غازي المفلحي/ لا ميديا

تبقى أغلب وزارات حكومة الإنقاذ غير مرئية أمام ما اجترحته قوات الجيش واللجان الشعبية من إنجازات تتحدى ظروف العدوان الشامل على اليمن، ففي حين تعثر أداء أغلب الوزارات باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية، بسبب الظرف الصعب الذي خلقه العدوان، وتعسر عليها حتى السيطرة على أسعار السوق، قهرت قوات الجيش واللجان ذلك الواقع وأنتجت أقسامها المختلفة طائرات زارت دبي وأبوظبي مُغيرة في عدة مناسبات، وصنعت عقولها وأيديها صواريخ متطورة لم يشتهر العرب من قبل بصناعتها، كما جعلت وزارة الداخلية نصف جغرافيا اليمن الحر مثالاً فخوراً للأمن، بينما تعيش أغلب بقية الوزارات حالة شلل في أداء مهامها فكيف بالدفاع عن الوطن بجهاد إداري ومؤسسي ووظيفي مسؤول.

فريق يجترح المعجزات وآخر يبقى مع الخوالف
حكومة الإنقاذ والوحدات العسكرية والأمنية للجيش واللجان يقفان على طرفي نقيض، ففي مقابل إخفاقات وتعثرات حكومة الإنقاذ، هناك نجاحات وإنجازات نوعية للقوة الصاروخية ووحدات التصنيع والهندسة العسكرية والأجهزة الأمنية.
تناقض وتباين في الشعور بالمسؤولية التاريخية والوطنية داخل أعضاء الفريق الواحد انعكس على مردودهم العملي، نجاحاً مبهراً في رصيد جهة وفشلاً ذريعاً للأخرى. وبالتأكيد لم يقل أحد إن تلك الوزارات تقف أمام مشاكل سهلة، فقد رمى العدوان البلد برمته في أزمات تعجيزية، إلا أن المطلوب من تلك الوزارات أن تحذو حذو الوحدات العسكرية والأمنية في استشعار اللحظة الزمنية الاستثنائية التي تستلزم مستوى استثنائياً من العمل، سمته النزاهة والتفاني والعمل الدؤوب والمخلص والمبتكر والمرن لإدارة المهام الملقاة على عاتقها، وتعد للعدوان ما استطاعت من برامج وخطط واستراتيجيات من منطلق الحس الحقيقي بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية والتاريخية والدينية، وتحارب العدوان من موقعها وبما توفر لها من سلاح إداري ومؤسسي واستراتيجي وخدمي، لتشد أزر الشعب وتجعل أطماع المعتدين والفاسدين هي السفلى.. ونستعرض هنا أبرز إخفاقات وتعثرات (الإنقاذ) مقابل نجاحات وإنجازات الوحدات العسكرية والأمنية للجيش واللجان.

يد تكتب التاريخ ويد مغلولة
فبينما تمكنت القوة الصاروخية في قوات الجيش واللجان من تطوير وإنتاج صواريخ بالستية استراتيجية وتكتيكية ومؤخراً ذكية من نوع (بركان h1) و(بركان h2) و(قاهر1) و(قاهر 2m) و(زلزال 1-2-3) و(الصرخة) و(النجم الثاقب) وصواريخ (مندب) البحرية وصواريخ (بدر1) و(بدر p-1) الذكي، وكلها صواريخ نوعية من شأنها إحداث تغييرات في موازين المعركة وتصنف من أهم الأسلحة في ترسانة الجيوش، وتفردت اليمن بتصنيعها من بين جميع الدول العربية، عجزت بقية وزارات حكومة الإنقاذ الإيرادية في جمع وإدارة الموارد التي تصل إليها في مصب واحد هو البنك المركزي في صنعاء، لتبقى الموارد الشحيحة أصلاً متفرقة ومصروفة في مئات الاتجاهات والمصارف غير ذات الأولوية في كثير من الأحيان.

تناغم عسكري وإختلال حكومي
إنجاز الطائرات المسيرة النوعي بفئاتها المهاجمة والراصدة والاستطلاعية (قاصف1، راصد، هدهد1، رقيب، صماد1، وصماد2)، التي استطاعت كسر الحظر الجوي وقصفت مطاري دبي وأبوظبي ومطارات المملكة، قابلتها وزارات الإنقاذ بفشل في تأدية عمل وزاري موحد ومنسق ضمن خطة شاملة، وظلت في حالة جمود واتكالية بدلاً من إعداد الخطط والرؤى لعمل وزاري جماعي ناجح، ولم تتبنَّ حتى خططاً تم اقتراحها كاقتصاد الحرب أو النقاط الـ12.
وخلال فترة مبكرة من عمر الصمود أنتج قسم الهندسة أسلحة الهجمات البرية من قناصات يمنية احترافية (سرمد، صارم، قاصم، حاسم، خاطف، أشتر، ذو الفقار 1-2) وطور أسلحة المدفعية والقواذف كمدفعية (رجوم)، بينما فشلت حكومة الإنقاذ في إطلاق خدمة (الريال الالكترني)، الخدمة التي أعلن أنه سيتم تدشينها في 26 مارس الماضي كفترة تجريبية ثم تطلق بشكل رسمي، وستحل جزءاً كبيراً من أزمة السيولة والرواتب وانهيار قيمة الريال، ولكنها لم تطلق حتى الآن، وقبلها توقفت وفشلت خدمة البطاقة التموينية التي لم تستمر غير بضعة أشهر.
التناغم والتكتيك الاحترافي في الهجمات المنسقة الدقيقة والناجحة بين الطيران المسير والقوة الصاروخية، يناظره عجز حكومي في ضبط أسعار السلع في السوق ومنع التلاعب بقوت الناس الضروري من قبل التجار، كما فشلت الحكومة في إيقاف مضاربة الصرافين بالعملة صعوداً ونزولاً، وهي العملية التي يمارسها الصرافون دون رقيب وتؤدي دائماً لانخفاض قيمة الريال وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، بالإضافة إلى فشلها الواضح في مكافحة الفساد المالي والإداري وضبطه ومحاسبته. 

ثبات في الجبهات وإنفلات في الوزارات 
وبينما عمل رجال الجيش واللجان بتضحياتهم الكبيرة على إنجاح خطة الصمود الجبار في خطوط الانسحاب الاستراتيجي الدفاعي التي اتخذت عام 2015، وتم الحفاظ على حرية وسيادة العمق اليمني الاستراتيجي من وسطه وحتى تخوم خطوط الاشتباك مع قوات الاحتلال في المناطق المحتلة في الجنوب وقليل من الشمال والوسط، هناك انفلات إداري ومؤسسي واتكالية في عمل وزارت الإنقاذ المهمة، وكأنما تم أخذ العدوان كفترة إجازة مفتوحة من العمل، فضلاً عن كفاح وجهاد إداري ينتهجه الوزير قبل الموظف يكتمل به الصمود.

خانة مليئة بالنقاط وأخرى صفرية
أمام الانتصار في معارك لا تعد ولا تحصى آخرها وأشرسها في الساحل الغربي والإنجازات الأمنية لأجهزة الأمن بإفشال 32 عملية إرهابية وتفكيك 1345 عبوة ناسفة والقبض على عشرات الخلايا الإرهابية والاستخباراتية التابعة للعدوان خلال أكثر من ثلاثة أعوام، بالإضافة لانتصارات الحدود العريضة وإنتاج وحدة الهندسة ألغاماً نوعية مزقت نصف مدرعات الحلف الغازي، فشلت (الإنقاذ) في توفير لقمة تسد رمق المواطنين الذين أكلوا أوراق الأشجار ومات بعضهم جوعاً في كثير من المحافظات كالحديدة وحجة وقصة أهل منطقتي (أسلم) و(الدمينة) الذين يأكلون أوراق الأشجار بين ظهراني حكومة الإنقاذ ومسؤوليها وكل من يهمه الأمر الذين يبددون الأموال بذريعة أنها غير كافية ليستقيم عود الدولة والاقتصاد! ولكن بالتأكيد فإن تلك الأموال تعتبر طائلة لو وجهت نحو البطون الجائعة، فلم يطلب من حكومة الإنقاذ بناء السكك الحديدية والجامعات والمعسكرات، مطلوب منها فقط أن تنقذ الشعب الذي يقتله العدوان جوعاً وتتسول به المنظمات لتبني ثروات أصحابها، وهذا ما باستطاعتها فعله ولكنه لم يحدث. ولقد فشلت مع المطلب الحلم الذي يتمناه اليمنيون، وهو حتى نصف راتب شهري يتم صرفه بدلاً من صرف الأموال في أمور غير ذات أولوية أو في جيوب الفاسدين.
وأمام تناقض الأداء والإحساس بالمسؤولية بين أفراد فريق واحد تمتلئ خانة أحدهم بالنقاط، بينما بقيت خانة الآخر صفرية ومخجلة، يتساءل المواطنون: لماذا وأين الخلل؟! وهل ستتم معالجته؟