ثُوري سُورية!
صلاح الدكاك
لا باب يذود البرص الصهيوني العثماني عن الشام ولا ناطورْ
لا سيف الدولة لأبي الطيِّب ظَلَّ ولا كافورْ
دخل الشذَّاذُ دمشق...
تبوَّل خازوق الغرب على الشرفات
افتضَّ بكارة ليْلَكها واحتزَّ ضفائر ليلاها
وأباح الدُّورْ
واستلقى فوق أريكة أندلس الشرق مسوخ الأرض
سلامٌ يا شام
سلامٌ يا شام على أيام طريق النورْ
طربوشُ العهر بأنقرةٍ وعلى الشام له طرطورْ
حفلات سِفاحٍ ونكاحٍ وعيالُ فجورْ
ولحىً تتضافر حول خصورْ
ربطة عنق هذي المغروزة في لحمك، سوريَّةُ، أم ساطورْ؟!
ثوري سُوريةُ
ثوري من حلب الشهباء إلى درعا
ثوري من طرطوس لـ دير الزورْ!


حالي وحامض وقُّب
• الخونج، لم تكن فلسطين نصب أعينهم في يوم من الأيام، ولكنها اليوم صارت تحت أقدامهم المهرولة لتهنئة» روبوتات الخلافة الصهيوعثمانية» بالنصر المبين على سورية وكسر العمود الفقري الأخير لفلسطين!
صلاح الدكاك

• بوصلةٌ لا تشير إلى القدس، مشبوهةٌ، حطِّموها على قحف أصحابها.
مظفر النواب

• بعد أيام سيدخل أصحاب شعار «قادمون يا صنعاء» العقد الثاني من العُمر. قالوا: «قادمون يا صنعاء»، فدخلوا عدن! الدنيا أرزاق.
صلاح السقلدي

• الذين استشهدوا قاموا بعمل حسيني، وعلى الباقين أن يقوموا بدور زينبي وإلا فإنهم يزيديون.
علي شريعتي

• زرت الفاتيكان فرأيت السقف من ذهب وسمعت البابا يتحدث عن دعم أطفال الفقراء. اللعنة؛ بيعوا السقف!
الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا

• مسكينة هي المكسيك؛ لبعدها عن الله، ولقربها من الولايات المتحدة!
الرئيس المكسيكي الأسبق بورفيرو دياز (1830- 1914)
• لا يوجد في الهند سياسي شجاع بما فيه الكفاية لأن يحاول شرح أن الأبقار يمكن أكلها!
أنديرا غاندي

• لقد عاهدونا ووعدونا بالكثير مما لم أعد أحصيه ولا أتذكّره؛ لكنّهم لم يحترموا من كل وعودهم إلا واحداً: قالوا بأنهم سيأخذون بلادنا منا وقد نفّذوا ذلك فعلاً!
ريد كلاود، 
زعيم هندي من سكّان أمريكا الأصليين

• الحرائق في كاليفورنيا والإسهال من دفع التعويضات في السعودية والإمارات.
عبدالملك العقيدة

• لدى الأمريكيين خمسون عاصمة محلية وعاصمتان دوليتان: الأولى واشنطن وهي العاصمة الفيدرالية ويحكمون منها الولايات المتحدة، والثانية نيويورك وهي العاصمة الدولية ويتحكمون فيها بالأمم المتحدة.والفرق بين «جولاني» يذبح غزة و«جولاني» يسلخ سورية هي اللحية.
علي عطروس



للتذكير: اليمنيون هزموا ترامب في اليمن وفي أمريكا أيضاً
بعد تجريعه الهزيمة في اليمن اعترف الرئيس الأمريكي السابق اللاحق دونالد ترامب بأن اليمنيين هم أيضاً من هزموه في انتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة.
وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه قبل عامين تقريباً قال ترامب بأن الأصوات التي هزمته جاءت من قبل الأمريكيين من أصول يمنية ومن بلدان شرق أوسطية ومن كل البلدان القذرة والمريضة حسب تعبيره المريض، مضيفاً: إنهم يريدون تدمير بلادنا.
تلك الأصوات ذاتها هي التي رجحت كفته هذه المرة؛ غير أن جذور أصحابها الضاربة في عمق الأرض المقدسة هاهنا هي التي ستجعله يصحو من سكرة الجحيم التي يهدد بها.


العليمي يعلن مكافحة الفساد
بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً في شِعارِ الواعِظينا
فَمَشى في الأَرضِ يَهذي وَيَسُبُّ الماكِرينا
وَيَقولُ: الحَمدُ لِله إِلَهِ العالَمينا
يا عِبادَ اللَهِ توبوا فَهوَ كَهفُ التائِبينا
وَاِزهَدوا في الطَيرِ إِنَّ العَيشَ عَيشُ الزاهِدينا
وَاطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن لِصَلاةِ الصُبحِ فينا
فَأَتى الديكَ رَسولٌ مِن إِمامِ الناسِكينا
عَرَضَ الأَمرَ عَلَيهِ وَهوَ يَرجو أَن يَلينا
فَأَجابَ الديكُ: عُذراً يا أَضَلَّ المُهتَدينا
بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي، عَن جدودي الصالِحينا
عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن دَخَلَ البَطنَ اللَعينا
أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ الـ قَولِ قَولُ العارِفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا
أحمد شوقي


ســـــوق المتعـــــــة
سُجن لعقود، وفي السجن امتُهنت كرامته وسُحِقت إنسانيته وأُعدِمت آدميته وتحول إلى مسخٍ بلا روح يجولُ على الزنازين يخدمُ كبارات المجرمين وعتاولة القتلة واللصوص ويطوفُ على الحمامات ويهيمُ في الطواريد منظفاً قذاراتها وماسحاً أرضياتها وغاسلاً أوساخها وثياب المساجين والضباط والجنود.
سنوات قضى لياليها في التحزم والرقص والغناء مثل جارية، وأمضى نهاراتها في الطبخ والغسل والكنس ومسح الأحذية وتنظيف الأسِرّة والملايات.
ومر عليه العمر عذابات ومهانات وتحولت الحياة إلى كوابيس وجنازات وامتحقت الروح والتحق الجسد فناءً وعدمية.
وخرج من السجن في آخر مطاف العقوبات ومن آخر نفق الأشغال الشاقة نفذَ إلى خارج الظلمات من جديد؛ ولكن بعد أن فقد إحساسه بالضوء وشعوره بالحرية.
تلقته عند البوابة سيارة فارهة ورجلٌ يحمل سيجاراً ضخماً في فمه وحقيبةً فخمة بين أحضانه. فتح له السائق الأنيق الباب وطلب منه الدخول. فوجئ وتلكأ وسأل وتساءل؛ لكنه في النهاية ولج إلى حيث الرجل الغامض والحقيبة المجهولة.
وبعد دقائق من الصمت والتساؤل تحدث إليه الرجل شارحاً له الأمر بكل يسرٍ، وفي ثوانٍ أخبره بأنه كان مظلوماً طوال كل تلك السنوات وبأنه قد سُجن بدلاً عن الشخص المفترض ولذلك سيتم تعويضه عن كل ذلك بمبلغ ضخم تحتويه تلك الحقيبة وطُلب منه أن يعيش بالمال والحرية حياةً جديدة.
كانت مفاجأة بكل مقاييس التجربة والواقع والتمني أيضاً! حمل السجين (المُحرر) الحقيبة وذهب بها إلى حيث قرر أن يبدأ من جديد. اشترى فيللا وسيارة واستأجر حراساً وخدماً وفتيات ليل ولبس أفخم الثياب وأكل أشهى الطعام؛ لكنه توقف فجأة عن فعل ذلك.
لم يستطع أن يستعيد حريته المفقودة أو أن يعيد إلى بقاياه بعض روحه وشيئاً من شغفه. لقد فقد إحساسه تماماً ليقرر العودة إلى ممارسة العبودية ومزاولة الرُخص، فاستأجر سجانيه وأخرج جلاوزته وحول قصره إلى سجنٍ جديد وعاد إلى ما كان عليه من الغسل والرقص والمسح والدَنس والذلة والمهانة.


هولوكو (ست) أقاليم
في التسريبات: «توافقات أمريكية بريطانية سعودية خليجية على ضرورة إغلاق ملف اليمن وفق خارطة سلام (فيدرالية) لا تستثني أحداً!
في التحليل:
سأدع التحليل عزيزي القارئ الحصيف إلى هذه المقاطع من مقالة:
Farewell to Syria
INSS Insight No. 754, October 13, 2015
Gideon Sa'ar- Gabi Siboni
«وداعاً سورية»، للصهيونيان جدعون ساعر، وزير خارجية الكيان حالياً وجابي سيبوني، وتم نشره قبل حوالى عشر سنوات، ويتعلق بسورية في الأساس وهو ما تم تنفيذه فيها كما في العراق وينطبق أيضاً على ما يتم التخطيط والعمل له في اليمن:
«إن كل الجهود المبذولة لإيجاد حل للأزمة السورية لا بد أن تعترف بأن سورية عام 2010، الدولة ذات السيادة ذات الحدود المعترف بها دولياً، لم تعد موجودة. ولن تنشأ دولة ذات سيادة ذات حكومة مركزية فعّالة في المنطقة المعترف بها باعتبارها سورية في أي وقت قريب. والواقع أن محاولات البعض في المجتمع الدولي لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتحقيق الاستقرار في سورية «القديمة» في ظل حكومة جديدة لا جدوى سياسية أو استراتيجية لها. ولا بد أن تنطلق أي استراتيجية تصاغ بهدف وقف الحرب الأهلية في سورية وتشكيل مستقبلها من افتراض واضح، وهو أن سورية المنهارة المنقسمة لا يمكن تجميعها معاً. ولذلك فمن الضروري أن نركز على تحديد البدائل العملية للدولة السورية وصياغة خطة أساسية قابلة للتطبيق ومقبولة لدى القادة في النظامين الإقليمي والعالمي.»
«خلال الحرب الأهلية، كانت سورية مقسمة بحكم الأمر الواقع إلى مناطق سيطرة، على أسس ديموغرافية في المقام الأول».
«في ظل هذه الظروف، يبدو أن تقسيم سورية بحكم القانون إلى عدة كيانات دولة عرقية دينية هو الخطوة الأكثر طبيعية، وخاصة لأن هذا من شأنه أن يوفر فرصة حقيقية للمساعدة في استقرار الساحة ووقف الحرب.»
«رغم الفزع الدولي الواسع النطاق إزاء فكرة انهيار سورية وتقسيمها إلى عدة كيانات دولة، فمن الممكن أيضاً أن يكون لهذه الكيانات (وإن لم يكن بالضرورة) هيكل فيدرالي أو كونفدرالي. وتساعد التسوية المقترحة في الحد من الاحتكاك بين المجموعات، وتخفيف خطر الحرب الأهلية المستمرة».
«وما دامت الجهات الفاعلة الرئيسية في الساحة الدولية متمسكة بالفكرة العقيمة المتمثلة في إقامة دولة علمانية في سورية تحت حكومة مركزية واحدة، فسوف يكون من المستحيل التوصل إلى أي حل. في واقع الأمر، بعد أربع سنوات من الحرب الأهلية المروعة، التي أسفر عنها مقتل 250 ألف شخص، ونزوح 10 ملايين لاجئ، وزعزعة استقرار لبنان والأردن، وخطر اندلاع اشتباكات عسكرية بين القوى العظمى في سماء سورية، أصبح لدى كل الأطراف الحافز لتغيير الاتجاه. ونظراً للجمود العسكري المستمر، فقد تستنتج كل الأطراف أن تقسيم سورية قد يسمح لها بالحفاظ على مصالحها الأساسية وينقذها من الاستمرار في دفع الثمن الباهظ الذي تدفعه حالياً».
«إن اتفاقية سايكس بيكو، التي قسمت بلاد الشام إلى دول قبل ما يقرب من مائة عام، لم تكن ملحوظة بسبب تمسكها الوثيق بالهويات الديموغرافية والأسس المنطقية. لقد حان الوقت للتخلي عن هذا التراث، على الأقل في سورية. والواقع أن الوقت قد حان للتخلي عنه بالفعل. والآن جاء دور رجال الدولة» (أ. هـ)‍.


احـــــــــذروا هبســــــــــورا
مع اشتداد المواجهة بين اليمنيين والصهاينة تلفت انتباهك الكثير من الأمور المتعلقة بهذه المجابهة، أخص منها ها هنا أمرين اثنين: الأول: استحداث الصهاينة لوحدة استخبارية متخصصة في تعلم اللهجات اليمنية، والثاني إضافة أداة للذكاء الصناعي في تطبيق التواصل الاجتماعي «واتسأب». ليس في التزامن هذا أي مصادفة، فالجميع يعلم أن الصهاينة يبذلون كل الجهد لاختراق الجبهة اليمنية. أما عن علاقة هذا الجهد بالأمرين أعلاه فيمكن تلخيصها فيما يلي:
كشفت تقارير غربية أن جيش الاحتلال «الإسرائيلي» اعتمد في حربه ضد غزة على ما وصفته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية بـ»مصنع الذكاء الاصطناعي»، الذي أُطلق العنان له لتحديد الأهداف اليومية التي تستهدفها آلة القتل «الإسرائيلية»، ما ساهم في زيادة أعداد الضحايا الفلسطينيين في القطاع المحاصر بشكل غير مسبوق.
وكان من بين أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استعرضتها صحيفة «واشنطن بوست» نظام «هبسورا» أو «الإنجيل» الذي طورته «إسرائيل» واعتمدت عليه في جمع البيانات وتحديد بنك الأهداف في الحرب التي شنتها على غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال تقرير «واشنطن بوست»: «بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، أمطرت قوات الدفاع الإسرائيلية غزة بالقنابل، مستفيدةً من قاعدة بيانات جُمعت بعناية على مر السنين، توضح عناوين المنازل والأنفاق والبنية التحتية الأخرى الحيوية للجماعة المسلحة».
وأضافت الصحيفة: «ولكن بعد نفاد بنك الأهداف، وللحفاظ على وتيرة الحرب المحمومة، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى أداة ذكاء اصطناعي معقدة تُسمى هبسورا أو «الإنجيل»، التي كانت قادرة على توليد مئات الأهداف الإضافية».
وبحسب مصادر مطلعة فإن استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة تعبئة بنك الأهداف لدى جيش الاحتلال «الإسرائيلي» بسرعة سمح للجيش بمواصلة حملته دون انقطاع.
ونظام «هبسورا» هو برنامج للتعلم الآلي مبني على مئات من الخوارزميات التنبئية، والذي يسمح للجنود بالاستعلام بسرعة عن مجموعة ضخمة من البيانات.
بمراجعة كميات هائلة من البيانات المستمدة من الاتصالات التي تم اعتراضها، ولقطات الأقمار الصناعية، والشبكات الاجتماعية، تعمل الخوارزميات على استخراج إحداثيات الأنفاق والصواريخ وغيرها من الأهداف العسكرية.
باستخدام تقنية التعرف على الصور في البرنامج، يمكن للجنود اكتشاف أنماط دقيقة، بما في ذلك تغييرات طفيفة جرت خلال سنوات، من لقطات الأقمار الصناعية لغزة تشير إلى أن حماس دفنت قاذفة صواريخ أو حفرت نفقاً جديداً في أرض زراعية.
بدأ العمل على تطوير البرنامج منذ عام 2020 تحت قيادة يوسي سارييل، قائد وحدة الاستخبارات «الإسرائيلية» 8200، التي تعد العمود الفقري لمنظومة الاستخبارات «الإسرائيلية»، حيث تختص بالتجسس الإلكتروني وجمع الإشارات وتحليل البيانات.
ووجدت مراجعة داخلية بين ضباط الوحدة 8200 «الإسرائيلية» أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة العربية تعاني من أخطاء، حيث فشلت في فهم الكلمات والعبارات العامية الرئيسية، حسب مسؤولين عسكريين سابقين.
ومع بداية طفرة البيانات الضخمة في وادي السيليكون، بدأ المهندسون «الإسرائيليون» في تجربة أدوات استخراج البيانات الجاهزة التي يمكنها ترجمة وتحليل اللغتين العربية والفارسية. وجادل مسؤولو الوحدة (8200) حول ما إذا كان ينبغي لهم التعاقد مع خبراء أو بناء برامجهم الخاصّة، وفاز النهج الأخير. لكن، ورغم الاعتراف بالتقنية الحديثة على نطاق واسع باعتبارها واعدة، فقد كانت محدودة في بعض الأحيان، وكان حجم عمليّات التنصّت الهائل يربك محلّلي الوحدة. على سبيل المثال، غالباً ما استخدم أعضاء حركة «حماس» كلمة بطّيخ أو البطّيخ، ولم يكن البرنامج ذكيّاً بما يكفي لفهم الفرق بين محادثة حقيقية عن الفاكهة ومحادثة مشفّرة. وإذا كان النظام يسجّل ألف محادثة يومياً، فهل ثمّة من يريد حقاً أن يستمع عن كلّ بطّيخة في غزّة.
وَحسب ما يقول مسؤول عسكري سابق مطّلع على عملية تشكيل لائحة الأهداف الجديدة، أنّها ترتكز على جمع عدد لا يحصى من الإشارات من أجهزة الاستشعار الموضوعة على الطائرات من دون طيار وطائرات «إف 35»، وأجهزة رصد الزلازل تحت الأرض، فضلاً عن الاتّصالات التي تعترض، وأرقام هواتف وملفّات تعريف الوسائط الاجتماعية، وجهات الاتّصال المعروفة، ومجموعات الدردشة، والمستندات الداخلية، وتوضع في برنامج يمكنه قراءة الأنماط والتكهن بما يمكن استهدافه.
في غزّة، قامت «إسرائيل» بدمج الذكاء الاصطناعي لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتحليلات التنبئية والاستهداف الدقيق. من خلال أنظمة مثل (C4I) القيادة والتحكم والاتصالات والكمبيوتر والاستخبارات، وتحليلات البيانات المتقدمة، يمكن للقوات «الإسرائيلية» تحليل لقطات المراقبة بسرعة، واكتشاف التهديدات المحتملة، وتنسيق الضربات بدقة عالية. على سبيل المثال، في أثناء الاعتداء على حماس وحزب الله، تساعد الخوارزميات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي المُسيّرات «الإسرائيلية» والأنظمة غير المأهولة في تحديد واستهداف مرافق تخزين الأسلحة، والمقاتلين، والأنفاق، والمواقع. تمكّن هذه التكنولوجيا من اتخاذ القرار في الوقت الفعلي، وتقلل من الاعتماد على المحللين البشريين، ما يسمح باستجابات أسرع وأكثر دقةً لظروف ساحة المعركة المتطورة بسرعة.
وفي أيلول/ سبتمبر 2024، استخدمت «إسرائيل» مثل هذه القدرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتسلل إلى قنوات الاتصال المشفرة وتشغيل الأجهزة المتفجرة داخل أجهزة الراديو وأجهزة الاتصال اللاسلكية وأجهزة النداء التي يستخدمها مقاتلو حزب الله. يقلل هذا النهج من الحاجة إلى الاشتباكات البرية المباشرة، باستخدام الدقة التكنولوجية لتعطيل هياكل القيادة المعادية. ويُظهر استخدام «إسرائيل» للذكاء الاصطناعي في غزّة ولبنان، إمكانات التكنولوجيا المتطورة في تغيير الاستراتيجيات العسكرية.


نور الدين زنكي الجولاني
في سنة 1154 سقطت مدينة دمشق بيد نور الدين زنكي من دون قتال يذكر، بعد أن سبقتها محاولات فاشلة لاحتلالها بالقوّة.
نور الدين زنكي كانت له مصالح متداخلة مع بعض الفرنجة، وكثيراً ما كان يتحالف معهم ويدفع لهم المال أو يأخذه منهم من أجل تحقيق أهدافه، خصوصاً التفرّغ لمقاتلة خصومه المسلمين. مثلاً، في أواخر تمّوز/ يوليو 1148، هاجم الفرنجة دمشق لكن هجومهم باء بالفشل. يُعرّف المؤرّخون هذا الهجوم بالحملة الصليبية الثانية، التي قادها ملك الألمان وساعده بعض الفرنجة المحليين. استمر الهجوم أربعة أيام ولم يُحقق الفرنجة مبتغاهم، فرحلوا عنها مخذولين. وبعد أسابيع قليلة، سارع نور الدين لنجدة صاحب طرابلس الكونت رايموند الثاني في صراعه مع غريم صليبي اسمه بيرتراند، كان قد جاء مع الحملة الثانية وقرر البقاء والمطالبة بحقه في إمارة طرابلس. فكانت معركة شارك فيها المسلمون والفرنجة جنباً إلى جنب ضد رهط آخر من الفرنجة، وانتصروا. وفي الذاكرة الشعبية التاريخية، والتي اُسّست منذ زمن نور الدين (على يد مؤرخين استمالهم بالمال)، يتم تجاهل علاقة السلطان بالفرنجة، أو تسليط الضوء على محاربة خصومه المسلمين (بمن فيهم أعضاء من عائلته)، وذلك لمصلحة التركيز على «إنجازاته» الجهاديّة والدينيّة والمعماريّة (إن وجدت)!
أُعيد إحياء سيرة زنكي مع بدء الأحداث السورية في سنة 2011 وتشكيل «كتيبة نور الدين زنكي» في حلب، التي أصبحت مع الوقت «كتائب نور الدين زنكي» ليمتدّ نفوذها في كل مدينة حلب وريفها الغربي حتى سنة 2019 عندما تم حلها واندمج معظم أفرادها في «جبهة تحرير الشام» بقيادة «أبو محمد الجولاني» (أحمد الشرع حالياً). وثمة من يُردّد أن «كتائب نور الدين زنكي» كانت على صلة بالمخابرات الأمريكيّة التي مدّتها ببعض التمويل والسلاح، وكذلك بأجهزة مخابرات دول أخرى (تركيا، السعودية، الإمارات... إلخ)، والمعروف عن «أحمد الشرع» علاقته المتينة بالمخابرات التركيّة وخطوطه المفتوحة مع أروقة القرار في واشنطن.

* (الصورة من حلب) تدمير تمثال الشاعر أبي فراس الحمداني الذي عاصر المتنبي في القرن العاشر الميلادي. الحمدانيون (شيعة) ومقاومون للصهاينة وكان الزنكيون يعتبرون بني حمدان خصوماً لهم.



اعرف عدوك من هم اليهود؟!
أياً كان تأويل الصراع بين يعقوب وربه كما يورده سفر التكوين، تبقى فكرة المواجهة مع «الله» تظلل كل التأويلات، فالتفسير اللغوي بجعل اسم يعقوب هو إسرائيل وأصلها «صرع-إيل» (أي مصارع الرب)، والتفسير الفرويدي يربطها «بعقدة أوديب» والمواجهة مع السلطة الأولى، ويتسامى يوشع النبي بهذا الصراع من مستواه البدني العضوي إلى مستواه الروحي كدأب تحايلات التأويل المعهودة للمقدس، وما يجمع كل هذه التأويلات هو «المواجهة مع الرب» إلى حد الوصول لنقطة «يتوسل فيها الرب لمصارعه» قائلا: «أطلقني لأنه طلع الفجر».
إن ثقافة القوة المطلقة هي القيمة العليا في المنظومة القيمية اليهودية «الإسرائيلية» الصهيونية، وهي قوة لا تستجيب لفكرة الحدود (حتى مع الله)، ولا لفكرة الميدان (فهي قوة عضلية وعقلية، تتبدى في التركيز في الكتابات الصهيونية على ريادة اليهود في العلوم وعدد الحاصلين على جوائز نوبل).
إن مجتمعا مبنياً على «توسل الرب له ليطلقه» يستحضر سؤالا مباشرا، إن كان الأمر صحيحا فما تفسيره، وإن كان الأمر أسطورة فلماذا تمت صياغتها بهذه الكيفية في أدبيات هذا المجتمع؟ فلم تعرف أي ثقافة إنسانية صراعا مع القوة المتعالية إلا من باب الخضوع لها بكيفية أو أخرى إلا الثقافة اليهودية.
هذه الثقافة هي التي تجعل الحرث والنسل من الأغيار (the goyim) ملك لنسل «مصارع الرب»، وهي التي تبرر له استباحة كل المقدسات لكل الشعوب، وهي التي تضفي شرعية على القتل والتدمير والتعذيب، وتمنحه صك إقرار بحقه في أن يكذب ويتلاعب ويُفسد ويمتلك كل سلاح ويمنع الآخرين من امتلاكه، هو الانسان وغيره دون ذلك، ألم يمنحه ربه « المهزوم أمامه» حق الجلوس على عرشه.
بدون انفعال، وفي حدود حصيلتي المعرفية، فإن «المجتمع الإسرائيلي» هو أقذر مجتمع عرفته البشرية، فهو مجتمع ينطوي على كره تاريخي لكل شيء، وهو تجميع لكل آثام الوعي واللاوعي التاريخي، وهو مفارق للتطور القيمي الإنساني (فهو آخر استعمار يعاند حركة التاريخ)، وهو نتاج مجتمع علماني يصر على اسطورته التاريخية، وهو المجتمع الذي يمارس الانتقام من الحضارة التي منحته ما لم تمنحه غيرها، وهو مجتمع مسكون بغلبة «يعقوبه» على «يهواه». إنه مجتمع مريض... لكن الأكثر منه مرضا ذلك الذي يتصالح مع مثل هذه الرذيلة التاريخية، وبدون ربما هذه المرة.
 وليد عبدالحي - 
كاتب وباحث مصري