عادل بشر / لا ميديا -
يوماً بعد آخر تتكشف حقيقة التحالفات بين فصائل المرتزقة الموالية للإمارات في اليمن وبين الكيان الصهيوني، والتي زادت بشكل أكبر خلال المعركة التي خاضتها صنعاء ضد العدو "الإسرائيلي" دعماً للشعب الفلسطيني واستمرت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، حتى وقف إطلاق النار في غزة الشهر الفائت.
ففي جديد هذه الحقائق كشف تقرير غربي حديث، بعضاً من كواليس التفاهمات القائمة والمتنامية بين أدوات الإمارات وفي مقدمتها مرتزقة ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" وطارق عفاش، مؤكداً اعتزام الكيان الصهيوني مضاعفة دعمه لهذه الكيانات، مستقبلاً، ضد صنعاء وضمن سياسة الاحتلال لتعزيز موطئ قدم في البحر الأحمر والذي يعمل على ذلك منذ سنوات عبر الإمارات.
التقرير الذي نشره مركز الأبحاث الأمريكي "المركز العربي واشنطن دي.سي" بعنوان (إسرائيل والإمارات وجنوب اليمن: سياسات التحالفات غير المتوقعة)، أفاد بأن "إسرائيل" ستزيد من دعمها "للجماعات المدعومة من الإمارات في اليمن، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح، مع تزايد أهمية التعاون الإماراتي الإسرائيلي في باب المندب وما حوله في الاستراتيجيات البحرية للبلدين في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية".
وكشف عن مساعٍ متواصلة للإمارات لدعم "انفصال جنوب اليمن عن شماله" ضمن مخطط لتوسيع اتفاقيات "أبراهام" مع الكيان الصهيوني، حيث ستتولى الإمارات إتمام عملية "تطبيع جنوب اليمن" مع "إسرائيل" وتأسيس دولة "مدعومة من الإمارات ومؤيدة لإسرائيل، تماشياً مع المصالح المتقاطعة لأبوظبي وتل أبيب".
وأوضح التقرير أن "أبوظبي تُعد مركزًا رئيسيًا لجهود المجلس الانتقالي الجنوبي، مما يعكس الرؤية الأوسع للإمارات لمستقبل اتفاقيات إبراهيم"، لافتاً إلى أن "الإمارات تنظر إلى انخراط المجلس الانتقالي الجنوبي مع تل أبيب بإيجابية، معتبرةً إياه فرصةً لتأمين الدعم الأمريكي لحليفها في جنوب اليمن، ولتمديد التطبيع العربي الإسرائيلي في حال استقلال جنوب اليمن".
وأضاف: "وبعيدًا عن الاعتبارات الدبلوماسية والأيديولوجية، تسعى الإمارات إلى تحقيق أهداف عسكرية واضحة في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر. ويدعم التعاون الإسرائيلي المتزايد هذه الأهداف".
وكشف التقرير الأمريكي أن "التنسيق الإماراتي الإسرائيلي في هذه المياه يجري منذ سنوات" مشيراً إلى أن "مبادرة كريستال بول -في مجال الأمن السيبراني بين الإمارات وإسرائيل للكشف عن الهجمات ومواجهتها- تبرز كمكون رئيسي. وتهدف المبادرة، التي أطلقها وزير الأمن السيبراني الإماراتي في تل أبيب في يونيو 2023، إلى تصميم ونشر وتمكين تعزيز الاستخبارات الإقليمية، مستفيدة من الدعم من مايكروسوفت وشركة الأمن السيبراني CPX ومقرها أبوظبي وشركة رافائيل الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة".
وأوضح أنه "من خلال كريستال بول، نشرت الإمارات العربية المتحدة، بدعم إسرائيلي، منصات استخبارات ومراكز لوجستية وقواعد جوية متقدمة في جميع أنحاء جنوب اليمن، بما في ذلك جزر مثل عبد الكوري وميون وسمحة وزقر".
التقرير ذاته أفاد أنه منذ بدء هجمات صنعاء على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر ردًا على الإبادة الجماعية التي تنفذها "إسرائيل" في قطاع غزة، وما تلاها من غارات جوية أمريكية بريطانية على اليمن، سعى مرتزقة الإمارات عبر عيدروس الزبيدي إلى تقديم أنفسهم لأمريكا والغرب و"إسرائيل" على أنه الفصيل اليمني الأكثر قدرة على مواجهة "الحوثيين" وحماية الممرات البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وأكد التقرير أن "تحالف المجلس الانتقالي الجنوبي المتنامي مع إسرائيل يخدم أغراضًا استراتيجية متعددة".

مشاركة مبكرة
وأوضح تقرير "المركز العربي واشنطن دي.سي" أن موقف مرتزقة الانتقالي من الكيان الصهيوني "ليس تطوراً حديثاً. فبعد فترة وجيزة من إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين الإمارات وإسرائيل في عام 2020، رحب نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك علناً باتفاقيات إبراهيم، مما يشير إلى التوافق المبكر مع أجندة التطبيع الإسرائيلية في أبوظبي".
وأضاف: "وفي أوائل العام التالي، أشاد الزبيدي بالاتفاقيات الدبلوماسية التي أبرمتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب ووصفها بأنها عمل مثالي نحو السلام في المنطقة".
وأشار التقرير إلى أنه "في عام 2020، مضت الإمارات وإسرائيل قدماً في خططهما لإنشاء منشأة في سقطرى، وفي شباط/ فبراير 2021، نقلت طائرات إماراتية عشرات الضباط والجنود الإسرائيليين إلى سقطرى. وبعد تسعة أشهر، أجرت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية مناورة بحرية في البحر الأحمر مع البحرين والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، في أول تعاون عسكري مؤكد علنًا بين شركاء اتفاقيات إبراهيم".
وأكد التقرير أن ترسيخ الوجود "الإسرائيلي" في سقطرى وجنوب اليمن من خلال مرتزقة الانتقالي، يخدم المصلحة الاستراتيجية لـ"تل أبيب" في مواجهة صنعاء.
كما أن "الأنشطة الإسرائيلية في سقطرى" تتوافق، بحسب التقرير، مع الحملة التي تنتهجها إدارة ترامب لما وصفها التقرير بـ"احتواء إيران والجهات الفاعلة المتحالفة معها في جميع أنحاء العالم العربي"، بالإضافة إلى تعزيز هدف الإمارات المتمثل في تعميق شراكتها الأمنية مع واشنطن.

أشلاء أبناء غزة في حسابات أبوظبي
التقرير الأمريكي تطرق إلى التعاون بين أبوظبي و"تل أبيب" خلال عدوان الأخيرة الإجرامي على قطاع غزة، موضحاً أنه "وعلى الرغم من الإبادة الجماعية في غزة، لم تحافظ الإمارات العربية المتحدة على علاقاتها مع إسرائيل فحسب، بل عمقت العلاقات الثنائية عبر قطاعات متعددة، ففي العام 2024، بلغ حجم التجارة الثنائية 3.2 مليار دولار، بزيادة قدرها 11 في المائة عن العام السابق. كما يتوسع التعاون الدفاعي، حيث أطلقت شركة Controp Precision Technologies، وهي شركة دفاع إسرائيلية، مؤخرًا فرعًا لها في أبوظبي بعد 10 أشهر من بيع شركة Thirdeye Systems، المورد العسكري الإسرائيلي، حصة 30 في المائة إلى تكتل EDGE ومقره أبوظبي".
ووفقاً للتقرير فإن "قيادة الإمارات تؤطر علاقاتها المستمرة مع تل أبيب على أنها مسؤولة عن تغيير العقليات في الشرق الأوسط، والحفاظ على المرونة الدبلوماسية وسط نظام متعدد الأقطاب متغير، ووضع أبوظبي كجسر موثوق به بين إسرائيل والجهات الفاعلة العربية".