جبهات القتال مواقع تواصلهم الاجتماعي، التي يكتبون فيها بأزندة أسلحتهم المنشورات للعدو الذي لا يجد بينها حرفاً واحداً يمكنه استغلاله لخدمة عدوانه، وما يحصل عليه فقط مشاهد لانتزاع أرواح جنوده ومرتزقته، وسقوط معسكراته داخل أراضيه، إضافة الى احتراق مدرعاتهم ومجنزراتهم الحديثة. 
وبما أن مواجهة العدوان الأمريكي السعودي هي من ترجح لها كفة ميزان الوطنية، فإن منشورات أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهات القتال، سواء النارية أو الباليستية، لا تحمل في طياتها مطالبة حكومة الإنقاذ الوطني بتسليم مرتباتهم، وتحميلها مسؤولية ذلك، لأنهم يعرفون المسؤول الحقيقي حق المعرفة، كما أنهم لم يطالبوا حتى بالبديل الذي وضعته الحكومة كمعالجة للمشكلة، والمتمثل في البطائق التموينية، مع أنه يجب أن تكون لهم الأولوية في الحصول عليها، وليس المفسبكين الذين يخدمون العدو بشكل واضح في منشوراتهم.
المجاهدون خارج الحساب 
بعد أن صعّد تحالف العدوان الأمريكي السعودي في حربه الاقتصادية، وقرر نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن الواقعة تحت وطأة احتلاله ومرتزقته، وقبلها قطع كافة الإيرادات عن الوصول إلى العاصمة، ظهرت أزمة انقطاع المرتبات عن جميع موظفي الدولة، والتي أراد العدوان من خلالها الضغط على القوى الوطنية عبر إثارة الشارع ضدها ليحملها مسؤولية انقطاع لقمة عيشه.
لم تنجح خطة العدوان الهادفة زعزعة الوضع في صنعاء وغيرها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة القوى الوطنية، طوال أشهر, لأنه عجز عن دفع مرتبات الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرته. غير أن هذا الوضع لم يستمر، حيث بدأ عملاء العدوان المتخفون تحت قناع الوطنية بالحديث عن مشكلة المرتبات في منشوراتهم على (فيسبوك), بل وفي بعض البرامج المحلية التي تبثها قنوات محسوبة على أطراف وطنية، ومن ثم تحميل القوى الوطنية مسؤولية انقطاعها حتى وصل الأمر عند البعض إلى اتهام أنصار الله بالوقوف وراء المشكلة رغم معرفتهم أن تحالف العدوان هو من تسبب فيها. 
ومع تصعيدهم في ذلك لتحقيق غاية العدوان في إثارة الشعب ضد الأطراف الوطنية كما ظهر في وسائل إعلامه, توصلت حكومة الإنقاذ الوطني إلى حل جزئي للمشكلة تمثل في بطائق سلعية بنصف الراتب تصرف لموظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري, يتمكنون عن طريقها من توفير متطلبات أسرهم الضرورية من عدة مراكز تجارية.
إلا أن خدمة العدوان ظلت هي المسيطرة على نفوس بعض أولئك المفسبكين الذين استمروا في تأليب المواطنين ضد أنصار الله بتهمة نهب الرواتب، في منشوراتهم ضد الجماعة, مع أن هؤلاء المرجفين حصلوا على البطاقة السلعية، ويستلمون نصف راتب في بعض الأشهر, في الوقت الذي يرابط فيه المقاتلون ضد العدوان في جبهات الشرف والعزة دون مرتبات وبطائق سلعية تخفف ولو القليل من معاناة أسرهم, ولأنهم صامتون عن الثرثرة والفسبكة لم تتحرك الجهات المعنية وتبذل جهداً لمساواتهم مع بقية الموظفين.
فقد استفاد من البطاقة 230 ألف موظف حكومي في السلك المدني، وحوالي 90 ألفاً من منتسبي أجهزة الأمن، بحسب تصريحات وكيل التجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة الأستاذ منذر الشرجبي, الذي قال لصحيفة (لا) إن جميع مؤسسات وجهات الدولة قدمت طلباتها للحصول على البطاقة السلعية تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء برقم 18 و31 لسنة 2017، عدا وزارة الدفاع, ما يعني أن المقاتلين من الجيش في الجبهات لم تحصل أسرهم على هذه البطائق لتخفيف معاناتها، ولا نصف راتب أسوة بالمفسبكين القاعدين في بيوتهم.

بلا رواتب ولا بطائق تموينية
إن الهزائم التي تلقاها العدوان ومرتزقته منذ بدء عدوانهم، ويتلقونها حتى اليوم, لم تكن على أيدي المفسبكين المطالبين بالرواتب والمتنعمين بالبطائق التموينية, بل ألحقها بهم رجال الجيش واللجان الشعبية الصامتون عن المطالبة برواتبهم وبطائقهم السلعية، كي لا تميل شوكة بوصلة وطنيتهم عن مقاتلة العدو، فينشغلون بسفاسف الأمور، ويتركون قضيتهم ومظلوميتهم.
وطالما تحدثت معلومات عن أن المرابطين في الجبهات من أبطال الجيش لم يتسلموا سوى نصف راتب فقط ولمرة يتيمة، ولم يحصلوا إطلاقاً على بطائق سلعية, وتزداد الأمور تعقيداً عندما يتعلق الأمر بأفراد اللجان الشعبية, فغالبيتهم لم يتم ترقيمهم عسكرياً وضمهم لوزارة الدفاع, والبعض صرفت لهم بطائق تعريفية مؤقتة إلى أجل غير مسمى تحمل أرقاماً عسكرية, لم يحصلوا من خلالها حتى على نصف الراتب الذي تم صرفه لمنتسبي الجيش الذين يقاتلون إلى جانبهم منذ أكثر من 9 أشهر.
إن الانضمام إلى المؤسسة العسكرية هو من حق كل من يقاتلون دفاعاً عن الوطن، وقدموا تضحيات كبيرة في سبيل ذلك, كأفراد اللجان الشعبية الذين توجهوا إلى مختلف جبهات قتال الغزاة والمرتزقة بدون مقابل، دفعهم إلى ذلك إيمانهم الصلب بعدالة قضيتهم ومظلومية الشعب الذي يتعرض لعدوان همجي وغاشم من أعتى دول العالم ظلماً واستكباراً, لكن رغم كل ذلك، وبعد عامين ونصف من مواجهة جحافل الأعداء، لم يتم ضمهم إلى صفوف الجيش بسبب إهمال ومماطلة الجهات المعنية. أبو علي النجار (22 عاماً) مجاهد من أفراد اللجان الشعبية شارك في جبهتي الجوف ونهم، يقول لأسبوعية (لا): نحن لم نذهب للقتال من أجل الحصول على راتب أو بطاقة نتبضع بها من أسواق العاصمة, وإنما من أجل الدفاع عن اليمن وتحطيم مشروع إعادة الوصاية عليه.
وأضاف النجار أنهم لا يستلمون مرتبات كما يعتقد البعض، وما يحصلون عليه في الجبهات هو الأكل والشرب وبعض الملابس بالقدر المعقول، إضافة الى القات هم وأفراد الجيش, ويزيد عنهم أفراد الجيش بنصف الراتب الذي استلموه مرة أو مرتين، حسب قوله, بينما لا يستلمون نقوداً إلا في حال ذهبوا لقضاء إجازة مع أسرهم بعد أشهر من القتال، ومبالغها لا تتجاوز الـ20 ألف ريال.
وبالنسبة للأرقام العسكرية يؤكد المجاهد النجار أن بعض أفراد اللجان الشعبية استلموا بطائق تعريفية مؤقتة تحمل أرقاماً عسكرية كي يتمكنوا من عبور النقاط بأسلحتهم, مشيراً إلى أنه  عندما أخذوا بياناتهم أخبروهم أن العمل يجري لضمهم لصفوف الجيش.
وتحدثت مصادر خاصة للصحيفة أن الذين تم ضمهم للسلك العسكري من أفراد اللجان الشعبية رسمياً كانوا من المجاهدين في السواحل الغربية وعدداً من أبناء محافظة الحديدة، ويبلغ عددهم جميعا قرابة900  فرد التحقوا بالقوات البحرية, ولكنهم لا يستلمون مرتبات، ولم يحصلوا على بطائق سلعية مثلهم مثل بقية أفراد الجيش, ونفس الأمر ينطبق على اللجان الشعبية من حيث عدم ضمهم لصفوف الجهاز الأمني.
وتتمثل الكارثة في حال استمرت مماطلة وزارتي الدفاع والداخلية، وتأخرهما في ترقيم أفراد اللجان الشعبية سواء المقاتلين في الجبهات أو الأمنيين, في أنه لو انتهى الحصار وعادت إيرادات الوطن إلى أبنائه، فإن أبرز من قدموا التضحيات للبلد لن يكون لهم مكان في صفوف الجيش والأمن, وفي حال استمر العدوان والحصار، وقررت ذات الوزارتين خدمة منتسبيهما بصرف بطائق سلعية، فإنهم لن يحصلوا عليها. وأكد الأستاذ منذر الشرجبي، وكيل وزارة التجارة، أنه يجب على وزارتي الدفاع والداخلية رفع أسماء أفراد اللجان مع كشوفات منتسبيهما, لأن البطاقة لا يحصل عليها سوى الموظفين في كشوفات الدولة الرسمية.

وزارة الدفاع.. متهمة
لم تبقَ مؤسسة حكومية إلا واستجابت للقرار الوزاري بالتعامل بنظام البطاقة السلعية، عدا وزارة الدفاع, التي أفادت المعلومات بأنها تتقاعس عمداً عن الاستجابة لمذكرات وزارة الصناعة والتجارة بهذا الخصوص, وأكد الوكيل الشرجبي للصحيفة أن الوزارة بعثت أكثر من مذكرة لوزارة الدفاع تطالبها برفع كشوفات منتسبيها للاستفادة من نظام البطاقة، ولكن دون جدوى.
وبحسب كلام الوكيل فإنهم قاموا بإرسال مذكرة لديوان الدفاع في مارس الماضي، ولكن لم يجدوا تجاوباً من قيادة الوزارة, وفي نهاية الأسبوع الماضي بعثوا مذكرة أخرى بنفس الطلب، إلا أنها هذه المرة حملت الوزارة مسؤولية التقاعس في خدمة موظفيها. منوهاً إلى أن الوزارة تبرر تكاسلها بعدم وجود تجار يتعاقدون معها بسبب كثرة عدد المستفيدين فيها، ما دفع وزارة التجارة إلى التحرك لإيجاد حل, ونجحت في ذلك، حيث تواصلت مع تاجرين استعدا لتلبية متطلبات منتسبي الدفاع إلى حدود400  ألف، وهذا رقم كبير جداً.
وأشار الشرجبي في حديثه الى أن نظام البطاقة التموينية حقق نجاحاً باهراً في تخفيف الأزمة على الناس, ما جعله يتمدد إلى محافظات أخرى، ويجري حالياً التجهيز لتطبيقه في تعز رغم المشاكل الكبيرة الدائرة فيها، وقريباً سيستفيد19  ألف موظف داخل المحافظة، خصوصاً وأنه تم تجهيز التجار الذين سيلبون الاحتياجات الخاصة بالمستفيدين.
وأخيراً، يتوجب على المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الإسراع في معالجة مشاكل الجيش واللجان الشعبية، وتحسين وضعهم، كونهم أكثر من يستحقون تحسين وضعهم من بين بقية موظفي الدولة، والذين تبين أن معظمهم ينتمي لذلك المبلغ الساقط من المال الذي يحدد هويتهم، وإلا لما وجهوا أصابع الاتهام لطرف وطني بالتسبب بأزمة الرواتب والتلاعب بوعي المواطنين عبر منشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت, فالجيش واللجان في الخط الأول المدافع عن الوطن في ظروف عرف العالم أجمع أنها الأصعب في تاريخ الحروب، ورغم ذلك يحققون الانتصارات التي توجه صفعات قوية لتحالف العدوان الأمريكي السعودي.
وصمتهم عن المطالبة بحقهم لا يعني أنهم لا يستحقون ذلك الحق، فصمتهم كان من أجل الدفاع عن الوطن, فالراتب ليس المعيار المحدد لوطنيتهم، علاوة على معرفتهم أن من تسبب في قطعه هو العدوان وحصاره وحربه الاقتصادية, لأنهم على الأقل ضحوا بكل ما لديهم خارج صفحات (فيسبوك)، من أجل انتصار اليمن.