اليمن بالحبر العبري -
في مناسبة واحدة على الأقل، أطلق الحوثيون صاروخا بالستياً مضادا للسفن (ASBM) ضد سفينة شحن في البحر الأحمر، وهو صاروخ لا يمتلكه ظاهريا سوى الجيش الصيني، وفقا لجيمس هولمز في تحليل بمجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية (National Interest).
وقال هولمز، في التحليل، إن «من السذاجة الاعتقاد بأن مجموعة فرعية (الحوثيون)، وهي بالمصادفة مدعومة من إيران العميل غير الرسمي للصين، أتقنت تكنولوجيا صواريخ تفوق الجميع باستثناء المهندسين الصينيين».
وتساءل: «هل تعمل بكين على نشر تكنولوجيا الصواريخ؟ يبدو الأمر كذلك سواء عن غير قصد أو عن عمد. والصين ليست طرفا في نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ (MTCR)، وهي هيئة غير رسمية لمنع انتشار الصواريخ الموجهة».
و»الانتشار غير المقصود هو احتمال وارد. وخلال العقود التأسيسية لجمهورية الصين الشعبية، كانت ضرورة انتشار الأسلحة محفورة في الثقافة المؤسسية للجيش الصيني»، كما أضاف هولمز.
وتابع: «وكان لدى الجيش الصيني الحوافز لتسليح الآخرين مقابل المال. كان عليهم أن يجمعوا الكثير من ميزانيتهم الخاصة وسط ضائقة مالية. واستمر ذلك في سنوات ما بعد الحرب الباردة (1947-1991). ومن الممكن إجراء معاملات غير مشروعة دون علم الحزب الشيوعي الصيني (الحاكم).
لكن من المشكوك فيه أن يمتد الأمر إلى تصدير أسلحة الخطوط الأمامية خلسة، مثل الصواريخ الباليستية المضادة للسفن»، كما استدرك هولمز.
وزاد بأن «قيام المشرفين على الجيش الصيني، من تلقاء أنفسهم، بنقل نظام أسلحة بهذه الفعالية إلى إيران، حيث قد يجد طريقه إلى ترسانات الحوثيين أو حماس (فلسطين) أو حزب الله (لبنان)، يبدو أمرا مبالغا فيه، وسيرفض المسؤولون العسكريون خطوة بهذا الحجم السياسي. أو هكذا كنت أعتقد، مما يترك خيار أن قادة الحزب على علم بالأمر».
وأردف: «هناك منطق استراتيجي وراء انتشار الصواريخ البالستية المضادة للقذائف التسيارية حول المحيط الأوراسي، رغم أن رد الفعل السلبي الناجم عن وضع هذه التكنولوجيا الجديدة في أيدي لا يمكن التنبؤ بها قد يكون شديدا».
والقذائف التسيارية ذات ارتفاع فائق وسرعة فائقة، وهي ذاتية الحركة وموجهة في المرحلة الأولى فقط من الطيران، ويصبح بعدها المسار طبيعيا وغير مسيطر عليه.
هولمز قال إنه «خلال الحرب العالمية الثانية (1945-1949)، قام خبير الجغرافيا السياسية نيكولاس سبيكمان بتصوير «قلب الأرض» الأوراسية على أنها مفتاح السياسة العالمية و»الأراضي الحدودية». وفصل قلب الأرض عن البحر كبوابة للهيمنة العابرة للمحيطات لبسط النفوذ على القارة الأوراسية العملاقة».
وأضاف أنه «يمكن لبريطانيا العظمى في أوج مجدها الإمبراطوري أو للولايات المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب، أن تناور حول المحيط الأوراسي وتحدد الأجندة السياسية والاستراتيجية من البحر».
واستدرك: «ولكن كما أشار سبيكمان، فإن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تمكنت البحرية الملكية أو الأمريكية من الوصول إلى المناطق الحدودية. ولن تتمكن البحرية المهيمنة من السيطرة ما لم تتمكن من انتزاع السيطرة على (البحار الهامشية) المحيطة بالمحيط الأوراسي من المدافعين المحليين».
و»في بكين وطهران وموسكو يوجد اهتمام كبير بالاستراتيجيات الهادفة إلى درء القوات البحرية الغربية المهيمنة»، كما زاد هولمز.
وتابع: «وعلى مدار القرن الماضي، ساعد التقدم في تكنولوجيا الأسلحة البحرية القوات البحرية الأصغر حجما وكذلك المدافعين الساحليين الذين يقاتلون من الشاطئ».
وأوضح أنه «في البداية جاء الطوربيد واللغم البحري، الذي أعطى السفن الصغيرة القدرة على توجيه ضربات قوية ضد البوارج والطرادات».
و»ثم جاء الطيران العسكري، الذي مكن الطائرات الحربية من ضرب السفن من مسافة بعيدة. ولاحقا، جاءت ثورة الصواريخ الموجهة، التي أدت إلى انحراف التوازن نحو القوة البحرية المتمركزة على الشاطئ»، وفقا لهولمز.
وقال إن «دمج هذه التقنيات المتطورة يمكن أن يسمح للقوى الآسيوية أن تعكس قرونا من التفوق البحري الغربي، وبالتالي إنهاء الهيمنة الغربية على النظام الدولي. ومثل هذا المشروع يتوافق مع الأهداف المعلنة للصين والقوى المشابهة لها، ناهيك عن الخصوم الفرعيين مثل الحوثيين».
واستدرك هولمز: «مع ذلك، يظل من الصعب أن نفهم لماذا يتعمد أي منافس عاقل تصدير تكنولوجيا يمكن أن تنقلب ضده؛ فالتحالفات والشراكات قابلة للفناء، بينما الأسلحة باقية. إن نشر الصواريخ البالستية المضادة للسفن سيكون مسعى محفوفا بالمخاطر بالنسبة للصين».
وتابع: «يأمل المرء أن يبحث سكان العالم الغامض للاستخبارات في هذه المسألة، في محاولة لتحليل ليس فقط ما حدث، بل أيضا ما قد تكون عليه دوافع الصين وما قد يحمله المستقبل في محيط أوراسيا، بما يشكل الخطوة الأولى نحو استراتيجية مضادة حكيمة».

جيمس هولمز
«ناشونال إنترست»