حاوره: أنس القاضي / لا ميديا -

يحتفل شعبنا اليمني بالذكرى السادسة لثورة 21 أيلول/ سبتمبر المجيدة، 6 أعوام من عمر الثورة جرت فيها أحداث عديدة، وواجهت الثورة تحديات كبيرة، كما حملت مهام إضافية متمثلة في الدفاع عن الوطن ضد العدوان العسكري المباشر.
حمل السيد عبدالملك الحوثي على عاتقه قيادة كل هذه الأنشطة الثورية المستمرة حتى اليوم، وفي تجربة الثورة كان هناك حضور مميز لرئيس اللجنة الثورية العليا الأستاذ محمد علي الحوثي، الذي أمسك مع بقية أعضاء اللجنة الثورية البلد في بداية المنعطفات التي واجهت فيها الثورة المؤامرات المباشرة في سنواتها الأولى (2014ـ2016).
عن تجربة الثورة الشعبية، ومستجدات الأوضاع والقضايا الوطنية، استضافت «لاء» الأستاذ محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى، رئيس اللجنة الثورية العليا، في حوار شفاف امتاز بالصدق والوضوح بعيداً عن اللغة الدبلوماسية.. فإلى الحوار.
 يسعدنا في صحيفة «لا» أن نستضيفكم أستاذ محمد علي الحوثي في هذا الحوار بمناسبة الذكرى السادسة لثورة 21 أيلول المجيدة.
أهلا بكم، وأولاً نتوجه بالتهنئة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ونتوجه بالتهنئة للأخوة الثوار، وللإخوة رئيس المجلس السياسي الأعلى وأعضاء المجلس السياسي، كما نتوجه بالتهنئة لأولئك العاملين المخلصين الذين كانوا يعملون في المؤسسات الحكومية والثوار الذين عملوا في الأمن والثوار الذين عملوا في أماكن متعددة، ومع ذلك لم تجعلهم تلك الأعمال ينظرون لهذه الثورة بأنها غنيمة، وإنما عملوا كل ما عملوه وقدموا كل ما قدموه رغم المعاناة ورغم عدم تثبيتهم في وظائف أو اعتماد مرتبات.
نشكر أولئك الذين كان لهم دور واضح في الإعلام من ثوارنا، نشكر صحيفة «لاء» ورئيس تحريرها وكل طاقمها على المثابرة والاهتمام والإبداع في العناوين الشيقة التي تجعل الشعب اليمني ينظر إليها بإعجاب، وعلى كل الدور الإعلامي الذي يقدمونه والموجه لدعم الشعب اليمني والجيش واللجان الشعبية، فصحيفة «لاء» كانت ولازالت عنصرا هاما جداً في مسيرة الإعلام اليمني المواجه للعدوان.
كذلك نشكر كل الإخوة وكل العاملين في المجال الإعلامي في كل القنوات الحرة والوطنية التي ساندت الثورة، وكل العاملين الإعلاميين من أبناء الثورة في الداخل والخارج الذين وقفوا وساندوا هذه الثورة، تحياتنا الكثيرة والغامرة لهم وعلى رأسهم آباء وأبناء شهدائنا الكرام الأبرار الذين دافعوا وقدموا كل ما قدموا من أجل الله ومن أجل وطنهم، كذلك نشكر الإخوة الجرحى، ونشكر أولئك الأبطال الذين يقفون سنداً لهذه الثورة مدافعين عنها في كل الميادين؛ سواء في ميادين القتال أو في الميادين السياسية والإعلامية والاقتصادية وغيرها.

الثورة وجدت لتبقى
  في العيد السابع لثورة 21 أيلول المجيدة، هل مازالت الثورة مستمرة؟
الثورة بحمد الله مستمرة وستبقى في مواجهة الطغاة، في مواجهة المجرمين، في مواجهة العدوان الذي حاول بكل ما وسعه من مؤامرات عديدة إيقاف الثورة، وآخر وأعلى مؤامرة وصلوا إليها كانت مؤامرة العدوان العسكري المباشر، وهذه الثورة الشعبية يقدم فيها اليمنيون أغلى التضحيات من أجل الحفاظ على ثورتهم، من أجل الحفاظ على استقرارهم، من أجل الحرية والاستقلال الوطني.

تقييم عمل «الثورية» بيد الشعب
  كيف تقيمون فترة حكم اللجنة الثورية العليا؟ وهل أنتم راضون عنها؟
تقييم حكم اللجنة الثورية متروك للشعب اليمني والمختصين، المواطن اليمني هو من يستطيع أن يقيم كيف كانت تلك الفترة، نحن من جهتنا عملنا ما في وسعنا، تحملنا مسؤولية وتحركنا فيها بكل ما استطعنا، نأمل من الله سبحانه وتعالى أن نكون وفقنا في حمل هذه المسؤولية والنجاح فيها، إنما لا يستطيع الإنسان أن يقيم نفسه وعمله، وهل حقق أم لم يحقق؟ فذلك متروك للآخرين.

المصالحة لتقوية الجبهة الداخلية
  باستثناء الشخصيات والأفراد الذين يعودون من جبهة العدوان، أين وصل ملف المصالحة الوطنية؟
المصالحة الوطنية قطعت أشواطاً كبيرة، وكان لها أثرها البارز، هناك الكثير من الناس كانوا من المغرر بهم واستطاعوا عبر المصالحة الوطنية أن يعودوا إلى صف الوطن، وأن يكونوا لبنات عاملة للوطن، وهناك الكثير ممن لم يستوعب الدرس وعاد إلى غيه وإلى عدوانه وحاول الالتحاق بالمرتزقة ممن تمت المصالحة معهم في ملفات عديدة سواء ممن كانوا في مؤامرة عفاش أو ممن كانوا في المؤامرات الأخرى التي جرت هنا أو هناك.
والمصالحة الوطنية ماضية على قدم وساق، ومسارات المصالحة مستمرة، وأعتقد أن كل أبناء الشعب اليمني يسعون للمصالحة، فهم نماذج في فعل الخير وحب الخير للناس جميعا، أبناء شعبنا ـ بفضل الله ـ كما ترى يتصالحون في ما بينهم لوأد الثأرات، وكذلك سيتصالحون في بقية القضايا، والمصالحة الهدف منها لم شمل الشعب اليمني، ومن أجل الحفاظ على منجزات الشعب، وهي مسألة مهمة جداً في تقوية الشعب اليمني من الداخل (الجبهة الداخلية).

مستقبل الوطن واعد
  المستضعفون مثلوا وقود ثورة 21 أيلول، وعلى كواهلهم اليوم مهمة مواجهة العدوان، فما هو مستقبلهم؟ 
دائماً المستضعفون هم من يثورون على المستكبرين، أما مستقبلهم فهو مستقبل بناء وطن مستقل ومزدهر، بناء وطن آمن، بناء مجتمع متماسك يحمل العادات والقيم الدينية، وستستمر عملية البناء إلى أقصى ما يستطيع اليمنيون الوصول إليه، المستقبل واعد، وما يواجهونه وما يقدمونه اليوم في ظل هذه الظروف هو حري بأن يجعلنا نفهم أن مستقبل هذه الثورة سيتم بسواعدهم التي تحمل المسؤولية والقيم، وهي بعون الله تعالى كما واجهت هذا العدوان الكبير والشامل قادرة على أن تتحرك في الميادين الأخرى. المستقبل يتلخص في بناء وطن مستقل مزدهر ينعم أبناؤه بالرخاء والأمن بإذن الله تعالى.

مع السلام لا الاستسلام
  في مقابلة أخيرة لكم مع قناة «بي بي سي» تحدثتم عن استعداد الطرف الوطني في صنعاء للذهاب إلى المملكة السعودية من أجل التوقيع على حل للأزمة. هل وصل رد من الرياض على هذه المبادرة؟ وهل المشكلة في مكان التوقيع على حل الأزمة أم في أمر آخر؟
نحن قلنا بأننا مستعدون أن نذهب إلى مكة وليس الرياض، من أجل أن نؤكد للعالم أنه لا يوجد لدينا حواجز أو عوائق، وحديثنا أيضاً يؤكد على سلامة وصحة موقفنا بأننا مع وقف العدوان على بلادنا وإحلال السلام.
والأزمة ليست فقط في أمر التوقيع ومكانه، الأزمة تتمثل في أن دول العدوان مازالت تنظر لليمن بتلك النظرة السابقة، وإن كانت هذه النظرة قد خفت قليلاً خلال الأعوام الماضية.
نحن نقول لهم بأننا مع حل عادل منصف للشعب اليمني، وليس على أساس الاستقواء بما لديهم من أسلحة وقوة. وإذا خرجوا من قوقعة نظرتهم الدونية لليمن بإمكان السلام أن يحل في اليمن، وبإمكان الناس جميعاً أن ينعموا بالأمن والاستقرار، ولكن ما يحصل هو عكس ذلك.
مازالت النظرة لدى تحالف العدوان بأن كون من يتحكم بمنافذ الشعب اليمني وحركته الجوية والبحرية والبرية ومقدراته هو تحالف العدوان بتيسير من الأمم المتحدة، وبالتالي بأن نذهب لنراجع الأمم المتحدة لتقدم لنا التراخيص من دخول أو خروج شحنة أو رحلة معينة، هذه هي النظرة التي يقدمونها، وهذا ما يعمل عليه جريفتث، وهذا لا يمثل وقف العدوان ولا دعوة السلام، وإنما يدل على التعسف.
فيما يقولون بأن لا شروط أمام السلام، لكننا نجدهم يضعون شروطاً تجعل من أي اتفاق معهم اتفاقاً مذلاً واتفاقاً لا يعبر عن مصالح الشعب اليمني العليا، بما فيها مصالح المرتزقة المجندين معهم.

بدء ترميم منزل البردوني
  خلال العامين الماضيين سمعنا الكثير من الوعود الرسمية عن إعادة الاعتبار لأديب اليمن الكبير عبدالله البردوني، فهناك من تحدث عن جائزة باسم البردوني، وهناك من تحدث عن تحويل منزله إلى متحف وقد هدمته الأمطار مؤخراً، ومازالت مؤلفاته الأخيرة غير مطبوعة وبعضها مفقودة. ما هي المشكلة الأساسية في هذه القضية؟
نحن وجهنا أمين العاصمة على أساس أن يتم الاهتمام بمنزل الشاعر عبدالله البردوني، والاهتمام بما من شأنه الحفاظ على مؤلفاته، وهذه أيضاً مسألة تهم وزارة الثقافة، ويمكنكم أن تتحدثوا معهم عنها. تألمنا حين شاهدنا تهدم منزل الشاعر الكبير، وقد وعدنا بأن تتم إعادة ترميمه، وبإذن الله تعالى في الأسبوع القادم أو الذي يليه سيبدأ العمل عليه، كما قيل لنا.

العدوان فشل في قطع تواصلنا مع الخارج
  كيف تمارس صنعاء نشاطها الدبلوماسي مع إغلاق السفارات وانتقال بعضها إلى الرياض؟ وهل نجح نزوح السفارات في عزلها عن العالم؟ 
ممارسة صنعاء لأنشطتها الدبلوماسية مستمرة، ولا أظن أن تحالف العدوان نجح بالشكل المطلوب في قطع خطوط التواصل بيننا وبين الخارج، رغم أن الحصار كبير جداً، ورغم المحاولات الدؤوبة من جانب تحالف العدوان لعكس الحقائق، إلا أن التواصل مستمر ويتم عبر الهاتف وعبر اللقاءات المتلفزة وعبر بعض السفراء الذين يحضرون إلى صنعاء، أيضاً هناك لقاءات تمت عبر الفيديو مع الاتحاد الأوروبي، وهناك تحركات لأبناء الجالية اليمنية في الخارج، ونحن بدورنا نشكر أبناء الجالية اليمنية على ما يقدمونه لوطنهم ومجتمعهم، وكثير من السفراء اليمنيين في الخارج كنا نتمنى ألا نراهم بهذا المستوى الذي هم عليه من ابتعادهم عن وطنهم وعن قضاياهم، واهتمامهم بتضليل العالم عما يحصل في اليمن، لأن ما يحصل في الحقيقة هو جريمة، وأعتقد أن كل من لم يسهم من أبناء الشعب اليمني في إيضاح هذه الحقيقة وإيصالها إلى العالم، فإنه مسهم في التضليل على جرائم كبيرة تحدث في حق الشعب اليمني.

الشعب اليمني يأبى أن تُستغل قضاياه لخدمة العدو
 نتابع جهود حل قضايا الثأر والنزاعات القبلية المختلفة سواء الجهود التي تقومون بها أنتم أو غيركم، وهي جهود تتكلل بالنجاح. ما هو سر هذا النجاح رغم عدم وجود موازنات مخصصة لهذا الأمر؟
سر النجاح هو وجود عدوان كبير على بلدنا، الشعب اليمني يتألم من الاستمرار في التنازع أو في الاقتتال الداخلي وهو يعلم أن هناك مخططاً كبيراً يحاك ضده.
محمد بن سلمان في العام 2018م تحدث بأنه يعمل جاهداً على تمزيق الصف الوطني، وبالتالي فالشعب اليمني عندما علم أن عدوه يسعى لتمزيقه وتمزيق وحدته سواء عرقياً أو مناطقياً أو قبلياً أو بأي شكل من الأشكال، تحرك الشعب اليمني على العكس مما يريد الأعداء، فلذلك ما يحصل من أبناء القبائل وكل من لديه قضايا ثأر هو دليل على قوة وعظمة الشعب اليمني وكرمه، وعلى أن هذا الشعب يحمل الإباء ويرفض أن تستغل أية قضية من قضاياه لخدمة العدو، وهذه من الأشياء الواضحة والجلية.
شعبنا اليمني يحمل الحب ويحمل الود لبعضه البعض، كما قال عنه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، على أنهم ألين قلوباً، ووصفهم بأنهم مؤمنون إيماناً حقيقيا، وبأنهم أصحاب الحكمة، واتفاقيات الصلح دلالات على صدق ما تحدث عنه رسول الله عن أهل اليمن، فهي تترجم في واقع حالهم اليوم.
وهم ينطلقون من منطلق إيماني، فقد قال الله عن القبيلتين اليمنيتين (الأوس والخزرج) «كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها»، وينطلقون من منطلق شجاعتهم وأصالتهم، ويعملون على إحياء هذه العادات الحسنة من أجل أن تزداد لحمة الشعب اليمني، وأن يتوحد أبناء الشعب اليمني، ويتحرك اليمنيون في اتجاه عدوهم.

رؤية وطنية من رجال أحرار
 جامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية إحدى هبات الثورة الشعبية، أين بدأت فكرتها؟ وكيف تقيمون أداءها خلال هذه السنوات؟ 
جامعة 21 سبتمبر لها بداية طيبة، فقد التقيت في ذلك الوقت مع مجموعة من الأكاديميين ومحافظ صنعاء، ومع الدكتور ياسر عبدالمغني الذي عيناه رئيساً للجامعة، وقدم إلينا المشروع فتفاعلنا مع المشروع واعتمدناه وأصدرنا تكليفات وتعيينات على أساس أن يتم إدراجها ضمن مؤسسات التعليم العالي الذي يرتبط بالدولة مباشرة، وكان هناك جهود للحرس الجمهوري الذين قدموا المباني وغيرها.
يمكن القول بأن جامعة 21 سبتمبر الطبية حصيلة عمل تعاوني بدأت برؤية قام بها رجال أحرار يحبون وطنهم، ونحن تفاعلنا معها وتفاعل معنا كافة المسؤولين سواء في المحافظة أو في الحرس والأكاديميين الذين يمثلون الطاقم وعلى رأسهم الدكتور ياسر عبدالمغني وغيره من الإخوة الكرام الأعزاء. وبإذن الله يكون لها مستقبل زاهر، وأن تفتح فروعاً في كل المحافظات، وأن تتوسع أنشطتها لتخدم المجتمع وتعمل من أجل مصالح أبنائه.

نهضة فنية كبيرة
  هل يُمكن أن نشهد افتتاح كليات أو معاهد مماثلة ولكن في مجالات الفنون من رسم ونحت وموسيقى ومسرح؟
بقية المعاهد التي تحدثت عنها، بعون الله تعالى، سيكون هناك نهضة كبيرة في كل المجالات، في المسرح وفي التمثيل وغيرهما من الفنون، وأن يكون هناك تواصل فني مع المجتمع مع الحفاظ على العادات والتقاليد الحميدة، دون أن يكون هناك خروج عن عادات الشعب اليمني أو استنقاص من عاداته، كما درج عليه البعض في تجارب بعض الدول الأخرى الذين تعاملوا فنياً مع عاداتهم وتقاليدهم باحتقار، ونحن نأمل بأن يكون هناك نظرة إلى ثقافتنا ووعينا، لتقاليدنا، لعاداتنا، للحفاظ على الفلكلور الشعبي وغيره من الفنون.

  كلمة أخيرة..؟
سعدت بهذا الحوار، وأتمنى لكم التوفيق في أداء رسالتكم الإعلامية الوطنية.