هي المرة الأولى التي يستعرض فيها المقاتلون "الإيغور"، القادمون من الصين، حضورهم العسكري في سوريا.
فقد دأب "الحزب الإسلامي التركستاني في بلاد الشام" على الإبتعاد عن الظهور الإعلامي قدر الممكن في السنوات الماضية، والعيش في مجتمعات منعزلة عن بقية الفصائل. والمفاجئ أنه قرر في هذا التوقيت توجيه تهديد مباشرٍ للصين، في موقف يطرح علامات استفهام كبرى حول أسباب هذه الرسالة في وقت تشهد فيه الجماعات المسلحة انكسارات متتالية، وتتقدم فيه مسارات التسوية بدفع روسي إيراني تدعمه بكين.

ونشر الحزب تسجيلاً مصوراً ليل الثلاثاء يُظهر عشرات الآليات العسكرية ودبابات من طراز "تي 62" وعدداً من الرشاشات والمدافع الثقيلة في عرض عسكري عند طريق حلب – اللاذقية الجديد الذي يسيطر عليه المسلحون.

ووجه أمير الحزب المعروف باسم "الشيخ عبد الحق" تهديداً مباشراً للحكومة الصينية واصفاً ما تقوم به بحق أقلية "الإيغور" المسلمة في إقليم "شينغ يانغ" غرب الصين بالـ"إرهاب". ودعا "عبد الحق" إلى "الجهاد" ضد الحكومة الصينية، في موقف يعزز الإعتقاد بأن المرحلة الحالية هي مرحلة تصفية الحسابات، وإعادة ترتيب الساحة السورية وتوجيه المقاتلين الأجانب بما يخدم مصالح القوى الدولية.

وبرز اسم "الحزب الإسلامي التركستاني" بقربه العقائدي من "جبهة النصرة"، وشارك في معارك كبيرة في "جسر الشغور" ومطار "أبو الظهور" العسكري.

وتشير التقديرات إلى أن عدد مقاتلي الحزب في سوريا يناهز الـ3 آلاف قدموا مع عائلاتهم من الصين وأوزباكستان وطاجيكستان وتركمانستان، ويقيمون في ريف إدلب الغربي، وريف اللاذقية الشمالي.

وعلى خلاف بقية الفصائل، لم يشهد هذا التنظيم تحولات كبيرة، ما خلا مبايعة فصيل "التوحيد والجهاد" التابع له "جبهة النصرة" نهاية أيلول/ سبتمبر من العام 2015، علماً أن هذا الفصيل كان يضم مقاتلين طاجيك وأوزبك فقط.

ومع أول ظهور إعلامي له اليوم، يبدو أن هناك من يريد استخدام ورقة المقاتلين التركستان في ساحات جديدة جنوب آسيا، وهو ما ألمحت إليه تحليلات عديدة أخيراً.

وخلال الشهرين الماضيين، شهدت سياسة "الحزب الإسلامي التركستاني" تحولاً في تعامله مع المحيط والبيئة السورية، حيث خرج المقاتلون من عزلتهم وبدأوا بتنفيذ عمليات نهب واسعة، وتدمير لمرافق حيوية والإستيلاء على أموال عامة، والتنقيب عن كنوز و آثار، في خطوات تؤشر إلى أنهم يستعدون لجمع أكبر قدر ممكن من المكاسب قبل مغادرة الأماكن التي يقطنون بها.

وقد تمّ تسجيل عمليات إنتقال بالفعل لعشرات من عائلات المقاتلين الإيغور إلى مناطق حدودية مع تركيا، وجرابلس خاصة، في حين يتداول المسلحون منذ فترة أنباء عن بدء "الحزب التركستاني" بتسجيل أسماء المقاتلين الراغبين بمغادرة سوريا إلى ساحات "جهاد" أخرى.

ويؤكد توجه عائلات "الإيغور" إلى الحدود مع تركيا والمناطق السورية الخاضعة لسيطرة أنقرة حُسن علاقة "الحزب الإسلامي التركستاني" مع الجيش التركي وإستخباراته، بعد أن شكلت الأراضي التركية المعبر الرئيسي لتوافد ألاف المقاتلين إلى سوريا منذ العام 2012.

ويعود تأسيس الحزب إلى العام 1997 في الصين بهدف العمل على استقلال إقليم "شينغ يانغ"، قبل أن ينتقل المقاتلون إلى أفغانستان حيث تحالفوا مع تنظيم "القاعدة"، لتصبح سوريا قبلتهم الجديدة مع بداية الحرب فيها