يعمد سيد الثورة بوضوح وبلاغة إلى كسر أكبال اللبس والغبش والغموض عن الإسلام المحمدي، والتي حالت دون انبعاثة الرسالة السماوية الخاتمة كمشروع حضاري بأبعاد إنسانية واسعة، وتجييره ـ على النقيض ـ ليغدو ـ حد تعبير السيد القائد ـ مطية للطغاة وكهنوتاً لسلطة مطلقة تقود الناس كيفما اتفق، ولها عليهم (الطاعة المطلقة) باعتبار هذه الطاعة في تدليس وعاظ السلاطين، معتقداً يثيب الله الملتزمين به ويعاقب غير الملتزمين.
عبر المؤرخون وكتاب السير على مجريات (غدير خم) عبوراً متعجلاً بقصد واقتضاب، رغم مركزيتها في مسار الدعوة المحمدية التي توَّجها نبي الرحمة والخلاص بنص حديث الولاية المتفق عليه لدى طيف المذاهب والتيارات الإسلامية.
يناقش سيد الثورة ـ في هذا السياق ـ أسباب ودوافع العبور المتعجل على (حديث الولاية والبلاغ)، بمنطق ينبني على إشراك المتلقي في طرح الأسئلة واستخلاص الإجابات القائمة على معطيات منظورة لا لبس فيها، وهو منطق مفارق لبناء الخطاب الوعظي الذي يرشق المتلقي بالمُسَلَّمات واليقينيات الجاهزة ـ تبعاً لفهم وميول الواعظ ـ ثم يقسره على الإيمان بها جملة وتفصيلاً وإن لم يَستسغ صوابها المزعوم.
الولاية في خطاب سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، هي بالضد للظلامية والكهنوت، ورحلة مستبصرة واعية من ظلام الأفكار والمعتقدات الباطلة المرتجلة بناءً على الأهواء، إلى نور المشروع الحضاري الناهض على روافع وضوح وسلامة مدخلاته الفكرية والعقائدية وسطوع المغزى والدور والوسائط، حيث الإنسان هو مجلى هذا الاستبصار والفاعل فيه بمنأى عن التبعية العمياء وكساح وإغراء المعرفة الباطلة.
إن الولاية ليست استدعاءً لسلوك يحدث في ما وراء الطبيعة وخارج المألوف البشري، فهي قائمة على مستوى المجتمعات الدينية واللادينية على السواء، في صورة الرموز الذين ينحو البشر إلى تقديسهم واقتفاء آثارهم وأفكارهم والاقتداء بهم، حفاظاً على استمرارية الجماعة أو الدولة أو الحزب أو مسار فكري بعينه.
لماذا النفور والتغاضي والاستهجان الذي يبديه البعض ـ إذن ـ إزاء ولاية الإمام علي عليه السلام؟!
يجيب سيد الثورة بذات المنطق التفاعلي غير الوعظي ولا المتزمت، على ذلك، في سياق هذا العرض لمضامين كلمته في ذكرى (يوم الولاية والبلاغ).
أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أن الوحدة الداخلية وتماسكها في هذا الوقت بالذات مهدد، وتوجد مساعٍ من العدوان لضرب هذه الوحدة. مبشراً بكلمة له سيلقيها قريباً يتناول فيها القضايا الداخلية وبعض القضايا في المنطقة.
جاء ذلك في ختام كلمته التي ألقاها أمس السبت، بمناسبة إحياء ذكرى يوم الولاية للإمام علي عليه السلام، أو ما يسمى (يوم الغدير)، والتي قال فيها: (اعتاد أبناء الشعب اليمني الاحتفال بهذه المناسبة عبر الأجيال، وجعلوا منها مناسبة فرح يتوجهون بها الى الله بالشكر، معلنين ولاءهم للإمام علي).
وأضاف السيد عبدالملك أن (احتفال شعبنا بهذه المناسبة وتناقله لها من جيل إلى جيل، رغم محاولات التكفيريين إلغاءها بالتشويه والشائعات الملفقة عليها, يدل على مدى محافظته على تقاليده وأصالته الإيمانية والتزامه بالمبادئ التي يحملها). مشيراً إلى أن المناسبة ليست دخيلة على الشعب اليمني.
ووضح السيد القائد أن أهمية هذا اليوم تكمن في كونه عملية توثيقية لذلك البلاغ المهم الذي بلغه الرسول في حجة الوداع، استجابة لأوامر الله بإعلان الولاية للإمام علي كرم الله وجهه, حتى يبقى هذا وينتقل من جيل إلى جيل.
وبيّن السيد أن الولاية للإمام علي تعني الاقتداء والاهتداء به والاستفادة من جميع مراحل حياته. وأردف قائلاً: (إن ما يحدث في الساحة الإسلامية من أمور مؤلمة نرى فيها عمليات إبادة للمسلمين كما يحدث في بورما ويحدث في بلدنا، هو بسبب الابتعاد عن الولاية التي جاءت في القرآن).
واستدل قائد الثورة بغياب دور الأنظمة التي تقدم نفسها على أنها مؤتمنة على المسلمين، في منع الظلم الواقع عليهم، كالنظام السعودي والنظام الإماراتي اللذين لم يقدما شيئاً لإيقاف عمليات الإبادة التي يشنها النظام على مسلمي بورما، وذلك بتشجيع أمريكي وتسليح إسرائيلي، حيث إن النظام الأمريكي رفض حتى إلقاء اللوم على النظام المجرم هناك.
 وفي سياق متصل، أحيا أبناء محافظة صعدة، الجمعة الماضية، مهرجانات متعددة احتفالاً بذكرى يوم ولاية الإمام علي عليه السلام, والتي أكد المحتفلون على تمسكهم بها كونها صمام أمان هذه الأمة والطريقة الوحيدة للتصدي لولاية الأمر اليهودية التي فرضت على الشعوب الإسلامية وغيرها.