ما حدث في حلب والأيادي التركية السوداء؟
- تم النشر بواسطة خاص / لا ميديا
دمشق - خاص / لا ميديا -
فجأة انفجرت الأوضاع في حلب، وجرت اشتباكات عنيفة بين وحدات جيش نظام الجولاني، ووحدات من قوات سورية الديمقراطية «قسد» التي تتواجد في الأحياء التي يقطنها أغلبية كردية في المدينة، وتقع تحت سيطرة «قسد».
الاشتباكات هددت الوضع الأمني الهش، ليس في حلب فقط، وإنما في عموم سورية، وتم استنفار الوحدات العسكرية من الجانبين، في كافة نقاط التماس، وخاصة في شمال شرق سورية، فلماذا اندلعت هذه الاشتباكات.. وبهذا الشكل المفاجئ؟
قبل عدة أيام، نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، خبرا للصحفي إبراهيم حميدي، وهو أحد الإعلاميين الرئيسيين في الصحيفة، ومن محافظة إدلب السورية، ومقرب من نظام الجولاني ومن الأوساط الأمريكية، يتحدث عن إنجاز تفاهم لتنفيذ اتفاق العاشر من آذار الماضي بين نظام الجولاني و»قسد»، والذي يقضي باتخاذ إجراءات عملية يتفق عليها الجانبان، لدمج قوات «قسد» في جيش نظام الجولاني، كخطوة أولى لتشكيل جيش وطني، وتم إبلاغ «قسد» بموافقة حكومة الجولاني على مطالبها، وذلك في رسالة رسمية من وزير الدفاع في حكومة الجولاني مرهف أبو قصرة، لقائد قوات «قسد» الجنرال مظلوم عبدي، وأن «قسد» قابلت موقف «الحكومة» بإيجابية، مع طلب بتوثيق الاتفاق.
قوبل التفاهم بين نظام الجولاني و»قسد» بارتياح تام، من كافة الأوساط السورية، وتم النظر إليه على أنه خطوة من الخطوات الهامة نحو تعافي سورية، واستجابة للمطالب الأمريكية والأممية من سلطة الجولاني لتنفيذها، كشرط لاستمرار التعامل معها ومنحها الرعاية، وكانت هناك توقعات بأن خطوات أخرى ستلي هذه الخطوة.
في اليوم التالي للإعلان، حط في دمشق وبشكل مفاجئ، وزير الخارجية التركي حقان فيدان ومعه وزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة إبراهيم كالن، والتقى الوفد فور وصوله إلى دمشق، رئيس السلطة الانتقالية أبو محمد الجولاني بحضور وزيري خارجيته ودفاعه أسعد الشيباني، ومرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة.
وقالت كالة الأناضول التركية، إن الوفد التركي سيبحث مع الجولاني قضايا منها تنفيذ اتفاق العاشر من مارس (آذار) بين حكومة الجولاني وقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والمخاطر الأمنية في جنوب سوريا، جراء الهجمات «الإسرائيلية»، فضلا عن تعزيز التعاون بين تركيا وسوريا، لمنع إعادة إحياء تنظيم «داعش».
وبعد انتهاء الاجتماع، قال وزير الخارجية التركي «من المهم ألا تظل قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة الأكراد، عقبة أمام وحدة سوريا». مضيفاً: «لا يبدو أن قوات سوريا الديمقراطية، لديها نية للمضي قدما في عملية الاندماج».
كما اتهم فيدان، بأن الاتصالات التي تجريها «قسد» مع «الحكومة الإسرائيلية، تعرقل تنفيذ اتفاق آذار مع الحكومة السورية».
اللافت أن تصريحات فيدان، واتهامه «قسد» بأنها العقبة في وجه تنفيذ الاتفاق مع «الحكومة»، يأتي بعد رسالة أبو قصرة لعبدي بثلاثة أيام فقط، وأن الوضع انفجر في حلب، خلال وجود الوفد التركي في دمشق، وأن من قامت بتفجير الأوضاع، هي الفصائل المسلحة التي تعمل بإمرة السلطات العسكرية التركية، رغم انضمامها لـ»الجيش السوري».
ليس سراً، أن تركيا تعيش قلقاً وهاجساً حقيقياً من الوضع السوري، بسبب التشابه الكبير للأوضاع وتشابك الملفات في البلدين، وهذا ما يجعل أي اتفاق سترسو عليه سورية، سواء في موضوع «قسد» أو في الأوضاع الداخلية، ومنها احتمال تطبيق الفيدرالية، ستتأثر بها تركيا مباشرة.
كما تنظر تركيا بعين القلق، للرعاية التي يتلقاها الشرع من الأمريكيين، ومن القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الوضع السوري، ومن احتمال التوصل إلى اتفاقات تطبيع، بين نظام الجولاني والكيان «الإسرائيلي»، وهو ما يخرج سورية بشكل شبه نهائي، من الرعاية التركية.
هذه التطورات، تزيد حالة الشعور التركي، بأنها تفقد السيطرة على الوضع في سورية شيئاً فشيئاً، وبخطط «إسرائيلية» -أمريكية مباشرة، خاصة وأن تضارب المصالح بين تركيا والكيان «الإسرائيلي» في سورية، لم يعد سراً، وتمكنت «إسرائيل» في هذا الصراع، من أن تضع حداً للتمدد وللنفوذ التركي في سورية، ومنعتها من إقامة قواعد لها في عدد من المناطق، وخاصة في تدمر في البادية السورية.
وثمة كلام لافت جداً، قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن بلاده، لن تدافع عن «قسد» إذا ما دخلت في قتال مع حكومة الجولاني، وهو ما يذكر بما قالته السفيرة الأمريكية في بغداد، أبريل غلاسبي، عندما التقت بالرئيس صدام حسين، بأن «الولايات المتحدة لن تتدخل في خلافاته الحدودية مع الكويت». وهو ما اعتبره ضوءا أخضر لغزو الكويت، وحصل بعدها ما حصل، مما أثار تساؤلات فيما إذا كانت كلمات ترامب لأردوغان، تهدف إلى توريطه في سورية ثم تصفية الحساب معه، خاصة وأن القرار في واشنطن، بالتخلص من الإسلام السياسي، يضع حكومة أردوغان الإخوانية، في دائرة الاستهداف المباشر.
أخيراً، اليوم الحلبي الطويل، انتهى بتدخلات سريعة، وبضغوط من واشنطن، أدت إلى قرار من حكومة الجولاني بوقف القتال، مع تداول أخبار عن لقاء سيعقد الخميس المقبل، لبحث تطبيق اتفاق العاشر من آذار بين الطرفين، خاصة وأن المهلة التي أعطيت لتطبيقه، تنتهي مع نهاية هذا العام.
كما لوحظ أن هذه التطورات، ترافقت مع زيارة مفاجئة، قام بها وزيرا خارجية ودفاع نظام الجولاني، أسعد الشيباني ومرهف أبو قصرة، ومسؤولون في الاستخبارات العامة، إلى العاصمة الروسية موسكو (الثلاثاء) وفور انتهاء الزيارة، التي قام بها الوفد التركي لدمشق، مع الإشارة إلى أن موسكو، تنظر بعين الريبة، إلى الدور التركي ليس في سورية فقط، وإنما في أوكرانيا أيضاً، وفي كل الملفات التي تهم الجانبين.
سورية خلال الفترة القريبة القادمة، مقبلة على تطورات هامة، تتأرجح بين التزام الجولاني وحكومته بالمطالب الأمريكية والأممية، واستمرار الرعاية له، أو الفشل في ذلك والانزلاق نحو سيناريوهات ومخاطر عديدة.










المصدر خاص / لا ميديا