المجيدي ضابط إيقاع الزمن
 

عبدالجبار طارش

عبدالجبار طارش / لا ميديا -

«هذه المرة أنا مودع». قالها الصديق عبدالرقيب المجيدي قبل رحيله بيوم واحد حين مررت لزيارته. لم أهتم لحظتها كيف وبأية نبرة قالها. لكني ابتسمت ورحت أذكره بعبارة متوجسة مشابهة قالها قبل عام تقريبا حين زرته أثناء وعكة صحية، لمحت ظل ابتسامة عبرت ملامح وجهه. لكنه هذه المرة طوى ابتسامته ومضى.
بين المرتين وقبلهما ظل عبدالرقيب بهجا طربا يوشِّي أيامنا بدهشة عفويته الماحية سخام الوجوم الشابث في ردهات الزمن، زمننا. مضينا بتردد ندنو منها نسمع رويدا رويدا صيحات وكركرات أطفال ليسوا سوى ما كناه، فنصدح وعبدالرقيب بالغناء. ويتهادى إيقاع الطار ليموج المشهد بالحركة.
من نحن يا عبدالرقيب؟!
لايزال الطار منكفئا ملموما على صمته ساخرا من الجريان الرتيب للزمن، الوجه الآخر غير المختلف عن السكون والصمت. الزمن الذي لم يترك له عبد الرقيب بتجربته وإحساسه أن يتكرر ويتناسل كنسخة واحدة تشبه نفسها:
كتب شعرا جميلا لا يتأتى إلا لمن تسكنه موهبة حقيقية.
صحفي قدم في صفحته «سجادة حمراء»، في صحيفة «لا»، عددا كبيرا من المنشدين والشعراء والفنانين.
أجاد عزف آلات الإيقاع ليكبح انفلات الزمن وسيلانه الخفي الرتيب ليغدو محسوسا ملونا بإيقاع منعش، يستغرق كل الموجودين. لا يكف عبدالرقيب عن خدش الرتابة، ستفاجأ بأصابعه تحرك بإيقاع متصل دوائر تغطي قوائم ماسة صغيرة أمامه، محدثا صوت صهللة بديعة...
وربما كانت عفوية عبدالرقيب وتلقائيته هي منبع كل هذا.

أترك تعليقاً

التعليقات