عادل بشر / لا ميديا -
بخلاف الاحتفاء الصهيوني بالفوضى الدائرة في الجغرافيا المحتلة جنوب وشرق اليمن، وتنامي علاقات الكيان مع أدوات الإمارات في تلك المحافظات، جاء الترحيب "الإسرائيلي" باهتاً بإعلان "تل أبيب" الاعتراف بما تسمى "أرض الصومال" كـ"دولة مستقلة وذات سيادة"، بل إن مراكز أبحاث ومحللين صهاينة، ذهبوا أبعد من ذلك، معتبرين مسارعة نتنياهو في إعلان هذا الاعتراف "خطأ استراتيجياً"، وفشلاً جديداً يضاف إلى سجل "الموساد"، لاسيما فيما يتعلق بمواجهة ما يصفونه بـ"التهديد الحوثي" في اليمن.
حول هذا نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية تحليلات لم تخلُ في مجملها من التأكيد أن الاعتراف بإقليم "أرض الصومال" يحمل مخاطر تفوق بكثير أي مكاسب استراتيجية قد تتحقق بـ"إسرائيل".
الصحيفة، المقربة فكرياً من المؤسسة السياسية "الإسرائيلية" التقليدية، أوضحت بدرجة رئيسية أن "الوجود الإسرائيلي في أرض الصومال لن يُغير ميزان القوى الاستراتيجي ضد الحوثيين"، مؤكدة بذلك ما سبق أن تناولته دراسات وتقديرات ومواقف صادرة عن مراكز أبحاث وصنّاع قرار في "تل أبيب" عن أن "صنعاء، التي تزداد قوتها باستمرار، أثبتت أنها عصية على الانكسار"، وأن "الحوثيين واجهوا على مدى عقد من الزمن تحالفات دولية، وتعرضت صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية لآلاف الغارات الجوية والضربات البحرية، بخلاف الحروب البرية والحصار؛ ولكن كل ذلك باء بالفشل".

إخفاق الكيان
"جيروزاليم بوست" رأت أنه "من الناحية الاستراتيجية يُعدّ الاعتراف بأرض الصومال بمثابة إخفاق لإسرائيل"، مشيرة إلى أن "الاعتقاد بأن الاعتراف سيعزز موقف إسرائيل ضد الحوثيين يُسيء فهم طبيعة التهديد". فهزيمة صنعاء، وفقاً للصحيفة ذاتها، "لن يكون عبر قاعدة جوية إسرائيلية في أرض الصومال، وإنما يحتاج إلى جيوش قوية متماسكة، وشركاء محليين وقدرات كبيرة يفتقر لها إقليم شمال الصومال".
وقالت: "إن وجود قاعدة بحرية في أرض الصومال لن يؤدي إلا إلى تقريب الغارات الجوية الإسرائيلية من اليمن". وهذا، بحسب "جيروزاليم بوست" لن يحقق النصر الذي تبحث عنه "تل أبيب"، خصوصاً وأنه "قد فشلت في ذلك جميع الحملات الجوية السابقة التي شنتها السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، والعقوبات المفروضة على صنعاء. ولهذا لن يُغير الوجود الإسرائيلي في أرض الصومال ميزان القوى الاستراتيجي ضد الحوثيين إطلاقاً". 
وأكدت أن "اعتراف إسرائيل يزيد هشاشة إقليم أرض الصومال، ولا يُسهم كثيراً في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، سواءً أكان ذلك في مواجهة الحوثيين، أو الحد من النفوذ التركي في القرن الأفريقي، أو تأمين البحر الأحمر، أو تعزيز اتفاقيات ابراهام، أو حتى تسهيل إعادة توطين الفلسطينيين من غزة؛ بل على العكس، يُهدد هذا التحرك بإضعاف أرض الصومال، بينما لا يُقدم لإسرائيل سوى فائدة استراتيجية محدودة، إن وُجدت أصلاً".

فشل "الموساد"
في التحليل ذاته، تطرقت "جيروزاليم بوست" إلى تفاخر رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، بهذا الإنجاز الذي وصفه بـ"الاستراتيجي"، والذي تحقق عبر جهاز الاستخبارات الخارجي "الموساد"، مقدماً الشكر لوزير خارجية الكيان، جدعون ساعر، وجهاز "الموساد" ورئيسه ديفيد بارنيا.
وقالت الصحيفة: "ليس من المستغرب أن يكون الموساد وراء هذه الخطوة، ما يعكس غطرسة مؤسسية، وغروراً استراتيجياً، وفهماً سطحياً لمنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر واليمن"، مضيفة: "لقد فشل الموساد في توقع تهديد الحوثيين، كما أنه يقلل من شأن التهديد المحدق في السودان".
وبحسب تقارير صهيونية فقد عمل جهاز "الموساد" لسنوات في إقليم "أرض الصومال"، وعقد اجتماعات مع مسؤولين في الإقليم عبر دولة ثالثة (الإمارات)، وكان أول اجتماع عُقد في الدولة الخليجية المطبعة مع "إسرائيل"، والمرتبطة بعلاقات قوية مع "أرض الصومال".
وخلص تحليل "جيروزاليم بوست" إلى أن "اعتراف إسرائيل بصومالي لاند لا يخدم مصالحها، ولا يُحقق أي مكاسب أمنية استراتيجية في البحر الأحمر ضد صنعاء؛ بل إنه إجمالاً، يُعرّض كلاً من صومالي لاند وإسرائيل لمخاطر جسيمة".

تعزيز العلاقة مع مرتزقة الإمارات
في السياق، نصحت تقارير صهيونية صُناع القرار في "تل أبيب"، والمؤسسة العسكرية الصهيونية، بتعزيز العلاقة المتنامية مع مرتزقة الإمارات في الجغرافيا اليمنية المحتلة، والعمل على سياسة "فصل جنوب اليمن عن شماله"، مؤكدين أن ذلك "إن تحقق سيتيح إقامة إسرائيل صغرى مطلة على باب المندب ومجاورة للحوثيين بشكل كبير".
وبحسب تلك التقارير فإن الاستثمار في الفوضى التي يشهدها عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية الواقعة تحت سيطرة ما يسمى "المجلس الانتقالي" التابع للإمارات، إلى جانب دعم مليشيات "أبوظبي" التي تتمركز في جزء من الساحل الغربي بقيادة طارق عفاش، سيُعزز التوجه "الإسرائيلي" لإضعاف صنعاء وعدم إتاحة الفرصة لها لاستغلال أي هدوء نسبي لتطوير منظومات تسليحية أكثر تطوراً، خصوصاً منها القادرة على ضرب العمق الصهيوني في فلسطين المحتلة.
وأشارت إلى أن أبوظبي تبرز كشريك محوري لـ"تل أبيب" في "مخطط تقسيم اليمن والقضاء على صنعاء"، عبر أدواتها من فصائل الارتزاق.
واستندت تقارير صهيونية في ذلك إلى البحث الذي نشره "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" بعنوان "إسرائيل في ساحة البحر الأحمر: استراتيجية بحرية محدّثة"، خلص إلى ضرورة "صياغة مفهوم استراتيجي طويل الأمد للتعامل مع البحر الأحمر وصنعاء كأكثر من مجرد ساحة أمنية"، معتبراً أن "ذلك بات ركيزة أساسية للأمن القومي الإسرائيلي".