حاوره:كمال مسعود / لا ميديا -
نجم كروي سجل اسمه بأحرف من ذهب كأحد أبرز عمالقة الكرة اليمنية، فقد استطاع أن يضع بصمة في قلوب الجماهير في الساحل الغربي (الحديدة) والكرة اليمنية بصفة عامة، بعد أن قدم مع زملائه في نادي الجيل، خلال سبعينيات القرن الماضي، إبداعات كروية ولمسات جميلة نالت استحسان وإعجاب عشاق الساحرة المستديرة في الملاعب. كما حقق مع ناديه الجيل أول لقب للدوري العام في العام 1987 كأول نادٍ يمني في شمال الوطن يحرز درع الدوري.
وفي الحقيقة كان الحديث واللقاء مع الكابتن محمد صالح الجهمي، البالغ حاليا 75 عاماً، صعبا، لسبب واحد، وهو أن ضيف هذا اللقاء قليل الكلام في إعطاء المعلومات الوافرة عن مراحل مشواره الرياضي الحافل بالإنجازات الكروية (1967 – 1983)، لأنه فوجئ بإجراء هذا اللقاء دون موعد، وقد سعد لهذه اللفتة الإعلامية الطيبة من صحيفة "لا" في إجراء هذا اللقاء معه، خاصة وأن هذا النجم الكروي العملاق مظلوم ولم يعطَ حقه إعلاميا، رغم أنه حقق لناديه ومحافظة الحديدة أول درع للدوري، وكذلك المجد والشرف والإبداع والإمتاع في عالم كرة القدم اليمنية.
صحيفة "لا" وكعادتها تنشر سلسلة من اللقاءات الصحفية مع قدامى الكرة اليمنية لتذكير عشاق اللعبة بما قدمه أولئك النجوم في الملاعب. وبناءً على ذلك أجرينا هذا الحوار في الحديدة مع نجمها الأسطوري محمد الجهمي.
 كابتن محمد، ندلف أولا إلى قصة بدايتك مع الكرة...؟
- بدأت أمارس الكرة منذ طفولتي في حواري مدينة تعز، حيث كانت الرياضة فيها مزدهرة، عندما كانت مدينة تعز عاصمة لحكم الإمام أحمد حميد الدين. وبعد ثورة سبتمبر، وتحديدا في العام 1967 انتقلت إلى مدينة الحديدة، وكان عمري 17 عاما، مع شقيقي الأكبر حسين الجهمي. ولعبت بعد وصولي الحديدة مع نادي السلام الذي اندمج فيما بعد في الجيل، النادي الذي لعبت في صفوفه طوال مشواري الكروي منذ العام 67 وحتى اعتزالي اللعب في العام 83. خلال تلك الفترة الذهبية شاركت مع النادي في العديد من البطولات والمنافسات الكروية المحلية والخارجية.

 مدرب له فضل كبير في حياتك الكروية...؟ 
-  لا شك أنه المدرب المخضرم حسين دعالة، الذي أحرزنا معه لقب الدوري 78. وفي بداية مشواري الرياضي الكابتن قاسم مقبل، رحمة الله عليهما.

  الجيل وإحرازه أول لقب دوري كروي في الشطر الشمالي من الوطن، والمشاركات الخارجية لك مع النادي والمنتخبات...؟
- محلياً حقق الجيل العديد من البطولات والكؤوس على مستوى بطولات محافظة الحديدة، التي كانت تشهد منافسات كروية قوية فنيا وجماهيريا مع أندية المحافظة (أهلي الحديدة والشباب والهلال). أما على صعيد الدوري العام فحققت مع فريقي الجيل لقب أول دوري عام يقيمه الاتحاد اليمني لكرة القدم برئاسة طيب الذكر المرحوم علي الصباحي عام 78، كأول نادٍ يمني في الشطر الشمالي يحرز اللقب، وكنت في هذا الدوري ثالث الهدافين بـ17 هدفا، بعد زميلي في الفريق عبد الباسط فوز، الذي جاء ثانيا بـ19 هدفا، وهداف الدوري كابتن وهداف نادي وحدة صنعاء العذري بـ21 هدفا. وقد ساهم في تحقيق هذا الإنجاز الكبير للجيل رئيس النادي الأستاذ المرحوم حسين عامر، ومدرب الفريق الكابتن حسين دعالة، ونجوم الفريق حارس المرمى العملاق عبدالله البناء، والمدافع الصلب علي الآنسي، وأسامة ثابت، ونجم الوسط محمد سلطان، وعبدالله عبده سعيد، وهداف الفريق عبد الباسط فوز، وخالد محرز، وزين السقاف، وأنيس عبد ربه، وآخرون لا تسعفني الذاكرة لذكرهم. كما شاركت مع النادي في العديد من المشاركات الخارجية، ومنها رحلة الفريق إلى السعودية العام 1974 والتي لعبنا فيها سلسلة من اللقاءات الكروية مع أندية الاتحاد والشباب والهلال وأندية أخرى، وكانت مشاركة ناجحة.
كما شاركت مع المنتخب الوطني لكرة القدم في العديد من البطولات الخارجية، أتذكر منها مباريات لعبناها في الجزائر والعراق وسورية وليبيا والصين.

هل لمدينة الحديدة الريادة الكروية على مستوى الجمهورية العربية اليمنية سابقا خلال عقدي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي؟
- نعم، في تلك الفترة كانت الحديدة منبع الرياضة، ففيها ناديا الجيل وأهلي الحديدة، وهما من أفضل وأقوى الفرق في الشطر الشمالي من الوطن، وشهدت الرياضة في الحديدة في نهاية الستينيات نقلة نوعية في تطوير البنية التحتية الرياضية، حيث تم بناء ملعب العلفي كأول ملعب متكامل يتم تشييده في اليمن والجزيرة العربية على يد المصريين وأنجز في العام 1970، ولعبنا فيه عام 1973، بالإضافة إلى وجود الصالات الرياضية لمزاولة الألعاب الأخرى. كما شهدت مدينة الحديدة نزوح كثير نجوم الكرة اليمنية إليها من المحافظات الجنوبية والشمالية من أجل اللعب في فرق الجيل والأهلي والشباب مما ساعد على تطوير كرة القدم في أندية الحديدة.

 ما أسباب تدهور الرياضة في مدينة الحديدة خلال السنوات الأخيرة؟
- غياب التعاون الرياضي بين أندية المحافظة أثر سلبا على الرياضة في مدينة الحديدة، بالإضافة إلى سوء الإدارة الرياضية في الأندية، وغياب الكوادر التدريبية المؤهلة داخل الأندية. من غير المعقول أن نشاهد مدربين للفئات السنية في الأندية غير مؤهلين وغير معروفين كروياً، والمفروض أن يسند تدريب الفئات العمرية إلى كوادر ذات خبرة كبيرة في التدريب ومعروفة على المستوى الكروي، ولا ننسى أن حواري مدينة الحديدة وسواحلها الشاطئية تعتبر مدرسة برازيلية في تفريخ المواهب الكروية.

 في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان نادي الجيل يتميز بقوة كروية داخل الوطن شمالاً وجنوباً، وكان يتمتع بشعبية كبيرة وواسعة داخل وخارج الوطن... حدثنا قليلا عن تلك الفترة!
- في تلك الفترة كان نادينا الجيل يضم مجموعة من نجوم ذهبية تعتبر من أبرز عمالقة الكرة اليمنية، أمثال: سالم عبد الرحمن وشقيقه حسين عبدالرحمن ومحمود عبد العزيز وقاسم مقبل وعبدالعزيز القاضي وعلي الورقي وسعيد دعالة وجواد محسن... وغيرهم من النجوم الكبار، بالإضافة إلى مجموعة من اللاعبين الشباب من جيلي مثل حارس المرمى العملاق عبدالله البناء ومحمد سلطان وعلي الآنسي وعبدالله عبده سعيد... هذه الأسماء أعطت لفريقنا الجيل قوة وسمعة كروية لا يستهان بها في أرجاء الوطن (شمالاً وجنوباً) ومنطقة الجزيرة العربية، وجعلته يحتل المركز الأول على مستوى الوطن شمالاً وجنوباً، بعد أن فزنا (2-1) على نادي الواي بطل الشطر الجنوبي والمرصع بالنجوم في مباراة قوية فنيا وجماهيريا أقيمت على ملعب العلفي بالحديدة نهاية ستينيات القرن الماضي، وفي عام 74 ذهبنا للسعودية ولعبنا سلسلة من اللقاءات الكروية مع أندية الاتحاد والشباب والهلال وغيرها من أندية المملكة.

 ماذا عن أجواء لقاءات ديربي الساحل الغربي (الأهلي والجيل) في أيامكم؟
- كانت مباريات حماسية تجلب جماهير الحديدة كلها للملعب من صباح يوم إقامتها، أنا أعتبرها مباراة لا مباريات بعدها. كنا نحس ونشعر قبل المباراة بأنها آخر مباراة نلعبها، وبعد المباراة كنا نخرج كإخوان، فائزين أو مهزومين، وكان نادي أهلي الحديدة ندا قويا جدا للجيل ويقدم كرة قدم جميلة وقوية وصفوفه مرصعة بمجموعة كبيرة من النجوم العمالقة، أمثال: محمد بشير، إبراهيم شقحان، محسن صالح، حسين مسعد، وحارس المرمى العملاق عبد الملك فوز.

 أكبر مكافأة مالية حصلت عليها خلال مسيرتك الرياضية، كم كانت؟
- اللاعب في أيامنا لم يكن يتابع الأشياء المالية، المكافآت والحوافز، بالعكس كنا نلعب بدون مرتبات، وكان همنا الأول حب اللعبة والإخلاص لنادينا وجماهيرنا.
 أجمل مباراة لعبتها خلال مسيرتك الكروية...؟
- لعبت مباريات كثيرة ممتازة؛ لكني أتذكر مباراتين لن أنساهما أبدا، الأولى مباراتنا مع نادي أهلي صنعاء في ملعب الظرافي بصنعاء عام 78 في الجولات الأخيرة من منافسات بطولة الدوري، وكانت مباراة مصيرية بالنسبة لنا لتوسيع فارق النقاط بيننا وبين منافسنا نادي وحدة صنعاء، في هذه المواجهة تقدم أهلي صنعاء بهدف وقبل نهاية المباراة بدقائق تمكنت من تسجيل هدفين عبر تسديدتين من خارج منطقة الجزاء، وبعدها مباشرة لعبنا ضد وحدة صنعاء في الدوري وكانت مباراة جميلة على ملعبنا بالحديدة، هم تقدموا بهدف وسجلنا التعادل مباشرة من لعبة "ون – تو" عندما انطلقت مع زميلي المرحوم محمد سلطان من وسط الملعب حتى خط المرمى دون أن يلمسها أي لاعب من فريق الوحدة، وبعدها سجلنا هدف الفوز وأحرزنا بطولة الدوري.

  كيف ترى الرياضة في بلادنا في السنوات الأخيرة مقارنة بأيامكم؟
- الرياضة في أيامنا كانت بغاية الروعة، المباريات في المسابقات الكروية بين جميع الأندية بما فيها المباريات الودية كلها قوية والحضور الجماهيري كبير، والأندية كلها مثل الإخوان، وبيننا احترام كلاعبين، ومسؤولو الرياضة يحترمون ويقدرون النجوم. كانت الحياة جميلة والقلوب طيبة ودون ماديات، وهذه أشياء غائبة عن الرياضة في السنوات الأخيرة. فماذا أقول عن الرياضة الآن؟! الأمور تغيرت كليا، غاب الحب والإخلاص والتفاني، لا تعرف من يلعب، والوساطة غلبت الرياضة والمجاملات أثرت كثيرا وبشكل سلبي، وفوق هذا بعمري كله الذي لعبته مع نادي الجيل ما حصلنا على تكريم مناسب من النادي، بينما هناك لاعبون لم يلعبوا وتم تكريمهم.

 كلمة أخيرة كابتن محمد، ماذا تقول فيها؟
- أطالب النادي بتكريمي قبل وفاتي، وكان من المفروض ألا أتكلم عن هذا الموضوع، لكن المفروض أن يقوموا بتكريمي لما قدمته للرياضة ونادي الجيل. أنا حققت للنادي أول درع للدوري العام لكرة القدم في العام 78.
كما أشكر صحيفة "لا" وملحقها الرياضي على هذا اللقاء واللفتة الطيبة، وهذا ليس بغريب على صحيفتكم الغالية، التي دوما وأبدا تقف في صف الرياضيين المظلومين إعلاميا.