تقرير / لا ميديا -
في قطاع غزة تتقاطع المأساة مع البطولة، والحصار مع الكرامة، وحيث تمشي الحياة على حافة المقصلة، تنبعث أرواح الشهداء من تحت الركام، لا لتبكي، بل لتُعلن أنها كانت على حق.
غزة ليست خبرًا عابرًا على شريط «عاجل»، ولا مشهدًا يتكرر حتى يفقد معناه. غزة مرآةٌ لقبح العالم، وجرح مفتوح في خاصرة الإنسانية. ومن هناك، من بين الرماد والدخان، يكتب أطفالها ما تبقى من ضمير هذا الكوكب... بالحبر الأحمر.
في اليوم الـ632 على بدء عدوان الإبادة الصهيوني المتواصل على قطاع غزة، واليوم 104 على نقض العدو الصهيوني بعهده واستئناف العمليات العسكرية العدوانية في 18 آذار/ مارس الماضي، مايزال القطاع المحاصر يتنفس الموت ويكافح للبقاء. غزة التي أنهكها الحصار منذ سنوات، باتت اليوم مسرحًا مفتوحًا للإبادة، وسط صمت دولي مطبق وفشل أخلاقي ذريع للمجتمع الدولي.
بحسب وزارة الصحة في غزة، ارتقى خلال 12 ساعة 47 شهيدا في غارات صهيونية على القطاع، كما حصيلة الشهداء منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 56,500 شهيد، فيما تجاوز عدد الجرحى 133,419 مصابًا، بينما لايزال أكثر من 12 ألف مفقود تحت الأنقاض، بينهم آلاف الأطفال والنساء.

القتل جوعا
لا تتوقف المجازر عند العمليات العسكرية، فغزة تُقتل جوعًا قبل أن تُقتل بالقنابل. 66 طفلًا قضوا بسبب سوء التغذية، وآلاف غيرهم مهددون بالموت جوعًا في ظل الحصار ومنع المساعدات، خصوصًا في جنوب القطاع. المتحدث باسم «يونيسف» في فلسطين وصف الوضع بقوله: «الناس في غزة يجوعون ثم يُقتلون... ما يحصل هناك وصمة عار في جبين الإنسانية، وإسرائيل تستخف بالقانون الدولي وحياة المدنيين».
من بين ضحايا العدوان الصهيوني في مستواه الجديد، شريحة مؤلمة تُعرف بـ»شهداء لقمة العيش»، وهم أولئك الذين يُقتلون أثناء انتظارهم للمساعدات أو محاولتهم تأمين الغذاء لعائلاتهم. وزارة الصحة أكدت أن عددهم وصل إلى 583 شهيدًا و4,186 مصابًا، بعدما سُجل خلال الساعات الـ12 الأخيرة فقط 18 شهيدًا و41 إصابة في طوابير انتظار الخبز والمساعدات.

جحيم النزوح المتواصل
في شرق خان يونس، نفذت قوات الاحتلال عمليات نسف ممنهجة للمباني السكنية، ما يفاقم الكارثة الإنسانية ويدفع آلاف العائلات للنزوح مجددًا بلا مأوى. وعلى صعيد العمليات الميدانية، أصدر العدو الصهيوني الاحتلال، أمس، تهديدا جديدًا لإخلاء شمال غزة، مطالبًا السكان بالفرار نحو منطقة المواصي جنوب القطاع، محذرًا من عمليات عسكرية وشيكة ستطال جباليا ومدينة غزة ومحيطها.

المقاومة مستمرة
في المقابل، تواصل المقاومة الفلسطينية تصديها للعدوان بكل ما أوتيت من إمكانات. سرايا القدس وكتائب القسام أعلنتا قصف تجمعات وتحشّدات لجنود الاحتلال جنوب خان يونس، واستهداف جرافة عسكرية من نوع D9 بقذيفة «الياسين 105»، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها. كما أعلنت كتائب الأقصى عن قصف آليات للاحتلال شرق خان يونس، بقذائف من العيار الثقيل.
العدو الصهيوني، من ناحيته، اعترف بمقتل أحد جنوده أمس بانفجار داخل مبنى خلال نشاط عسكري في جباليا، فيما كشفت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» أن 30 جنديًا صهونيا قتلوا بعبوات ناسفة منذ استئناف القتال في مارس.

جرائم في الضفة
لا تقتصر جرائم الإبادة على غزة وحدها بل هي سلوك صهيوني في كل الأرض الفلسطينية ولكن بصور مختلفة. في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، تُنفذ جرائم الغاصبين بحماية جنود الاحتلال، كما حدث في بلدة حزما شمال شرق القدس، حيث أصيب 3 فلسطينيين بالرصاص، بينهم طفل، وأُحرقت منازل وممتلكات، فيما لم تُسجل أي اعتقالات في صفوف المعتدين.
وفي مسافر يطا جنوب الخليل، هاجم غاصبون مسلحون مساكن المواطنين وأصابوا مسنًا وشابًا، وأجبروا رعاة أغنام على ترك أراضيهم في الأغوار الشمالية تحت تهديد السلاح. كما هاجم مستوطنون قرية المغير شرق رام الله، في استمرار لسياسة التهجير القسري الممنهج.
وتُظهر إحصائيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تنفيذ 415 اعتداءً استيطانيًا في مايو وحده، فيما ارتفع عدد الشهداء في الضفة إلى 986 فلسطينيًا منذ بدء العدوان، مقابل إصابة نحو 7 آلاف آخرين.