الخبير الألماني سبتلر لـــ«لا الرياضي» :تزوير منتخب «الأمل» قضى على مشروعي في اليمـن
- تم النشر بواسطة طارق الأسلمي / لا ميديا

حوار وترجمة: طارق الأسلمي / لا ميديا -
سبتلر اسم لا يزال محفوراً في ذاكرة كرة القدم اليمنية، وشخصية رياضية استثنائية تركت بصمة لا تُنسى في مسيرة تطوير اللعبة في اليمن.
في أوائل الألفية، حط الخبير الألماني رحاله في بلد إرثه الكروي متواضع، لكنه مفعم بالشغف وحب اللعبة.
جاب مدن اليمن وقراه، زائراً ملاعبه البسيطة، والتقى بأجيال واعدة تحمل أحلاماً كبيرة؛ ليواجه تحديات كبيرة وعميقة داخل المنظومة الرياضية. إلا أن سبتلر بخبراته ساهم في ترك بصمة واضحة على مستوى العمل الفني وتنمية المواهب اليمنية.
اليوم، وبعد مرور عقدين من الزمن، يطل سبتلر على الجماهير اليمنية مجدداً؛ وهذه المرة من نافذة صحيفة "لا"، في حوار خاص وحصري استرجعنا معه فيه ذكريات تلك الحقبة، وكشف لأول مرة، بحديث منفتح وصريح، بعضاً من أسرار وكواليس تجربته في اليمن.
في البداية نرحب بك كابتن سبتلر في ضيافة صحيفة "لا" اليمنية!
- شكراً لكم. إنه لمن دواعي سروري أن أكون ضيفاً على صحيفتكم. كما أنني سعيد للغاية بالتواصل مجدداً مع الجماهير اليمنية العزيزة.
من هو سبتلر؟ وما أبرز محطات مسيرتك المهنية؟
- تورستن فرانك سبتلر، من مواليد 1961 في مدينة أوغسبورغ بألمانيا. حاصل على ماجستير في العلوم الرياضية، وشهادة (UEFA Pro)، التي تُعد أعلى مؤهل تدريبي معتمد من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
بدأت مسيرتي المهنية كمدرب مساعد لمنتخب ألمانيا تحت 16 عاماً، ثم خضت تجارب واسعة في مجال التدريب والعمل الفني واكتشاف المواهب، حيث شغلت مناصب مختلفة في العديد من البلدان حول العالم. وكانت لي تجارب مميزة في دول مثل: اليمن، النيبال، سيراليون، الهند، كندا، موزمبيق، عُمان، ماليزيا، بوتان، ميانمار، وصولاً إلى آخر محطاتي كمدرب لمنتخب رواندا.
كيف تقيّم تجربتك الأخيرة مع رواندا في تصفيات الأمم الأفريقية؟
- بدأنا التصفيات ونحن نتذيل الترتيب في المجموعة وفق تصنيف الفيفا، حيث تصدرت منتخبات مثل نيجيريا وبنين التصنيف بفارق كبير؛ لكن رغم ذلك قدمنا أداءً ونتائج جيدة. للأسف الخسارة أمام ليبيا على أرضنا كانت حاسمة. كنا أفضل في تلك المواجهة، حيث صنعنا 20 فرصة مقابل 3 فقط لليبيا؛ ولكننا لم نتمكن من التسجيل، وخسرنا 1-0، وذلك كلفنا فرصة التأهل.
ما هي أبرز النتائج التي تعتبرها دليلاً على تطور منتخب رواندا تحت قيادتك؟
- لقد حققنا بعض النتائج الجيدة؛ لكن الأكثر إثارة للإعجاب في اعتقادي كان الفوز على جنوب أفريقيا 2-0، والنتيجة مرتين أمام نيجيريا 0-0 والفوز 2-1 على أرضها.
بعدما انتهت آمال رواندا في الوصول إلى كأس الأمم الأفريقية، ما هي خطتك المستقبلية؟
- ما من خطط واضحة في الوقت الحالي، خاصة بعد قراري عدم تجديد عقدي، رغم أنهم يرغبون في استمراري؛ لكن هناك الكثير من المشاكل في الاتحاد الرواندي.
حدّثنا عن أبرز اللاعبين الروانديين الذين تتوقع لهم مستقبلاً جيداً؟
- هناك العديد من المواهب الواعدة؛ لكن أبرزهم إيمانويل إيمانيشيموي وأنجي موتسينزي، وهما يلعبان في خط الدفاع، كلاهما صغير السن، ولديهما إمكانيات كبيرة.
لديك تجارب عديدة حول العالم، ما هي التجربة الأفضل حتى الآن؟
- من الصعب اختيار تجربة واحدة؛ فقد مررت بالعديد من التجارب، بعضها كان جيداً وبعضها سيئاً؛ لكن كلها ساهمت في تطويري كمدرب. إنما سأخبركم أن تجربتي في بوتان كانت جيدة؛ لأن هناك روحاً خاصة في هذا البلد، وهذا ما جعل التجربة مميزة بالنسبة لي.
هل التدريب في أفريقيا يختلف عنه في أوروبا؟
- بالتأكيد؛ في أوروبا هناك اهتمام أكبر بتطوير الشباب، على عكس أفريقيا حيث يُركز معظم المدربين على الفريق الأول فقط. المشكلة أن بعض المدربين في أفريقيا يتعاملون مع اللاعبين وكأنهم يعرفون بالفعل كل شيء من الناحية الفنية والتكتيكية، وهذا لا ينجح دائماً.
لماذا أغلب تجاربك كانت في البلدان النامية؟
- في البلدان النامية، يركز المسؤولون غالباً على النتائج الفورية للمنتخب الأول، بينما يتم إهمال تطوير الشباب، وهو المفتاح الحقيقي لبناء مستقبل كرة القدم. للأسف يتم تعيين مدربين للعمل مع لاعبين متطورين بالفعل؛ ولكن الواقع هو أن هؤلاء المدربين يضطرون للعمل على الأساسيات. بالنسبة لي كان جزء من نجاحي مع رواندا هو العمل الجاد على أساسيات اللعبة مع فريقي، وهذا ما جعل اللاعبين يتبعونني، فالأساسيات هي حجر الزاوية، إذا كانت مفقودة فإن كل شيء يُبنى على الرمال.
في 2001 كانت لك تجربة في اليمن. كيف وصلت إلى هذا البلد؟
- كان ذلك من خلال مشروع تعاون بين الحكومتين اليمنية والألمانية، بدعم من الاتحاد الألماني لكرة القدم.
ما المنصب الذي شغلته في الاتحاد اليمني لكرة القدم؟
- كنت المدير الفني للاتحاد، ومدرب المدربين، ومسؤول عن تنمية الشباب، كما أجريت عددا من الدورات التدريبية وأشرفت على تدريب المنتخبات العمرية.
ما هي المنتخبات التي توليت مسؤولية تدريبها؟
- من خلال مشروعي لم يُسمح لي بتدريب المنتخب الأول. بدأت في بناء منتخب تحت 15 سنة، وكنت أستكشف المواهب وأقوم بتدريب منتخبات تحت 17 و19 سنة.
في 2003 وصل المنتخب اليمني إلى كأس العالم تحت 17 سنة. هل ساهمت في اكتشاف عناصر هذا الفريق؟
- كانت هذه واحدة من تجاربي السيئة في مسيرتي. لقد استكشفت لاعبين تحت 17 سنة، وبدأت التدريب معهم، ولكن بما أن تصفيات آسيا تحت 17 و19 سنة كانتا متزامنتين فقد اخترت تدريب منتخب الشباب، وأمين السنيني تولى منتخب الناشئين. لسوء الحظ قام أمين بتغيير جميع اللاعبين الذين استكشفتهم، واختار لاعبين أكبر سناً لفريقه، في النهاية لم يتبقَّ لاعب واحد قريب من سن تحت 17 سنة. كان التلاعب بالأعمار مخالفاً تماماً لفلسفتي، وأحد الأسباب التي دفعتني لمغادرة اليمن؛ لأنه مخالف لفكرة تنمية الشباب، وكان هذا أحد الأهداف الرئيسية لمشروعي.
هل تمت مناقشة هذه القضية مع الاتحاد اليمني آنذاك؟
- لقد اشتكيت حينها ورفضت الحضور إلى المطار للاحتفال عندما عاد منتخب الناشئين إلى صنعاء؛ لأن هذا تفكير قصير المدى من أجل تحقيق نجاح في هذه الفئة، وهو ما يؤدي إلى نتائج سيئة على مستوى الفريق الأول مستقبلاً.
هل تعتقد أن التلاعب بالأعمار ساهم في اختفاء عناصر المنتخب لاحقاً؟
- بكل تأكيد. عندما تحرم اللاعبين الحقيقيين من التطور في سنهم المناسبة، فإنك تفقد جيلاً كاملاً من المواهب، وهذا يفسر لماذا لم نسمع لاحقاً عن أي لاعب بارز من هذا الفريق، رغم مشاركتهم في كأس العالم تحت 17 سنة، وهذا ليس فقط في بلدكم.
كيف كانت علاقتك بإدارة الاتحاد في تلك الفترة؟
- كانت جيدة بشكل عام. وكان أفضل شخصية في الاتحاد اليمني لكرة القدم في ذلك الوقت الأمين العام، الأستاذ صالح (صالح خميس)، فهو شخص لطيف للغاية وحاول مساندتي كثيراً، وأتمنى حقاً أن يكون لا يزال على قيد الحياة وأن يكون هو وأسرته بخير.
من هم اللاعبون اليمنيون الذين برزوا في تلك الفترة وأذهلوك بموهبتهم؟
- لا أستطيع تذكر أسماء بعينها، فقد مضى وقت طويل؛ ولكن كان هناك العديد من المواهب اللافتة التي برزت في تلك الحقبة. لقد كانت تلك الفترة مليئة باللاعبين الذين أظهروا مهارات استثنائية وأداءً مميزاً.
كم المدة التي قضيتها في اليمن؟
- قضيت ثلاث سنوات في هذا البلد الجميل، من العام 2001 إلى 2003. وخلال هذه الفترة استمتعت باستكشاف المواهب في العديد من مناطق اليمن.
هل ما زلت تتابع أخبار الكرة اليمنية؟
- أحياناً أتابع الأخبار؛ لكن ليس بشكل دائم؛ لأن التزاماتي اليومية تمنعني من متابعة كل التفاصيل.
هل يمكن أن تعود للعمل في اليمن إذا أتيحت لك الفرصة مرة أخرى؟
- في الوقت الحالي لا أعتقد أنني سأعود للعمل هناك. للأسف لا تزال الظروف في البلاد صعبة ومعقدة، رغم أنني أكنّ حباً كبيراً لليمن.
هل زرت أماكن معينة في اليمن خارج إطار العمل؟ وكيف وجدت الثقافة اليمنية؟
- زرت جميع محافظات اليمن. أحببت مدينة صنعاء القديمة، والطريق إلى محافظة إب، وكذلك حضرموت... أنا وزوجتي نحب اليمن كثيراً ونحب ثقافة هذا البلد. لكنني كنت أحرص على منع لاعبي فريقي من تعاطي "القات"، وأنا أيضاً لم أفعل ذلك.
في نهاية هذا الحوار، هل تود أن تقول شيئاً؟
- أود أن أتوجه بجزيل الشكر والتقدير لكم في صحيفة "لا" على هذه المقابلة التي أتاحت لي فرصة للتعبير عن آرائي. كما أتمنى أن يعم السلام والاستقرار في اليمن، وأن أرى كرة القدم اليمنية تزدهر. شكراً لكم مرة أخرى.
المصدر طارق الأسلمي / لا ميديا