زوار من كل المحافظات جعلوا من العاصمة وجهتهم في إجازةِ عيد الأضحى:صنعاء لا تسألك من أين أتيت.. وتنسى خدمات الصيف!
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

استطلاع: بشرى الغيلي / لا ميديا -
وسط موجات حر الصيف التي تجتاح أغلب محافظات اليمن اختار آلاف المواطنین وجهتهم نحو العاصمة صنعاء بحثًا عن نسمة هواء باردة وإجازة عيد تحمل شيئًا من الراحة والسكينة تحولت صنعاء خلال أيام العيد إلى محطة رئيسية للقادمين من شتى المناطق لما تمتاز به من طقس بارد نسبيًا وخيارات متنوعة لقضاء الإجازة.. ورغم الحفاوة التي استقبلت بها صنعاء زوارها ونجاحها في احتضان الجميع دون تمييز، إلا أن ضعف الخدمات العامة نتيجة عدم استعداد أصحاب الفنادق والمطاعم وغيرها من المشاريع الخدمية لفصل الصيف وإهمالهم
لوسائل التبريد تركت أثرها الواضح على تجربة العيد لدى الزوار والسكان على حد سواء.
في هذا الاستطلاع نسلط الضوء على تجارب الزوار والمواطنين بين دفء الاستقبال وحرارة صنعاء وبين بهجة العيد وتحديات الصيف اللاهب لنرسم صورة واقعية عن حال العاصمة في أيام العيد وما لفت أكثر أن من قدموا إليها من المحافظات الجنوبية لم يشعروا بأي تمييز بل استمتعوا بإجازتهم وأثنوا على أهلها ووجدوا الأمان واستقرار الأسعار، وضمن الاستطلاع أكد في تصريحه أحد المختصين ذلك.
كأن الحرّ يلحقنا
تقول سميرة (ربة بيت) قادمة من مدينة الحديدة، كانت تجلس في زاوية إحدى الحدائق العامة وسط صنعاء تمسح جبينها بمنديل صغير وتبدو عليها علامات الإرهاق تحدثت بنبرة نصف مستسلمة: «جينا نفرح بالعيد ونغيّر جو، لكن تفاجأنا.. لا مكيفات ولا تهوية كويسة في الفنادق».
كانت سميرة قد استأجرت غرفة في فندق وسط العاصمة، لكنها فوجئت أن التكييف «مجرد زينة»، حسب تعبيرها.. «كل شيء يشتغل إلا الراحة»، قالت وهي تبتسم بمرارة.
أضاف لرأي سميرة، أحمد بُرعي (مواطن) القادم من باجل أراد أن يمنح أسرته إجازة صيفية مختلفة بعيدًا عن حرارة منطقتهم الساحلية اختار فندقًا يحمل اسمًا لامعًا، وبدت له الواجهة واعدة، لكن الداخل كان صدمة أخرى: «صدقيني، لا مكيف شغال، ولا حتى مراوح سقفية».
بُرعي يلوم إدارة الفنادق على الجمود، قائلاً إن الاعتماد على برودة صنعاء التاريخية لم يعد مجديًا.. مضيفًا: «مش معقول تبني سمعة وتخسرها عشان تكييف!».
الحلم البارد انتهى بتدني الخدمات
أما صالح عبده فتيني من مدينة الزيدية جاء إلى صنعاء حالماً بالهدوء والبرودة بالنسبة له، كانت صنعاء دائمًا وجهة باردة -كما يصفها- لكن هذا العام كان مختلفًا.. «بالله عليكم صنعاء التي يأتي إليها زوّار من كل مكان لا يوجد فيها اهتمام بالجو الحار؟».
صالح تنقل بين عدة فنادق بحثًا عن غرفة مريحة، لكن أغلبها كان بلا تكييف فعّال «المكيف موجود.. بس ما يبرد غير الجدران»، يقولها بسخرية لا تخفي استياءه.
حسين الشامي وعباس فتيني (من القناوص في الحديدة) اتفقا على أن الحر في صنعاء كان موجودا، لكنه يعتبر الألطف مقارنة بتهامة، ولاحظا أن التكييف غائب تماما في المطاعم والتهوية لم تكن بالمستوى المأمول، مما أثر على راحة الإقامة.
صنعاء تحتضن الجميع
عدد من المواطنين في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال، جعلوا من العاصمة صنعاء وجهتهم في إجازةِ عيد الأضحى وخرجوا بانطباعات إيجابية وغير متوقعة.. الأمان، حسن الاستقبال، وانخفاض الأسعار كانت أبرز الملاحظات، مؤكدين أن صنعاء بدت لهم «غير» عما كان يُشاع، واتفق أغلبهم حول الخدمات التي طمحوا أن تكون بما يتناسب مع المناسبات والأعياد والازدحام.
يقول سالم طعيمان: «جئت لقضاء العيد في صنعاء مع عائلتي وشعرت باحترام كبير من الناس هنا دون أي تمييز، الأسعار منخفضة مقارنة بمأرب، والأمان واضح في كل مكان، صنعاء مدينة تحترم ضيوفها، وأتمنى لها ولليمن السلام».
يتفق تماما مع رأيه وهيب العريقي من تعز، الذي قال: «الأجواء هنا تختلف عن تعز، لكن وجدت احتراماً وأماناً حقيقياً، صحيح أن الجو كان حارا وذلك لتدني بعض الخدمات الفندقية والأسعار متباينة، لكن التجربة كانت مريحة، وأهل صنعاء يستحقون كل التقدير».
يتفق معهما أيضا يوسف الضيفلي، القادم من الجوف رفقة عائلته: «رغم فرق الأجواء وحرارة الطقس، إلا أنني شعرت بالراحة والطمأنينة، الأسعار أقل من الجوف، والناس في صنعاء طيبون ومحترمون، وهذا أهم ما يجعل الزائر يشعر بالارتياح».
أجمع الزوار على أن صنعاء تختلف تماماً عما كانوا يتوقعونه، مشيدين بحفاوة الاستقبال وروح التعايش، ومؤكدين أن اليمنيين مهما اختلفت مناطقهم تجمعهم المحبة والتقدير، وأن السلام ممكن إذا وُجدت النوايا.
محاولات دون المستوى
يقول صالح سعيد هيان، القادم من شبوة إلى صنعاء لقضاء إجازة العيد مع أسرته إن الأجواء العائلية التي كان يتطلع إليها سرعان ما تلاشت عند زيارته لبعض المطاعم في العاصمة.. حيث قال: «كنا نبحث عن لحظات هادئة نشاركها كعائلة، لكن الحرارة المرتفعة داخل بعض المطاعم، وسوء التهوية أثرت على راحتنا بشكل كبير»، يروي صالح بانزعاج. مضيفًا أن الأقسام المخصصة للعائلات بدت مهملة من حيث النظافة والتنظيم، على عكس الأقسام العامة.
ويشير إلى أن هناك محاولات من بعض المطاعم لتوفير بيئة عائلية لكنها بحسب تعبيره «تظل دون المستوى، ما ينعكس سلبًا على تجربة الزوار ويدفع كثيرًا من العائلات للعزوف عن ارتياد هذه الأماكن».
وختم حديثه بدعوة واضحة: «نأمل أن تُؤخذ ملاحظات الزوار بجدية ويتم تحسين بيئة الاستقبال لتكون أكثر ملاءمة لخصوصية العائلات وأكثر تهيئة لأجواء العيد والمناسبات الخاصة».
موسم ممتاز
رغم الإشكالات الفنية التي طرأت في بعض المرافق، خصوصًا ما يتعلق بالتكييف أجمع العاملون في القطاع على أن موسم العيد كان ناجحًا من حيث الإقبال والحركة وعبّر غالبيتهم عن نيتهم في معالجة الأخطاء والاستفادة من الدروس لتحسين تجربة الضيوف مستقبلًا.. ولأهمية سماع جميع الآراء تحدث لصحيفة (لا) القائمين على الخدمات الفندقية.. حيث وصف أبو يحيى الحبيشي (مالك أحد الفنادق) الموسم بـ«الممتاز» رغم بعض العوائق وأبدى رضاه الكبير عن الموسم: «ما شاء الله الزحمة كانت كبيرة جدًا في العيد الناس جاؤوا من كل مكان رغم الحرب والأوضاع».. لكنه لم يخفِ وجود بعض التحديات الفنية التي واجهتهم، «صحيح في مشاكل في التكييف في بعض الفنادق القديمة، لكننا نحاول حلها ونتعلم من الأخطاء».
التكييف خذلنا
من جهته أشار مراد الكبسي (مشغّل فندق) إلى أن الإقبال الكبير كان أمرًا إيجابيًا، لكنه لم يغفل عن المشاكل التي ظهرت تحت الضغط العالي للضيوف، «الناس كانت زحمة وهذا شيء طيب، ولا بد أن نعترف أن التكييف في بعض الغرف كان ضعيفا، ومع الزحمة بعض الضيوف اشتكوا لإدارة الفندق».
وأكد الكبسي أن الطاقم يعمل على معالجة هذه القضايا سريعًا، و»نحاول نشتغل على تحسين الأمور».
يعترف بالمشكلة ويعد بتحسين الخدمات
وفي نقطة الاستعلامات شاركنا فواز المرح (أحد موظفي الاستقبال) انطباعه حول الموسم، فقال: «الناس كانت متعبة شوي من الحر وقلة التكييف، لكن مع كل الظروف الموسم كان جيدا جدا والحمد لله».
وختم بتفاؤل حول تحسين الخدمات مستقبلاً: «سنتلافى كل الأخطاء التي حصلت ونعمل على معالجتها مستقبلا وتكون مهيأة في المواسم القادمة».
لا تمييز.. صنعاء للجميع
بعد الاطّلاع على وجهات نظر الزوار والقائمين على الخدمات الفندقية كان لا بد لصحيفة «لا» من التوقف لدى أحد مختصيّ الجهات الرسمية ليضع النقاط على الحروف حيث أدلى بتصريحه أبو تراب الجرموزي، مسؤول في أمانة العاصمة: «شهد موسم العيد هذا العام في صنعاء حركة نشطة وإقبالًا واسعًا من الزوار من مختلف المحافظات اليمنية، على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وقد كانت الأجواء العامة خلال العيد مستقرة وآمنة، بفضل التنسيق المستمر بين الجهات الأمنية والجهات المعنية، مما ساعد على توفير بيئة مناسبة وآمنة للعائلات والزوار».
وأضاف الجرموزي: «لم يتم تسجيل أي حالات تمييز أو تفرقة بين أبناء المحافظات إذ يُعامل الجميع في صنعاء بالمساواة والاحترام، ما يعكس حالة الانسجام المجتمعي التي نعتز بها».
وأكد في ختام تصريحه حرص أمانة العاصمة على الاستمرار في تحسين الخدمات وتنظيم الحركة خلال المواسم والمناسبات القادمة، مثمنًا التعاون الإيجابي من قبل المواطنين والزوار مع الجهات الرسمية.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا