المنتخبات الوطنية ما بين الاستعداد والحظوظ والطموح في الاستحقاقات القادمة
- تم النشر بواسطة طارق الأسلمي / لا ميديا

استطـلاع: طارق الأسلمي / لا ميديا -
في أجواء تسودها التطلعات والطموحات تكثف المنتخبات الوطنية استعداداتها لخوض غمار استحقاقات مرتقبة على المستويين الخليجي والآسيوي. المنتخب الأولمبي بقيادة المدرب أمين السنيني يستعد لخوض التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا تحت 23 عاماً خلال الأيام القادمة، فيما يبدأ منتخب الشباب بقيادة المدرب الوطني محمد النفيعي، غداً أولى منافسات تحضيراته تأهباً للمشاركة في النسخة الأولى لكأس الخليج. وعلى ذات المسار يواصل منتخب الناشئين تحضيراته الداخلية استعداداً لخوض منافسات كأس الخليج والتصفيات الآسيوية تحت قيادة المدرب سامر فضل الذي عاد للمنتخب الصغير بعد إقالة زميله قيس محمد صالح.
وفي هذا الإطار حرصت صحيفة "لا" على استطلاع آراء نخبة من المختصين في الشأن الرياضي من مدربين ولاعبين سابقين ومحللين وصحفيين بهدف التعرف على وجهات النظر حول تقييم استعدادات المنتخبات الوطنية وحظوظها في المشاركات القادمة.
عاشور: المنتخبات الوطنية تمتلك مواهب مميزة وتحتاج لمعسكرات خارجية ومباريات قوية
البداية كانت مع مساعد مدرب المنتخب الوطني الأول الكابتن أنور عاشور، حيث أكد أن منتخباتنا الوطنية للناشئين والشباب والأولمبي تملك حظوظًا جيدة في مشاركاتها القادمة، مشيراً إلى أن العامل المشترك بينها هو وجود أجهزة فنية مقتدرة ومواهب كروية ممتازة خاصة في منتخبي الشباب والأولمبي مع التأكيد على أن منتخب الناشئين لن يكون استثناءً كما اعتدنا دائماً، فاليمن بلد ولادة بالمواهب.
وأضاف عاشور أن المنتخبات قد استعدت بشكل جيد وأن حماس الأجهزة الفنية واللاعبين يختصر الكثير من النواقص التي تعاني منها المعسكرات الداخلية. لكنه شدد في الوقت ذاته على الحاجة الملحة لجميع المنتخبات لإقامة معسكرات خارجية وخوض مباريات ودية مع منتخبات قوية حتى يكون الإعداد على أكمل وجه وتتمكن منتخباتنا من تقديم الأداء المأمول وإسعاد الجماهير اليمنية في كل مكان.
القاسمي: المنتخبات بحاجة إلى استعدادات حقيقية ومباريات دولية
يرى الكاتب الرياضي سمير القاسمي أن استعدادات المنتخبات الوطنية لا ترتقي إلى المستوى المأمول في ظل غياب المعسكرات الخارجية والمباريات الودية الجادة، بعكس ما تقوم به المنتخبات الأخرى التي تواصل تجهيزاتها بشكل منتظم. ويشير إلى أن منتخب الناشئين يظل حالة استثنائية ومميزة خاصة أن معظم لاعبيه يأتون من الحواري ويلعبون بشكل مستمر طوال الموسم، على عكس منتخبي الشباب والأولمبي المرتبطين بأنديتهم، لكن دون نشاط دوري أو تحضيرات حقيقية.
ويؤكد أن استدعاء اللاعبين يتم أحياناً بناءً على الأسماء لا الجاهزية، ليكتفى بعد ذلك بمعسكرات محلية في صنعاء أو مأرب أو عدن، تتخللها مباريات غير مفيدة مع أندية محلية تعاني بدورها من ضعف الإعداد. ويضيف: "منتخبات مثل الناشئين والشباب يفترض أن تخوض مباريات ودية مع منتخبات خليجية استعداداً للمشاركة في بطولة كأس الخليج".
وحول المنتخب الأولمبي شدد القاسمي على ضرورة خوض مباريات دولية أمام منتخبات من نفس التصنيف الجغرافي مثل ماليزيا وتايلاند، استعداداً لتصفيات آسيا قائلاً: "دائماً نبحث عن السراب مع أن اللاعبين والمدربين يستحقون الشكر رغم الظروف الصعبة".
وفيما يخص مجموعة المنتخب الأولمبي، وصفها بأنها سهلة على الورق لكن صعوبتها الحقيقية تكمن في جاهزية خصومنا واستقرارهم مقابل معاناة لاعبينا من توقف الدوري وغياب التحضيرات.
أما منتخب الشباب فهو امتداد لمنتخب الناشئين الذي حقق بطولة غرب آسيا مرتين. ويؤكد القاسمي أن المنتخب يضم عناصر مميزة ويملك فرصة للوصول إلى نصف النهائي بل والمنافسة على اللقب وسيكون الحصان الأسود في البطولة إن حصل على الإعداد المناسب.
وفي ختام حديثه، يرى القاسمي أن منتخب الناشئين يُعد ثروة وطنية دائمة.
السالمي: استعدادات المنتخبات غير مكتملة والمباريات الودية القوية مفتاح النجاح
نجم المنتخب الوطني السابق وهداف الكرة اليمنية الكابتن عادل السالمي، أكد أن المنتخبات الوطنية أمام استحقاقات مهمة في مقدمتها مشاركة المنتخب الأولمبي في تصفيات آسيا، مشدداً على أهمية هذه البطولة وصعوبتها وعلى ضرورة التحضير الجيد لها.
وأوضح السالمي أن المنتخب الأولمبي بحاجة إلى خوض العديد من المباريات الودية القوية مع منتخبات كبيرة، حتى يصل اللاعبون إلى الجاهزية الفنية والبدنية المطلوبة. وأضاف: "المعسكر الداخلي والمباريات الودية مع أندية غير جاهزة ومنقطعة منذ فترات طويلة بسبب غياب النشاط الرياضي لن تحقق الفائدة المرجوة، وكان من الضروري أن يرتب الاتحاد العام لمعسكر خارجي تتخلله مباريات أمام منتخبات آسيوية".
وتابع: "هذا الواقع يعطي مؤشراً على أن مشاركة منتخبنا في تصفيات آسيا تحت 23 سنة لن تكون بمستوى طموح الشارع الرياضي رغم وجود لاعبين جيدين ومدرب يمتلك خبرة فنية كبيرة، إلا أن الاستعداد غير مكتمل وغير كافٍ".
وفيما يتعلق بمنتخب الشباب، أشار إلى أن مشاركته المقبلة في بطولة كأس الخليج هي الأولى له وخاض على ضوئها معسكراً داخلياً في صنعاء مع سلسلة من المباريات الودية أمام أندية محلية. وعلّق بقوله: "هذا الإعداد، من وجهة نظري أيضاً غير كافٍ للظهور بمستوى رائع، لأننا سنواجه منتخبات خليجية مستعدة جيداً".
وأضاف: "نحتاج لخوض تجارب ودية مع منتخبات المنطقة من أجل الاستقرار الفني ورفع الجاهزية البدنية، وهذا لن يتحقق من خلال اللعب فقط مع الأندية المحلية. للأسف، هذه إحدى المشكلات التي تعاني منها منتخباتنا ومدربونا".
وتابع: "لدينا مواهب رائعة في هذا المنتخب الشاب ونعول عليهم كثيراً لتقديم مستوى مميز في أول مشاركة خليجية، وكل التوفيق للمدرب محمد النفيعي ونجوم المنتخب".
وبالحديث عن منتخب الناشئين، عبّر السالمي عن تفاؤله بالمنتخب الجديد رغم التحديات التي واجهها خلال فترة الإعداد بما في ذلك التغيير المفاجئ في الجهاز الفني قبل أيام، معتبراً أن هذه الفئة طالما تميزت اليمن فيها وتفوقت على الكثير من المنتخبات. وأوضح أن المدرب يواجه صعوبة كبيرة في اختيار المواهب التي تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بالماضي محملاً الاتحاد والأندية مسؤولية هذا التراجع بسبب غياب النشاط والبطولات المحلية لفئة الناشئين والفئات الأخرى التي تمثل النواة الحقيقية للمنتخب الأول.
وختم السالمي حديثه قائلاً: "نتمنى من الاتحاد العام أن يُولي المنتخبات الوطنية مزيداً من الاهتمام، عبر تنظيم معسكرات خارجية وخوض مباريات ودية قوية حتى يكون الأداء إيجابيًا في البطولات الرسمية. وهذا الطرح ينطبق على كل منتخباتنا الوطنية وأجهزتنا الفنية التي تعاني من هذه الإشكالية".
الدغيش: كنز من المواهب تحتاج لاستقرار فني ودعم مبكر
المدرب الوطني الكابتن خالد الدغيش أكد أن هناك جهوداً فنية واضحة وملموسة تُبذل على أرض الميدان لتجهيز اللاعبين، مشيدًا بما تقدمه الأجهزة الفنية حتى الآن.
وعند الحديث عن المنتخبات الوطنية الثلاثة، بدأ الدغيش بما وصفه بمصنع الفرح الدائم للجمهور اليمني منتخب الناشئين، معتبراً أن اليمن غنية بالخامات الثمينة وتمتلك مخزوناً استراتيجياً يمثل ثروة وطنية يجب الاستفادة منها، مضيفاً: "دائماً نتفوق بمواهب الناشئين على جيراننا في دول الخليج، لكن -ونضع خطًا تحت كلمة "لكن"- لن يستمر هذا التفوق إذا ما أهملنا هذا الكنز".
وأشار إلى أن دول الجوار تمنح فئاتها السنية كل مقومات النجاح من موارد مالية ومسابقات منتظمة وكوادر فنية عالمية ومعسكرات ومباريات ودية على مستوى عالٍ، ناهيك عن البنية التحتية من ملاعب وأكاديميات ومراكز طبية ورياضية متكاملة. وأضاف: "فئة الناشئين تحتاج إلى كسب الخبرة والثقة وتنمية القدرات وهذا لن يتحقق دون مباريات ودية برتم عالٍ"، مستشهداً بمباراة ودية جمعت بين ناشئي الكويت والإمارات يوم 25 يوليو الماضي ضمن معسكر تدريبي خارجي في صربيا، استعداداً لبطولة كأس الخليج وتصفيات آسيا.
أما منتخب الشباب، فأبدى الدغيش تفاؤله بشأنه رغم توقف النشاط الرياضي، مشيراً إلى أن الجماهير اليمنية لا تزال تحتفظ بصورة مشرقة لهذا الجيل منذ مشاركته السابقة ضمن منتخب الناشئين، وقال: "إذا توفرت لهم معسكرات جيدة وعدد من المباريات الودية مع فرق قوية تناسب حجم المنافسات المقبلة فسيواصلون الإبداع ويقدمون كرة حديثة وربما يسطرون تاريخاً جديداً للكرة اليمنية".
وعن المنتخب الأولمبي تحت 23 عاماً، أوضح الدغيش أنه بحاجة إلى إعداد خاص واستقرار فني طويل الأمد نظراً لحساسية المرحلة التي تمثل البوابة الحقيقية للفريق الأول، لافتاً إلى أن المنتخب سيخوض ثلاث مباريات خلال سبعة أيام ضمن التصفيات، أمام سنغافورة في 3 أيلول/ سبتمبر القادم، وبنغلادش في 6، وفيتنام في 9 من ذات الشهر. وأكد على أهمية التكيف البدني والنفسي مع هذا الضغط خلال المعسكر الخارجي لمحاكاة طبيعة المنافسة.
وتحدث الدغيش عن تجربته كمساعد مدرب للمنتخب الوطني الأول المتأهل إلى نهائيات كأس آسيا 2019، مؤكداً أن النجاح لا يتحقق إلا بتكامل الجانب الإداري مع الفني واللاعبين والعمل بروح الفريق الواحد.
وختم حديثه بالقول: "الحظوظ موجودة والإرادة كذلك لكنها مرهونة بتوفير الاستقرار الفني، وحسن الإعداد والدعم المبكر في الوقت المناسب. المنتخبات اليمنية قادرة على تحقيق نتائج إيجابية ونأمل أن تُثمر هذه المشاركات عن بروز أسماء جديدة تمثل مستقبل الكرة اليمنية وتعكس صورة مشرفة عن اليمن رياضياً وإنسانياً في المحافل الإقليمية والقارية".
الجفـــري: المعسكــرات الداخلية لا تفي بالغرض والموهبة الفردية سلاح الناشئين والشباب
يؤكد المحلل الرياضي فكري الجفري أن مراحل الإعداد الحالية لمنتخباتنا الوطنية الثلاثة الناشئين، الشباب، وتحت 23 عاماً، لا يمكن وصفها بأي حال بأنها تلبي الغرض أو ترقى لمتطلبات المرحلة الإعدادية وذلك لسببين رئيسيين وهما:
أولاً: غياب النشاط الكروي في البلاد، وهو ما يؤثر سلباً على مستوى اللاعب من النواحي البدنية والنفسية والمعنوية كما يصعب على مدربي المنتخبات مهمة الاختيار السليم للاعبين لافتقادهم المعايير الصحيحة للانتقاء.
ثانياً: غياب المباريات الدولية الودية، وهو ما ينعكس سلباً على المستوى الفني لأن هذه المواجهات تتيح للاعبين التدرج النفسي واكتساب حساسية المباريات ومعالجة الأخطاء التكتيكية والوقوف على الجاهزية البدنية.
وأشار إلى أن منتخبي الناشئين والشباب هما الأقرب للمراهنة عليهما في الاستحقاقات المقبلة، بعكس منتخب تحت 23 عاماً، موضحاً الأسباب بقوله: على مستوى الناشئين، يتم التعويل على الموهبة والمهارة وهي عناصر يتميز بها اللاعب اليمني في هذه الفئة تحديداً، حيث لا تكون الجوانب التكتيكية والبدنية هي المعيار فاللاعب في هذه المرحلة يجد صعوبة في استيعاب التعليمات التكتيكية لكنه جاهز بدنياً بحكم ما يملكه من مخزون طبيعي".
وبخصوص منتخب الشباب، عبر الجفري عن تفاؤله قائلاً: المجموعة التي تنشط حالياً تحت قيادة الكابتن محمد النفيعي تضم نخبة من لاعبي منتخبي الناشئين والشباب الذين شاركوا سابقاً مع المدربين البعداني وسامر فضل، وبعضهم يمتلك رصيداً لا بأس به من المشاركات الدولية ما يُكسبهم خبرة يمكن أن تنعكس إيجاباً على أداء المنتخب.
وتطرق في ختام حديثه إلى واقع الكرة اليمنية، قائلاً: "تطور الكرة اليمنية يحتاج إلى تكاتف الجميع واستقرار الوضع السياسي وتوفير قاعدة مادية قوية وهي الأهم، إضافة إلى وجود بنية تحتية تؤهلنا للنهوض من هذا الواقع الكروي المرير، وما دون ذلك فإننا سندور في دائرة مفرغة وحديث يُعد قفزاً على الواقع".
الصاصي: الاستفادة الفنية من المعسكرات محدودة.. وتطوير الكرة اليمنية يحتاج تخطيطاً شاملاً
في ختام استطلاعنا يرى نجم المنتخب الوطني السابق علاء الصاصي أن الاستعدادات تمثل جانباً إيجابياً خاصة على المستوى الإداري بينما تظل الاستفادة الفنية محدودة نتيجة غياب الدوريات الخاصة بهذه الفئات ما يقلل من فعالية المعسكرات فنياً.
ويشير الصاصي إلى أن المنتخبات الوطنية قد تقدم مستويات جيدة كما اعتادت في مثل هذه المشاركات التي تدخلها بهدف المنافسة على عكس بعض المنتخبات الأخرى التي تخوضها لأغراض تطويرية. لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى أن تطوير الكرة اليمنية يتطلب الكثير من الدراسات والتخطيط إلى جانب جهود إدارية ومالية كبيرة.
المصدر طارق الأسلمي / لا ميديا