حاوره: طلال سفيان / لا ميديا -
حسن المسبحي.. تاريخ كبير لرجل امتلأ بفنون كروية ورؤى تطويرية.
بدأ المسبحي حكايته كنجم وسط من نادي شمسان بعدن، قبل أن يتم الحكاية صعودا نحو دفة الشعب في صنعاء.
زامل عمالقة لا نظير لهم في كرة القدم اليمنية، ودرب بعد ترك الركض خلف الكرة، وطرح الكثير من الجمل التكتيكية والاستراتيجية، ومازال يفعل حتى اليوم.
صحيفة "لا" أجرت حوارا مع الجبل حسن المسبحي وطرحت عليه البداية والمنتهى.

بدأت مع القناصة
 في البداية هل كان شمسان النادي أو كان الظهور من الفرق الشعبية في عدن؟
- البداية كانت من فريق القناصة، فريق حارة القلوعة بمدينة عدن، وكنا نأخذ معه بطولات الحواري. ثم لعبت مع منتخب مدرسة الروضة. ومن زملائي كان نجم شمسان وصقر تعز والمنتخبات الوطنية الكابتن عادل سعيد، وطاهر البراق لاعب شمسان وشعب صنعاء، وكذلك المرحوم عبدالله المجدلي، لاعب شمسان والجيش.
أخذنا مع فريق الروضة المدرسي عدة بطولات. وكنت سأشارك مع المنتخب المدرسي في بطولة الصومال المدرسية؛ لكني انتقلت إلى صنعاء عام 1979.
طبعاً بدايتي الرسمية على صعيد الأندية كانت مع شمسان، ومعه تدربت على يد الكابتن الكبير يحيى فارع، وعبد عبدالقادر حسن (القادري). كما تدربت في فريق شمسان لسن 16 على يد المدرب خالد سالمين رحمه الله.

ذكريات عالقة
 يبدو ما زالت ذكريات شمسان الجبل عالقة معك كابتن حسن...؟!
- نعم، شمسان كان نقطة الأساس في حياتي الكروية. هذا النادي الواقع في نطاق حارتنا، كان مكوناً من نخبة من نجوم كرة القدم العدنية؛ الحارس العملاق عادل إسماعيل ربنا يرحمه، وعبدالرزاق إبراهيم ومحمود شمسان وعزيز الكميم وجميل سيف والقادري ويحيى فارع والتميمي المهاجم الخطير... ثم سافرت إلى صنعاء سنة 1979 للعب مع الشعب، رفقة زملائي الكبار عزيز الكميم وطاهر البراق وعمر عبده...

سمعة قوية لشعب صنعاء في الجنوب
 لماذا اخترت نادي شعب صنعاء بالذات؟
- كان نادي شعب صنعاء له سمعة كبيرة في عدن والجنوب. شعب صنعاء فريق عريق. عندما كنت ألعب في شمسان كان الكابتن القادري والكابتن يحيى فارع يتحدثان دوماً عن شعب صنعاء، هذا الفريق الذي كان يمتلك نجوما عمالقة أمثال عادل مقيدح، قاسم منصر، وجواد محسن. في السبعينيات كان جواد محسن أفضل مدافع على مستوى اليمن والوطن العربي، وكذلك صخرة الدفاع عبدالكريم الهتاري، وكان الاثنان مطلوبين للاحتراف في مصر. هذا في عام 1962 عندما لعبا مع منتخب عدن ضد الترسانة المصري، وتحدثت يومها الصحافة المصرية بمانشيتات: "أشبعناهم أهدافا فأشبعونا ترقيصا". والكابتن الهتاري، وهذه معلومة للتاريخ، درب أهلي الحديدة والمنتخب الوطني في الشمال حينها في دورة ليبيا. كما امتلك الشعب نجوما لا يمكن أن تنجب الكرة اليمنية مثلهم: شكيب البشيري، أبو غانم، عزيز الكميم، مفضل الوزير، شفيق الكحلاني، وعلي العبيدي.

الأندية الأكثر استقطاباً
 ما هي أكثر الأندية الشمالية في ذلك الحين استقطابا للاعبي الجنوب، أو المفضلة لهم؟
- في البداية كانت أندية الشعب في صنعاء والطليعة في تعز وجيل الحديدة الأكثر استقطاباً للاعبي الجنوب، ثم جاءت أندية وحدة صنعاء عن طريق الشيخ المطري رحمة الله عليه، الذي كان نموذج الإنسان اليمني الرائع، وكم أعتز بمعرفة وصداقة هذا الشيخ الوطني الرياضي الكبير، كما أعتز بالأستاذ محمد عبده سعيد، رئيس نادي شعب صنعاء، والذي نفتخر به وبالإنجازات التي حققها الشعب في عهده، وللأسف الإدارات التي جاءت بعده سببت الإحباط لهذا الرجل، ولهذا أنا أطالب بعودة الرياضي المثقف رجل المحبة والتطوير محمد عبده سعيد إلى نادي الشعب للنهوض به من جديد.

لم يكن المنتخب طموحي
 هل شاركت في المنتخبات؟!
- حقيقة تم اختياري كثيراً ولم أكن أذهب؛ لم يكن لي طموح اللعب بالمنتخبات بقدر اهتمامي ببذل مجهود أكبر مع فريق شعب صنعاء.

علاقتي مع علي أطلس
 عملت مساعداً للكابتن علي محسن المريسي... هلا تحدثنا عن هذه الفترة؟
- نعم، دربت مع الكابتن علي محسن في نادي شعب صنعاء. كما دربت الفريق الأول مساعداً للمرحوم أنور غفوري في البطولة التي أحرزناها الموسم 1986/ 1987، وأثناء عملي مع المريسي لعبنا (شعب صنعاء) في البطولة العربية الخامسة بمدينة جدة مع الترسانة المصري، وبطل السودان، وبطل الصومال، وبطل جيبوتي. كان هناك موقف كبير حصل مع علي محسن أثناء البطولة، حيث صرخ رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم لحظة مشاهدته لعلي محسن بأعلى صوته: "علي أطلس! علي أطلس!"، ولم يكن الصحفيون يعرفون مدرب المنتخب اليمني، الذي كان جالساً في بهو الفندق، ومن يكون! ومن حينها خرج الإعلام المتواجد في البطولة بمعلومات عن المريسي كأول يمني وعربي درب فريق الهلال السعودي ولفترة بسيطة قبل أن يتركهم احتراماً لمشاعر جماهير نادي النصر الذي كان يحظى بتشجيع الجالية اليمنية في السعودية بصورة كبيرة. طبعاً هذه معلومة لا يعرفها أحد.
 كيف بدأت علاقتك مع الكابتن علي محسن المريسي؟!
- بدأت عندما كنت ألعب مع فريق ناشئي نادي شمسان بعدن في السبعينيات، إذ كنت صغيراً في ذلك الحين، وعلي محسن كان مدرباً لنادي الميناء وأحرز لهم لقب الدوري، وهو أول لقب لنادي الميناء. ثم ذهب المريسي إلى شمال الوطن كإعارة لتدريب المنتخبات الوطنية مطلع الثمانينيات.
علي محسن المريسي كان يحب مشاهدة الأفلام الأجنبية. شخص متواضع لا يحب الحديث عن نفسه إطلاقا، مثقف بشكل مذهل، ويحب اليمن وطنه بشكل لا يتخيل، وهذه ليست مبالغة، فقد رفض المريسي الجنسيات التي كانت تعرض عليه من العديد من الدول، وكان الاسم والنجم الأول للزمالك المصري في عقدي الستينيات والسبعينيات، والجميع يعرف تاريخ اليمني المريسي الكبير.

المريسي الأب.. صرخة ألم
 يا حبذا لو تحدثنا عن لحظة وفاة أسطورة الزمالك والكرة اليمنية علي محسن المريسي؟
- أتذكر هذه اللحظة بحسرة. في البداية اتصل بي وزير الشباب والرياضة، الأستاذ محمد الكباب، أنا ونزار، ابن الشهيد علي الأحمدي، وسألنا عن الكابتن علي محسن، فأخبرته أني لم أشاهده منذ ثلاثة أيام. فقال، اسألوا عنه. حاولنا نسأل عنه ولم نعرف. بعدها بساعتين، وتحديداً الساعة التاسعة مساء، عاود الكباب الاتصال بنا وقال: أنتم غلطانين؛ الكابتن علي محسن الله يرحمه! فذهبت أنا والمحامي نزار الأحمدي، ومعنا أحمد محسن، شقيق علي محسن المريسي، إلى منزل محمد سالم باسندوة في الحي السياسي وسط العاصمة صنعاء، ننتظر قدوم والد علي محسن من مديرية مريس حتى نأخذه إلى مستشفى الثورة. وعندما وصل والد الكابتن علي محسن ربنا يرحمه، ذهبنا لرؤيته في ثلاجة مستشفى الثورة. كانت لحظة ألم شديد، مليئة بالدموع والآهات، حتى أن والد الكابتن علي محسن كان يصرخ: "ابني صغير، لماذا مات؟!". طبعاً الكابتن علي محسن توفي وعمره 52 عاماً، وفعلاً كان بنظر والده الحاج محسن المريسي صغيراً، كما يعرف الكل رحلة الكابتن علي محسن إلى مصر واللعب مع الزمالك وهو صغير.
بعدها أخذنا جثمان الكابتن علي محسن إلى جامع المتوكل للصلاة عليه ومواراته، وكان في انتظارنا الوزير الكباب منذ الساعة السابعة والنصف صباحاً. وبعد الدفن كان العزاء في منزل أحد رجال الأعمال ممن يقربون للكابتن المريسي، وكان يتواجد الكثير من الرياضيين وأعضاء الحكومة، منهم الكابتن علي الأشول، ومحمد الكباب، والوزير علي البحر.
 هل نال المريسي حقه؟
- بكل صدق، وتوضيحا للحقائق، لم يلقَ أبو الكباتن علي محسن المريسي التكريم اللائق هنا في الوطن. وكان الدكتور محمد الكباب وزير الشباب والرياضة حينها هو أفضل من كرمه بمنحه درجة مستشار في الوزارة، كما قدم له رعاية واهتماماً خاصاَ, ومنحه سيارة جديدة بدلا من سيارته القديمة.

الفكر التطويري غائب
 برأيك، هل تعمل الإدارة وفق المفاهيم الحديثة لكرة القدم؟
- للأسف الشديد، الأندية لا تملك أي فكر تطويري، فقط تملك تسميات وبطولات لا تصل إلى مستوى الارتقاء. ولو ضربنا مثالا ففريق مثل فحمان أبين الذي أحرز لقب دوري الدرجة الأولى لكرة القدم مؤخراً، أخذ مبدأ واحداً من الأسس، وهو عنصر الانتماء والإصرار على النجاح. هذا مبدأ واحد من أسس عدة، وإدارات الأندية لا تعمل حتى بهذا المبدأ. لذلك نرى انعكاس الإدارة على كل مفاهيم اللعبة، وهذا ما ينعكس في الانتكاسات التي تلحق بالمنتخبات.
 كابتن، هل نلت شهادات في مجال التدريب؟
- درست أنا والكباتن مقبل الصلوي وأحمد علي قاسم وأحمد علي بن علي, في الأكاديمية الرياضية الكندية عام 1989, وأدار هذه الدورة خبراء بريطانيون. وعندما ذهبت إلى الولايات المتحدة عملت مدربا لشركة نيوبرت هناك. وعند عودتي للوطن تركت التدريب وعشت وحيدا ولم أتابع الرياضة إلا من بعيد. وحاليا أنا مستشار في شركة النفط.
 هل ما زلت قريبا من الشعب؟
- نعم، أنا قريب من نادي الشعب, وأرى أن الإدارة الجديدة في الشعب عليها نسيان الماضي وتبدأ من جديد وتتجه للتطوير. اليوم نادي شعب صنعاء يفتقر للداعم والحصول على المال. على الإدارة الجديدة بذل قصارى جهدها دون النظر لما يعتريهم من معوقات وإحباطات.
 كلمة أخيرة كابتن حسن...؟
- أود أن أشكر صحيفة "لا" على ملحقها الرياضي. هذه بادرة رائعة تنمي الأسس الرياضية, فقد فرضتم علينا أن نبوح بما في نفوسنا لنعطي صورة مغايرة معانيها جمالية الرياضة أيام زمان والحديث عن معاناتها اليوم. الإعلام ركيزة أساسية في تطوير الرياضة اليمنية. شكرا لكم صحيفة "لا".