حتى لا نكرر أخطاء الماضي
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -

بعض الأصدقاء يتساءل متعجباً: مجلس إنقاذ وطني يمني جنوبي، كيف؟! وهذا التساؤل يرد من اتجاهين:
اتجاه يمثله بعض الجنوبيين الذين لم يستوعبوا أن يكون هناك مجلس جنوبي ويمني، وهؤلاء المصابون بلوثة اللهاث وراء هوية بديلة للتبرؤ من يمنيتهم وكأن الهوية البديلة مفتاح حل لمشاكلهم، ويتعامون عن حقيقة أن العلم الذي يرفعه للدولة الجنوبية هو علم يتضمن الهوية اليمنية، ناهيك عن أنه لا يفهم أن الهوية ليست طبخة أو وجبة (تيك أويه) يمكنك أن تطبخها والسلام، ولا يعرف أن الهوية تاريخ وجغرافيا وثقافة يستحيل أن تهرب منها أو تعدها على مزاجك.
الهوية ثقافة وفن وأدب وشعر وحضارة وتاريخ... وتلعب المصالح الاقتصادية والتداخلات الاجتماعية دوراً في صياغتها، من زواج وأسرة، كما لعبت أحداث وصراعات سياسية في نشأتها، فتداخلت الناس وامتزجت بين الشطرين حتى بات من الصعب فرض هوية بديلة.
أما الاتجاه الآخر فيأتي من بعض جماعة "الوحدة أو الموت". وهذا لا يستوعب وجود مكون جنوبي وبالتالي يطلق على نفسه يمني. وينسى أصحاب هذا الرأي قضية أساسية، وهي أن هذه الحرب العدوانية فرضت أوضاعاً جديدة، فصار الجنوب محتلاً وبالتالي فإنه بحاجة إلى وعاء سياسي يستنهض إرادات الأحرار فيه للإسهام في حل مشكلاته القائمة ويقدم نفسه شريكاً في عملية تحرير البلد من الاحتلال ويعيد صياغة وضع البلد بعد التحرير على قاعدة الشراكة. وقد يقول البعض بأن بمقدور الجيش واللجان الشعبية القيام بهذا الأمر. لا خلاف في ذلك، لكن إن تركنا الأمر يسير في المنحى نفسه فإننا لا نسلم عواقبه المستقبلية، وسنكرر الخطأ السابق نفسه عندما اتخذت عصابة 7/7 من القوات الجنوبية (جماعة الزمرة) التي شاركت معها في حرب 1994م كقفاز فقط ودخلت العصابة عدن بعقلية المنتصر وتعاملت مع الأوضاع: شمال منتصر وجنوب مهزوم. ولذا ومن أجل تلافي هذا الوضع، فإن الأمر يحتاج إلى مكون جنوبي يمني شريك يسهم في عملية تحرير الجنوب من الاحتلال ويتصدى لمشكلات الجنوب، وبالتالي يكون التحرير شراكة، وعلينا أن نعيد بناء البلد من خلال مفهوم الشراكة، وأعتقد أن حرب التحرير ستكون مفتاحها، وبغير ذلك فإننا نعيد تكرار أخطاء الماضي.

أترك تعليقاً

التعليقات