«لا» 21 السياسي -
عشر سنوات منذ أن أحرق محمد البوعزيزي جسده معلناً عن تدشين ثورات ما سمي الربيع العربي، وهي الثورات التي انتقلت شرارتها من تونس إلى بلدانٍ عربيةٍ أخرى واشتد أوارها لأعوامٍ وانتهت إلى ما هو الحال عليه اليوم بين مشرق الخليج ومغرب المحيط.
قيس سعيد، وهو الرئيس المنتخب الثالث بعد الإطاحة بنظام حكم زين العابدين بن علي، يصدر قراراتٍ تاريخية حل بها حكومة المشيشي وعلق بها عمل برلمان الغنوشي ورفع الحصانة عن النواب، وذلك بعد سنوات اقتصادية وسياسية عاصفة ضربت تونس الخضراء، وكادت أن تحولها إلى أرضٍ يباب.
يذهب البعض إلى قراءة ما يحدث في تونس بكونه إسدال ستار نهاية الربيع العربي، فيما يرى آخرون في ما يفعله سعيد تصحيحاً جذرياً لتشوهات صنعتها دول النفط وجماعات الإسلام السياسي بجسد الربيع المعاق.
وبين الرأيين يمكن القول بأن ثمة ضرورة تاريخية لزم اتخاذها في الزمان والمكان المناسبين من أجل تفادي المزيد من تجريف أحلام الشعب التونسي ومن تخريف ربيعه وتحريف مساراته.
تجدر الإشارة إلى أن أزمة نظام الحكم في تونس الآن مصدرها تقاسم السلطة بين بقايا نظام بن علي، المؤطرين في حزب قلب تونس وبين الإخوان المسلمين ممثلين في حركة النهضة، إضافةً إلى الرئيس سعيد القادم من غياهب الأكاديميات وغيابات التكنوقراط، وهي السلطة التي أخرجت من تشكيلها قوى الشعب التونسي الحية كاتحاد الشغل، وتم التخلص خارجها من رموز الحركات الثورية.
ثمة مخاوف من استدعاءات تاريخية لتجربة عشرية الجزائر السوداء إلى تونس وهي العشرية التي تعرض فيها الجزائريون جيشاً وشعباً لمذابح رهيبة طوال سنوات العقد الأخير من القرن الماضي.
غير أن ثمة كتلة حاكمة في المعادلة التونسية يمكن التعويل عليها في طرد أشباح تلك المخاوف وتتجسد تلك الكتلة في وعي الشعب التونسي وقواه الشابة الحية وهو تعويلٌ قد يبنى عليه إلى حدٍ ما.. اللهم احفظ الخضراء من سراق الثورات والثروات في إسطنبول ولصوص الأحلام والأنغام في الرياض وأبوظبي.