اليمن بالحبر الغربي «العـدد 1535»
- تم النشر بواسطة اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا
إعداد:علي عطروس / لا ميديا -
يجب التعلم من فشل الرياض والحذر من وهم الحل العسكري السريع
نقلت القناة العبرية الثانية عشرة عن الباحث يوئيل جوازانسكي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي «الإسرائيلي» والذي يشغل الآن منصب زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في «تل أبيب»، قوله إنه «يجب التعلم من فشل الرياض والحذر من وهم الحل العسكري السريع».
وأضاف: «أولئك الذين يتحدثون عن قطع أيدي الحوثيين ليس لديهم أدنى فكرة عن هوية الحوثيين. ربما هذه تصريحات سياسية؛ لكنها منفصلة عن الواقع. أنت لا تريد الدخول في حرب استنزاف على بعد 2000 كيلومتر منك واستثمار المليارات ضد عدو ليس لديه ما يخسره».
يوئيل جوازانسكي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يشغل الآن منصب زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب - القناة العبرية الثانية عشرة
الحل في حشد تحالف محلي يعتمد على70% من المعارضين لـ"الحوثيين"
من الواضح اليوم أن جبهتنا السابعة (اليمن) أصبحت ساحة تهديد مركزية يجب على «إسرائيل» أن تتخذ قراراً فيها.
وتكمن الأهمية التي يجب أن ننسبها إلى الحوثيين في حقيقة أنهم أصبحوا يشكلون تهديداً حقيقياً، والذي سيزداد سوءاً - أولاً على روتين الحياة برمته في «إسرائيل»، وعلى الاستقرار الإقليمي.
لقد وعدت الولايات المتحدة بالتعامل مع الإزعاج الحوثي؛ لكن الهجمات الأمريكية محدودة وليس لها أي تأثير، ويبدو أن واشنطن تخشى التورط في اليمن والتحول إلى حرب إقليمية شاملة.
ونفذت «إسرائيل» العديد من الهجمات منها هجمات علاقات عامة ضد أهداف البنية التحتية في اليمن، على أمل أن يتوقف الحوثيون عن مهاجمتها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا.
إن طريقة التعامل مع الحوثيين هي تصعيد وزيادة الضغط العسكري عليهم، كما يجب تعبئة تحالف محلي يعتمد على 70% من السكان اليمنيين الذين يعارضون الحوثيين.
صحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية
انسوا القصف الجوي على اليمن.. كيف سنوقف "الحوثيون"؟
الصواريخ في اليمن بمثابة صداع نصفي، تنتشر على مساحة كبيرة من الأراضي، وليس لدى «إسرائيل» صورة استخباراتية عن مواقعها وروتين عملها.
وللعثور على مخزون الصواريخ في اليمن سيتعين علينا الزحف من كهف إلى كهف للبحث، وحتى لو عثرنا عليها، كيف نضرب جبالا؟
حتى لو افترضنا أن «إسرائيل» نجحت في ضرب مجموعة من الصواريخ في اليمن، فلا تنسوا قلب المصفوفة، سيستمر «الحوثيون» في إطلاق طائرات مسيّرة علينا كل يوم لسنوات إذا أرادوا ذلك، تماماً كما فعلوا مع السعوديين، هل يمكن حل هذه المشكلة؟
اسألوا السعودية كيف قصفت قواتها الجوية اليمن، وخلفت دماراً هائلاً ولم يساعدها ذلك، ولم يستمر «الحوثيون» في الرد بالطائرات المسيّرة فحسب، بل تسببوا أيضاً في أضراراً جسيمة للبنية التحتية النفطية السعودية.
جيش الحوثيين منظم بشكل أساسي ويشكل كابوساً لضباط المخابرات «الإسرائيلية»، كما لا تتوفر لدى «إسرائيل» معلومات واضحة كافية عن مواقع منصات الإطلاق والمستودعات، وعن إجراءات العمل حولها.
صحيفة «كالكاليست» العبرية
تهديداتنا لـ"الحوثيين" أقرب إلى حرب وعي منه إلى نوايا أو تخطيطات عملية ملموسة
هذا النقاش الحاد في الإعلام «الإسرائيلي» والأمريكي بشأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية، ثم توجيه ضربات موجعة إلى الحوثيين في اليمن، هو أقرب إلى حرب وعي منه إلى نيات أو تخطيطات عملية ملموسة؛ إذ سببت الإصابات المباشرة للصواريخ الباليستية التي أُطلقت من اليمن، والتي فشلت منظومة الدفاع الجوي «الإسرائيلي» في اعتراضها، إحباطاً كبيراً لدى الجهات السياسية والأمنية في «إسرائيل» وواشنطن. وقد أججت هذه الأحداث النقاش العلني بشأن ما إذا كان يمكن الاكتفاء بضربات موجعة للحوثيين لردعهم عن الهجمات على إسرائيل والملاحة الدولية، أم إن الأمر يستدعي استهداف الإيرانيين، الرعاة الرئيسيين للحوثيين والجهة التي تزودهم بالصواريخ والطائرات المسيّرة.
ماذا بشأن الحوثيين إذن؟! علينا أن نعلم، أولاً، أن الحوثيين ليسوا خاضعين لقيادة إيران أو إدارتها، إنما يقدّمون إليها المساعدة فقط، ولذلك، فإن استهداف إيران لن يغير شيئاً بالنسبة إلى النظام الحوثي. ويخوض الحوثيون حرب استنزاف ضد «إسرائيل» باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة، لأن دعمهم للقضية الفلسطينية يُكسبهم تأييداً داخلياً في اليمن وفي العالم العربي بصورة عامة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم راضون كثيراً عن المكانة الدولية التي اكتسبوها بعدما أظهروا أنهم الجهة التي تقرر ما إذا كانت هناك تجارة بحرية في البحر الأحمر، ومنها إلى قناة السويس، أم لا.
وهذه المكانة، التي تجعل الحوثيين طرفاً عالمياً قادراً على تعطيل الاقتصاد العالمي، نالت إعجابهم، وهُم يحاولون، بصورة تكاد تكون منفصلة عن إيران، تغيير النظام العالمي، وكما أشار رئيس الوزراء، فالإيرانيون يزودون الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيّرة عبر عمليات تهريب عن طريق البحر.
وهناك صعوبة في مواجهة الحوثيين، وخصوصاً بسبب البُعد الجغرافي، وبسبب محدودية الموارد الاستخباراتية التي تستطيع «إسرائيل» تخصيصها للقيام بالمتابعة وجمْع معلومات بشأن أهداف دقيقة في اليمن. إن التحديات الاستخباراتية، وتلك التحديات المتعلقة بالمسافة الجغرافية تجعل من الصعب تنفيذ عمليات فاعلة لتعطيل وسائل إنتاج وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.
وهناك مشكلة رئيسية أُخرى، وهي أن الحوثيين لا يتأثرون بالضربات التي تستهدف بنيتهم التحتية الاقتصادية أو مؤسساتهم الحكومية؛ فقد خاضوا حرباً ضد السعودية والتحالف المساند لها في الفترة 2015 - 2019، ولم يؤثر فيهم مقتل عشرات الآلاف من مواطنيهم نتيجة القصف والمجاعة، ولم يمنعهم من مواصلة القتال. لذلك، فإن استهداف الأهداف والبنية التحتية المدنية لن يردع الحوثيين.
لكن الذي يمكنه أن يدفعهم إلى تغيير موقفهم هو بالضبط ما دفع حزب الله إلى ذلك، أي القضاء على القيادة الحوثية وتوجيه ضربات مدمرة إلى الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، ومنصات الإطلاق، ووسائل إنتاجها. يتعيّن على «إسرائيل»، لردع الحوثيين، أن تفعل معهم ما فعله الجيش «الإسرائيلي» والموساد بقيادة حزب الله وسلاحه الاستراتيجي في لبنان ونظام الأسد في سورية. ونظراً إلى البُعد الجغرافي والعوائق الاستخباراتية، فلن تستطيع إسرائيل القيام بذلك بمفردها، فهي في حاجة إلى شراكة كاملة مع القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) والأسطول الخامس الأمريكي في عملية كهذه، لأنهم موجودون في المنطقة، في البحر العربي والبحر الأحمر، مع حاملات الطائرات، ومدمرات الصواريخ، وغيرها من القدرات.
ولقد امتنعت إدارة بايدن من توجيه ضربة قاسية إلى اليمنيين خشية اندلاع حرب إقليمية. وعلاوة على ذلك، فقد حذّر البنتاغون البيت الأبيض من أن مخزون صواريخ الاعتراض التابعة لمنظومة «إيجيس» على السفن الحربية الأمريكية آخذ في النفاد.
ولهذه الأسباب، امتنعت إدارة بايدن حتى أمس الأول من توجيه ضربة مدمرة إلى مخازن الصواريخ ومقرات الحوثيين. وتأمل «إسرائيل» الآن أن يؤدي دخول ترامب البيت الأبيض إلى تغيير هذا الوضع، وأن يقوم ترامب بإزالة العوائق التي فرضها البيت الأبيض الحالي على القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) فيما يتعلق بشن الهجمات في اليمن. كما تأمل أن تتفق مع الولايات المتحدة، بعد تولّي ترامب الرئاسة، على عملية مشتركة تعيد تحجيم الحوثيين وتمنعهم من أن يصبحوا قوة مخلة بالنظام والاقتصاد العالميَّين.
سيتولى ترامب الرئاسة في أوضاع تقصي خيار اندلاع الحرب الإقليمية عن المتناول الإيراني أو اليمني. وهذا ما قصده رئيس الوزراء، على الأرجح، عندما طلب بالأمس من مواطني «إسرائيل» التحلي بالصبر، مشيراً إلى الانتظار إلى أن يدخل ترامب البيت الأبيض، وعندها، سيتم التعامل مع الحوثيين بالصورة المناسبة.
رون بن يشاي «يديعوت أحرونوت» العبرية
لكي نكون فاعلين عملياتياً في مواجهة «الحوثيين» فإننا بحاجة إلى أن نكون قريبين جغرافياً منهم
ليست المشكلة الحوثية استمراراً مباشراً للحرب حتى الآن، ولا تنويعاً آخر للمعركة في مواجهة «حماس» أو حزب الله، إنما هي أمر مختلف تماماً. وللعثور على حل لهذه المشكلة، فلن تكون مهاجمة بنى تحتية على بُعد آلاف الكيلومترات كافية لحل المشكلة.
إن الحوثيين هم تنظيم إسلامي متطرف، هدفه كان التمرد على الحُكم المركزي، والسيطرة على اليمن عبر حرب أهلية اندلعت سنة 2015. ورغم أن التنظيم ليس كبيراً نسبياً؛ إذ يتراوح عدد أفراده بين 20,000 و30,000 شخص، فقد تمكنوا، بدعم من إيران، من السيطرة على نحو ثلث مناطق غرب اليمن وجنوبها، بما في ذلك ميناء الحديدة والعاصمة صنعاء. وبالإضافة إلى ذلك، فقد نجحوا في عرقلة مسار التجارة في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالتجارة العالمية وقناة السويس، وأثّر في «إسرائيل» بتسببه بتعطّل ميناء إيلات لأكثر من عام.
لم يتمكن التحالف الإقليمي الذي تقوده السعودية ودول الخليج، والذي يحاربهم منذ سنة 2015 (مع فترات هدنة)، ولا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في السنة الماضية، من كسر روح هؤلاء، على الرغم من الضربات المهمة التي وُجهت إليهم، فالحوثيون مجهزون بأفضل الأسلحة الإيرانية، بما في ذلك مئات صواريخ كروز، والصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، وتنتشر قواتهم في مساحات واسعة ذات طبيعة جبلية توفر لهم المخابئ والقدرة على الصمود. أمّا تواصلهم الداخلي، فهو مختلف، وهو ما يصعب جمع المعلومات الاستخباراتية. وفيما يتعلق بمسألة الثمن الذي يدفعونه على مستوى البنى التحتية، أو مستوى معيشة المواطنين في المناطق التي يسيطرون عليها، فهي لا تثير اهتمامهم.
لا يمكن أن تقتصر حرب الاستنزاف التي تلوح في الأفق ضد الحوثيين على ضربات جوية من مسافة 2000 كيلومتر، كما أن هجومنا بصورة منفردة على أهداف في إيران كخطوة انتقامية يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب استنزاف مزدوجة وبعيدة، وهذا الوضع يتطلب مقاربة استراتيجية مختلفة تماماً.
ولكي نكون فاعلين عملياتياً في مواجهة انتشار الحوثيين، فإننا في حاجة إلى أن نكون قريبين جغرافياً، بحيث نتمكن من الحصول على معلومات استخباراتية مستمرة، ومتابعة دقيقة، وقدرة على توجيه النيران في الوقت المناسب، وهذا يستلزم وجود قوة للمهام الكبيرة قريبة من المنطقة، وهو ما يعني ضرورة الانضمام إلى التحالف الإقليمي.
ليس هذا بالقرار السهل؛ لأن المشاركة الفعلية في حرب مختلفة تأتي بتكاليف ونظام معقد من التداعيات، ناهيك بأن تحقيق الفاعلية العملياتية سيستغرق وقتاً ليس بقصير. وأخيراً، علينا ملاحظة أن هذه الدولة تعاني جرّاء فقر شديد ونقص في الموارد وضعف في الحكم الفعال؛ فنجاح الحوثيين يعود إلى إخفاق حكومة اليمن. وكما هو الحال في غزة، والآن في سورية، فإن غياب تعزيز قوة الحكومة وقدرتها على فرض سيادتها يؤدي إلى فراغ تملؤه دائماً تنظيمات «إرهابية» تعاود الظهور وتسيطر على ما تبقّى.
وهذا ما يحدث أيضاً عندما تهدر «إسرائيل» مكاسبها العسكرية الثمينة في غزة بعدم إنشاء حُكم بديل لحركة «حماس» نتيجة ضعف سياسي. وفي سورية، تتصرف «إسرائيل» بلا حكمة؛ فبدلاً من المساهمة في إنشاء حكومة قوية، فإنها تسيطر على شريط أرضي غير ضروري في المنطقة العازلة، وهو ما سيؤدي إلى بناء الصراع القادم مع الحكومة الجديدة في سورية.
وتتمثل الخطوة الثانية المطلوبة في مواجهة الحوثيين في استهداف «رأس الأفعى» الإيراني؛ فإضعاف الحوثيين لن يتم عبر ضربات انتقامية موجهة ضدهم، إنما عبر حملة تهدف إلى إضعاف إيران بصورة كبيرة، عبر تفكيك برنامجها النووي وتقليص تأثيرها الإقليمي. لقد باتت إيران اليوم تُعتبر «وحشاً جريحاً»، وهو ما يجعلها أكثر خطورة. ولا شك في أن إيران تشجع الحوثيين على الهجوم، وإضعافها بصورة ملحوظة سيوقف هبوب الرياح على أشرعة الحوثيين، وسيؤدي أيضاً إلى إغلاق طريق إمداداتهم المستقبلية.
هذه خطوة دبلوماسية بطبيعتها، متكاملة، ومتفَق عليها، ومدارة بصورة مشتركة مع الأمريكيين، ويجب أن تتضمن إنذاراً نهائياً لإيران بالتخلي عن أسلحتها النووية ووقف شحنات الأسلحة إلى المنطقة، فإذا استجابت إيران، فسيتم فرض رقابة صارمة لضمان التنفيذ، وسيتم رفع العقوبات بالتدريج، أمّا إذا رفضت، فستتوجه الولايات المتحدة و»إسرائيل» إلى حملة لتفكيك برنامج إيران النووي بالكامل وصناعاتها العسكرية، وإضعاف الحرس الثوري والنظام بصورة تهدد وجوده. يجب تنفيذ هذه الخطوة عبر تعاون كامل مع الأمريكيين.
هذا ما سيؤدي إلى حل مشكلة الحوثيين، حتى لو لم يكن ذلك فورياً، لكن الأهم من ذلك بكثير هو أنه سيقضي على الخطر الذي يتهدد استقرار المنطقة لأعوام طويلة قادمة.
لتحقيق خطوات كبيرة كهذه، يتعين على «إسرائيل» اتخاذ قرارات جوهرية وحيوية، في مقدمتها إعادة الأسرى وإنهاء الحرب في غزة، ويشمل ذلك إقامة حُكم جديد غير تابع لحركة «حماس»، وسحب القوات «الإسرائيلية» من سورية، والدفع قُدُماً في اتجاه التوصل إلى اتفاق مع السعودية، وهذا ما يعني الموافقة على حل مسألة تقرير المصير للسلطة الفلسطينية.
وفي نهاية المطاف، فإن ذلك كله راجع إلى قدرة الحكومة ورئيسها على اتخاذ قرارات تاريخية جريئة، تكون موجهة لمصلحة الأمن القومي لـ»دولة إسرائيل»، بعيداً عن المصالح الشخصية والسياسية.
الجنرال يسرائيل زيف، قائد سلاح المشاة والمظليين السابق وقائد فرقة غزة ورئيس فرقة العمليات في جيش الاحتلال- قناة (N12) العبرية
«الحوثيون» يمثلون التهديد المركزي لـ«إسرائيل» والوحيدون الذين يتحملون ثقل النضال ضدنا
إن الإزعاجات المتتالية التي عانى جرّاءها سكان وسط البلد في منتصف الليل بسبب إطلاق الصواريخ من اليمن كانت مخجلة بعض الشيء أمام محاولات الحكومة التفاخر بالانتصار المطلق الذي يصورونه على أنه على بُعد خطوة. لا شك في أن «إسرائيل» حققت سلسلة من الإنجازات الاستراتيجية المذهلة على كل الجبهات بعد الصدمة المؤلمة جرّاء «مذبحة» 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وكان القصف الحوثي الذي تم اعتراضه في أغلب الأحيان عبر منظومة الدفاع الجوي «حيتس» بمثابة تذكير بأن الوضع لا يزال بعيداً عن النهاية. وقد وجدت «إسرائيل» نفسها الآن أمام حرب استنزاف جديدة تُدار الآن من اليمن، وبصورة غير مباشرة من إيران كما يبدو.
ولا تزال أجهزة الأمن مترددة بشأن مدى استقلالية القرار الحوثي وقوة التأثير والتشجيع اللذين يحصل عليهما من إيران. ومع وقف إطلاق النار في لبنان، ووقف إطلاق المسيّرات من العراق، وتراجُع القتال في غزة، فإن الحوثيين باتوا التهديد المركزي على مركز البلد، والجهد الذي يبذلونه من جانبهم هامشي جداً؛ فيكفي لصاروخ واحد كُل يومين بالمعدل كي يضعهم في الوعي بأنهم الوحيدون الذين يتحملون ثقل النضال ضد «إسرائيل» كنوع من أنواع التضامن مع ما تبقّى من الذراع العسكرية لـ»حماس» في غزة. وفي المقابل، تحتاج «إسرائيل» إلى جهود عظيمة جداً من أجل الرد، والقصف باستعمال طائرات حربية على مسافة 1800 كيلومتر، وهو ما يحتاج إلى استثمار وموارد كثيرة.
وهاجم سلاح الجو مواقع في اليمن للمرة الرابعة منذ بدء الحرب، وللمرة الثانية خلال أسبوع، وهذه المرة تم استهداف مواقع بنى تحتية مدنية، بينها المطار الدولي في صنعاء. وقد هددت القيادة الحوثية بالرد على هذه الهجمات. وفي «إسرائيل» يعرفون أن هذا لن يكون كافياً من أجل وقف تبادُل إطلاق النار، وتأمل المنظومة الأمنية بتعزيز التنسيق الأمني مع الأمريكيين والبريطانيين لزيادة الضغط على الحوثيين. وهناك شكوك أيضاً بشأن ما إذا سيكون هذا كافياً لتحقيق الهدف.
والمعضلة هي أنه رغم حجم الضرر الكبير الناجم عن الضربات «الإسرائيلية»، فإنها لا تزال غير كافية لردع الحوثيين؛ فالمتمردون في اليمن الذين واجهوا بنجاح الحكومة المحلية، والسعودية والإمارات، لا يرتدعون، ومن الصعب التهديد بإعادتهم إلى العصر الحجري لأنهم أصلاً هناك إلى حد ما، باستثناء قدراتهم القتالية التكنولوجية طبعاً.
عاموس هرئيل - «هآرتس» العبرية
كيف تتجنب "إسرائيل" الوقوع في فخ "الحوثيين"؟
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تقريراً نقلت فيه عن مسؤول «إسرائيلي» رفض الكشف عن هويته -لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام- قوله إن «الحوثيين أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية مما يتصوره الكثيرون، ويجب عدم التقليل من شأنهم».
وأضاف المسؤول «الإسرائيلي» أن من وصفهم بالحوثيين: «تمكنوا من اتخاذ خطوات عملية في متابعة أيديولوجيتهم التي تدعو إلى تدمير الولايات المتحدة وإسرائيل».
ووفقاً للصحيفة فإن «الخبراء يقولون إن طائرات الحوثيين بدون طيار وصواريخهم وقذائفهم تمكنت من الالتفاف على أنظمة الدفاع الجوي التي كانت إسرائيل تتباهى بها في السابق، وعادت إلى الواجهة المعضلة العسكرية الإسرائيلية الدائمة وهي: كيفية هزيمة عدو مسلح بمخزون من الأسلحة أرخص نسبياً وأكثر وفرة نسبياً».
وقال يوئيل جوازانسكي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي «الإسرائيلي»، والذي يشغل الآن منصب زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في «تل أبيب» إن «الحوثيين يريدون حرب استنزاف على إسرائيل، ومواصلة إطلاق النار حتى يثبتوا أنهم المقاومة الحقيقية».
وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن «حساب التكلفة معقد بالنسبة لإسرائيل، إذ تبلغ تكلفة الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يطلقها الحوثيون نحو عدة آلاف من الدولارات، في حين تكلف كل عملية اعتراض إسرائيل عشرات الآلاف من الدولارات على الأقل».
في الواقع، إن تكلفة كل صاروخ من صواريخ منظومة (السهم) الإسرائيلية بعيدة المدى تبلغ نحو 3 ملايين دولار، وهي المنظومة التي تعتمد عليها «إسرائيل» بشكل أساسي في التصدي للصواريخ البالستية بعيدة المدى على مسافات عالية، وقد فشلت هذا الشهر عدة مرات في اعتراض صواريخ «فلسطين2» التي أطلقها اليمنيون.
وقال جوزانسكي: «نظراً لأن محاولة إرسال طائرة بدون طيار أو صاروخ إلى إسرائيل كل بضعة أيام أو أسابيع أمر رخيص للغاية بالنسبة للحوثيين، فإنهم قادرون على الفوز في هذه المعركة: والسؤال الآن هو كيف تتجنب إسرائيل الوقوع في فخهم؟»
ونقلت الصحيفة الأمريكية أيضاً عن داني أورباخ، المؤرخ العسكري في الجامعة العبرية بالقدس قوله إنه «على النقيض من الأعداء المتواجدين على حدود إسرائيل، فإن الحوثيين يبعدون أكثر من ألف ميل، وهم محاصرون في بلد جبلي فقير للغاية بدون أي مركز ثقل للبنية التحتية، وبدون أماكن أو أصول تشكل محوراً لعملياتهم بحيث يؤدي ضربها إلى إعاقتهم».
وأضاف: «إن وضع إسرائيل أصبح أكثر تعقيداً بسبب حقيقة أن الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين قادتا الجهود لردع هجمات الحوثيين ضد إسرائيل وعلى الشحن في البحر الأحمر، تتراجعان على ما يبدو وربما تستنفدان صواريخهما وطائراتهما الاعتراضية».
وتابع: «هناك نقص في الصواريخ الاعتراضية بسبب الحروب الأخرى في العالم التي تخطط الولايات المتحدة لاستخدامها فيها».
صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية
المصدر اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا