كارلوس شهاب

كارلوس شهاب / لا ميديا -
في مدة مطاردته من قبل كلاب الأثر، اجتاح وصف "الناشط" ليسبق اسمه من قبل أناسٍ متعاطفين مع الموضوع ومن قبل أناسٍ عرفوا اسمه من خلال الحادثة.
آلمني جداً هذا الوصف لمثل نزار، وكان بودي أن أقول إنكم لو تعرفونه حقّاً لما كنتم وصفتموه بهذا الوصف الذي ارتبط دوماً بالمتخابرين والمتمولين من السفارات.
نزار بنات كان مناضلاً صلباً في كل مراحل حياته، من الأردن إلى العراق وصولاً لفلسطين، في كل فترةٍ من عمره عمل كماكينةٍ دعائيةٍ للكفاح ضد الهيمنة بأشكالها في فلسطين أو لبنان أو العراق أو بأي رقعةٍ من هذا الوطن المسلوب، سواء بصوته مباشرةً أم عبر التسجيلات الطويلة التي أمتعنا بها دوماً دون أن ننظر مطلقاً لمدة وقتها. وفي كل مرةٍ تجتره فيها كلاب المستعمِر كنت أظنه سيعود مكسوراً، لكنه كان يعود ويبصق عليهم من أسفل أقدامهم إلى وسمات الشر في وجوههم.
ما وراء التسجيلات والجهد النظري كان لنزار أفعال وخطط لا تسعها الدنيا، وكان على استعدادٍ أن يكون حجر الزاوية في كل خطة منها من أجل إضرار المستعمِر. من يطلع عليها قد يجدها أحلاماً طوباويةً، لكن بالنسبة لأمثال نزار الذين يتحركون بمنطق "العمل المباشر"، أي أنهم يقومون بعملٍ مباشرٍ ضد مصدر المشكلة، فلا شيء مستحيل.
أبو كفاح، الذي كانت حياته كما كنيته، أبو كفاح الأخ والصديق والأستاذ، يترجل شهيداً على يد كلاب المستعمِر. يظنون بقتله نهاية ظاهرة نزار، لكنه كما قال مظفر النوَّاب:
"فمِثلُكَ لا ينفع القتل فيه
ومثلك يوغِلُ حيّاً
ويدخل مثل الهواء النقيِّ
يرُش النقاهة في البيتِ
يَفضحُ وسخ غسيلٍ
يخبئه بعضهم
خلف بعض
فساخوا وساخَ الغسيل"!

كاتب وباحث عراقي

أترك تعليقاً

التعليقات