الفنان حسين الكبسي في حوار خاص مع «لا»:الآلات الموسيقية ببعدها الجمالي إضافة نوعية للزامل
- تم النشر بواسطة مروان أنعم / لا ميديا
أسعى بالعود لتوصيل هذا اللون اليمني إلى جمهور أوسع
حاوره: مروان أنعم / لا ميديا -
ثمة عازف استطاع أن يزاوج بين الزامل كتراث، والعود كآلة تضفي إحساساً جميلاً وحيوية للحن. ففي لمحة شديدة الذكاء تمكن حسين الكبسي من أن يعزف الزامل على آلة العود، دون أن يعرض المادة اللحنية الأصلية لتغييرات أو إضافات تذكر. إنها إحدى صور التوليف والإبداع للفنان اليمني على العموم.
لديه رسالة يريد أن يوصلها إلى محبي التقاسيم والألحان الوترية، فالقضية حاضرة في ذهنه عندما يمسك بريشة العزف ويبدأ في مداعبة أوتار عوده الذي يتأبطه بكل حرفية.
حسين الكبسي، العازف والفنان، قاد عملية إحياء جميلة لآلة موسيقية أرادت هي كذلك أن تسجل لها بصمة وحضورا في مواجهة تحالف الشر والهمجية.
وفي أمسية رمضانية جميلة وآسرة بكل ما تعنيه الكلمة وذات خصوصية فنية وهوية مميزة، أبحرنا معا، وأجرينا معه هذا الحوار.
حلم الطفولة
بداية عرفنا عن نفسك؟
حسين عبدالمغني حسين الكبسي، طالب في كلية التجارة بجامعة المستقبل تخصص إدارة أعمال، عشقت آلة العود منذ أن كنت طفلاً صغيراً فكانت أقصى أحلامي أن أمتلك آلة عود كي أتمكن من العزف عليها.
حياتي دون العود فراغ
كيف ومتى تعلمت العزف على العود؟
تعلمت العزف على آلة العود عندما أنهيت الثانوية العامة، وبدأت أتعلم العزف بشغف وحب واجتهاد ذاتي وأيضاً من خلال الإنترنت.
ماذا يعني لك العزف وآلة العود بالتحديد؟
آلة العود تعني لي الكثير؛ إذ إنني أشعر بالفراغ في حال تركتها فترة طويلة من الوقت، فهي آلة تخاطب الوجدان والروح، والآلات الوترية في العموم هي أصل الموسيقى، والباحث عن الموسيقى وصوتها كمن يبحث في داخله عن السلام والأمان الذي له صوت ككل الكائنات الجميلة.
الكبسي وشاهين
من هم العازفون أو الفنانون الذين تأثر بهم حسين الكبسي؟
هنالك الكثير من العازفين والفنانين، والفنان فؤاد الكبسي أحد هؤلاء الفنانين الذين تأثرت بهم، بحكم أنه من الأسرة ونتشارك الثقافة نفسها والبيئة المحيطة بنا. أما على المستوى العربي فقد تأثرت بالعازف سيمون شاهين، الفلسطيني الجنسية، والذي يعد من كبار العازفين على مستوى العالم.
الفكرة أهم من الشهرة
لماذا يخفي حسين الكبسي وجهه في مقاطع الفيديو عندما يعزف الزوامل؟
لأن اهتمامي الرئيسي يتركز في إيصال الرسالة والفكرة إلى المستمع أكثر من اهتمامي بتحقيق مكسب أو شهرة شخصية، لذلك لم أكن مهتماً بإظهار وجهي، واكتفيت بتركيز الكاميرا على العود فقط.
في خدمة القضية
برأيك لماذا الفنانون اليمنيون لم يقدموا أغاني أو أعمالا فنية -إلا في ما ندر- تصب في خندق مواجهة العدوان؟
كل فنان له انتماء وتحكمه ثقافة معينة، وهذا الانتماء وهذه الثقافة هما ما يحدد له المسار والطريق الذي يسير عليه. وأنا بحكم انتمائي إلى المسيرة القرآنية فإنني أحاول أن أقدم كل ما يصب في مصلحة القضية ويخدمها، وأرى أنني بهكذا فن أستطيع الوصول إلى شريحة كبيرة من المحبين والمعجبين بآلة العود لتحفيزهم على الاستماع للزامل.
بُعد موسيقي للزامل
كيف خطرت ببالك فكرة عزف الزامل بالعود؟
بالنسبة لعزف الزامل بالعود رأيت أنها فكرة فريدة من نوعها وجديدة وتستطيع أن تضيف إلى الزامل بعداً موسيقياً آخر، خاصة وأنها آلة تستهوي الكثيرين. وللفكرة أيضاً هدف رئيسي يتمثل في ترسيخ الزامل كتراث ولحن، وأيضاً جذب محبي آلة العود في كل مكان للاستماع إلى الزامل اليمني، ثم البحث عن المحتوى الأصل، والمقصود هنا هو فن الزامل اليمني بشكل عام.
من وجهة نظرك هل تستطيع آلة العود أن تشكل إضافة إلى الزامل؟
بعض الزوامل يستطيع العود أن يشكل فيها إضافة حقيقية وجمالا في اللحن، والبعض الآخر لا يستطيع العود أن يجاري الرتم والإيقاع السريع فيها، ولكل عازف تكنيك وطريقة خاصة به تمكنه من معرفة ما يتناسب مع قدراته وأسلوبه.
صعوبة لا ارتباك
في المقطع الموجود على اليوتيوب عندما عزفت زامل «مغازي الليل» لاحظنا وجود القليل من الارتباك في اللحن، بالرغم من أنك أجدت عزف بعض الزوامل الأخرى...؟
حقيقةً لم يكن ذلك ارتباكا بقدر ما هي محاولة لعزف الزامل باللحن الأصلي، فزامل «مغازي الليل» يتنقل من مقام إلى آخر، وبالتالي فإن تلك التنقلات الصعبة بين المقامات توحي للمستمع كأن هناك ارتباكا وتغييرا في الرتم والأداء، بينما الحقيقة عكس ذلك.
إضافة نوعية
هل من الممكن أن تشكل آلات موسيقية أخرى إضافة نوعية إلى الزامل؟
بالتأكيد، فهناك زوامل استخدم فيها الأورج مثلاً، وهناك زوامل استخدم فيها الكمان أيضاً، وهناك أيضاً زامل لعيسى الليث أدخلت فيه إيقاعات غربية ولقي انتشارا وتأثيرا كبيرين في أوساط محبي الإيقاع الغربي في العالم العربي.
«الطريقة الكبسية»
هل واجهتك تحفظات أو اعتراضات عندما قمت بعزف الزامل على العود؟ وما هي طبيعة تلك التحفظات؟
في الغالب لقيت الفكرة ترحيبا وإعجابا كبيرين، ولكن هناك حالات فردية شاذة ترى أن الآلات الموسيقية محرمة، وهؤلاء قليلون جدا.
كما أنني واجهت اعتراضات من الناحية الفنية، فحواها أنني متأثر بـ«الطريقة الكبسية» في العزف. بطبيعة الحال الفنانون يتأثرون بعضهم ببعض، وهناك ترابط بين فنانين كثيرين، فمثلاً حسين محب والصعدي متأثران بأسلوب الفنان اليمني القدير محمد حمود الحارثي (رحمة الله عليه).
جهود ذاتية بحتة
الملاحظ في قناتك «لحن الانتصار» أن عدد الفيديوهات التي تم رفعها قليل جداً. لماذا أنت مقل في الإنتاج؟
أنا أنشأت القناة قريباً، تقريباً منذ شهرين فقط، وقلة الإنتاج تعود إلى أنني أتأنّى في عملية الاختيار والإعداد للعمل لكي يخرج العمل بالصورة المثلى، إضافة إلى أن الجهد هو فردي في كل شيء، فأنا من يقوم بالتصوير والعزف وتحميل المحتوى ورفعه دون مساعدة من أي شخص.
هل صحيح أن الإنسان كلما عرف أكثر أحس بفداحة جهله؟
بالتأكيد، الإنسان يكتشف فداحة ما ارتكب في نفسه عندما يكتشف أكثر ويقرأ أكثر، وكذلك عندما يراكم تجربة حياتية تضاف إلى صندوق تجاربه.
الفن سيبقى هاما في حياة الناس
هل المشهد الفني في بلادنا لايزال يتمتع بالحيوية؟
نعم، ما يزال العديد من الفنانين يقدمون أعمالا فنية متنوعة أو يحيون مناسبات. وعلى سبيل المثال هناك بعض الفنانين هم من يحددون وقت الزفاف وتاريخه بناء على حجز الفنان، وهذا دليل كافٍ على أهمية ودور الفن في حياة الناس.
اللوم على وزارة الثقافة
هل من الممكن أن تتحول معزوفاتك إلى وصلات موسيقية في البرامج والشارات والتقارير التلفزيونية مثلا؟
ذلك ممكن؛ ولكن هناك قضية الملكية والحقوق الفكرية، فالمعزوفات ليست ملكاً لي، ويجب أن ينسب أي عمل إلى صاحبه. وتكفينا عملية سرقة الألحان والتراث الفني اليمني من قبل فنانين خليجيين وعرب، ونسبهم إلى أنفسهم أعمالاً فنية يمنية خالصة. وهنا نوجه كل اللوم والعتب إلى وزارة الثقافة التي يجب أن تقوم بأرشفة وحفظ التراث الفني اليمني، وأن تعمل على رفع الدعاوى القانونية ضد سارقي تلك الأعمال.
مجاهد في الجبهات
أنت من أسرة مجاهدة قدمت شهداء في معارك الدفاع عن الوطن. هل سبق أن شارك الفنان حسين الكبسي في جبهات العزة والكرامة؟
نعم. الحمد لله تمكنت من المشاركة في عدد من الجبهات، وأنا أعتبر ذلك أعظم هداية وتوفيق من الله سبحانه وتعالى في حياتي كلها.
سبق لفنانين أن عزفوا الزوامل بالعود كصلاح الأخفش في «يا قلم يا بياضة».. لماذا اكتفى بعزف هذا الزامل فقط؟
كنت أنا ووالد الفنان صلاح الأخفش الشهيد نزار الأخفش في الجبهة وكان يردد زامل «يا قلم يا بياضة» كثيراً ويبدي إعجابه به، وعقب استشهاده أخبرت صلاح بذلك، فقام بتلحين الزامل كوفاء لوالده الشهيد.
المصدر مروان أنعم / لا ميديا