تزداد سخونة الأحداث الجيوسياسية التي تعصف بالمنطقة العربية والعالمية عموما، وتتعقد معادلات اللاعبين الدوليين مع تنوع خياراتهم وأوراقهم (المكشوفة) بطريقة استثنائية وغير معهودة، وذلك بالتزامن مع انتهاء فصل (الربيع العربي) وقدوم  (موسم الصيف) الذي يبدو أنه سيكون (صهيونيا-شيعياً) بامتياز، ليجعل المنطقة الشرق أوسطية برمتها على (كف عفريت)!
إسرائيل التي اكتفت بالتصفيات الجسدية لقيادات محور المقاومة، وتبنت خيار التدخلات المُتقطعة، والمباشرة، لضرب أهداف عسكرية في العمق السوري منذ انطلاق موجة الربيع العربي مطلع العام 2011، تبدو اليوم أكثر حماسة واستعداداً لشن حرب واسعة النطاق على ما بات يُعرف (بالمثلث الشيعي)، فبوارجها الحربية تتواجد في المياه اليمنية (حيث المضيق الأكثر أهمية للعالم)، وتستضيف يوميا عشرات الصحفيين والإعلاميين العالميين في إطار استكمال الخُطة الإعلامية المزامنة لانطلاق الخطة (ب) التي أفصح عنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخرا، والتي قال بأنها ستكون بديلة عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّعته بلاده مع موسكو في مدينة ميونخ الألمانية، قبل فترة وجيزة.
المتحدث باسم القوات الروسية في سوريا قال بأن قوّاته سجّلت عشرات الخروقات من جانب ما يُسمى المعارضة السورية، وهو الأمر الذي أكّده تقرير خاص بقناة (الجزيرة) القطرية التي استضافت عددا من القادة الميدانيين لتنظيم النصرة وداعش، حيث أبدوا تشاؤمهم من وقف إطلاق النار، مُعللين ذلك بأن الاتفاق الأخير (يصب في مصلحة النظام السوري والرئيس الأسد تحديدا)، في مؤشر الى أن الهدنة لن تصمد، وأن المنطقة برمتها ستنجر نحو السيناريو المُرعب، حيث من المتوقع أن المملكة السعودية ودول الخليج ستتحمل عبئه الأكبر (تسليحاً، وتجنيدا، وتمويلاً)، فقد أعلنت الرياض، قبل أيام، استكمال مناورات (رعد الشمال) التي شاركت فيها عدد من الدول العربية، والأفريقية، وأشرف عليها قادة عسكريون تنوعت جنسياتهم ما بين (أمريكيين، وإسرائيليين، وبريطانيين)، في إطار الترتيبات لشن حرب إقليمية واسعة النطاق، هدفها الأساس استئصال نظام (الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان)، ومن المحتمل أن تكون الأراضي الأردنية نقطة العبور نحو العاصمة السورية دمشق في قادم الأيام.
عادل الجُبير، وزير الخارجية السعودي، الذي أوشكت بلاده على الانتهاء من الخطة (و) في اليمن، والتي كان من التوقع أن تحسم أمورها مع نهاية شهر فبراير لهذا العام، وأن تُكلل بدخول قواته العسكرية (العاصمة اليمنية صنعاء)، تمهيدا لبدء انطلاق عاصفة الشمال في سوريا مطلع مارس الحالي، قال في آخر تصريح له إن (على الرئيس السوري أن يختار بين الخروج السياسي أو العسكري)، في إشارة الى استعداد الرياض وجاهزيتها  لتنفيذ الخطة (ب) التي أفصح عنها كيري مؤخراً، وهو ما أشار إليه في التصريحات التي جمعته مع وزير الخارجية الدنماركي في الرياض، حيث قال إن بلاده ستكون (الساعد الأيمن للإدارة الأمريكية)، وأنها (ستفي بالتزاماتها وتعهداتها، ومنها الخطة الأمريكية التالية)، حد وصفه.
الوضع الميداني لقوات التحالف في اليمن يبدو صعباً ومعقداً، فبالإضافة الى الأخطاء التي ترتكبها بحق معاونيها في الداخل كما حصل في (المخدرة) بمحافظة مأرب، قبل أسبوع تقريبا، هناك عملية استهداف ممنهجة للأسواق الشعبية ومصانع الأغذية وشركات الأدوية والمدارس الحكومية والخاصة، الأمر الذي دفع بالمنظمات الدولية لإدانة تلك الممارسات، ووصفتها (بالبشعة) و(اللاإنسانية)! كما طالبت العديد من (الهيئات) و(النقابات) العالمية بمساءلة المسؤولين العسكريين السعوديين، ووصفتهم بـ(المتعجرفين) و(الأغبياء)، وعلاوة على ذلك، فقد دعت أنظمة عالمية، وعلى رأسها (الاتحاد الأوروبي)، الى وقف بيع الأسلحة وتصديرها للرياض، وقالت بأنها (لن تكون مشاركة في قتل اليمنيين)، يأتي ذلك في الوقت الذي تتعرض مُدن المملكة الحدودية ومواقعها العسكرية لعشرات الصواريخ اليمنية، وهناك حالات نزوح جماعية للمواطنين السعوديين باتجاه العاصمة (الرياض) ومدن أخرى بعيدة عن بؤر الصراع والتوتر المحتدمة منذ أشهر، وهو الأمر الذي دفع بالمتحدث باسم قوات التحالف (عسيري) لمطالبة مجلس الأمن الدولي بالتدخل إزاء ما سماها الانتهاكات الحوثية على بلاده، ودعا الى تشكيل لجنة مختصة للنظر في الحوادث الناجمة جرّاء الحرب الشرسة التي تدور في تلك المناطق، وهو ما يؤكد أن الرياض باتت تعيش مرحلة صعبة ومعقدة، خصوصا مع دخول القوات اليمنية مئات الكيلومترات في العمق السعودي، واقترابها من مدينة (عسير) السعودية، وتساقط الجبهات الداخلية التي ارتكزت عليها في عواصفها السابقة (كالحزم) و(الأمل) و(الساحل) و.. الخ، ولاسيما في مناطق مهمة وحيوية (كمأرب) والجوف وميناء ميدي في أقصى الغرب اليمني المحاذي للمملكة من جهة الجنوب البحري!
الملف اللبناني هو الآخر يبدو شائكا وساخنا، وتزداد درجة حرارته تدريجيا بالتزامن مع ذوبان الجليد في جبال الألب وعيون السمان اللبنانية، فالسيد (حسن نصر الله) ظهر في آخر خطاب له متوعدا تل أبيب بضرب مصانع الأمونيا في حيفا في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ مخططها الرامي الى إشعال فتيل الحرب الأهلية في لبنان. وقال إن تحقق ذلك فإن إسرائيل قد أهدت القنبلة النووية لحزب الله، والتي ستقتل وتجرح مئات الآلاف من الإسرائيليين في لمح البصر. 
ويبدو أن تلك التصريحات التي قوبلت بخوف وتوجس إسرائيلي ملموس ومشاهد في القنوات الإسرائيلية والصحف الإخبارية اليومية، دفعت بالسواد الأعظم من الإسرائيليين الى إعادة قراءة المشهد جيدا، لكنه لم يمنع الساسة وصناع القرار في إسرائيل من المضي في مشروع دولة إسرائيل الكُبرى، وهو ما يؤكد أن المنطقة قادمة على سيناريوهات أكثر رُعبا في بلاد الشام والعراق وفلسطين المحتلة على وجه الخصوص! 
تكمن أهمية السعودية بالنسبة لأمريكا في أن الأولى ستكون (رأس حربة) بالنسبة للمشروع الصهيوني القادم في المنطقة، وهي تمارس دورها بشكل مُتقن ومنضبط، وتدر على الخزانة الأمريكية مليارات الدولارات نظير الأسلحة التي تقتنيها وتستخدمها لخدمة المخطط الصهيوني في المنطقة، وهو ما يعني أن الأيام القادمة ستعج بالفوضى والدمار، فمصانع الأسلحة الأمريكية تعمل على مدار الساعة خدمة للزبون السعودي (الأنيق)، خصوصا بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي إحجامه عن بيع أسلحته لمن سماهم القتلة و(العدوانيين)، على أن التحولات السياسية الأمريكية التي سُرعان ما يقابلها استجابة سعودية عمياء، ستقحم المملكة في المزيد من الصراعات اللانهائية، وذلك بعكس الموقف التركي المتخبط الذي يبحث عن ثغرة يستطيع من خلالها الولوج الى زمن السلطنة والولاية العثمانية وإعادة التاريخ العالمي الى الوراء مائة عام تقريبا، وهو الزمن الذي تخشاه المملكة كونها لم تجد لنفسها طريقا للوجود إلا بعد اندثار تلك الحقبة التاريخية من الزمن.
من الخطأ تصنيف الحرب المحتدمة حالياً في المنطقة على أنها حرب (سنية - شيعية)، بدليل تعدد اللاعبين الدوليين في هذا المضمار، ولكن بإمكاننا القول بأنها ستكون حرباً (صهيونية بغطاء سني ( شيعية بغطاء شيعي)، فالدلائل والوقائع تؤكد أن هناك مشروعين يتصارعان حالياً بجدّية، الأول: مشروع صهيوني بحت تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض الدول الأوروبية والعالمية، أدواته: بعض الأنظمة السنية الصغيرة والجماعات الراديكالية المتطرفة التي بعثرها المشروع ذاته على مختلف أقطار العالم طوال الفترة الماضية، والثاني: مشروع إسلامي شيعي مقاوم يهدف لمنع استقرار المشروع السابق، ويناهضه بقوة وعنفوان، أدواته: الشعوب الحُرّة الثائرة والباحثة عن الخير والكرامة والقيم الإنسانية الجميلة.