اليمن بالحبر العبري «العـدد 1545»
- تم النشر بواسطة اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا
إعـداد:علي عطروس / لا ميديا -
توزيع العمل بين "إسرائيل" وأمريكا ضد اليمن
قال مصدر مطلع إنه «خلال الزيارة الأخيرة لبراد كوبر، نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، قبل أيام، ناقشت إسرائيل والولايات المتحدة موضوع الحوثيين بشكل تفصيلي والتنسيق، بين البلدين».
ووفقاً للمصدر فإن «تقسيم العمل بين إسرائيل والتحالف واضح نسبياً، وهو أن التحالف يهاجم منشآت الأسلحة والسيطرة والقيادة والمواقع تحت الأرض، فيما تعمل إسرائيل إلى حد ما ضد المنشآت الاقتصادية مثل الموانئ والمطارات ومحطات الطاقة وما إلى ذلك».
وقال إن «التنسيق مع الأمريكيين كامل إلى حد الشمول، وكان المسؤول الأمريكي في الكرياه (مقر قيادة العمليات تحت الأرض في «تل أبيب») وقت الهجوم».
قناة «آي 24 نيوز» العبرية
إفلاس "إسرائيلي" في اليمن
لم يكن هناك الكثير في هذا الهجوم، باستثناء القليل من العلاقات العامة وتصفية حسابات محلية أكثر منها خارجية (في إشارة إلى الصراع بين وزير الدفاع «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس ورئيس هيئة الأركان هاليفي).
سلاح الجو هاجم مرة أخرى ميناء الحديدة، وتعرض خزان وقود آخر في محطة توليد الكهرباء بالقرب من صنعاء للهجوم، وقامت الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية بإسقاط خمسين قنبلة وأحدثت ضوضاء ودخاناً أسود ثم عادت بأمان إلى قواعدها في رامون ونفاتيم. الوقت فقط هو الذي سيحدد ما إذا كان ذلك قد أثر حقاً على الحوثيين.
مشكلة «إسرائيل» هي الافتقار إلى معلومات استخباراتية عالية الجودة حول أهداف عسكرية وبشرية في اليمن. وإلى أن يتم تحديث بنك الأهداف، ستظل محطة توليد الكهرباء في صنعاء هدفاً لسلاح الجو «الإسرائيلي»، تماماً كما كانت الكثبان الرملية لحماس في شمال غزة حتى 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وتم تنسيق الهجوم الأخير في اليمن مع الأمريكيين، وكان الغرض من التوقيت هو إثارة نوع من الإنذار عندما تجمع آلاف المتظاهرين الحوثيين في ميدان السبعين في تظاهرتهم الأسبوعية دعماً للفلسطينيين، لكن من المشكوك فيه إلى حد كبير أن يكون اليمنيون قد تأثروا بهجمات الجيش الأمريكي وسلاح الجو «الإسرائيلي».
صحيفة «معاريف» العبرية
"الحوثيون" مشكلة "إسرائيل" المستمرة
تضع «إسرائيل» نصب عينيها الآن جماعة الحوثيين في اليمن، التي تمثل مشكلة مستمرة، حيث تطلق الصواريخ بانتظام على «إسرائيل»، وهي مشكلة ليس لها سوى القليل من الطرق الواضحة للتعامل معها.
إن الحوثيين يمثلون تحدياً أمنياً فريداً لـ«إسرائيل» بسبب مدى بعدهم عن «إسرائيل»، ونقص المعلومات الاستخباراتية عن الجماعة، وحقيقة أن الضربات الجوية الانتقامية يبدو أنها لا تؤدي إلا إلى تضخيم الدعم المحلي للجماعة، بينما لا تفعل شيئاً يذكر لوقف الهجمات، كما فشل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في تضييق الخناق على هجمات الحوثيين ضد الشحن البحري، واليمن هو بالفعل إحدى أفقر دول العالم، وما يقرب من عقد من الحرب مع تحالف تقوده السعودية لم يفعل شيئاً يذكر لردع الجماعة.
ومنذ أن حصلت «إسرائيل» على وقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، أصبح الحوثيون في الواقع التحدي الأمني الرئيسي لـ«إسرائيل»، وفي الأسابيع الماضية، حافظ الحوثيون على تدفق مستمر من الهجمات الصاروخية شبه اليومية على «إسرائيل»، وكثيراً ما دفعت هذه الهجمات بملايين الأشخاص للهروب إلى الملاجئ في الساعات الأولى، وعطلت عودة شركات الطيران الدولية التي توقفت عن الطيران إلى «إسرائيل» خلال معظم الحرب الحالية.
ومع عدم وجود طريقة واضحة لردع هجمات الحوثيين على المدى القصير، يجادل بعض المتخصصين الأمنيين بأن على «إسرائيل» تجاهل الحوثيين في الوقت الحالي، والتركيز بدلاً من ذلك على التهديد الاستراتيجي طويل الأمد: إيران.
يقول مسؤول «إسرائيلي» إن «إسرائيل بحاجة إلى التمييز بين التهديد المباشر الذي تشكله هجمات الحوثيين والتهديد الاستراتيجي طويل المدى لإيران»، مضيفاً: «لا توجد علاقة بين الاثنين. إنه قرار مختلف تماماً».
ويقول يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان «الإسرائيلي»: «إن الحوثيين لن يتوقفوا إذا لاحقنا إيران، والجميع يدرك ذلك».
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية
الأكثر سوءاً مما كان متوقعاً
إن الهجوم الصاروخي الذي وقع في 22 كانون الأول/ ديسمبر من قبل السفينة الحربية الأمريكية «جيتيسبيرج» يعتبر أول حادث إطلاق نار صديقة منذ عقود، وقد تمكن أفراد طاقم الطائرة «إف/ إيه 18» من القفز بالمظلة بأمان قبل أن يضربهم الصاروخ.
قالت البحرية الأمريكية إنها تواصل التحقيق في الأسباب التي أدت إلى إطلاق «يو إس إس جيتيسبيرج» النار على مقاتلة تابعة للبحرية في البحر الأحمر في الساعات الأولى من يوم 22 كانون الأول/ ديسمبر، ولم يصدر البنتاغون سوى القليل من التفاصيل عن الحادث.
والسفينة الحربية «يو إس إس جيتيسبيرج» مجهزة بأحدث نسخة من نظام الأسلحة (أيجيس) الذي يمكن الطاقم من مراقبة المجال الجوي كما يتولى أيضاً التعامل مع أنظمة الأسلحة الموجودة على متن السفينة.
يقول ستيفن ويلز، الضابط البحري السابق الذي يعمل مع مركز الاستراتيجية البحرية: «هناك الكثير مما يجري، ومن المفترض أن يتم تنسيق كل ذلك بواسطة نظام أيجيس».
وأضاف: «لا بد أن يكون قد حدث شيء ما، سواء كانت مشكلة في الكمبيوتر، أو مشكلة كهربائية، أو مشكلة بشرية، أو مزيج من كل هذه الأشياء».
وقال: «من المؤكد أن هناك احتمالاً جعلهم يعتقدون أنهم رأوا طائرات بدون طيار، أو صواريخ كروز أو صواريخ باليستية، أو جميعها، فهذه بيئة تهديد معقدة للغاية».
في ذلك الوقت، لم يكن قد مضى على تجديد السفينة «جيتيسبيرج» في البحر الأحمر سوى أقل من أسبوع، وكانت السفينة توفر الدفاع الجوي لمجموعة حاملة الطائرات.
إنها أول سفينة يتم نشرها من مجموعة سفن في برنامج مثير للجدل استمر لسنوات لتمديد عمر طرادات فئة «تيكونديروجا» القديمة.
ويقول شيلبي أوكلي، مدير فريق التعاقدات والمشتريات الأمنية الوطنية في مكتب المحاسبة الحكومية، إن «الكونجرس أمر البحرية بإبقاء هذه الطرادات في الأسطول، رغم أن هذه السفن عانت لسنوات من تأجيل الصيانة بعد أن استخدمتها البحرية بكثافة على مدى السنوات العشرين الماضية».
وقال أوكلي: «لقد دخلوا في هذا الجهد وهم يتوقعون ألا يكونوا في حالة جيدة، لكنهم أدركوا بعد ذلك أن الأمر كان أسوأ مما كان متوقعاً، ثم اتخذوا عدداً من الإجراءات التي أعتقد أنها ساهمت في تدهور حالة السفن طوال الجهد».
وأضاف أن «طاقم السفينة أخبر المحققين أنه وجد المزيد من المشاكل في الأنظمة الكهربائية وأنظمة الدفع أثناء استعداده للانتشار في سبتمبر»، مشيراً إلى أن «بعض الخطوات الخاطئة التي اتخذتها البحرية استمرت بالمساهمة في مشاكل الصيانة والاستمرار في عدم الفهم حول ما يتطلبه الأمر لإعادة هذه السفن».
وفي تقرير صدر مؤخراً عن عملية تحديث هذه السفن، إلى أن مكتب المحاسبة العامة وجد أن البحرية خفضت عدد عمليات التفتيش المطلوبة إلى النصف، كما لم تفرض البحرية غرامات على المقاولين بسبب أعمال دون المستوى المطلوب، حتى بعد تركيب حامل مدفع على «جيتيسبيرج» في البداية على ارتفاع خاطئ.
وقال ستيفن ويلز الضابط السابق إنه «مع انتشار الطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للسفن، فإن حماية الشحن التجاري في البحر الأحمر أصبحت أكثر تحدياً مما كانت عليه في ثمانينيات القرن العشرين».
وأضاف: «ورغم ذلك، فمن المفترض أن تظهر طائرات «إف/ إيه 18» بصمة رادارية مميزة»، مشيراً إلى أن «عطلاً على متن الطائرة ربما منعها من إرسال هويتها إلى الطراد».
موقع مشروع الجبهة الداخلية الأمريكية المتخصص بالشؤون العسكرية
يفعلون كل ما في وسعهم لقتلنا وفي مرحلة ما سيموت البحارة
مركز معلومات القتال هو المركز العصبي والعقل التكتيكي لمقاتلي البحرية الأمريكية على السطح. وقد تم اختبار مراكز القيادة العائمة عالية التقنية هذه ومراقبيها على مدى العام الماضي، بشكل أكبر من أي وقت آخر في التاريخ، بسبب هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار، التي شنها الحوثيون في اليمن في البحر الأحمر.
يقول برادلي مارتن، ضابط الحرب السطحية المتقاعد، إن «ما يجعل البيئة في هذه المراكز مشغولة حقاً هو مجرد محاولة إدارة التهديدات، ومحاولة إدارة حركة المرور، ومحاولة إدارة البيئة العامة».
ويقول قائد طراد بحري متقاعد رفض الكشف عن هويته إنه «مع زيادة عدد الطائرات وخطر التعرض لضربة فعلية، فإن عامل التوتر وكثافة الهجوم يزدادان أيضاً».
ويقول ضابط نشط آخر في البحرية لم يكشف عن هويته إن «معركة البحر الأحمر تطلبت يقظة لا نهاية لها وانتباهاً شديداً من ضباط العمليات المركزية طوال الوقت الذي تعمل فيه سفينتهم في تلك المياه».
وأضاف: «إنك تدير هذا النوع من السيناريوهات عالية الضغط منذ لحظة دخولك إلى مسرح العمليات حتى مغادرتك، إذا كنت تعمل في البحر الأحمر»، مضيفاً: «هذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها تهديداً مستمراً ضد الشحن في المياه المفتوحة».
ومع استمرار التحقيق في كيفية تمكن الطراد البحري «يو إس إس جيتيسبيرج» من إسقاط طائرة «إف/ إيه-18 سوبر هورنت» فوق البحر الأحمر الشهر الماضي، فإن من المرجح أن مركز التحكم في الطيران التابع للطراد، كان يتتبع مجموعة من الأجسام المحمولة جواً في وقت واحد، فإسقاط الطائرة حدث أثناء هجوم متواصل بطائرات بدون طيار وصواريخ حوثية استهدف مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان»، وتعمل الطرادات كمقر دفاع جوي داخل مثل هذه المجموعات الضاربة.
يقول برادلي مارتن إنهم كانوا يتعاملون مع موقف حيث «كان هناك الكثير من الطائرات في السماء، إلى جانب التهديدات السطحية، وكل ذلك خلق بيئة دفاع جوي معقدة».
وأضاف أنهم مشغولون ويتعاملون مع بعض المواقف الغامضة، وهي «مواقف تختلف عن تلك التي تعاملت معها البحرية منذ فترة طويلة».
من جهته قال ضابط البحرية النشط إن «تهديد الطائرات المسيّرة الحوثية يضيف طبقة رئيسية من التعقيد الذي يتعين على مراكز العمليات المشتركة إدارته».
وأضاف: «عندما يتم إطلاق صاروخ، فأنا أعلم ما هو، إنه قادم من اليمن، ويتحرك بهذه السرعة، وينطلق من السماء، لكن هذه المسيّرات تعمل مثل الطائرات، والمشكلة هي أن الطائرات يمكن أن تكون جيدة أو سيئة، ومن الصعب معرفة الفرق».
وتابع: «أنا لا أحسد طاقم الطراد على موقفه، إذ يبدو الأمر بائساً، فهو ليس أبيض وأسود، لأن لديك مجموعة من جهات الاتصال في المنطقة الرمادية».
بدوره قال قائد الطراد المتقاعد إن «الأمر معقد للغاية، ويتطلب مستوى عالياً جداً من الاهتمام المعرفي بالتفاصيل واليقظة».
ومما يزيد الضغوط في البحر الأحمر حقيقة أن الأنظمة التي تعتمد عليها مراكز التحكم والسيطرة تتعرض للتعطل باستمرار، وفقاً لقائد مدمرة سابق في الخدمة الفعلية طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة.
وقال قائد المدمرة السابق إن «مزيجاً من البحارة عديمي الخبرة في مركز العمليات المشتركة، وانقطاعات النظام المنتظمة التي تعاني منها السفن الحربية التابعة للبحرية في أي وقت، قد يتسبب بحدوث انهيار سريع إلى حد ما في البحر الأحمر».
وأضاف أن «طبيعة القتال مع الحوثيين تجعل من الصعب فك رموز الأجسام على الرادار أيضاً».
وتابع: «إذا تمكنت من التقاط مسار غير معروف على ارتفاع 10 آلاف قدم ويسير بسرعة 340 عقدة في اتجاه حاملة الطائرات، فإن أول ما يتبادر إلى ذهني هو أن هذه طائرة (إف 18)، وستؤكد أنظمة السفن الأخرى ذلك قريباً. ولكن في البحر الأحمر، قد يتم تعقب طائرة بدون طيار معادية على نفس الاتجاه والمدى، ولكن ربما على ارتفاع أقل من الطائرة الصديقة، وهو ما قد يتسبب في بعض الأحيان في قيام المراقبين أو أنظمة الرادار بتبديل المسارات».
وقال: «لدينا أشخاص مدربون على الإمساك والبحث والتحقق مرة أخرى؛ لكن عندما تفعل كل ذلك أمام طائرتين فهذا صعب، وإذا كنت تفعل ذلك أمام 15 طائرة، فهذا صعب حقاً. أما إذا كنت تفعل ذلك أمام 15 طائرة وصواريخ وطائرات بدون طيار، فهذا صعب للغاية».
وأوضح قائد المدمرة السابق أن «الجمهور الأمريكي سيفقد عقله إذا تعرضت مدمرة لضربة»، حسب الموقع.
وأضاف: «في مرحلة ما، سيموت البحارة، وأشعر أن الأمر لا يتطلب الكثير، فقد يكون لديك مشكلة في التحكم في الواجهة، أو فقدان النظام، أو ضباب الحرب، أو الفوضى، أو أعطال الصواريخ، أو لم يتم محاذاة نظام الأسلحة القريب (فالانكس) بشكل صحيح، أو أي شيء من هذا القبيل».وقال: «رغم الجهود التي تبذلها السفن الحربية التابعة للبحرية ومراكزها العسكرية المشتركة في البحر الأحمر، فإن تكتيكات الحوثيين ستتحسن، وكذلك أسلحتهم. إنهم يفعلون كل ما في وسعهم لمحاولة قتل الأمريكيين. وفي نهاية المطاف، أعتقد أن الحظ يلعب دوراً كبيراً في أن تكون البحرية مثالية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع».
لا يزال من غير الواضح متى وكيف ستنتهي معركة البحر الأحمر. وحتى ذلك الحين، سيواصل البحارة الأمريكيون الذين يقفون في مراكز العمليات المشتركة التعامل مع بيئة قتالية معادية ومزدحمة ومحمومة، في ظل وفرة من الأشياء التي يتعين تعقبها والتهديدات التي يتعين التصدي لها.
موقع «ذا وور زون» العسكري الأمريكي
واشنطن تنفق 570 مليون دولار شهرياً على مهمة فشلت في تحريك الإبرة
إنّ المهمة الأمريكية لردع الحوثيين وإضعافهم لم تنجح. ففي الأسبوع الأخير من العام 2024، شنّت الجماعة المسلحة موجة جديدة من الهجمات بالصواريخ والطائرات من دون طيار على «إسرائيل» وممرات الشحن في البحر الأحمر. وردّت الولايات المتحدة بضربات على أهداف عسكرية على ساحل اليمن.
إجمالاً، في كانون الأول/ ديسمبر وحده، أطلق الحوثيون النار على العديد من السفن البحرية والتجارية الأمريكية، ونفّذوا عشر هجمات بطائرات من دون طيار وصواريخ على «إسرائيل». وردّت «إسرائيل» والولايات المتحدة خمس مرات في المجموع، ما أدّى إلى تدمير البنية التحتية للموانئ والطاقة والمواقع العسكرية الحوثية؛ لكن الحوثيين يواصلون إطلاق النار. وفي هذه العملية، أسقطت النيران الصديقة طائرة مقاتلة أمريكية من طراز (FA-18)، ولحسن الحظ نجا طاقمها. إنّ نسبة التكلفة إلى الفائدة هذه ليست مستدامة. لم تتآكل عمليات الحوثيين وطموحاتهم، لكن الجاهزية العسكرية الأمريكية وسمعتها تآكلت. تحتاج واشنطن إلى استراتيجية جديدة تركز على مصادر القوة المتنامية للحوثيين وليس فقط على أعراضها التي تظهر في البحر الأحمر.
في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أنشأت واشنطن عملية متعددة الجنسيات للدفاع عن السفن التجارية واستعادة حرية الملاحة في أعقاب هجمات الحوثيين التي هددت نحو 12% من الشحن العالمي الذي يمر عبر نقطة الاختناق المعروفة بمضيق باب المندب. ويؤكد الحوثيون أنّ هدفهم هو إجبار «إسرائيل» على إنهاء حربها في غزة. وبعد فشل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي تم تبنّيه في كانون الثاني/ يناير الماضي، في وقف الحملة الحوثية، قامت واشنطن ولندن بعملية «بوسيدون آرتشر»، في محاولة لاحتواء القدرات العسكرية الحوثية. ومع ذلك، لم تتلق هذه العمليات التي تقودها الولايات المتحدة سوى القليل من الدعم من الشركاء داخل المنطقة وخارجها-حتى من أولئك الأكثر تضرراً. وفي الوقت نفسه، تبحر السفن التي تحمل أعلام روسيا والصين وإيران، من دون أي إزعاج إلى حد كبير.
في آب/ أغسطس، وبعد تسعة أشهر من بدء الحملات العسكرية الأمريكية، أعلن قائد البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط، نائب الأدميرال جورج ويكوف، علناً أنّ الجهود الدفاعية الأمريكية والضربات لن تردع الحوثيين. ولم يتغير هذا الاستنتاج كثيراً حتى الآن. فقد انخفضت الهجمات على الشحن إلى حد كبير لأنّ هناك عدداً أقل من الأهداف، فقد انخفض الشحن بنحو الثلثين، ولكن حرية الملاحة لم تُستَعَد. وتستمر الهجمات المتفرقة -بما في ذلك الضربة التي شُنِت في 27 كانون الأول/ ديسمبر على سفينة حاويات «ميرسك» في بحر العرب والهجوم الذي شُن في 31 كانون الأول/ ديسمبر على حاملة الطائرات الأمريكية «هاري إس ترومان»- في إجبار معظم الشحن الغربي على اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة ولكنها أكثر أماناً حول الطرف الجنوبي لأفريقيا.
وفي الوقت نفسه، كثّف الحوثيون هجماتهم المباشرة بالصواريخ والطائرات من دون طيار على «إسرائيل» في الأسابيع الأخيرة. لقد حظيت هذه الهجمات باهتمام أقل من ضربات البحر الأحمر؛ لكن الحوثيين أطلقوا أكثر من 200 صاروخ و170 طائرة من دون طيار على «إسرائيل» منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
التهديدات المروّعة والتصعيد العسكري لن ينهيا حملة الحوثيين؛ لأنّ الحوثيين يعتقدون أنهم منتصرون. وعلى النقيض من النظام في طهران أو حزب الله، ليس لدى الحوثيين ما يخسرونه مادياً أو سمعةً. فاليمنيون لا يتلقون ولا يتوقعون من الحوثيين أن يقدموا لهم خدمات مثل الغذاء أو الرعاية الطبية أو التعليم. وفي كل الأحوال، بعد ما يقرب من عقد من القصف السعودي، أصبح الحوثيون محصّنين ويمكنهم امتصاص الهجمات المكثفة، في حين ارتفعت أهميتهم وشعبيتهم مع كل ضربة.
الحوثيون خرجوا من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أقوى وأكثر جرأة. ومع المجنّدين الجدد، والخزائن الممتلئة، والعلاقات الوثيقة، بما في ذلك المساعدات المزعومة من روسيا، تهدد حركة المقاومة الحوثية التوسعية هذه بتأجيج صراعات جديدة تشكل مخاطر على القوات الأمريكية والشركاء في المنطقة وربما خارجها. وهم هددوا باستئناف الهجمات على البنية التحتية للنفط والموانئ السعودية، الأمر الذي قد يؤدي إلى زعزعة أسواق النفط العالمية، وشنّوا في السابق هجمات متعددة بالصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار على الإمارات.
وفي حين يستطيع الحوثيون مواصلة هجماتهم بطائرات من دون طيار وصواريخ رخيصة نسبياً وتحمّل الهجمات المضادة إلى أجل غير مسمّى، فإن الولايات المتحدة تحرق مليارات الدولارات وسنوات من إنتاج الذخائر النادرة التي ستكون ضرورية لخوض حرب في المحيط الهادئ. قد تنفق واشنطن ما يصل إلى 570 مليون دولار شهرياً على مهمة فشلت في تحريك الإبرة. لقد استنزفت هذه العمليات الاستعداد من خلال إجبار السفن وحاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية على تمديد عمليات الانتشار، ما أدّى إلى إصلاحات تستغرق وقتاً طويلاً، وتقليص الأسطول المتاح، وتقصير عمر السفن. كما أنّ إرهاق الأفراد يخاطر بارتكاب أخطاء.
إنّ فوائد الأنشطة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين غامضة. فلا تعتمد التجارة الأمريكية بشكل كبير على طرق الخليج الفارسي، وقد تجنّبت السفن التي تحمل العلم الأمريكي المنطقة بالكامل منذ كانون الثاني/ يناير 2024، باستثناء ثلاثة استثناءات فقط. حتى مع تحويل معظم التجارة لمدة عام، لم يكن لاضطراب البحر الأحمر تأثير دائم على أسعار النفط الأمريكي أو التضخم. وعلاوة على ذلك، فإنّ استمرار الحملة المتعددة الجنسيات التي فشلت في جذب الدعم من معظم الحلفاء والشركاء أو تحقيق الهدف المعلن المتمثل في حماية حرية الملاحة يجعل واشنطن تبدو عاجزة في أفضل الأحوال.
بيث سانر، نائبة مدير الاستخبارات الوطنية السابقة، وشغلت منصب الموجز الاستخباري
للرئيس دونالد ترامب خلال فترة ولايته الأولى. وجنيفر كافاناغ، محللة عسكرية، تركّز في شؤون أولويات الدفاع - مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية
«الميادين نت» نقلته إلى العربية: بتول دياب.
المصدر اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا