدر أرقام تلفون ببطاقتها، ما جعلها تخشى أن تخبر إخوتها، فاضطرت لتغيير رقمها بعد أن استشارت أحد المختصين فنصحها بأن تذهب إلى شركة الاتصالات، لتجد أن هناك رقمين ببطاقتها فعلاً، فأخبرتهم أنها ليست هي من استصدرتهما فتم إلغاؤهما.
الأهم في هذا الأمر أنه يدمر ثقة المجتمع في مصداقية التجارة الالكترونية.
خداع بصري
يستغل المسوقون تقنيات التصوير والفلاتر للإيقاع بضحاياهم، ووظفوها عبر كل مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال عرضها بطريقة برّاقة، وتصويرها بشكل احترافي، أو صور مأخوذة من النت غير صور البضاعة الأصلية، ومن تلك المنصات، كما حدث لـ»أم ملاك» (ربة بيت) التي وجدت إعلان عبر منصة «فيسبوك» في صفحة أحد المتاجر الإلكترونية فدخلت عبر الرابط الذي أوصلها للواتسأب مباشرة وطلبت منهم السلعة وبعد وصول الطلب إليها وجدت أنها لا تطابق ما اشترته أثناء الاتفاق وأنها في الصور مختلفة تماما عن الواقع، فأعادته مع الموصل الذي اشترط عليها دفع تكاليف التوصيل حتى وإن لم تشترِ. وأكدت أنه في حال إرجاع بضاعة المتاجر الإلكترونية يحملون الزبائن تكاليف التوصيل، بمعنى أنك خاسر في كلتا الحالتين، أعجبتك البضاعة أو لم تعجبك.
روضة الكريمي (طالبة جامعية) توافق أم ملاك، وتؤكد أن واقع المنتجات المشتراة عبر النتي تختلف عما يعجب به المتسوقون. تقول روضة إنها وقعت ضحية عملية نصب من قبل صاحب متجر إلكتروني يعمل عبر تطبيق إنستغرام، عندما اشترت فستاناً لابنتها سلمى ذات الأعوام السبعة، فلم يطابق الوصف والصورة الموجودة على صفحة المتجر مع ما تسلمته كما قالت، وانتهت تجربتها أن البائع رفض إعادة المبلغ بعد اكتشاف رداءة بضاعته. والأغرب -كما أوضحت لــ«لا»- أن «صاحب المتجر حذف حسابه بشكل نهائي من الأنستغرام بعد أسبوعين من المطالبات والأخذ والرد معه، ورفض الرد على الاتصالات والرسائل».
حيل شركات توصيل الطعام
وتعد اليمن من الدول الجديدة على عالم التجارة الإلكترونية، فإن %60 تقريبا مما يتسوقه اليمنيون عبر الانترنت هو طعام، حسب ما وجدت محررة المادة؛ رغم ذلك يتعرض العملاء لمواقف لا يحسدون عليها. وهنا تكتفي «لا» بقصتين لهما علاقة بطلب الطعام عبر شركات توصيل عبر الانترنت. أولاهما قصة عبد الحميد الشرعبي (موظف) الذي قال لـ«لا» إنه كان يتفاجأ بعكس ما يراه، كأن يصله الطلب بحجم أقل مما تم عرضه، وفي صحون بلاستيكية من النوع الرديء، فيكون الطعام قد فقد الكثير من طراوته، أو يتم تأخير الطلب لساعات، وقد تنتهي باعتذارهم أن عمّال التوصيل لديهم ضغط عمل.
أبو رعد أيضا (شخصية اجتماعية) قال لـ»لا» إنه طلب وجبة غداء عبر إحدى شركات توصيل الطعام من خلال التطبيق الخاص بتلك الشركة، واضطر للطلب لأن عائلته كانت تنقل الأثاث من شقةٍ إلى أخرى، ودفع المبلغ عبر إحدى المحافظ الالكترونية التي تتعامل معها شركة الطعام، وتفاجأ باتصال زوجته له بعد الساعة الرابعة عصرا تقول له إن الطلب لم يصل. فتواصل مع موظفة التوصيل يستفسر عن السبب، فردت عليه ببرود أن لديهم ضغط عمل ونسوا طلبه تماماً. وختم قائلا: «للأسف الشديد أصحاب شركات التوصيل لا يوجد قانون يردعهم ولا يلتزمون بالمعايير الصحيحة والصحية».
من قصة «أبو رعد» نستشف أن هناك استهتارا في مواقف تستدعي عدم التأجيل، وأن سيدة الموقف هي اللامبالاة في تأدية الخدمة بشكلٍ يليق بمن يفتحون تلك المشاريع عبر الانترنت، لأنها بتلك المواقف تؤكد المخاطر التي يتعرض لها المتسوق غبر النت.
وكان على صحيفة «لا» أن تسمع أيض من شركات التوصيل، فتوصلت مع بعض شركات التوصيل المشهورة في الساحة؛ لكن للأسف كان هناك لامبالاة والبعض رفض الرد.
لتسوق إلكتروني آمن
ليس الغرض من هذه المادة بث التشاؤم في نفوس المتسوقين؛ فهناك رغم ذلك قصص نجاح تستحق الالتفات إليها وهو ما سنضعه بين يدي القارئ في عدد لاحق.
لكن ينبغي أن نقدم لكم بعض النصائح التي ينبغي الحرص على أخذها بعين الاعتبار عند الدخول الى شبكة الإنترنت لأي غرض، وتتمثل في التالي:
• تحقق من وجود بروتوكول النقل الآمن، والذي يعني وجوب أن يبدأ عنوان الرابط بــ(httbs) وليس (httb)؛ لأن الحرف (S) هو الفارق بين موقع آمن وغير آمن.
• تفحص البائعين والتطبيقات.
• انتبه من التصيّد والاحتيال عبر الرسائل النصية.
• فعّل رمز الدخول على هاتفك وجهازك اللوحي.
• قم بالتحديث دائما.
• حصّن أموالك.
• احرص على معلوماتك الشخصية.
• قم بمراجعة سياسة الإرجاع والضمانات.
• تجنّب النقر على الروابط والإعلانات المشبوهة.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا