حاوره : مارش الحسام / لا ميديا

على وقع ما يتكبده من خسائر جراء عدوانه على اليمن، وضمن حربه الاقتصادية علينا، لجأ النظام السعودي إلى تضييق الخناق على المغتربين اليمنيين وإغلاق كافة سبل العمل أمامهم.
فقد تعمد هذا النظام بقانون «السعودة» استهداف المهن التي يعمل فيها غالبية المغتربين اليمنيين، كما أن قراره تصحيح أوضاع المجهولين اليمنيين في المملكة، كان هدفه القبض على هؤلاء المجهولين وترحليهم، إضافة إلى أن عشرات السجون السعودية تكتظ بالمئات من السجناء اليمنيين الذين لا يزالون فيها منذ سنوات دون أي محاكمة.
كل هذه الإجراءات التعسفية اضطرت مئات الآلاف من المغتربين للعودة إلى اليمن أو الاغتراب في دول أخرى. وهناك ظاهرة جديدة في الإمارات التي بدأت تنتهج نهج السعودية نحو الوافدين.
حول هذا الموضوع وموضوعات أخرى حاورت صحيفة «لا» الدكتور/ محمد سعيد المشجري، وزير شؤون المغتربين في «الإنقاذ».


سجون السعودية تكتظ بالمغتربين اليمنيين
 بداية كيف تصف معاناة المغتربين اليمنيين في السعودية؟
أولاً النظام السعودي لا يريد أن يحسّن أوضاع المغتربين اليمنيين على الإطلاق، ولا يزال مستمراً في ممارسة إجراءات التطفيش والطرد بحق اليمنيين تحت يافطة "السعودة"، والسجون السعودية مليئة بالسجناء اليمنيين، ومنها سجن الشميسي والسجون الأخرى تكتظ بالمئات من اليمنيين الذين قضوا فيها سنوات دون تقديمهم للمحاكمة، وكل هذا بسبب خسارتها في الحرب على اليمن وضمن الحرب الاقتصادية علينا.
ووضع المغترب اليمني في السعودية صعب للغاية، وكثير منهم عادوا إلى اليمن لأنهم غير قادرين على دفع رسوم الكفالة التي تزداد تدريجياً كل سنة بمعدل 100%، فمعدل الرسوم للفرد الواحد 400 ريال سعودي، وهو مبلغ كبير، لأن أغلب اليمنيين رواتبهم بين 1500 و2000 ريال سعودي، بالكاد تكفي نفقات المأكل والمشرب والمسكن، فيضطر المغترب للذهاب إلى القنصلية أو السفارة لطلب الخروج النهائي، لأن الحياة في السعودية فوق طاقة المغترب اليمني.

خدعة تصحيح أوضاع المجهولين
 ماذا عن القرار الذي صدر بعد أيام من العدوان بتصحيح أوضاع المجهولين اليمنيين في السعودية؟
القرار كان أكبر خدعة ويهدف بالأساس إلى القبض على المجهولين وترحليهم. النظام كذب عليهم ووعدهم أن يمنحهم الإقامة ليشتغلوا بكل حرية، وكانت تلك مجرد حيلة، لأن أغلب من ذهبوا لتصحيح أوضاعهم تم القبض عليهم والزج بهم في السجون ومن ثم ترحيلهم إلى الحدود ورميهم هناك، حتى أن الكثير منهم لم يكن يملك تكاليف المواصلات للعودة إلى منطقته.

العائدون بالمئات
 هل لديكم إحصائية بعدد المرحلين أو الذين غادروا من السعودية بسبب سياسة السعودة وغيرها من التعسفات؟
هناك أرقام ولكنها ليست دقيقة، فهناك منافذ كثيرة أخرى غير رسمية. كنا في البداية نتابع عبر مندوبينا في المطارات والمنافذ البرية والبحرية. حالياً كل المنافذ تحت سيطرة المرتزقة، ولكن لدينا معلومات مؤكدة من منفذ العبر تقول بأن العائدين بالمئات، وأن الباصات القادمة من السعودية تحمل المئات من المغتربين العائدين من السعودية إلى اليمن، فيما الباصات الداخلة إلى السعودية شبه خالية، المنطقة ليست تحت سيطرتنا حتى نعمل أرقاماً أو إحصاء ومتابعة.

"السعودة" يستهدف مهن اليمنيين
 هل يمكن القول بأن سياسة "السعودة" قضت على طموحات اليمنيين، مستثمرين أو عمال، وافدين؟
نعم، النظام السعودي من خلال قانون "السعودة" تعمّد بشكل أساسي استهداف المهن التي يعمل فيها الغالبية العظمى من المغتربين اليمنيين، مثلاً في الأسواق الشعبية وأسواق الجوالات والملابس والخضار والفواكه وحتى اللحوم والمطاعم، منعوا اليمنيين من العمل في هذه المجالات، وحتى في المجالات المسموح بها يشترطون أن يكون العمال سعوديين وبرواتب عالية جداً مع تأمين صحي، ولذلك فإن أعداداً كبيرة من العمال والمستثمرين اليمنيين اضطروا إلى مغادرة السعودية، سواء نتيجة عدم الحصول على عمل مُصرح به أو بسبب عدم القدرة على دفع الرسوم التي من المقرر أن تتضاعف سنوياً، ونتوقع عودة المزيد خلال الأشهر القادمة.

الإمارات تطرد المقيمين
 يقال إن الإمارات صارت تنتهج نهج السعودية في طرد المقيمين، ومنهم اليمنيون؟
نعم، هناك ظاهرة جديــــــــدة في الإمــارات تتمثل في طرد المقيمين من مختلـــف الجنسيات من يمنيين وغير يمنيين، وذلك بسبب الركود الاقتصادي الحاصل في الإمارات وخاصة في مجال العقارات والبناء والإنشاءات وكثير من اليمنيين الذين كانوا يشتغلون في هذه المجالات تم طردهم، مهندسين معماريين ومدنيين وعمال... تم ترحيلهم. كما أن أعداداً كبيرة من اليمنيين عادوا من الإمارات، وذلك بسبب الركود الاقتصادي الحاصل هناك وارتفاع إيجارات المنازل والغلاء المعيشي، فرواتب اليمنيين هناك لا تغطي نفقاتهم، لو أن معك 3000 أو 4000 درهم فإنها لم تعد كافية للعيش في الإمارات وتضطر أن تعود إلى بلدك، أو الهجرة إلى دولة أخرى إذا كنت مستثمراً، لذا وبسبب "السعودة" في السعودية والركود الاقتصادي في الإمارات فضل أغلب المستثمرين اليمنيين ترك هاتين الدولتين والهجرة إلى دول أخرى.
 الأزمة الاقتصادي الحاصلة في الإمارات، هل لها علاقة بعدوانها على اليمن؟
أكيد، كانوا يتوقعون أن حربهم ستكون نزهة من أسبوع الى أسبوعين، ووجدوا أنهم تورطوا في مستقنع كبير، وحالياً هناك أزمة ليست كبيرة ولكن نتوقع تفاقمها في قادم الأيام.

في شرق آسيا وأمريكا الجنوبية
 رؤوس المال والمستثمرون الذين خرجوا من السعودية والإمارات، إلى أين ذهبوا ولماذا لا يعودون إلى اليمن؟
اليمن في حالة حرب وحصار، ونظراً للأوضاع الصعبة التي نعيشها، فإن أغلب رؤوس الأموال اليمنية تركت السعودية والإمارات وهاجرت إلى الحبشة وشرق آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وحالياً لدينا جالية كبيرة جداً في البرازيل والإكوادور وبلدان أخرى.

500 مغترب عالق في جزيرة كورية
 سمعنا قبل أشهر أن عدداً من اليمنيين يواجهون مشاكل في إحدى الجزر الكورية الجنوبية...؟
الجزيرة اسمها جيغو، وهي جزيرة سياحية تتبع كوريا الجنوبية، والوصول إليها لا يتطلب تأشيرة دخول. وصل إلى الجزيرة 500 شخص يمني، أغلبهم كانوا مغتربين في السعودية والإمارات، وحاولوا الدخول إلى العاصمة الكورية الجنوبية سيئول وبعض المدن الأخرى، وكانت الإجراءات معقدة ولم يسمح لهم.

خطط لاستقبال العائدين
 هل لدى الوزارة خطط لاستقبال العائدين أو المرحلين من السعودية والإمارات؟
أجرت الوزارة دراسات وخططاً لاستقبال العائدين من السعودية، منها منحهم قروضاً ميسرة غير ربحية ومساعدتهم في إنشاء مشاريعهم الصغيرة، وذلك بالتنسيق مع جهات مالية مختصة في حكومة الإنقاذ، وقمنا بالتنسيق مع وزارتي التعليم العالي والتعليم الفني لاستيعاب أبنائهم الطلاب في الجامعات اليمنية ومعاهد التعليم الفني، وهناك تنسيق لاستيعابهم في القوات المسلحة للدفاع عن بلدهم.
ونحن نريد أن نتفادى المشكلة التى حصلت عام 1990م، عند خروج الآلاف من الخليج ولم يكن هناك خطة لاستيعابهم، ومن ثم وجدوا أنفسهم في ضياع وبدون عمل وبدون مستقبل، حتى أن بعضهم امتهنوا السرقة والانحراف والأعمال الإجرامية.