اليمن بالحبر الغربي -
بعد 6 أشهر نادرة من الهدوء النسبي، فشلت الأطراف المتحاربة في اليمن في تجديد اتفاق الهدنة، حيث إن دعوات الأمم المتحدة إلى التمديد لم تلقَ آذاناً مصغية. وانتهت الهدنة رسميا في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وخلال الأسابيع التالية، استخدم الحوثيون الطائرات بدون طيار مرتين لمهاجمة حقول النفط في شبوة وحضرموت، ورفعت السعودية استعداداتها مع أنباء عن هجوم إيراني وشيك.
وبالنسبة للمدنيين اليمنيين، كانت الهدنة الصيفية من الحرب، التي تم تمديدها مرتين لمدة شهرين، فترة راحة مرحباً بها. ووفقاً للأمم المتحدة، انخفض عدد الضحايا في جميع أنحاء البلاد بنسبة 60٪ وتضاعفت واردات الوقود إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون 4 مرات، وأعيد فتح مطار صنعاء الدولي برحلات جوية إلى القاهرة وعمان، ما سمح لآلاف الأشخاص بالحصول على الرعاية الطبية.
وبالطبع، كانت هذه التطورات الإيجابية موضع ترحيب؛ لكن لم يتمكن المبعوث الخاص للأمم المتحدة، هانز جروندبرج، أو نظيره الأمريكي تيموثي ليندركينج، من تحويل الهدنة إلى أساس لـ»وقف دائم لإطلاق النار»، والذي وصفه جروندبرج في نيسان/ أبريل الماضي بأنه الهدف النهائي لهذه الهدنة المؤقتة.
ويعود السبب في هذا الفشل إلى أن المجتمع الدولي والجهات الفاعلة اليمنية رأوا الهدنة بشكل مختلف. وبالنسبة للمجتمع الدولي، كان من المفترض أن تكون الهدنة خطوة أولى نحو هدف جروندبرج بوقف دائم لإطلاق النار، والذي من شأنه أن يمهد الطريق لاتفاق سلام شامل. وبالنسبة للجهات الفاعلة اليمنية، لاسيما الحوثيين، لم تكن الهدنة أكثر من مجرد وقفة استراتيجية تسمح لهم بإعادة تجميع صفوفهم.
إذ جاءت الهدنة في وقت مثالي للحوثيين، وسمحت لهم بالتوقف وتخفيف بعض الضغط المحلي من خلال زيادة واردات النفط والسماح للناس بالسفر خارج صنعاء.
كما جاءت بداية الهدنة في وقت مناسب «للحكومة اليمنية المعترف بها». وفي ذلك الوقت، كان عبد ربه منصور هادي لا يزال رئيساً؛ ولكن في غضون أسبوع من الهدنة، أطاحت السعودية بـ»هادي» بشكل غير رسمي واستبدلت به مجلسا من 8 رجال.
وكان مجلس القيادة الرئاسي، الذي تم اختياره إلى حد كبير من قبل السعودية والإمارات، يهدف إلى توحيد «الفرقاء المتنافسين». وأعربت السعودية والإمارات عن أملهما في أن يتمكن الرجال الثمانية والمجموعات التي يمثلونها من تنحية خلافاتهم جانباً وتشكيل جبهة موحدة لمحاربة الحوثيين.
وبالطبع، كان من مصلحة المجلس المشكل حديثاً تمديد الهدنة في 2 حزيران/ يونيو و2 آب/ أغسطس الماضيين. ومثل الحوثيين، كان المجلس بحاجة إلى وقت للتنظيم والتنسيق والتعاون. لكن ليس من المستغرب أن هذا لم يحدث. وبدلاً من التعاون، شهدت شبوة صراعا بين مجموعتين في مجلس القيادة الرئاسي، وهما: «الإصلاح»، و»المجلس الانتقالي الجنوبي»، اللذان لديهما وجهتا نظر مختلفة حول مستقبل الدولة اليمنية.
وبذل جروندبرج جهداً شجاعاً في أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي لتمديد الهدنة مرة أخرى، وطلب من الأطراف الموافقة على 6 أشهر أخرى. وكجزء من اقتراحه، طلب جروندبرج أن تفي الحكومة اليمنية بوعدها بدفع رواتب ومعاشات موظفي الخدمة المدنية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وكانت هذه نقطة شائكة بالنسبة للحوثيين، الذين يفتقرون إلى الاحتياطيات المالية لدفع الرواتب بأنفسهم.
وبمجرد أن قدم جروندبرج اقتراحه، رد الحوثيون بالمطالبة بتوسيع مجموعة موظفي الخدمة المدنية لتشمل الشرطة والأمن والجيش.
ودعت السعودية الحوثيين لإجراء محادثات مباشرة في الرياض. ولكن كما هو الحال مع اقتراح جروندبرج، رد الحوثيون على العرض بمطالبة السعودية برفع جميع العقوبات ودفع جميع الرواتب، بما في ذلك رواتب العسكريين والأمنيين، كشرط مسبق للمحادثات. وليس من المستغرب إذن أن المحادثات لم تحدث.
جريجوري جونسن 
معهد دول الخليج في واشنطن