«لا» 21 السياسي -
إننا واليهود أبناء عم خلص، ولن نرضى بقذفهم في البحر كما يقول البعض، بل نريد التعايش معهم بسلام.. إننا واليهود ننتمي إلى سام، وتجمعنا السامية كما تعلمون، إضافة إلى روابط قرابة الوطن، فبلادنا منبع اليهود الأول الذي منه انتشر اليهود إلى كافة أصقاع العالم.
(الملك فيصل بن سعود لصحيفة «واشنطن بوست»، 17 سبتمبر 1969).
منذ إعلان «دولة إسرائيل» خاض العرب ثلاث حروب شاملة ضدها، بقيادة مصر وسورية. واتهم جمال عبدالناصر المملكة السعودية عام 1967 بأنها السبب وراء هزيمة مصر والعرب في حرب حزيران/ يونيو، وذلك بعد أن استنزفت المملكة الجيش العربي (مصر وسورية والجزائر) في اليمن؛ بمساندتها للنظام الملكي اليمني آنذاك. واتهم ناصر السعودية بأنها تلقت دعماً بريطانياً- «إسرائيلياً» في اليمن مما تسبب في إضعاف الجيش المصري، وضياع القدس وفلسطين بعد هزيمة عام 1967.
وظهر التحالف السعودي «الإسرائيلي» جلياً من خلال استعانة فيصل بخدمات سلاح الجيش «الإسرائيلي» المتطور في حربه ضد ثورة 26 أيلول/ سبتمبر 1962، حيث قام سرب الطيران الدولي «الإسرائيلي» رقم 120 يقوده الطيار أرييه عوز بأكثر من 14 رحلة مروراً بالأراضي السعودية وبالتنسيق مع السلطات السعودية التي تولى مهمتها رئيس الاستخبارات آنذاك وصهر الملك فيصل كمال أدهم، حسب ما ذكره عضو مجلس العموم البريطانى آنذاك جوليان إيمرى في كتابه «الصراع على اليمن».
وأرسل فيصل إلى الرئيس الأمريكي جونسون رسالة في عام 1966، أي قبيل هزيمة الجيش العربي في عام 1967 وتكشف تواطؤاً سعوديا واضحاً مع الولايات المتحدة بشأن احتلال «إسرائيل» للضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.
وكان من ضمن ما جاء في الوثيقة إشارة فيصل إلى دور مصر الخطير في اليمن والمنطقة العربية ككل، وذلك من خلال الدعم المصري الذي قدمه عبد الناصر للثوار وإلهاب مشاعر الناس بخطبه الرنانة، وهو ما يهدد عرش المملكة السعودية ومصالح الولايات المتحدة على حدٍّ سواء.
وطبقاً لما ورد في الوثيقة، حث فيصل الرئيس الأمريكي على ضرورة دعم «إسرائيل» لشن هجوم خاطف على مصر، لأنها الطريقة الوحيدة لإخراج الجيش المصري من اليمن.
وفي نص وثيقةٍ أخرى سابقة لتلك الوثيقة نُشرت على الموقع الحكومي للولايات المتحدة (History Gate) أرسلها الرئيس الأمريكي جونسون إلى الملك فيصل في عام 1965 تتضمن مؤازرة جونسون لما سماه في نص الوثيقة الأهداف المتبادلة بينهما لمناهضة الشيوعية، كما طمأن مخاوفه بشأن قوات الجمهورية العربية المتحدة في اليمن -التي يتزعمها عبدالناصر- قائلاً: «أبلغني السفير هارت بشأن قلقكم المستمر إزاء وجود أعداد كبيرة من قوات الجمهورية العربية المتحدة في اليمن، والتهديد الذي تعتقدون أنهم يشكلونه على بلدكم، وهو أمر نتشاركه وإياكم، فهدفنا كما تعلمون هو تحقيق انسحاب هذه القوات، ووقف التدخل الأجنبي في الشؤون اليمنية، ولتحقيق هذا الهدف يأتي أمن المملكة العربية السعودية في مقدمة أذهاننا». كما وعده جونسون بتقديم الدعم المالي والعسكري من تحديث القوات العسكرية إلى تلبية الاحتياجات الأمنية اللازمة للمملكة العربية لمساندتها في حربها باليمن.
الأسطورة تقول: إنّ الملك فيصل بن عبد العزيز عقب قيام حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 أعلن حظر تصدير النفط إلى أوروبا والولايات المتحدة. لكنّ الوثائق المُسربة تُظهر لنا الوجه الآخر للتاريخ؛ فالقرار لم يكن بدافع المبادئ، لأنّ فيصل كان مستاءً من قيام الحرب وخائفاً من تدهور علاقاته مع الأمريكيين. ورغم أنه قد تم تصويره كبطل لاستخدامه النفط كسلاح اقتصادي إلا أنه كان فعليا ضمن الرافضين لذلك القرار؛ لكنه وقتها لم يكن ليُخالف الرأي العام العربي.
فعندما أوشكت مصر وسورية على إلحاق الهزيمة بـ«إسرائيل» أُجبر المصريون -تحت ضغط سعودي أمريكي هائل- على التخلي عن الهجوم في الوقت الذي كانت فيه القوات السورية تقتحم مرتفعات الجولان.
كما ذكر الفريق سعد الدين الشاذلي والمشير محمد عبد الغني الجمسي، قائدا القوات المسلحة المصرية خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر في مذكراتيهما أن اللوبي «الإسرائيلي» أقنع السعودية بالضغط على مصر من أجل التراجع وعدم إلحاق الهزيمة بـ«إسرائيل».
الجدير بالذكر أن أول لقاء «إسرائيلي» سعودي كان في عام 1939 في لندن بين الأمير فيصل عندما كان وزيرا للخارجية، ووفد يهودي كان يحضر مؤتمرا حول الوضع في فلسطين.