حوار: عادل بشر / لا ميديا -
(عزيزي القارئ: سلام عليك وعلى عينيك الجميلتين.. ما يتبع هذه الجُملة هي مقدمة طويلة - أعرف ذلك- ولكني مضطر لسردها، فأرجو ألا يصيبك الضجر قبل أن تُكمل القراءة).
كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة والنصف عصر الـ28 من رمضان 1442هـ، بينما مسجد الإمام الهادي في صعدة القديمة يكاد يمتلئ بالمصلين الذين ينتظرون لحظة إقامة إمام المسجد لصلاة العصر، إذ لفت انتباهي أحد المصلين كان يتوسط الصف الأول من المسجد ويُكثر من القيام والركوع منذ نحو نصف ساعة، وحين دققت النظر فيه عرفت أنه محافظ صعدة اللواء محمد جابر عوض الرازحي، وبعد الانتهاء من أداء صلاة العصر، انتهزت الفرصة واستوقفته أثناء خروجه من المسجد.

 مرحباً سيادة المحافظ...
(وبدأت بالتعريف بنفسي وأني أريد أن أجري حواراً صحفياً معه، معتقداً أنه في حال وافق على إجراء اللقاء، سيحدد موعداً ليوم آخر، كما يفعل الكثير من المسؤولين، وبذلك يمنحني فرصة للإعداد للحوار بالشكل المطلوب، لكنه ابتسم مرحباً)
- أهلاً وسهلاً بك وبصحيفة «لا».. ثم أردف: لدي الآن فعاليتان، سأذهب إلى تدشينهما، وبعد ذلك نلتقي إن شاء الله.
- نلتقي في مكتبك؟
- لا.. في روضة الشهداء.
- ما الذي سنفعله في المقبرة؟ وما علاقة الأموات باللقاء الصحفي؟ يبدو أن المحافظ اختلط عليه الأمر -حدثت نفسي- مستغرباً اختياره لـ»المقبرة» مكاناً لإجراء حوار صحفي، بدلاً من مكتبه الرسمي، لكني بعد ذلك فهمت أن روضات الشهداء في صعدة هي أكثر الأماكن التي يتفاخر بها الأهالي، وحقيقة لم أكن مستعداً مسبقاً بالأسئلة للحوار وبما يليق بشخص المحافظ جابر، لذلك أتمنى منك أيها القارئ الكريم أن تعذرني إن لم أكن موفقاً في الطرح، خصوصاً أن فصاحة اللواء محمد جابر عوض فاجأتني، فتحدثنا في هذا اللقاء عن الأوضاع في صعدة وعن معركة مأرب ومبررات المرتزقة للالتحاق بصف العدو، وخارطة السيطرة للجيش واللجان على الحدود السعودية وداخل أراضيها، والمشاهد المتلفزة التي كشف عنها اللواء عوض ووعد بعرضها على شاشات التلفزيون، وتطرقنا إلى الزراعة والتراث الإنساني وغير ذلك في هذا الحوار من داخل (المقبرة) قبيل أذان المغرب والناس صيام.


أول مدينة منطقة عسكرية
 حدثنا عن محافظة صعدة في ظل ما تتعرض له من عدوان مضاعف عن المحافظات الأخرى؟
في البداية نرحب بصحيفة «لا» والصحفي عادل بشر، أهلاً وسهلاً بكم في صعدة.
محافظة صعدة أعلنها العدوان منذ الوهلة الأولى منطقة عسكرية، فلم تُعلن أي مدينة منطقة عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية إلا محافظة صعدة، ظناً منه أنه سيوقف عجلة الحياة في هذه المحافظة، إذ استهدف فيها الإنسان والبنيان على حد سواء، استطاع أن يدمر البنية التحتية بنسبة 99 ٪ في هذه المحافظة، لكنه لم يستطع أن يدمر مصنع الرجال الذي مازال ولاداً، وقد لاحظتم زحمة الشوارع والنهضة العمرانية في هذه المحافظة التي امتصت الصدمة منذ الشهر الأول للعدوان، فما إن بدأ الشهر الثاني حتى استعادت المحافظة أنفاسها وقواها وبدأت تمارس أعمالها بكل أريحية وبكل حرية من جديد.

مشاهد تثلج الصدور
  مازالت هناك بعض الجبهات مشتعلة في صعدة؟
صعدة متاخمة للشريط الحدودي مع السعودية من كل الاتجاهات على امتداد نحو 200 كيلومتر، هذه الجارة جارة السوء تحاول بكل قواها أن توجد بعض الاختراقات في بعض الأماكن على الحدود، لكن كان السبق لجيشنا ولجاننا الشعبية الذين استطاعوا أن يدخلوا في العمق السعودي على امتداد الحدود بفضل الله ورعايته، وهناك مشاهد كبيرة (فيديو) سيتم عرضها على شاشات التلفزيون عندما تحين الفرصة ونتلقى التوجيهات من القيادة الحكيمة ممثلة في قائد الثورة السيد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي، سيتم عرض مشاهد مسجلة تُثلج قلوب الأصدقاء وتوجع قلوب الأعداء زيادة عن الوجع الذي هم فيه.
هناك مشاهد كبيرة وعظيمة سواء في جبهة نجران أو في جبهة جيزان أو جبهة عسير، في كل الجبهات على امتداد الحدود مع جارة السوء السعودية.
وهناك معارك كبيرة في العمق السعودي، فإذا سنحت الفرصة وتلقينا الإذن بعرض هذه المشاهد، سيكون في عرضها فرحة لكل القلوب اليمنية وستغيظ الأعداء بقدرة الله وعونه.

صعدة بعيدة
منذ بداية الحرب في 26 مارس 2015 والآلة الإعلامية لتحالف العدوان ومرتزقتهم تتحدث بأن السيطرة على مركز محافظة صعدة عبارة عن مسألة وقت؟
(يضحك) صعدة قريبة من الحدود السعودية، لكنها بعيدة جداً عن أطماع الاعداء بُعد السماء عن الأرض، ونستطيع أن نقول لهم بكل ثقة «الرياض أقرب».

سِر الصمود اليمني
 زملاء صحفيون من خارج اليمن يتساءلون: ما سر صمود الشعب اليمني على مدى ست سنوات أمام تحالف عدوان كوني؟
هذا الصمود ممتد من صمود اليمنيين الأوائل، الأوس والخزرج الذين صمدوا في وجه الطغيان القريشي، وفي وجه الطغيان الذي كان يتزعمه أبو سفيان وأبو لهب وأبو جهل، إذ صمد المسلمون الأوائل وصمد الأوس والخزرج الذين أسلموا برسالة الرسول (عليه الصلاة والسلام)، وأسلم اليمنيين على يد أفضل خلق الله بعد رسوله، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضوان الله عليه)، واتجهوا للحرب ورفع راية الإسلام وقادوا الفتوحات إلى أن وصلوا إلى مشارق الأرض ومغاربها.
هذا الصمود الحالي لشعبنا اليمني، هو ممتد أباً عن جد، وصمودنا متمثل في صمود قائد الثورة الأول الشهيد حسين بدر الدين الحوثي وفي صمود السيد القائد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي استطاع أن يلم شعث اليمنيين ويجمع قواهم ويوحد صفهم بفضل من الله سبحانه وتعالى.
هذا الصمود ليس غريباً على الشعب اليمني، فهذا الشعب عتي على كل الاحتلالات وعتي على كل المؤامرات، فقد صمد من قبل، وامتاز المجرمون وامتاز المؤمنون، ولو لم يكن لدى تحالف العدوان من أبناء اليمن الذين هم في صف العمالة والارتزاق، لما استطاع التحالف أن يصمد لأيام معدودة، لكن بفضل الله وعونه وقوته صمد شعبنا اليمني وتوحدت صفوف أبنائه، وأصبح الآن شعباً مصنعاً يمتلك قوته وترسانته العسكرية التي يهدد بها الأعداء إلى عقر دارهم وإلى تخوم منشآتهم النفطية والعسكرية.

العمالة والارتزاق
 هناك من يقول بأن انضمام الكثير من اليمنيين للقتال في صف العدوان، هو بدافع الحاجة والفقر، هل توافقهم الرأي؟
ليست الحاجة السبب للارتزاق، بعضهم كان يعيش أشبه بملك في بلاده، يمتلك الأراضي الواسعة والأرصدة الهائلة، لكن الران الذي على قلوبهم ممتد من ذلك اليوم إلى اليوم، ونتذكر هنا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»، فكل من كانوا قد اعتنقوا المذهب الوهابي ودخلوا في حزب الإصلاح وتعمقوا فيه، حتى تجلى الران على قلوبهم، ظهرت عداوتهم وظهر نفاقهم «وامتازوا اليوم أيها المجرمون»، كما قال الله سبحانه وتعالى، إذ امتاز هؤلاء في خط بني سعود وعيال نهيان، وفي خط كل العملاء والمرتزقة الذين تمالوا وتآمروا على قتل الشعب اليمني وتدمير بنيته التحتية، وأرادوا أن يحتلوا أرضه ويستبدوا بخيراته، لكن هيهات لهم ذلك مادامت قيادة اليمن متمثلة بالسيد القائد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لن يستطيعوا مادام هذا الشعب اليمني متمسكاً بالله وبولاية أمير المؤمنين وبتعاليم القرآن الكريم، ومتمسكاً بأهل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام، لن يستطيعوا أن ينالوا من هذا الشعب العظيم، فهذه الروضات -يشير بيده إلى روضة الشهداء- خير شاهد على شجاعة وبسالة شعبنا اليمني العظيم المؤمن الصابر المجاهد.
 بينما أنت تشير بيدك إلى روضة الشهداء وهي واحدة من مئات المقابر، متفاخراً بهذا الكم من الشهداء، هناك من يتخذ من هذه المقابر العديدة التي وُجدت خلال سنوات العدوان، شاهداً للقول بأن مشاريع الحوثيين للشعب اليمني هي عبارة عن مقابر؟
إذا كانت هذه مشاريع أنصار الله، فلنا أسوة في رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، هذه كانت مشاريع الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يستطع الرسول والإسلام الوقوف في وجه الكفر والنفاق إلا بهذه المشاريع التي نتشرف اليوم بها، وسنقدم المزيد والمزيد من الشهداء في سبيل الحرية والكرامة.

خدام الحديقة الخلفية
 القيادات التي فرت إلى أحضان العدوان، وهي قيادات كانت في مراكز مسؤولية بالدولة ووجاهات كبيرة في المجتمع.. هل هذا يؤكد ما يقوله البعض بأن تلك الشخصيات وعلى مدى عقود من الزمن لم تكن تعمل لصالح اليمن وشعبه، بل كانت تستغل مراكزها الحكومية ومكاناتها المجتمعية لخدمة السعودية من جهة وكيان الإخوان المسلمين من جهة أخرى؟
كانت المملكة السعودية تبني اليمن كحديقة خلفية لها، وكان ممن هم صناع القرار في اليمن أو مقربون من صناع القرار، كانوا خدام الحديقة الخلفية، وكانوا يتعاطون مرتبات من السعودية، وكانت السياسة الوهابية تحاول السيطرة على البقعة الجغرافية اليمنية من أقصاها إلى أدناها تحت عباءة السعودية، أنها التي تصرف وأنها التي تعطي وتمول، لكن نجد اليوم كثيراً من المرتزقة الذين هم ربما قريبون من المناطق الساحلية والتهامية، وكثير ممن شملتهم رواية الإمام علي من همدان، نجدهم اليوم يعودون إلى صوابهم ويعودون إلى وطنهم وصدورنا مفتوحة لهم، ونحن نقول للمغرر بهم والمرتزقة بشكل عام، عودوا إلى وطنكم، عودوا إلى أهلكم، اليمن يتسع للجميع، ومن كان نظيفاً من الدماء ولم يُوغل في سفك الدماء ولا في قتل الأبرياء، فهو سيعود لا محالة، ليس له أرض تحتويه سوى اليمن، ومن كانت يده قد تلطخت بالدماء، وقد توغل في الإسراف في القتل، فلن يستطيع أن يعود، لأن دين الدم عَسر (صعب).
وفي اعتقادي أنه من لم يستفد من عفو السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والرئيس المشير مهدي المشاط، في هذه الظروف، لن يستفيد في المستقبل، ولن يساعده الحظ ربما في المستقبل للعودة، لأنه من لم يستفد من العفو في الليالي المباركة من شهر رمضان المبارك وفي هذه الأيام التي نجد العدو متقهقراً ومهزوماً وتوج فشله وهزائمه بالتطبيع مع العدو الصهيوني الذي هو ربما في أسوأ حالاته وفي أضعف مرحلة يمر بها اللوبي الصهيوني و»إسرائيل»، إذ نجد الأعراب يهرولون للتطبيع مع «إسرائيل»، بينما المفترض أن الإنسان عندما يشعر بالضعف يبحث عن حليف قوي، وليس حليفاً يكون أسوأ ما يكون في مرحلة الضعف وفي مرحلة التشرذم والتشرد والضياع، لكن كما أسلفنا نقول للمغرر بهم والمرتزقة في صف العدوان: أيها اليمنيون.. إذا كان مازال فيكم ذرة من حرية وذرة من كرامة ورجولة وإباء ودين ومروءة يمانية، يجب عليكم أن تستغلوا هذه الفرصة وأن تعودوا إلى حضن الوطن، وإلى الأم الحنونة التي هي اليمن، التي تربينا نحن وأنتم بين أحضانها وترعرعنا وتنفسنا الكرامة والهوية الإيمانية واليمنية، فهي بلد الأديان وبلد الحكمة وشهد لها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونحن نقول جازمين إن اليمن هي متنفس لكل العالم، وعلى أيدي أبنائها المستضعفين الذين أصبحوا اليوم كلهم مجاهدين بفضل الله وعونه، ستكون حرية بقية المستضعفين في «الشرق الأوسط» وفي الأقطار الإسلامية، وسنتوجه جميعاً إلى تحرير القدس مشاركة مع الكتائب الفلسطينية التي هبت هذه الأيام في سبيل تحرير القدس والأقصى، وثارت على الصهاينة الذين دنسوا بيت المقدس وحاولوا مع التطبيع العربي المشبوه أن يستقووا في هذه الأيام ويستغلوا فرصة شهر رمضان وفرصة أن العرب متشرذمون ومتفرقون، للانقضاض على ما تبقى من أراضي فلسطين المحتلة.
نبارك للكتائب الفلسطينية هذه الانتفاضة، وندعو كل الشعوب العربية أن يساندوا المقاومة الفلسطينية وأن يمدوها بالمال والسلاح والرجال، فهذه فرصة ربما لن تُعوض، كما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بالصحة والعافية تحت ظل السيد القائد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى أن نصل بكتائبنا اليمنية لنشارك في تحرير بيت المقدس والأقصى وكل المقدسات التي دنسها الصهاينه واحتلوا جزءاً من الأراضي المباركة التي هي ملك للفلسطينيين ولم تكن يوماً إلا ملكاً لهم، وسنسقيها بدمائنا لتحريرها إن شاء الله.

معركة مأرب
  نتحدث سريعاً عن معركة مأرب وما أدراك ما مأرب.. برأيك لماذا تستميت أمريكا وتحالف العدوان وحزب الإصلاح في الدفاع عن مأرب وخشية سقوطها بين أيدي المجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبية؟
معركة مأرب هي الورقة الأخيرة المتبقية في أيدي الغزاة من تحالف العدوان وغيرهم، فمعركة مأرب ستكون الفاصلة، هناك الكثير الآن ممن تبقى من فلول الإصلاح الذين دنسوا الأراضي اليمنية وأوغلوا في القتل، وأوغلوا في المذهب الداعشي والتكفيري والقاعدي في هذه الأراضي اليمنية المطهرة، هذه المعركة ستكون فاصلة ما بين الحق والباطل، وسيكون ما بعد مأرب تطهيراً لما تبقى من المحافظات الأخرى التي مازالت تحت سيطرة العدوان ومرتزقته، تلقائياً.
ونحن هنا نتوجه بالشكر للشرفاء من أبناء مأرب على وقفتهم الجادة والحازمة في وجه المحتلين ومرتزقة الإصلاح ومن تبقى من فلول «القاعدة» و»داعش»، نبارك لأبناء مأرب هذا النصر الكبير، ونؤكد هنا أن تحرير مأرب كاملة مسألة وقت.
أما بالنسبة للمتباكين على مأرب، لماذا لم نسمعهم من قبل يتباكون على أية محافظة أخرى، لا تعز ولا الجوف ولا أي محافظة يمنية كان الاحتلال متواجداً فيها أكثر من مأرب.. لكن التباكي ليس على مأرب، وإنما على النفط والغاز الذين هم يعتبرونه الاحتياطي الذي يجب أن يصب لصالح دول تحالف العدوان.. حاسدين الشعب اليمني أن يتفرد بمقدراته وأن يكون ذا سيادة على خيراته من النفط والغاز، هذه الثروات التي طالما استبد بها الطغاة والظلمة وباعوها لسنين عديدة، فالنفط باعوه لشركة «هنت» الأمريكية لأكثر من 19 سنة بمبالغ زهيدة، والآن باعوا الغاز لشركة كورية لأكثر من 20 سنة بمبلغ ملياري دولار، هذا المبلغ لا يصل إلى مبلغ ما تشتريه اليمن من الغاز سنوياً، إضافة إلى ما يتم إنتاجه من الغاز المحلي، وذلك لسد احتياجات الشعب من هذه المادة الهامة.. لكن بإذن الله سبحانه وتعالى سيعود الحق لأهله، وهذه المعركة هي مسألة أيام خوفاً على أبناء مأرب والمتواجدين في مأرب وأن تكون التكلفة أقل والضحايا أقل، فالدماء اليمنية عزيزة علينا، لكن من باع نفسه وجندها للأمريكان والصهاينة وحلف العدوان فإنه يستحق كل ما وقع فيه، وإن شاء الله سنحتفل بالعيد الكبير (عيد الأضحى المبارك) في مدينة مأرب، مركز محافظة مأرب، بعد أن تتطهر، وسنحتفل جميعاً مع أبناء مأرب بالانتصار على قوى الشر والطغيان التي تتزعمها أمريكا وتمولها دول خليجية.


ثورة زراعية
  تعتبر محافظة صعدة من أهم المحافظات الزراعية، ماذا عملت السلطة المحلية في المحافظة لدعم هذا القطاع، خصوصاً وأن التوجه الوطني والثوري والحكومي، حالياً متركز على الزراعة ضمن خطط مستقبلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الزراعة، وخطابات السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في الفترة الأخيرة أولت هذا الجانب الكثير من الاهتمام؟
أنوه إلى أن خطابات السيد القائد حفظه الله، يجب أن تؤخذ على محمل الجد في جميع المحافظات، فعندما ينبه السيد لنقطة ما، فهي ربما تعتبر حجر زاوية أو نقطة مهمة جداً.. عندما يتحدث عن الزراعة يجب أن نتجه جميعاً إلى ثورة زراعية كما اتجهنا إلى ثورة ضد الطغاة والمستكبرين.. يجب أن تكون هناك جبهة زراعية متكاملة للنهوض بالقطاع الزراعي بكل ما نستطيع.
طبعاً محافظة صعدة، وكما أسلفت أنت، هي محافظة زراعية بنسبة 90 ٪ وهي سلة اليمن الغذائية للخضروات والفواكه، ونستطيع القول بأنها سلة الجزيرة العربية للفواكه والخضروات، هناك أكثر من خمسين ألف سلة من محصول الرمان يتم تصديرها يومياً من محافظة صعدة إلى خارج اليمن طوال موسم الرمان الذي يمتد لثلاثة أشهر، وأكثر من خمسين ألف سلة طماطم تُصدر يومياً على مدار العام من صعدة إلى خارج المحافظة وإلى الدول المجاورة التي كانت تستورد الطماطم من مصر ولبنان وغيرهما، وخلال فترة اجتياح فيروس كورونا الكثير من البلدان، اضطرت الدول المجاورة للاستيراد من اليمن، وسلة الجمهورية اليمنية هي صعدة، ومن بعدها تهامة بمديرياتها الزاخرة بالمحاصيل الوافرة.
نحن في هذه الأيام بمحافظة صعدة نُشجع المبادرات المجتمعية ونسهم فيها بشكل كبير وذلك في إنشاء البحيرات والسدود والحواجز المائية والكرفانات التي تسهم في تخزين المياه الجوفية وزراعة كل الأراضي البيضاء التي لم يتم استصلاحها، بل نحاول الحد من زراعة القات بكل ما نستطيع، ونشجع على زراعة الحمضيات في مديرية آل سالم التي تشتهر بزراعة البرتقال واليوسفي على مستوى اليمن، أما مديريات (صعدة، سحار، الصفراء، مجز) فتشتهر بزراعة التفاح والرمان والعنب، وكثير من المحاصيل الزراعية التي تُزرع على مدار السنة في محافظة صعدة وهي القمح والشعير والذرة والهند (الذرة الشامية) وكثير من المحاصيل الزراعية التي تغطي اليوم جانباً كبيراً من الأسواق المحلية بفضل الله سبحانه وتعالى وتُصدر إلى الخارج.
  هل لديكم خطط مستقبلية لتوسعة وتطوير عملية الزراعة في المحافظة؟
أكيد لدينا خطط مستقبلية، وقد اجتمعنا نحن ومركز البحوث واللجنة الزراعية العليا، ولدينا خطة بالتعاون مع اللجنة الزراعية العليا على مدار العام لتنفيذها في المحافظة، والخطط قائمة في تنفيذها على قدم وساق، ومكتب الزراعة يقدم جهوداً كبيرة جداً في المحافظة، وقمنا بتعيين وكيل للمحافظة للشؤون الزراعية (حسن صلاح المراني).. والآن نسعى جاهدين بكل ما نستطيع لكي يكون هناك اكتفاء ذاتي من الزراعة في محافظة صعدة، لتكون نموذجاً لباقي المحافظات في القطاع الزراعي.

الموروث التاريخي
 بالنسبة للموروث الثقافي والتاريخي في المحافظة وبخاصة مدينة صعدة التاريخية، ماذا عملتم للحفاظ عليها من الدمار؟
صعدة القديمة وما أدراك ما صعدة القديمة.. فقد تأثرت في الحروب الست بشكل كبير جداً، إذ أسهم محمد عبدالله القوسي -لا فتح الله عليه- في دمار صعدة القديمة بشكل كبير جداً، ولم تتلق محافظة صعدة تعويضاتها عن الحروب الست.. هناك أكثر من 27 ألفاً و15 منشأة في محافظة صعدة من بينها صعدة القديمة، لم تتلق تعويضات سوى تعويضات جزئية لبعض البيوت التي تدمرت جزئياً، أما البيوت التي دُمرت كلياً فلم تتلق أي تعويضات ولا حتى ريالاً واحداً، وإجمالي مبلغ التعويضات التي تلقتها محافظة صعدة في الحروب الست فقط تسعة مليارات ريال، من بينها النفقات التشغيلية لصندوق إعادة إعمار ما دمرته الحرب في صعدة، بينما تم منح صندوق إعادة إعمار ما دمرته السيول في حضرموت 43 مليار ريال، وأكثر من 14 مليار ريال تم دفعها في أبين لإعادة الإعمار نتيجة «الإرهاب» و»القاعدة» المصطنعة هناك في تلك الفترة، لكن صعدة لم تتلق عبر صندوق الإعمار سوى تسعة مليارات ريال بينما حجم الدمار فيها كبير جداً.
وفي إطار خطتنا الآن للحفاظ على مدينة صعدة، نحاول أن نسرع في مشروع الصرف الصحي الذي سيحفظ لنا ما تبقى من هذه المدينة الأثرية، كونها الآن أصبحت أشبه ما تكون بالإسفنجة متشبعة بالمياه والصرف الصحي، وتحتاج إلى مشروع صرف صحي عاجل، تلقينا وعوداً من منظمة «اليونبس» صندوق التعاون الدولي الذي يمثله في اليمن خلدون سالم صالح محمد، وقد زار صعدة القديمة برفقتنا، وبذل جهوداً كبيرة نشكره عليها، ووعد بتقديم مليون وثلاثمائة ألف دولار كمرحلة أولى، تبدأ من يونيو 2021، في تنفيذ مشروع الصرف الصحي لصعدة القديمة كبداية، وإلا فإن هذا المشروع يحتاج إلى 52 مليون دولار في مدينة صعدة وما جاورها من المدن الحضرية الجديدة، لكن الأولوية لصعدة القديمة، ونحن نسعى لاستنقاذها، وقد قدمنا مذكرات لمشروع الأشغال العامة والصندوق الاجتماعي للتنمية ولكل المنظمات المتواجدة بقلة في محافظة صعدة، منها منظمة اليونيسف، وكذلك منظمة اليونسكو التي لا يوجد لديها مقر في صعدة ومقرها في صنعاء، وكذلك الصليب الأحمر وكل المنظمات والصناديق المتواجدة في صعدة وخارج صعدة، قدمنا لهم مذكرات عدة، منذ أن تم منحنا الثقة كمحافظ لصعدة مطلع العام 2015 وحتى اليوم، لم يكن هناك استجابة كاملة من تلك المنظمات، وقد جهزنا الأرض في ما يخص مشروع الصرف الصحي بمساحة 1000 متر في 1000 متر، وهي المنطقة التي سيتم فيها بناء الأحواض ومحطة المعالجة، والدراسة الخاصة بمشروع الصرف الصحي جاهزة للتنفيذ، وأعتقد أن صعدة تُعد آخر محافظة في اليمن لا يوجد فيها مشروع صرف صحي، وفيها منطقة أثرية كصعدة القديمة التي تعتبر عيناً من عيون اليمن الحقيقية الأثرية، وهناك من يُشبه صعدة القديمة بأنها عين اليمن الثانية، إلى جانب مدينة صنعاء القديمة، عين اليمن الأولى، فصعدة عين وصنعاء عين، واليمن بدون صعدة ستكون عوراء، وأيضاً اليمن بدون صنعاء ستكون عوراء.
  لكن هناك اهتماماً كبيراً بصنعاء القديمة، بخلاف صعدة القديمة؟
نعم هناك اهتمام كبير بصنعاء القديمة، وقد لاحظنا التجار ورجال المال والأعمال بادروا وخرجوا، ورئاسة الجمهورية مهتمة بصنعاء القديمة، ونحن في صعدة مازلنا موعودين من رئاسة الجمهورية بأنهم سيحشدون التجار ورجال الأعمال للنزول إلى صعدة لإنقاذ ما تبقى فيها، فأهلها يعيشون مأساة كبيرة بعد أن دُمرت منازلهم وأصبحوا في حاجة وعوز، كما تم نقل السوق الرئيس من صعدة القديمة إلى خارجها خلال الحرب السادسة، ومنذ أن استهدف العدوان صعدة القديمة بالقصف، أصبح التسويق فيها صعباً جداً، فهي مدمرة بنسبة تتجاوز الـ70 ٪، والتسويق فيها بدون مشروع صرف صحي وبدون رصف الشوارع وبدون تنظيمها سيكون ربما إلقاء التجار بأموالهم إلى التهلكة، ونحن هنا نستغل وجود صحيفة «لا» في محافظة صعدة وندعو عبرهم بيت هائل سعيد أنعم ورجال المال والأعمال إلى أن يتدخلوا في محافظة صعدة وبخاصة صعدة القديمة، بالتعاون بمشاريع يمنية بحتة تكون نظيفة وطاهرة من الربا ومن الوصاية الأجنبية، ولا تكون عبر أي منظمة أجنبية حتى لا يمنوا علينا طوال الوقت ويعلقوا لوحاتهم بأنهم أعانونا في صعدة بكذا أو كذا، لذلك فإن أبناء جلدتنا وتجار يمننا أولى بنا، في أن يسهموا معنا في ترميم هذه المدينة التي تستحق منا كل التضحيات، لمكانتها التاريخية، إذ يزيد عمرها عن 1200 سنة، وأكثر البيوت الموجودة فيها وأصابتها الملوحة يصل تاريخ أقل بيت إلى 700 سنة، يعني تاريخاً بأكمله، فإذا قارنا ذلك بجارة السوء «السعودية» لا يوجد لديهم سوى متحف يوجد فيه سروال جدهم «سروال المؤسس»، وينفقون على هذا المتحف مليارات الدولارات، ويستقطبون الزائرين من دول العالم لزيارة المتحف وسروال المؤسس، وعادهم فوق ذلك يتجنون على الشعب السعودي بخرافة أن الشخص العقيم الذي لا ينجب أطفالاً، إذا أراد أن يتعالج فما عليه سوى زيارة المتحف وارتداء سروال المؤسس، وكأن الخصوبة لا توجد سوى في جدهم المؤسس، وهذه إحدى الخرافات والنُكت التي يضحكون بها على الشعب السعودي ويتجنون عليه ويستحمرونه، ولكن الشعب السعودي الحر العريق سيأتي يوم وينهض بثورة شبيهة بالثورة اليمنية ليتخلص من هذه الأسرة التي جثمت على صدره، وهي لا يصل عدد أفرادها حالياً إلى 6 آلاف فرد، فكيف بأسرة بهذا العدد تُسمي المملكة باسمها، وتستفرد بثرواتها، وتستملك هذه الارض الشاسعة التي فيها مناطق مستقطعة من اليمن وهي جيزان ونجران وعسير، وستعود هذه المناطق إلى اليمن إن شاء الله قريباً، وسننعم نحن وأبناؤها بثرواتها وخيراتها، وسنطالب ونقاضي الأسرة المالكة في السعودية بكل ما قد نهبته من ثروات هذه المناطق على مدى عقود من الزمن.

التكافل الاجتماعي
  يلاحظ أن التكافل الاجتماعي بين أبناء صعدة موجود بشكل كبير، ماذا عن المنظمات المحلية ودورها في صعدة؟
نحن في محافظة صعدة نعول على المؤسسات والمنظمات المحلية أكثر من المنظمات الأجنبية، لأن الأجنبية لا يكاد أن يُرى لها ظل، أو يُسمع لها صوت، في ظل هذه الظروف والعدوان والحصار، وكل ما يأتينا من معونات هو مقدم من منظمة الغذاء العالمي فقط، لكن التكافل الاجتماعي الذي نحتاجه باستمرار في تقديم الملابس والسلات الغذائية للجرحى والمعاقين وكثير من المحتاجين، لا تتدخل في ذلك أي منظمة أجنبية، ونحن هنا نشيد بدور المؤسسات المحلية، ومنها مؤسسة الشعب الاجتماعية للتنمية ومؤسسة التكافل الاجتماعي، وكل المؤسسات الخيرية التي هي من الشعب وإلى الشعب، وبدون أي مِنّة، وهذه المنظمات هي التي نعوِّل عليها في هذه المرحلة.

رسالة أخيرة
  الرسالة الأخيرة لمن توجهها؟
لسيدي قائد الثورة عبدالملك بدر الدين الحوثي، أهنئهُ فيها بالانتصارات العظيمة في مختلف الجبهات، وبعيد الفطر المبارك وعيد الوحدة الوطنية، وأهنئ شعبنا اليمني قاطبة وفي مقدمتهم أبطال الجيش واللجان الشعبية في كل مواقع العزة والكرامة، وأهنئ رئيس وأعضاء المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ، كما أهنئ أبناء محافظة صعدة على صبرهم وصمودهم وتعاونهم، وأخص بالتهنئة صحيفة «لا» التي زارت صعدة، وكذلك مؤسسة الشعب الاجتماعية للتنمية، وكل من قدم وأسهم في المساعدات لأبناء محافظة صعدة بكل شرائحهم سواء معاقين أو جرحى أو مرابطين.
وأتوجه بالشكر لشعبنا اليمني العظيم على صموده وما قدمه ويقدمه من تضحيات وقوافل بشقيها، قوافل الشهداء وقوافل المال والعطاء، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يمن عليهم بالخير الوافر والعافية الدائمة، وأن يخرجنا من هذه الحرب منتصرين في أسرع وقت إن شاء الله، وأدعوهم أن يستغلوا المناسبات والأعياد الدينية والوطنية وأن يتوجهوا إلى الجبهات لزيارة رجال الرجال، الذين نشعر عندما ندخل إلى الجبهات أننا دخلنا في عرض السلام، السلام من العدوان، والسلام من الشر، والسلام من النفوس الأمارة بالسوء، أدعوهم أن نكون جميعنا إلى جانب أبطال الجيش واللجان الشعبية، في الأعياد والمناسبات، وأن نحذو حذو الشهيد الرئيس صالح الصماد (رحمه الله)، أن تكون جبهاتنا أعيادنا.