«لا» 21 السياسي -
عندما التقى رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، في الرياض، مع محمد بن سلمان، الرجل القوي للمملكة، في 17 أيلول/ سبتمبر 2025، لم يتوقع أحد أن يكون ذلك اليوم تاريخياً. وقّع الزعيمان يومئذ «اتفاقاً استراتيجياً للدفاع المشترك» غير مسبوق، ينص على أن «أي عدوان على أحدهما سيُعتبر عدواناً على الآخر»، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية الرسمية. هذه الصيغة تذكّرنا طبعاً بالمادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على أن الأمر لا يتعدى، في الوقت الحالي، إعلان نوايا.
باكستان تمتلك السلاح النووي، فهل ستضعه تحت تصرف السعودية؟! لا شيء في الاتفاق المُعلن يؤكد ذلك؛ ولكن لا شيء ينفيه أيضاً.
بدا وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، وكأنه يؤكد ذلك، في تصريح لقناة تلفزيونية محلية: «إن ما لدينا والقدرات التي نمتلكها ستوضع تحت تصرف السعودية وفقاً لهذا الاتفاق». لكنه أشار في اليوم التالي إلى أن المسألة النووية «ليست على جدول الأعمال».
من جانبه، كان علي الشهابي، المحلل المعتمد والمقرب من البلاط الملكي السعودي، قاطعاً بأن الاتفاق «يضعنا تحت المظلة النووية [الباكستانية] في حالة وقوع هجوم».
وهكذا، ستكون السعودية، التي تتمتع تاريخياً بـ»حماية» الولايات المتحدة منذ العام 1945، قادرة الآن على اللجوء إلى المظلة النووية الباكستانية. وهذا دليل إضافي على التغيرات الجذرية التي تشهدها المنطقة.
من المؤكد أن التعاون بين الرياض وإسلام آباد ليس وليد اليوم. فمنذ العام 1951، مباشرة بعد سقوط الإمبراطورية البريطانية وتقسيم شبه القارة الهندية بين الهند وباكستان، وقّع البلدان معاهدة صداقة، وكان تعاونهما العسكري دائماً نشطاً. فالسعودية تتمتع بالمال ولكن لديها قوة عسكرية محدودة، بينما تفتقر باكستان إلى الأموال ولكن لديها جيش فعّال (ومتشعب). لقد كان مقدّراً لهما أن يتفقا!
رسميّاً، قامت القوات الباكستانية بحراسة الحدود الشمالية للسعودية خلال الحرب بين إيران والعراق في الفترة 1980-1988. وعملت أجهزة الاستخبارات المشتركة يداً بيد لنقل الأموال الأمريكية والسعودية إلى المقاتلين الأفغان خلال حربهم ضد الاحتلال السوفييتي. وحتى اليوم، لا يزال ما يقرب من ألف جندي باكستاني موجودين على الأراضي السعودية بصفة مستشارين ومدربين.
على صعيد أكثر سرية، تعزّزت العلاقات بعد أول تجربة نووية هندية في العام 1974. فقَبْل الإطاحة به في 1977 ثم شنقه بعد عامين، حصل رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك، علي بوتو، من الملك فيصل (1964 - 1975) على الدعم الضروري لتزويد بلاده بالقنبلة النووية ومواجهة الحظر الذي قررته الدول الغربية. وكان هذا الدعم ملموساً، من خلال أسعار نفط منخفضة وقروض بفوائد منخفضة وتبرعات، ولم يتوقف منذ ذلك الحين. لم يفوّت علي الشهابي فرصة التذكير بذلك: «تتذكر باكستان أن المملكة موّلت برنامجها (النووي) بشكل كبير، ودعمته عندما كانت خاضعة للعقوبات». وهذا ما يؤكده القائد الباكستاني المتقاعد فيروز حسن خان: «قدمت المملكة السعودية دعماً مالياً كبيراً لباكستان، ما سمح باستمرار البرنامج النووي».
بطبيعة الحال، لم يكن التمويل السعودي مجرّداً بالكامل من الطابع المصلحي، خاصة أن التفاهم بين علي بوتو والملك فيصل قد تم بعد هزيمة الدول العربية أمام «إسرائيل» في العام 1967. ولكن، وكما يشير العسكري السابق خان، «لم يكن هناك اتفاق مكتوب على الإطلاق». وحتى الآن، ظل هذا الاتفاق في دائرة الأمور الضمنية. إن إعلانه يشبه «زواجاً يأتي بعد فترة طويلة من المعاشرة»، وهو يغيّر المعطيات الاستراتيجية في المنطقة والعالم.
بالنسبة لمحمد بن سلمان فإن الأمر يتعلق بإظهاره للولايات المتحدة أن بلاده يمكنها اللجوء إلى مصادر أمنية أخرى. فقد كانت ثقته بواشنطن قد تآكلت بالفعل بشكل خطير بعد عدم رد فعل الولايات المتحدة على الهجوم الذي شنّه الحوثيون في اليمن على منشآته النفطية في العام 2019، ثم خلال الغارات التي شنتها طائرات الحوثيين بدون طيار على أبوظبي في العام 2022.
بالنسبة له، كما هو الحال بالنسبة لقادة دول الخليج، فإن تقاعس الرئيس الأمريكي عقب القصف «الإسرائيلي» للدوحة في 9 أيلول/ سبتمبر 2025، للقضاء على قادة حماس الذين كانت الحكومة القطرية تتفاوض معهم على وقف إطلاق النار في غزة، قد أقنعهم تماماً بأن القواعد العسكرية الأمريكية في السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت لا تضمن الحماية لأي من هذه الدول. وكان الدرس قاسياً.
رغم أن هذا الاتفاق ينوّع الاختيارات الأمنية ويوفّر حلاً بديلاً في حال تقاعس الولايات المتحدة، فإنه لا يشكك في الدور الحاسم لواشنطن في المنطقة. كما لا يشكك في العلاقات المتميزة للسعودية مع الهند، العدو اللدود لباكستان.
من جانبها، ليس من مصلحة باكستان تحويل هذه المعاهدة إلى سلاح استراتيجي يهدف إلى عزل نيودلهي، وهي دولة أخرى تمتلك السلاح النووي في المنطقة. وينطبق الحذر نفسه على إيران؛ لأن التوترات لا تزال قائمة، خاصة في بلوشستان. ومن المحتمل أن يكون استئناف العلاقات بين طهران والرياض قد سهّل الاتفاق الباكستاني - السعودي، وسمح بإزالة المخاوف الإيرانية من التعرض للتطويق.
يجب على إسلام أباد أيضاً أن تظل حذرة للغاية تجاه الولايات المتحدة، التي تعتمد عليها مالياً، في وقت تعاني فيه من صعوبات اقتصادية كبيرة وديونها المتفجرة تتفاقم وشعبها في حالة تمرد. إن التوازن بين الدعم الأمريكي والعكاز الصيني هش للغاية. ولذلك يجب عليها أن تحرص على ذلك. ولن يكفي للحفاظ على هذا التوازن مضاعفة الإطراءات الموجهة إلى دونالد ترامب: فقد اقترح رئيس الوزراء شهباز شريف ترشيحه لجائزة نوبل للسلام للإشادة بـ»قيادته الجريئة وذات الرؤية».
صحيح أن قوتها النووية ضعيفة (170 رأساً نووياً)، وفقاً للمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، وأن شروط المعاهدة غامضة. وسيكون من المبالغة اعتبارها تحالفاً وثيقاً وثابتاً.
يجب أن نتذكر أنه رغم الضغوط والابتزاز المالي، رفض البرلمان الباكستاني الانضمام إلى التحالف الذي قادته السعودية ضد اليمن في العام 2015. ومع ذلك، فمن خلال التفكير في استخدام قوة الردع الخاصة بها لصالح أحد شركائها، فإن باكستان «أظهرت أهميتها المتزايدة في البنية الأمنية في الشرق الأوسط»، كما يلاحظ الخبير سيد علي ضياء جعفري من مركز أبحاث الاستراتيجيات والسياسات الأمنية (CSSPR) في جامعة لاهور.
رغم أن الولايات المتحدة لا تزال تلعب دوراً حاسماً في المنطقة؛ إلا أنها فقدت احتكارها للنفوذ الاقتصادي (مع صعود قوة الصين) والأمني (مع الاتفاق بين باكستان والسعودية). وببطء، يتغير المشهد الجيوسياسي.

مارتين بولار - رئيسة تحرير سابقة لجريدة «لوموند ديبلوماتيك».