تقرير / لا ميديا -
في مرحلة ثقيلة من الزمن، وفي ليلٍ يتكدّس فيه الركام على أرواحٍ تُزهَق وأجسادٍ تتفتّت، يعيش أهالي قطاع غزة هول مجازر تتجدد يومياً، يرتكبها العدو الصهيوني بحق المدنيين العزل.
وزارة الصحة في القطاع أفادت بأن الساعات الأربع والعشرين الماضية وحدها، كانت شاهدة على ارتقاء 81 شهيداً و422 مصاباً، لترتفع حصيلة العدوان الممتدة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 56,412 شهيداً و133,054 مصاباً، وأكثر من 12 ألف مفقود، في حرب إبادة تدخل شهرها الحادي والعشرين.

موت وتهجير
ولأن العدوان الصهيوني يدار بعقلية الإبادة، لم تتوقف ألسنة النار عن التهام أجساد الأطفال والنساء، ولا عن اقتلاع المدنيين من بيوتهم بعمليات تهجير قسري ممنهجة؛ إذ تواصل قوات الاحتلال إصدار تهديدات تطالب فيها أهالي النصيرات والزهراء والمغراقة وأحياء كاملة بإخلاء منازلهم فوراً والاتجاه جنوباً نحو منطقة المواصي في غزة، مهددةً بأن العودة إلى مناطق القتال تعني الموت المؤكد.
آلاف العائلات نزحت على عجل، وبعضها للمرة الخامسة أو السادسة، في مشهد يعيد ذاكرة النكبة ويضاعف جراحها.

استشهاد 66 طفلاً جوعاً
في قلب هذه المأساة، يرتفع أنين الطفولة من تحت الأنقاض ومن بين طوابير الخبز والماء. حركة المقاومة الإسلامية حماس أكدت، أمس، في بيان، أن أكثر من 66 طفلاً استشهدوا نتيجة الجوع وسوء التغذية منذ آذار/ مارس الماضي، في جريمة ممنهجة يُستخدم فيها الحصار والتجويع كأداة قتل بطيء، تحت أنظار العالم.
وقالت حماس إن هذه الجرائم الوحشية، واستهداف الأطفال الأبرياء والمدنيين العزل، بالتجويع والقصف والمجازر؛ يمثّل انتهاكاً مريعاً للقوانين الدولية، ولكل القيم والأعراف الإنسانية، وأن حكومة الاحتلال الفاشي ترتكب هذه الجرائم والانتهاكات وهي تعلم أنها محميَّة من المساءلة والمحاسبة بفعل الغطاء الذي توفره لها الإدارة الأميركية المشاركة في هذه الجرائم.
وطالبت حماس المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية ببذل كل الجهود لوقف هذه المأساة الإنسانية المتفاقمة في غزة، والتي تمعن حكومة نتنياهو في تعميقها، والتدخل لإنهاء حرب الإبادة وكسر الحصار وإدخال كافة المساعدات والمستلزمات الضرورية للحياة.

صمود أسطوري
وتواصل المقاومة الفلسطينية صمودها في تحدٍّ يعجز العدو الصهيوني عن فهمه. وأعلنت المقاومة أمس عن بعض عملياتها ضد قوات الاحتلال.
وقالت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس إنها خلال الـ48 ساعة الماضية فجّرت دبابة وجرافة (D9) بعبوات ناسفة شديدة الانفجار في عبسان الكبيرة، كما استهدفت أربع آليات هندسية شرقي خان يونس بالقذائف، مؤكدة وقوع قتلى وجرحى في صفوف جنود الاحتلال.
من جهتها، أعلنت سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تفجير عبوة ناسفة بآلية عسكرية صهيونية شرق حي التفاح، وسيطرتها على طائرة استطلاع في سماء حي الشجاعية، في رسائل تؤكد أن المعركة لن تطفئ جذوة المقاومة.

وعود ترامب الكاذبة
على صعيد المفاوضات التي يتشارك العدو الصهيوني والأمريكي إفشالها، وفي خضم هذا الجحيم، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمراوغة جديدة وتصريح جديد يقول فيه إن اتفاق وقف إطلاق النار بات «قريباً» وربما يتم الأسبوع المقبل. مزاعم قد تبدو مشجعة في ظاهرها؛ لكنها لا تجد صدىً في بيوت العزاء التي لا تتوقف، ولا في ممرات المشافي التي تغصّ بالجرحى؛ لأن الجريمة الصهيونية أعظم، والجراح أعمق من أي وعود زائفة، ولانعدام ثقة الشعوب بالمجتمع الدولي المخطوف من قبل أمريكا الكاذبة.

29 مختطفاً في الضفة خلال يوم
وليست الضفة الغربية المحتلة ببعيدة عن ساحة النار. في نابلس وقلقيلية وسلفيت وجنين، شنت قوات الاحتلال موجة اقتحامات جديدة اختطفت فيها 27 فلسطينياً، بينهم صحفي، واعتدت على أطفال بالضرب وأصابت شباناً بالرصاص.
بلدة يعبد جنوب جنين كانت ساحة لإصابة شاب برصاصة أطلقها جندي من برج مراقبة، ليُمنع بعدها من تلقي الإسعاف قبل أن يُعتقل وهو ينزف. وتم أيضاً اختطاف طفلين في البلدة بوحشية، وإصابة أربعة آخرين بالرصاص الحي والمطاطي وبالضرب، في مشاهد تعكس أن القمع هنا لا يفرّق بين كبير وصغير.
وفي سنجل شمال رام الله، كان الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وسيلة «الرد» على من حاولوا صدّ اقتحام الغاصبين الصهاينة، حيث وفّرت القوات الصهيونية الحماية الكاملة للغاصبين المعتدين، وأطلقت النار على الأهالي، لتضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الجرائم اليومية التي تُمارسها في الضفة منذ سنوات، وتتفاقم بشكل مرعب في ظل الحرب على غزة.