«لا» 21 السياسي -
استعادة منابع الثروة وتحريرها حقّ سياديّ للشعب اليمني لا يمكن التنازل عنه، وفي «مبادرة مأرب» المطروحة مؤخراً تم التأكيد على ضرورة إعادة تشغيل أنبوب صافر ـ رأس عيسى، وضخّ النفط وتصديره وتشغيل غازية مأرب وتوزيع الحصص النفطية والغازية بالتساوي على جميع المحافظات مع إعطاء أبناء مأرب أفضلية في الوظائف والثروة.
المرتزقة ومن خلفهم دول العدوان لم يستجيبوا لهذه المبادرة حتى اللحظة، ولن يفعلوا لأسباب لصوصية واضحة، وإن ألبسوا رفضهم هذا ما شاؤوا من «خِرق» الشرعية الكاذبة، ولحرص عواصم الحصار على إبعاد الجيش اليمني واللجان الشعبية عن مأرب ومحافظات النفط والغاز في سبيل إبقاء خارطة الحرب الجيوسياسية.
خيار تحرير مأرب وكل المحافظات اليمنية النفطية وغير النفطية كان وسيبقى خيار قوات الجيش واللجان حتى وإن ظلت مبادرة مأرب على طاولة التفاوض وفي سد باب الذرائع وفي وضع الحجة الدامغة على فم محاججات الارتزاق الباطلة.
يستميت الأمريكيون والبريطانيون وأدواتهم الإقليمية والمحلية في إبقاء مربعات الثروة خارج خارطة نتائج سبع سنوات من الصمود في مواجهة عدوانهم لأسباب تتجاوز التكتيك المرحلي في إدارة الحرب إلى التخطيط الاستراتيجي في بقاء واستمرار وتوسع مشروع الوصاية والتبعية والهيمنة واللصوصية العابرة للقارات وحقوق الشعوب ومصالحها، ويرون في استمرار العدوان على اليمن ممراً للعبور باتجاه تحقيق تلك الاستراتيجية.. فاليمن بما يملكه ويمتلكه يستحق -وفقاً لمخططاتهم الشيطانية- الكثير من الصبر على إعلان الهزيمة والمزيد من اللعب على عوامل الوقت والتجويع وحلب بقرات نجد والخليج.
يملك اليمن مخزوناً هائلاً من الثروة النفطية يقدّر بـ11.950 مليار برميل، المعروف منها والمثبت بحدود 3 مليارات برميل نفط في حوض شبوة مأرب وحوض سيئون ـ المسيلة، والتي تمثّل الأحواض المنتجة في اليمن، وتضع البلد في الترتيب الـ29 في تصنيف احتياطيات النفط، بمعنى أنَّه لم يستخرج منها حتى الآن سوى 20 ٪ فيما لايزال أكثر من 80٪ من الأحواض الرسوبية والمناطق الواعدة والمؤهلة لتكوين نظام بترولي غير مكتشف، وتحديداً في حوض جزع ـ قمر وحوض الربع الخالي بين المهرة وحضرموت ومأرب والجوف، والتي يصفها خبراء النفط والجيولوجيا بـ«سيبيريا اليمن»، ناهيك عن الأحواض المغمورة، مثل حوض سقطرى وحوض البحر الأحمر (تهامة).
ويمتلك اليمن 105 حقول في مناطق الامتياز، بينها 13 حقلاً تخضع لأعمال استكشافية، و12 حقلاً منتجاً، و81 حقلاً بمثابة قطاعات مفتوحة للاستكشاف والتنقيب، فيما يبلغ عدد الشركات العاملة في مجال الاستكشاف والإنتاج 18 شركة أجنبية بين أمريكية وفرنسية وكورية.
وكان إنتاج اليمن قبل العدوان 127 ألف برميل يومياً، تمثّل 70 ٪ من موارد الموازنة العامّة، ونسبة كبيرة من موارد النقد الأجنبي.
دول العدوان التي تستحوذ حالياً على المناطق النفطية في البلاد عمدت منذ البداية إلى تعطيل أنبوب تصدير النفط الممتد من صافر في مأرب إلى ميناء رأس عيسى في الحديدة، لحرمان جغرافيا السيادة من حقوقها، كما عمدت إلى قطع مرتبات أكثر من مليوني موظف في القطاع الرسمي كوسيلة وأداة من أدوات الحرب، إلى جانب نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وفرض الحصار على ميناء الحديدة ومطار صنعاء ورفع الدولار الجمركي، بمعنى أنَّها جردت صنعاء من معظم إيرادات البلاد، أي أكثر من 80٪ من إيرادات الموازنة العام.
وتتجاوز قيمة الكميات النفطية التي نهبتها دول التحالف السعودي وحكومة الفنادق الـ20 مليار دولار خلال السنوات الماضية، تستخدم جزءاً منها في تمويل الحرب العدوانية، فيما يذهب النصيب الأوفر إلى حسابات حيتان النفط والبنك الأهلي السعودي.
بعض الشركات العاملة في القطاعات النفطية اليمنية مثل «هنت أويل» الأمريكية و«توتال» الفرنسية و«كلفالي» القبرصية و«أو إن بي» النمساوية المرتبطتين بـ«أدنك» الإماراتية و«أرامكو» السعودية، تتعاون مع تجار يمنيين متورطين بشكل مباشر في عملية تهريب النفط عبر ميناء النشيمة في شبوة، وبمعدل 3 ملايين برميل نفط شهرياً، إلى جانب كميات كبيرة جداً تهرّب عبر ميناء رضوم وميناء الشحر، وكلها يتم عبرها تهريب النفط، وما يتم اكتشافه أقل بكثير مما لا يتم الإفصاح عنه.
وبالتالي، فمن الواضح هنا أن العدوان دولاً وأمماً متحدة ومرتزقة يعملون في تكثيف إجرامي متواصل عمودياً ومتعدد أفقياً على إبقاء حالة الوصاية والنهب كما كانت قبل الـ21 من أيلول/ سبتمبر 2014، وهو الأمر الذي يستحيل تحقيقه تناسباً مع تضحيات اليمنيين الكبيرة لإنجاز الاستقلال ووفقاً لبديهيات حركة تاريخ المقاومة وحراك جغرافيا الصمود واستجابةً لإرادة شعب تُنفِذُها ثورة وتُنَفِذُها فوهات البنادق.. «أليس الصبح بقريب».