بشرى الغيلي/ لا ميديا-

يستميتُ إعلام التحالف في حجبِ الحقائق المتعلقة بعدوانه على اليمن بشتى الوسائل، حتى لا يعرف المتابع عالمياً ما يحدث من جرائم ومجازر وحشية تجاوزت كل قوانين وأخلاقياتِ الحرب. في المقابل تنهض وسائل الإعلام الوطنية بدور رسالي لتجلية الحقائق للمشاهد العالمي. ولتسليط الضوء على دور وسائل الإعلام الوطنية في هذا الصعيد نظم اتحاد الإعلاميين  اليمنيين الخميس الفائت ندوة تناولت تجربةِ المرئي والمسموع في المواجهة (الأدوار والتحديات) حاضر فيها أحمد الحبيشي وسعاد الويسي وأحمد المختفي.

تجربة الإعلام المسموع
تخللت الندوة 3 أوراق عمل، قدمت الورقة الأولى الإعلامية سعاد شرف الويسي (معدّة ومقدمة برامج في إذاعةِ صنعاء)، والتي عنونتها بــ»تقييم تجربة الإعلام الوطني المسموع في مواجهةِ العدوان»، قيّمت من خلالها دور الإذاعات المحلية الرسمية والخاصة، وكان بحثها متقصياً وضافياً يؤرخ للمرحلةِ الهامة التي يمر بها الوطن، وعرضت من خلال ورقتها برامج إذاعة «وطن» كنموذجٍ أعطى المساحة الأكبر للبرامج المواكبة لما يتعرّض له اليمن من عدوانٍ غاشم منذُ تأسيسها، كما استعرضت دور 24 إذاعة ما بين رسمية وخاصة، إلى جانبِ الإذاعةِ الأم (إذاعة صنعاء)، حيث وجدت أن 11 إذاعة فقط تفاعلت بشكل أكبر، والبعض الآخر لم يكن دورها بالمستوى المأمول، لأن كل إذاعة كانت تسير بحسب الأهداف والخطط المعدّة لذلك من قبل مالكيها وإدارتها، حتى جاء يوم 26 مارس 2015م، بداية العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، حيث تغيرت الخارطة البرامجية للكثير من تلك الإذاعات، لتستطيع مواكبة أخبار العدوان وأخبار الانتصارات والإنجازات.
وختمت الويسي ورقتها بعدّة توصيات، أهمها: تشكيل غرفة عمليات إعلامية تسهم في تنظيم وتوحيد الخطاب الإعلامي بشكل عام، وتحديد الموجهات الإعلامية، والعمل على توفير الحد الأدنى من النفقاتِ التشغيلية بالنسبةِ للإذاعاتِ الحكومية، وضبط الإذاعات التي تغرد خارج سرب مواجهة العدوان وتبث من العاصمةِ صنعاء، وإنشاء اتحاد للإذاعات الوطنية المواجهة للعدو.

صوت الشعب
ورقة العمل الثانية التي تم عرضها كانت للإعلامي أحمد المختفي (مدير عام إذاعة صوت الشعب)، تناول فيها دور الإذاعة في مواجهة العدوان، حيث قال: صوت الشعب لها تجربة فريدة في مواجهةِ العدوان، كونها أنشئت أساساً لمواجهته، وكانت المهمة الأولى كشف العدوان وتعريته، والإذاعة كمشروع ولد مع دخول العدوان شهره الثالث، كان مشروعاً جزافياً بشكل كبير وطموحاً يحمل قدراً كبيراً من الشجاعة لعدة أسباب، منها أنه مشروع لم يطبخ على نارٍ هادئة، ولم يستوف الدراسة الكاملة له، والتي تعطيه كل جوانب النجاح، كفكرة ومشروع من بدايته، لكن لأن الوطن كان في وقت عدوان، والوسائل الإعلامية المتاحة محدودة، والشعب في حال صدمةٍ وذهول، كان لا بد من خوض غمار التجربة مهما كان هامش النجاح ضعيفاً، الجانب الآخر أن المشروع ولد في عمقِ العدوان والحصار وقلة توافر الإمكانات والتجهيزات، وكان هذا تحدياً كبيراً آخر واجهه المشروع، واستطاع أن ينتصر فيه..
وحسب المختفي فإن توسع الإذاعة المضطرد وبرامجها النوعية وقاعدتها الجماهيرية التي بدأت تكبر بسرعة، جعلت العدوان يلتفت لها، والذي كلفها آلاف الدولارات، فضلاً عن الخسارةِ البشرية لبعضِ العاملين.
وختم المختفي ورقته بأن تلك الظروف مجتمعة لو كانت في مشروعٍ آخر ربما كتب له الفشل، لكن توفيق الله وإيمان الكادر العامل بالإذاعةِ ومحبة الجمهور الكبيرة، كلها عوامل ساعدت وبقوة في إنجاح واستمرارية وديمومة المشروع ليصل إلى ما وصل إليه.

الإعلام المقاوم في قلبِ المعركة
فيما كانت آخر الأوراق لأحمد الحبيشي (المستشار الإعلامي للمجلس السياسي الأعلى)، تحدث فيها عن الإعلام المرئي، والتي بدأها بقوله: لا يمكن فصل المشهد الإعلامي في ظل العدوان السعودي على اليمن ووسائله وأدواته، عن الخطوطِ والظلال المتداخلة مع مشاهد العمليات العسكرية والحروب الإعلامية والنفسية والاقتصادية التي تستهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية للعدوان، وفي مقدمتها إخضاع قدرات وسيادة بلادنا للهيمنةِ السعودية، ومصادرةِ قرارها الوطني المستقل. 
وتضمنت ورقة الحبيشي عدّة محاور منها: أساليب الحرب الإعلامية والنفسية: كالإشاعة، والدعاية، وغسيل الدماغ، واستخدام الطابور الخامس، ومحور آخر عن تقنيات وأدوات الحرب الإعلامية النفسية، وخبرة التصدي للحرب النفسية، والشائعات السوداء والرمادية، وآخر محاور الورقة كان عن «الإعلام المرئي المقاوم»، حيث قال فيه: لا نبالغ في القول إن الإعلام الوطني المرئي المقاوم للعدوان السعودي الإماراتي نجح في نقل الأفكار والصور والأخبار، ضمن حملة سياسية وإعلامية تهدف إلى التأثير في سلوك الأفراد والجماعات والشعوب والمجتمعاتِ والدول.
واختتم الحبيشي: يقيناً أن الإعلام المرئي المناهض للعدوان كان وسيظل مرآة عاكسة للتحديات والمتغيراتِ اليومية في مختلفِ جبهاتِ المواجهة العسكرية والسياسية مع العدو ومرتزقته، حيث أثبت قدراته على أن يكون وسيلة اتصال بالداخلِ والخارج بشكل لا محدود، على الرغمِ من صعوبةِ وخطورةِ ظروف العملِ اليومي ليلاً ونهاراً.

 مداخلات
خصص جانب من الندوة بعد استكمالِ قراءة الأوراق الثلاث، لمداخلاتِ الضيوف من الإعلاميين وممثلي الوسائل الإعلامية، ومن ضمن الأسئلة التي طُرحت على منظمي الندوة المتمثل باتحاد الإعلاميين وضيوف الندوة الثلاثة: الويسي، والمختفي، والحبيشي، سؤال لصحيفة «لا» عن سر خفوت وهج إذاعة صنعاء رغم أنها كرست برامجها في مواجهةِ العدوان، إلا أنها قلّ تفاعل الجماهير معها كونها الإذاعة الأم، فردت سعاد الويسي بالقول: هناك أسباب وراء ذلك القصور، منها الصعوبات المادية، وانضمام جزء كبير من كادر إذاعة صنعاء إلى ما يسمى الشرعيةِ، والبعض الآخر فضّل البقاء في بيته وعدم العمل في هذه الظروف.