تحليل بريطاني: الهجمات الجوية على الإمارات كفيلة بإنهاء الحرب في اليمن
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
عبادل بشر / لا ميديا -
أكد تحليل غربي أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يواجهان مأزقاً استراتيجياً في اليمن لا يملكان حياله حلاً حقيقياً، سوى السعي إلى إبقاء البلاد في حالة حرب دائمة، وتشديد العقوبات، وضمان معاناة هائلة للسكان المدنيين، فقط لتأجيل الصعود الحتمي لدولة يمنية تقودها صنعاء، تمتلك ترسانة عسكرية آخذة في التطور المستمر.
وأشار التحليل الذي أعده المحلل السياسي والصحفي ومخرج الأفلام الوثائقية البريطاني روبرت إنلاكيش، إلى أنه رغم التزام القوات المسلحة اليمنية بوقف هجماتها ضد "إسرائيل" انسجاماً مع هدنة غزة، تواصل "تل أبيب" التأكيد أن المواجهة مع صنعاء لم تنتهِ. وبالتوازي، يتحرك ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" (أداة الاحتلال الإماراتي في اليمن) للاستيلاء على مناطق واسعة في الجغرافيا المحتلة، ملوحاً بإعلان الانفصال، وفق الرؤية الاستراتيجية "الإسرائيلية" القائمة على تفتيت الدول ذات الثقل الجغرافي والبشري، لاسيما التي أثبتت دورها الفاعل في دعم القضية الفلسطينية، الأمر الذي يجعل تطورات الأوضاع في عدن وحضرموت والمهرة، بعيدة جداً عن كونها "صراعات داخلية بين مليشيات السعودية والإمارات".
التحليل البريطاني، المعنون بـ"العدوان الإسرائيلي الإماراتي في اليمن قد يأتي بنتائج عكسية كارثية"، لفت إلى أن الهدف "الإسرائيلي" الأساسي يتمثل في دفع الإمارات لاستخدام مليشياتها ليس فقط للتمدد في المحافظات الجنوبية المحتلة، بل وللسيطرة على ميناء الحديدة، بما يضمن الهيمنة على البحر الأحمر ويحدّ من قدرة صنعاء على فرض حصار بحري على الكيان الصهيوني.
نظام الوكلاء
ولفهم سياق المخطط المُحاك ضد اليمن، أوضح التحليل أن "الأذرع المحلية لكل من الإمارات والسعودية كانت تشغّل هيئة حكم مشتركة انطلاقاً من مدينة عدن الساحلية في الجنوب. ولسنوات، حاول التحالف الذي تقوده السعودية تثبيت الرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي في السلطة، بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل. وبناءً على ذلك، جرى توصيف هادي بوصفه الرئيس المعترف به دولياً، في حين أنه في الواقع لم يكن يمتلك أي سلطة فعلية".
وأضاف: "رغم الحقيقة الواضحة بجلاء أن حركة أنصار الله تدير حكومة في عاصمة البلاد، وتحظى بدعم شعبي واسع، فقد واصلت الأمم المتحدة مجاراة المطالب الغربية بالاعتراف بنظام الوكلاء التابع للسعودية. وفي العام 2022، أنشأت الرياض ما يُعرف بـمجلس القيادة الرئاسي، الذي مُنح صلاحيات الرئاسة ويُقدَّم بوصفه الحكومة المعترف بها دولياً".
وبحسب التحليل فإن تحركات مليشيات "الانتقالي" الأخيرة، "عمّقت الخلاف القائم بين أبوظبي والرياض، في حين يبدو أن الإمارات كانت تدرس وتُحضّر لشن حملة عسكرية ضد أنصار الله، في مرحلة ما، وذلك بالتنسيق مع الإسرائيليين".
ويرى إنلاكيش أن التطورات الأخيرة في الجغرافيا اليمنية المحتلة أثارت قلقاً لدى محللين صهاينة في واشنطن؛ إذ يرون أن أي صراع إماراتي– سعودي على الساحة اليمنية بين وكلائهما سيضرّ بالجهود المبذولة لمواجهة صنعاء. ووفق هذا المنطق، نشر "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" (WINEP) مؤخراً دراسة تحليلية دعا فيها إلى تجنب صراع من هذا النوع، وحث الطرفين على توحيد جهودهما ضد أنصار الله، مشيراً إلى أن إمكانية سيطرة صنعاء على ما تبقى من محافظة مأرب الغنية بالنفط، يُمثل "كارثة بالنسبة لأمريكا وإسرائيل".
حُلم السيطرة على الحُديدة
من الواضح، وفقاً للتحليل البريطاني، أن الهدف الأساسي لـ"الإسرائيليين" هو دفع حلفائهم الإماراتيين إلى استخدام مليشيات أبوظبي ("الانتقالي" وطارق عفاش) للسيطرة على مدينة الحديدة الساحلية، وبالتالي ضمان هيمنة الكيان الصهيوني على البحر الأحمر، إذ تكمن أهمية ذلك بالنسبة إلى "تل أبيب" في إضعاف القوات المسلحة اليمنية ومنعها من فرض حصار فعال على السفن "الإسرائيلية"؛ بل إن "إسرائيل" دفعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى شن حرب على اليمن في محاولة لكسر الحصار في البحر الأحمر؛ لكنها انتهت بفشل ذريع.
وقال: "من المهم توضيح أن حكومة أنصار الله غالباً ما تُوصَف في الإعلام الغربي بالحوثيين، في حين يُطلَق على المعارضة المدعومة من السعودية اسم الحكومة اليمنية. وقد يسبب هذا التوصيف التباساً؛ لكنه في جوهره خطاب دعائي يُستخدم لتشكيل صورة الصراع بما يعكس الانحياز الغربي، لا الواقع الموضوعي على الأرض".
واعتبر سيطرة أدوات الإمارات على غالبية المناطق في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، لا تعني مقدرتهم على "الانفصال"، إذ إنهم "لا يمتلكون قاعدة شعبية، وكثيراً ما واجهوا احتجاجات متكررة نتيجة فشلهم في توفير أبسط الخدمات للسكان. كما أن الفساد الفاضح، إلى جانب الأنشطة الإجرامية وغياب الكفاءة الإدارية، تركت السكان في أوضاع بالغة السوء. وحتى في محافظتي حضرموت والمهرة، توجد معارضة واسعة قد تفضي إلى الإطاحة بهم سريعاً".
دبي.. وكر الفتن
في خضم هذه الظروف، يرى التحليل أنه "إذا قرر الانتقالي شن هجمات ضد القوات المسلحة اليمنية في صنعاء فإن استراتيجية هزيمة القوات الوكيلة للإمارات ستكون بسيطة للغاية. فإضافة إلى إمكانية أنصار الله سحق تلك الجماعات المسلحة، يكفي توجيه ضربات بالصواريخ والطائرات المسيّرة نحو المقر الحقيقي للمجلس الانتقالي: دبي. وإذا ما غمرت الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيّرة دبي وأبو ظبي، فإن المخطط الإماراتي سينهار سريعاً".
وأضاف: "إن الحرب بين صنعاء ووكلاء أبوظبي لها حل واضح وبسيط للغاية: إغراق الإمارات بالصواريخ والطائرات المسيّرة لفترة ممتدة، ما سيجبرها على الانسحاب من اليمن. وعندها، لن يكون أمام الرياض خيار سوى التوصل إلى اتفاق أشمل مع صنعاء، بما يؤدي عملياً إلى إنهاء الحرب في اليمن بالكامل".
في نظر "إسرائيل" والولايات المتحدة، وفقاً للتحليل، يُعد هذا السيناريو كارثياً. فإذا ما سيطر "أنصار الله"، حتى في إطار صيغة تقاسم سلطة، على كامل اليمن وأصبحوا قيادته المعترف بها رسمياً، فإن ذلك سيعزز قوتهم بشكل كبير ويجعلهم تهديداً أكبر لـ"إسرائيل"، وداعماً أقوى للمقاومة الفلسطينية.
وخلص روبرت إنلاكيش إلى أنه مهما اختلفت طرق التحليل، تبقى الحقيقة واحدة: الولايات المتحدة و"إسرائيل" لا تملكان حلاً لمأزقهما في اليمن. والخيار الوحيد أمامهما هو محاولة إبقاء البلاد في حرب دائمة، وتشديد العقوبات، وضمان معاناة هائلة للسكان المدنيين، فقط لتأجيل الصعود الحتمي لدولة يمنية يقودها "أنصار الله"، تمتلك ترسانة عسكرية آخذة في التطور المستمر.










المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا