لا ميديا -
في أزقة مخيم نهر البارد المتعبة تشكَّل وعيه الأول على وقع جنائز الشهداء وصورهم المنتشرة على الجدران، فحملهم في قلبه، لا كأسماء راحلة، بل كبوصلةٍ تحدّد الاتجاه نحو فلسطين، ولا شيء سواها.
وُلد عماد عودة عام 1962، في مخيّم نهر البارد شمالي لبنان، لعائلة هُجّرت من قرية صفورية قضاء الناصرة في فلسطين المحتلة عام 1948.
التحق مبكراً بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتمثّل مبادئها الكفاحية، فجعل من الالتزام الثوري نمط حياة، ومن الانضباط سلوكاً يومياً. شارك في معارك عدة دفاعاً عن الثورة والشعب، متنقِّلاً بين القواعد والمواقع وجبهات القتال، وشارك بفاعلية في مهام خاصة ونوعية لمواجهة قوات الاحتلال الصهيوني وعملائه في جنوب لبنان. ثم تولى مسؤولية الجبهة الشعبية في شمال لبنان.
جمع بين العمل الميداني والرؤية السياسية، فكان حاضراً في ساحات التنظيم والسياسة والمجتمع. تصدى بشجاعة لملف إعادة إعمار مخيّم نهر البارد بعد تدميره عام 2007، حيث عمل ميدانياً بلا كلل، طارقاً أبواب البيوت، مستمعاً لشكاوى الناس، ومنظماً لجهودهم لإسناد ظهر المجتمع، وباحثاً عن حلول في ظلّ شحّ الإمكانات.
كان له دور محوري في التنظيم وتطوير العمل العسكري والأمني للجبهة الشعبية، فانتخب عضواً في لجنتها المركزية العامة، وفي دائرتها العسكرية والأمنية، التي أصبح قائداً عسكرياً لها في لبنان. كان له دور محوري في التخطيط والإعداد لمشاركة كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في معركة "طوفان الأقصى" دعماً لغزة ومقاومتها الباسلة، إذ قدّمت الكتائب كوكبةً من خيرة قادتها ومقاتليها شهداء ومفقودين، وفاءً لمبادئها التي اختطتها طريقاً للنضال من أجل الدفاع عن الشعب  ومقاومة الاحتلال.
استشهد في 30/ 9/ 2024، إثر غارة لطيران الاحتلال الصهيوني على شقة كان يتواجد فيها في العاصمة بيروت، إلى جانب رفيقيه القائد نضال عبد العال والمقاتل عبد الرحمن عبد العال.
شيّعت جماهير غفيرة الشهداء الثلاثة من بيروت إلى البداوي وصولاً إلى نهر البارد، حيث احتضنهم المخيّم الذي أنجبهم.