رعاة البقر مرتزقة لدى رعاة الشاة في قصف اليمن
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي

اليمن بالحبر الغربي / إعداد:علي عطروس / لا ميديا -
على مدى السبع السنوات الماضية، سعى 280 متقاعداً عسكرياً للحصول على إذن اتحادي للعمل في دولة الإمارات، وهو عدد أكثر بكثير من أي دولة أخرى، وذلك وفقاً لوثائق حصلت عليها صحيفة «واشنطن بوست» بموجب قانون حرية المعلومات الأمريكي.
ومن بين أولئك الذين عملوا كمتعاقدين عسكريين أو مستشارين للإماراتيين، ترك بعض الجنرالات بصماتهم في الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط، ومن بينهم: الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية جيم ماتيس، الذي كان مستشاراً عسكرياً للإمارات قبل أن يصبح وزيراً للدفاع في إدارة ترامب، وفقاً للوثائق.
يحظر القانون الفيدرالي على العسكريين المتقاعدين وجنود قوات الاحتياط قبول الوظائف أو الهدايا من الحكومات الأجنبية دون موافقة وزارة الخارجية والبنتاجون. وذلك لمنع المحاربين القدامى من أن يصبحوا مدينين بالولاء للقوى الأجنبية أو أن يقوضوا المصالح الأمريكية. وينطبق القانون على المتقاعدين الذين يصنفون على أنهم خدموا 20 عاماً على الأقل ويتلقون معاشاً تقاعدياً؛ لأنه يمكن استدعاؤهم من جديد إلى الخدمة الفعلية.
ورفضت القوات المسلحة ووزارة الخارجية طلبات إجراء مقابلات من صحيفة «ذا بوست». وفي رد مكتوب على الأسئلة، قالت وزارة الخارجية إنها تتخذ قرارها بشأن طلبات التوظيف بناءً على ما إذا كان هؤلاء الأفراد «سيؤثرون سلباً على العلاقات الخارجية للولايات المتحدة».وردّاً على سؤال عما إذا كانت الحكومة الأمريكية قد سهلت لإمارات التدخل في اليمن وليبيا عبر السماح للإماراتيين بتوظيف العديد من المتعاقدين العسكريين الأمريكيتين، قالت وزارة الخارجية إن «الإمارات لطالما كانت شريكاً حيوياً للولايات المتحدة في مجموعة واسعة من قضايا الأمن الإقليمي، ونعتزم الاستمرار في مساعدتها لتحسين قدراتها للدفاع عن أراضيها، ونحن على ثقة من أن علاقتنا القوية ستستمر».
ويُعتبر المتقاعدون العسكريون، البالغ عددهم 280، الذين تم تحديدهم في السجلات، مجرد محاسبة جزئية لأميركيين يعملون كمتعاقدين عسكريين في الإمارات.
ويقدر المحللون أن المئات من قدامى المحاربين الأمريكيين الآخرين يعملون لدى الحكومة الإماراتية أو الشركات المملوكة للدولة. ولا يتعين على الأمريكيين الذين خدموا أقل من 20 سنة بالزي العسكري السعي للحصول على إذن فيدرالي لتولي وظائف أجنبية، ولا تتعقب حكومة الولايات المتحدة عدد الوظائف في الخارج.
تسمح الإمارات للبنتاجون بوضع 5000 فرد في قاعدة الظفرة الجوية وإرساء السفن الحربية في «جبل علي»، وهو ميناء عميق المياه بالخليج العربي.
ومنذ سنة 2012، كانت الإمارات ثالث أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية، بعد المملكة السعودية وأستراليا، وذلك وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي يتتبع مبيعات الأسلحة العالمية. وقد قال المسؤولون الإماراتيون إن شراكتهم الشاملة مع الولايات المتحدة أفادت البلدين بشكل كبير في التجارة والأمن.
من جانبه، قال يوسف العتيبة، سفير الإمارات في الولايات المتحدة، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إنه «على مدى السنوات الخمسين الماضية، لم تلعب أي دولة دوراً مهماً في تقدم الإمارات وأمنها مثل الولايات المتحدة. لقد استفدنا من الخبرة الأمريكية في كل مجال تقريباً لبناء المعرفة وتطوير اقتصادنا وتعزيز مجتمعنا وحمايته».
ومع ذلك، فقد حجب المسؤولون الإماراتيون والأمريكيون مدى اعتماد الإمارات على المتعاقدين العسكريين الأمريكيين.
واضطرت صحيفة «واشنطن بوست» إلى رفع قضيتين قضائيتين بموجب قانون حرية المعلومات لإجبار الجيش الأمريكي ووزارة الخارجية على الإفراج عن وثائق حول الجنود المتقاعدين الذين يعملون لصالح الإمارات وحكومات أجنبية أخرى. وقد نقحت الوكالات أسماء الموظفين باستثناء الجنرالات المتقاعدين والأدميرالات، قائلة إن الكشف عن هوياتهم قد يؤدي إلى «الإحراج والمضايقات».
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، حكم قاضٍ فيدرالي بأن تبرير الوكالات لحجب الأسماء كان «واهياً» و»غير مقنع»، وأمر الجيش ووزارة الخارجية بالكشف عن مزيد من المعلومات. وقالت وزارة العدل إنها تدرس ما إذا كانت ستستأنف الأمر.
تكشف الوثائق أن الإمارات وظفت أميركيين للمساعدة في إدارة كل جزء تقريباً من آلتها العسكرية، وهم يعملون كمستشارين استراتيجيين، وميكانيكيي طائرات، وطيارين، ومدربين، ومشغلي طائرات مسيّرة، وخبراء دفاع صاروخي، ومدربي مدفعية، ومتخصصين في الرادار، ومستشارين للأمن السيبراني، ومخططين لوجستيين، ومشرفي صيانة، ومعظمهم من قدامى المحاربين في القوات الجوية والجيش الأمريكي، وحوالى ثلثهم من الضباط المتقاعدين.
وحصل معظم الأمريكيين على وظائف مع شبكة من متعاقدي الدفاع تسيطر عليها حكومة الإمارات. أكبر أولئك المتعاقدين هي شركات تابعة لمجموعة «إيدج»، وهي مجموعة دفاعية مملوكة للدولة تبلغ إيراداتها السنوية 5 مليارات دولار.
تحافظ الإمارات على سريّة الكثير من المعلومات حول قواتها المسلحة؛ لكن يعتقد المحللون أنها تنفق حوالى 22 مليار دولار سنوياً على الدفاع، مثل تركيا تقريباً. وحسب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فإن القوات المسلحة الإماراتية تمتلك 65 ألف جندي في الخدمة الفعلية، على غرار كندا وأستراليا.
يعتمد النظام الملكي العربي إلى حد كبير على الأجانب لتجنيدهم في قواته المسلحة، تماماً مثلما يفعل لدعم اقتصاده بالكامل؛ فعدد العمال المهاجرين يفوق عدد المواطنين الإماراتيين بمعدل 9 إلى 1. وقدَّر أندرياس كريغ، أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة كينغز كوليدج بلندن، أن الأجانب يمثلون 40 بالمائة من الأفراد النظاميين لدولة الإمارات.
إلى جانب توظيف الأمريكيين كمقاولين مدنيين، يضم الجيش الإماراتي ضمن قواته الرسمية آلاف المرتزقة من دول أخرى، ينحدر الكثير منهم من باكستان وعُمان واليمن، بينما يتم تجنيد آخرين من مناطق بعيدة مثل شرق أفريقيا وأمريكا الجنوبية. ويقود لواء أسترالي سابق 12 ألفاً من قوات النخبة التابعة للحرس الرئاسي الإماراتي.
زادت الاستعانة الإماراتية بمصادر خارجية للعمل العسكري من الأمريكيين في سنة 2010 عندما قررت الدولة الاحتفاظ بمؤسس «بلاك ووتر العالمية»، إريك برنس، وهي شركة أمنية أمريكية خاصة ومشهورة اكتسبت سمعة سيئة في سنة 2007 عندما قتل حراسها 14 مدنيا عراقيا غير مسلحين في بغداد. خدم برنس، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية، في الجيش الأمريكي لمدة أربع سنوات قبل أن يؤسس شركة «بلاك ووتر»، وأنشأ منشأة تدريب على مساحة 7000 فدان في ولاية كارولينا الشمالية.
من خلال عمله بالنيابة عن الإماراتيين، ساهم برنس في تجنيد مئات الجنود السابقين من كولومبيا وجنوب أفريقيا ودول أخرى لتشكيل قوة كوماندوز تدربت في معسكر بالقرب من أبوظبي. لكن خطط وحدة الكوماندوز فشلت بعد خلاف برنس مع قادة الإمارات، بينما استمرت الدولة في البحث خارج حدودها عن الخبرة القتالية والعسكرية.
في الوقت نفسه تقريباً، استقبلت القوات المسلحة الإماراتية أمريكياً آخر في صفوفها، هو ستيفن توماجان، وهو مقدم متقاعد خدم 20 سنة في الجيش الأمريكي، ليصبح قائد وحدة طيران العمليات الخاصة الإماراتية التي يطلق عليها «مجموعة 18»، ثم قائد قيادة الطيران المشتركة في الإمارات.
تحظر اللوائح الفيدرالية على الأفراد العسكريين المتقاعدين وكذلك جنود الاحتياط أداء قسم الولاء لحكومات أخرى أو تولي وظائف بالزي الرسمي في الجيوش الأجنبية. وقد يتم فرض عقوبات مالية على أولئك الذين ينتهكون القانون.
أدلى توماجان بتفسيرات متضاربة حول ما إذا كان ضابطاً بالزي الرسمي في الجيش الإماراتي. وقد أدرج هو وحكومة الإمارات لقبه ورتبته في المواقع الرسمية باسم «سعادة اللواء الطيار ركن ستيفن أ. توماجان». كما تم تصويره وهو يرتدي بذلة طيران مزينة بالعلم الإماراتي. ومع ذلك، أخبر موقع «باز نيوز فيد» في سنة 2018 أنه كان يعمل كمتعاقد مدني ولم يقسم بالولاء للإمارات العربية المتحدة.
حقق مسؤولو الجيش الأمريكي في تبعية توماجان للإمارات، بعد أن قدّم طلب توظيف أجنبي إلى البنتاجون في سنة 2014. قالت سينثيا سميث، وهي متحدثة باسم الجيش، في رسالة بريد إلكتروني، إن المسؤولين قرروا أن توماجان قد انتهك القانون «بقبوله منصباً أجنبياً ومن خلال ارتداء بذلة عسكرية برتبة في القوات المسلحة الإماراتية». وأضافت سميث أن الجيش لم يخصم من معاش توماجان ولم يعاقبه بطريقة أخرى، لأنه لم يتمكن من إثبات أنه تلقى أي تعويض من حكومة الإمارات. ورفضت توضيح أو الإسهاب في تفسير التناقض الواضح في النتائج التي توصل إليها الجيش.
لم يستجب توماجان لطلبات إجراء مقابلة. وهو يشغل اليوم منصب مدير عام المركز الوطني للبحث والإنقاذ في الإمارات.
أبرز مشجع أمريكي للقوات المسلحة الإماراتية هو وزير الدفاع السابق جيم ماتيس، الذي يشير إلى الإمارات باسم «اسبرطة الصغيرة»، بسبب براعتها في الحرب. قاد الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية من ذوي الأربع نجمات جميع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، قبل أن يتولى إدارة البنتاجون إبان إدارة ترامب.
في شهادة فيديو نُشرت في كانون الثاني/ يناير للاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس دولة الإمارات، استرجع ماتيس باعتزاز ذكريات زيارته الأولى للبلاد عندما كان ضابطاً يافعاً في مشاة البحرية سنة 1979. كما استذكر بناء «علاقة ثقة على مدى سنوات عديدة» مع الشيخ محمد، وأشاد بقوات الدولة باعتبارهم «إخوة متساوين في السلاح عرفوا كيف يقاتلون». وما لم يذكره ماتيس أنه عمل سابقاً لحساب حكومة الإمارات.
في حزيران/ يونيو 2015، وبعد سنتين من تقاعده من سلاح مشاة البحرية، تقدم ماتيس بطلب الحصول على تفويض فيدرالي «لقبوله في العمل المدني» مع الإمارات كـ»مستشار عسكري». وافقت قوات المارينز ووزارة الخارجية على طلبه في آب/ أغسطس 2015، وذلك وفقاً للسجلات التي حصلت عليها صحيفة «ذا بوست»، رغم أن الوكالات أخفت الوثائق الأخرى التي تحدد واجباته الدقيقة والتعويضات المتوقعة.
من غير الواضح كم من الوقت شغل ماتيس هذا الدور. وقد عاد إلى الخدمة الحكومية الأمريكية كوزير للدفاع في عهد الرئيس دونالد ترامب في كانون الثاني/ يناير 2017. ومن جهته، رفض ماتيس طلباً لإجراء مقابلة معه. وفي رسالة بريد إلكتروني، قال روبرت تيرير، الرئيس المشارك لمجموعة كوهين، وهي شركة استشارية مقرها في واشنطن التي يعمل ماتيس فيها مستشاراً أول، إن ماتيس قدّم المشورة للإماراتيين بشأن «الجوانب التشغيلية والتكتيكية والمعلوماتية والأخلاقية» للعمليات العسكرية.
وفقاً لتيرير، لم يطلب ماتيس أو يقبل أجوراً من حكومة الإمارات، باستثناء سداد نفقات السفر. وأضاف تيرير: «تماشياً مع إيمانه بأهمية السلوك الأخلاقي، سعى للحصول على الموافقة على نشاطه غير مدفوع الأجر من خلال عملية تضمن المراجعة الأكثر حزماً من المسؤولين المناسبين في الحكومة الأمريكية».
وأكد أن ماتيس لم يتلقَّ أي أموال مقابل تغطية عيد تأسيس دولة الإمارات، موضحا: «الجنرال ماتيس يكنّ احتراماً كبيراً لدولة الإمارات، الدولة التي وقفت إلى جانب الولايات المتحدة في العديد من عمليات الإغاثة والصراع».
شغل ماتيس منصب وزير دفاع في عهد ترامب لمدة عامين. في آذار/ مارس 2019، بعد شهرين من مغادرته البنتاجون، تقدم مرة أخرى بطلب الحصول على موافقة للتوظيف من الحكومة الإماراتية، وهذه المرة كمتحدث بارز في مؤتمر حول العلاقات الأمريكية الإماراتية الذي استضافه الشيخ محمد.
قال ماتيس في طلبه إن الإمارات ستدفع له «أتعابه» وتغطي نفقات سفره. قام سلاح مشاة البحرية بتنقيح تفاصيل الترتيبات المالية، قائلاً إن الكشف عنها ينتهك الخصوصية الشخصية لماتيس. لكن وفقاً لتيرير، قبِل ماتيس الدفع فقط لتغطية تكاليف سفره.
عُقد المؤتمر في أيار/ مايو 2019 في قصر البطين، المقر الملكي في أبوظبي. وفي تصريحاته، قال ماتيس إنه رفض «99 بالمائة» من الدعوات لإلقاء خطاب؛ لكنه استثنى الإمارات والشيخ محمد بسبب علاقتهما الوثيقة بالولايات المتحدة، بقوله إن «العلاقات كبيرة وعميقة وقوية بما يكفي لتحمل أي تحديات مؤقتة من أي نوع؛ لأن الأسس التي تقوم عليها قوية جداً»، وذلك وفقاً لجزء من مقطع فيديو مسجل من خطاب له نشرته سفارة الإمارات في واشنطن على الإنترنت. وأضاف: «كلما أصبحت الأمور صعبة، وجدنا جيوشنا تعمل جنباً إلى جنب».
ووفقاً للوثائق التي حصلت عليها صحيفة «ذا بوست»، لم يكن ماتيس جنرال البحرية الوحيد الذي ذهب للعمل في الإمارات بعد فترة وجيزة من ترك الخدمة الحكومية.
عمل تشارلز إف. بولدن جونيور، وهو لواء متقاعد من مشاة البحرية ورائد فضاء، مديراً لناسا خلال إدارة أوباما. في حزيران/ يونيو 2016، توجه إلى أبوظبي لتوقيع اتفاقية تعاون بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الإماراتية. كما ألقى محاضرة حول مهمة ناسا إلى المريخ أمام عدد من الشخصيات المرموقة، من بينهم الشيخ محمد.
تظهر الوثائق أنه بعد تسعة أشهر من انتهاء ولاية بولدن كرئيس لناسا، تقدم بطلب للحصول على موافقة فدرالية للعمل كمستشار لدى وكالة الفضاء الإماراتية. وقال في طلبه إن الوكالة ستدفع له مقابل حضور اجتماعين للمجلس الاستشاري في السنة. وافق سلاح مشاة البحرية ووزارة الخارجية على الطلب؛ لكنهما حجبا التفاصيل المالية من الوثائق؛ بحجة حقه في الخصوصية.
وفي مقابلة أجريت معه، قال بولدن إن المجلس الاستشاري للفضاء، المؤلف من ثمانية أعضاء، لم يجتمع منذ بداية جائحة فيروس كورونا، وأنه سافر إلى الإمارات لحضور اجتماع مجلس الإدارة في سنة 2019، ورفض الإفصاح عن المبلغ الذي دفعه له الإماراتيون.
وفي تصريح له قال: «قد يقول البعض إن الإماراتيين كانوا كرماء، والبعض الآخر سيقول إنهم ليسوا كذلك. لكن ليس هذا سبب انضمامي لهم». وأشار إلى أن الإمارات لديها برنامج فضائي فعال وطموح، حيث أطلقت البلاد مركبة فضائية غير مأهولة عابرة للكواكب بدأت تدور حول المريخ في سنة 2021.
وبينما احتفظ البنتاجون بسرية رواتب الجنرالات والأدميرالات، كشف عن رواتب الضباط من ذوي الرتب الدنيا والأفراد المجندين. وتُظهر هذه الوثائق أن الإماراتيين يدفعون بسخاء.
تلقى رقيب أول متقاعد كبير من الفريق (6) في البحرية راتباً قدره 348 ألف دولار، بالإضافة إلى 54400 دولار للسكن والسفر، للعمل في الإمارات كمدرب على الرماية. وقبِل عقيد متقاعد بالجيش الأمريكي وظيفة بمرتب 324 ألف دولار في السنة كمستشار لدى الجيش الإماراتي.
تظهر السجلات أن الموظفين الأمريكيين المتقاعدين الذين ينتقلون إلى الإمارات غالباً ما يتلقون بدل سكن وتنقل بعشرات آلاف الدولارات، بينما يستمرون في استلام رواتبهم التقاعدية العسكرية الأمريكية.
أما ذوو المهارات المتخصصة أو الرتب المتقدمة فيكسبون أكثر. حصل شون كونورز، قائد متقاعد من البحرية، على إذن فيدرالي سنة 2019 لتولي وظيفة براتب 600 ألف دولار سنوياً كنائب للرئيس في شركة نواة للطاقة، وهي شركة مملوكة للدولة قامت ببناء أول محطة للطاقة النووية لأغراض مدنيّة في العالم العربي.
قامت البحرية بتغيير اسم كونورز؛ لكن التفاصيل الأخرى في الاستمارة تتطابق مع المعلومات العامة حول تاريخ عمله في المجال النووي. وأكد عمله في الإمارات؛ لكنه امتنع عن التعليق.
عندما أسس محمد بن زايد كلية الدفاع الوطني لتعليم الضباط الإماراتيين قبل عقد من الزمن، بدأت الكلية عملية توظيف وبدأت في تجنيد أكاديميين عسكريين من الولايات المتحدة.
تُظهر الوثائق أن توماس دروهان، الأستاذ في أكاديمية القوات الجوية الأمريكية، تم استدراجه إلى البلاد براتب 240 ألف دولار وبدل سكن 49 ألف دولار. انتقل دانيال بالتروسيتيس، وهو كولونيل متقاعد بالقوات الجوية، إلى أبوظبي ليصبح عميداً للكلية، براتب 338 ألف دولار و53.200 دولار بدل سكن.
غيّر مسؤولو القوات الجوية أسماءهم؛ لكن «ذا بوست» تعرفت عليهم من خلال ملفات تعريف «لينكد إن» والسير الذاتية الأخرى على الإنترنت. ولم يرد أي منهما على طلبات التعليق.
تظهر السجلات أن الموظفين المجندين السابقين العاملين في الإمارات يمكنهم أيضاً كسب أموال طائلة، حيث يكسب الميكانيكيون واللحامون والرسامون 100 ألف دولار أو أكثر سنوياً.
يعتمد الإماراتيون على الأمريكيين لتعليمهم كيفية استخدام ترسانة ضخمة من الأسلحة التي تصنعها الولايات المتحدة، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز (إف 16) وطائرات «بريداتور» مسيّرة وبطاريات صواريخ «باتريوت» وصواريخ «ثاد» الاعتراضية. كما يهتم الميكانيكيون الأمريكيون أيضاً بالمعدات المتخصصة أثناء التضمين مع الوحدات العسكرية الإماراتية.
قد لا تأتي الخبرة العسكرية الأمريكية بثمن بخس؛ لكن ترتيبات التعاقد لا تزال صفقة رابحة بالنسبة لدولة الإمارات، وفقاً لما ذكره كريغ، الأستاذ في كلية كينغز كوليدج؛ ذلك أن الإمارات «يمكن أن توظف أشخاصاً لمدة 90 يوماً، أو بضع سنوات، ثم لا تتحمل أي مسؤولية عنهم»، بينما يستمر دافعو الضرائب الأمريكيون في تحمل نفقات رواتبهم التقاعدية ومزاياهم الصحية.
وأشار كريغ إلى أن الحكومة الأمريكية تنفق مبالغ ضخمة لتدريب وتعليم أفرادها العسكريين خلال حياتهم المهنية الطويلة بشكل رسمي، «والآن أنت تقوم بتصديرها مجاناً إلى حكومة أجنبية. إنهم فقط يحصلون على المنتج النهائي».
تعد شركة «نولدج بوينت» للاستشارات التعليمية إحدى الشركات الرائدة في توظيف المواهب الأمريكية، ويقع مقرها أبوظبي.
في سنة 2010، أنشأت «نولدج بوينت» مكتباً تابعا لها في ألكسندريا - فيرجينيا، وأعلنت عن عشرات الوظائف المفتوحة مع الجيش الإماراتي، في خطة مستشارين ومخططين استراتيجيين كبار. تم تصميم المناصب لجنرالات وكولونيلات الجيش الأمريكي المتقاعدين مؤخراً، وكثير منهم كان يبحث عن عمل بعد خدمته في حربي العراق وأفغانستان. وقد وقّع العديد من الجنرالات الأمريكيين المتقاعدين عقوداً محددة المدة مع «نولج بوينت» للانتقال إلى الإمارات والعمل كمستشارين عسكريين، حسبما وجدت «واشنطن بوست».
وتظهر الوثائق أن جيمس تشامبرز، وهو جنرال متقاعد بالجيش يحمل نجمتين، كان يشرف سابقاً على اللوجستيات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، قاد فريقاً قدم المشورة للقيادة اللوجستية المشتركة لدولة الإمارات من 2018 إلى 2020. وأمضى ويليام جي ويبستر جونيور، الجنرال العسكري المتقاعد من فئة ثلاث نجمات، سنة واحدة في أبوظبي كمدير أول يعمل على «مراجعة تطوير القدرات» للجيش الإماراتي. رفض تشامبرز التعليق، ولم يردّ على الرسائل.
بقي آخرون لفترة أطول. وتظهر الوثائق أن جون ماكدونالد، وهو جنرال متقاعد يحمل نجمتين، خدم في العراق وأفغانستان، يعمل في أبوظبي منذ شباط/ فبراير 2018 كمستشار أول للجيش الإماراتي.
قام مسؤولو الجيش الأمريكي بتغيير معلومات الرواتب لماكدونالد والجنرالات الآخرين. ورفض طلب مقابلة حول عمله مع الجيش الإماراتي، بينما كتب في رسالة بريد إلكتروني: «لست مهتماً. لا أحب الطريقة التي تُحرّف بها الكلمات، ولا الصحيفة (والقيادة) التي تعمل من أجلها».تقدم شركة «نولدج بوينت» خدمات استشارية في العديد من المجالات ولديها حوالى 2000 موظف. رئيس عملياتها هو جون جيه بريندرغاست الثالث، وهو أميرال خلفي تقاعد من البحرية في سنة 2009 بعد 30 سنة من الخدمة العسكرية. وقد عمل في «نولدج بوينت» في أبوظبي منذ سنة 2017، وفقاً لملفه الشخصي على «لينكد إن».
قالت البحرية إنه ليس لديها سجل بأن شركة «برندرغاست» تقدمت بطلب للحصول على تصريح للعمل لدى «نولدج بوينت» أو حكومة الإمارات. ولم يرد على طلبات التعليق.
«غلوبل إيروسبيس لوجيستيكس» متعاقد دفاع إماراتي آخر يوظف مجموعات من الأمريكيين. تظهر السجلات أنه منذ سنة 2015، وظفت الشركة المملوكة للدولة أكثر من 100 من الأفراد العسكريين المتقاعدين في الولايات المتحدة، معظمهم من قدامى المحاربين في القوات الجوية والجيش من ذوي الخبرات الجوية.
يعمل بعض قدامى المحاربين الأمريكيين الذين يعملون لصالح الإماراتيين كمستشارين مقيمين في الولايات المتحدة. في سنة 2017، حافظت حكومة الإمارات على شركة «فيرفاكس» للحلول الأمنية الوطنية، وهي شركة صغيرة في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، لتقديم خدمات استشارية.
أفاد ويليام موني، العقيد المتقاعد بالجيش والذي شغل منصب نائب رئيس «فيرفاكس»، بأنه حصل على راتب سنوي قدره 480 ألف دولار من الشركة، وقدم أعمالا استشارية للحكومتين الإماراتية والسعودية، وذلك حسب ما تظهره الوثائق. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يرد على طلبات التعليق.
في سنة 2019، تلقى تود هارمر، العقيد المتقاعد بالقوات الجوية الأمريكية، تفويضاً اتحادياً للعمل كعضو ضغط في العاصمة لصالح حكومة الإمارات. وتظهر الوثائق أنه ضغط على الكونجرس للموافقة على مبيعات الأسلحة الكبرى للإمارات العربية المتحدة، وأنه حصل على راتب أساسي سنوي قدره 180 ألف دولار من الشركة المشغّلة له، «أمريكان ديفينس إنترناشونال».
وفي رسالة بريد إلكتروني، قال هارمر إن عمله «يمتثل تماماً للقوانين واللوائح الأمريكية»؛ لكنه رفض الإدلاء بمزيد من التعليقات.
مع تعزيز قدراتهم العسكرية من قبل المتعاقدين الأمريكيين والأسلحة، أصبح قادة الإمارات أكثر عدوانية في التدخل وخلق النزاعات خارج الوطن - في كثير من الأحيان مع القليل من الاهتمام بحقوق الإنسان.
بعد إرسال الآلاف من القوات إلى اليمن في سنة 2015، أدارت الإمارات شبكة سرية من السجون، حيث تعرض رجال يمنيون للضرب والجلد والاعتداء الجنسي أثناء احتجازهم في حاويات شحن، وذلك وفقاً لجماعات حقوق الإنسان. أفادت وكالة «أسوشيتد برس» بأن بعض السجناء تم تعليقهم في «شواية» وتحميصهم ببطء وهم أحياء على ألسنة اللهب المكشوفة.
في ليبيا، أرسل الجيش الإماراتي قواته لمساعدة خليفة حفتر، قائد المتمردين الذي يحاول السيطرة على البلاد. في سنة 2020، ذكر المفتش العام بوزارة الدفاع أن حكومة الإمارات كانت تساعد في تمويل مجموعة «فاغنر»، وهي عبارة عن جيش مرتزق روسي قريب من الكرملين متهم بارتكاب فظائع في ليبيا وأماكن أخرى في أفريقيا. كما أرسلت مجموعة فاغنر قوات للقتال نيابة عن روسيا في أوكرانيا وسورية.
تعد دولة الإمارات أحد أقدم أصدقاء المملكة السعودية، وقد تجسست على المعارضين نيابة عن الرياض. جمعت الأجهزة الأمنية الإماراتية معلومات استخبارية عن جمال خاشقجي، كاتب العمود في صحيفة «واشنطن بوست» الذي اغتيل على يد فرقة قتل سعودية في تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2018 لانتقاداته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
لقد طورت الإمارات قدرات متقدمة في المراقبة والأمن السيبراني لاستهداف المعارضين، وذلك بمساعدة قراصنة وجواسيس أمريكيين و»إسرائيليين» سابقين.
في أيلول/ سبتمبر سنة 2021، اعترف ثلاثة موظفين سابقين في وكالة الأمن القومي بانتهاك قوانين الولايات المتحدة للاحتيال على الحاسوب ومراقبة الصادرات بالعمل لصالح شركة «دارك ماتر»، وهي شركة إماراتية للاستخبارات الإلكترونية قامت باختراق خوادم الحاسوب في الولايات المتحدة والتجسس على أعداء حكومة الإمارات في البلدان الأخرى. وقد وافق عملاء وكالة الأمن القومي السابقون على دفع غرامات بقيمة 1.68 مليون دولار كجزء من صفقة لتأجيل المحاكمة.
أصبح المسؤولون الأمريكيون قلقين من عدد ضباط المخابرات السابقين الذين شغلوا وظائف مع حكومات أجنبية. ففي العام الماضي، أرسل رئيس الاستخبارات المضادة في وكالة المخابرات المركزية خطاباً غير عادي إلى جواسيس متقاعدين، يحذرهم فيه من بيع مهاراتهم لقوى أجنبية.
مع ذلك، لم تواجه القوات الأمريكية المتقاعدة ذات الخبرات الاستخباراتية والخبرة في الحرب الإلكترونية مثل هذه القيود. ومن بين أولئك الذين شغلوا وظائف في الإمارات عقيدان متقاعدان في الجيش الأمريكي، وفقاً لملفيهما الشخصيين على «لينكد إن».
تولى دنيس ماكفارلاند، وهو مسؤول استخباراتي كبير سابق في البنتاجون، وظيفة في «نولدج بوينت» كمستشار رئيسي لحكومة الإمارات في المسائل السيبرانية والاستخباراتية في سنة 2017. وفي العام نفسه، عينت «نولدج بوينت» أيضاً مارك بنديكت، وهو مسؤول سابق في وكالة الأمن القومي، للعمل كمستشار حرب سيبرانية للقوات المسلحة الإماراتية. وقد رفض كلاهما التعليق.
كريغ ويتلوك:
مراسل استقصائي متخصص
في قضايا الأمن القومي
«واشنطن بوست».
المصدر «لا» 21 السياسي