تغيير المسار
- محمد الوهباني الثلاثاء , 30 يـولـيـو , 2024 الساعة 7:56:27 PM
- 0 تعليقات
محمد الوهباني / لا ميديا -
في بحر هائج وظلمات بعضها فوق بعض جعلت الرؤية شبه مستحيلة، وحرب باردة تلف عالماً بقطبين، أحدهما متعب وهو يعيش عقده الأخير قبل أن يترنح ويصير جثة هامدة، وقبل أن يصير القطب الآخر هو القبلة السياسية لـ"شرق أوسط" متخم بالمال الخليجي المتواطئ مع مشروع الكيان الغاصب الذي اجتاح لبنان في 1982، وتحديداً بيروت، وكان في أعماق تلك الظروف الملتبسة والأكثر خضوعاً عربياً هروباً من مواجهة مع الغرب، وصراع الحيتان الهائجة، وأنظمة "العقال" التي آثرت السلامة على حساب قضايا الأمة، وتحديدا قضية فلسطين ولبنان المحتلتين من الكيان المتغطرس بسردية استحالة النصر على جيش لا يقهر...
دفن الأعراب رؤوسهم في الرمل، وكان لبنان يبحث في أروقة ذاته عن قوی يجب أن تتشكل لتعيد رونق الحياة لبيروت، وعشقها للتحرر والكرامة، فصارت قوة ذات نهج مغاير للسائد، وبرؤية واضحة، وخطوات ثابتة بدأت مشوارها وهي تسير عكس التيار في بلد كان براه الجميع الحلقة الأضعف أمام الكيان الصهيوني الذي اجتاحه ويجتاحه متى ما يريد، هو لبنان الثقافة والوعي، كان له رأي آخر قائم على الفعل ويستند على طموحات أمة.
لبنان الذي كانت قوته في ضعفه بل صارت قوته في قوة حزب الله الذي أعاد لبيروت كرامتها، ولكرامتنا عزتها، استطاع أن يوجد رأيا مختلفا عن السائد، واتجاها معاكسا للخونة، ويضرب بجذوره في أعماق لبنان كشجرة أرز وغصن زيتون يصنع سلام التحرير وسلام التوازنات والردع، ليتحرر لبنان في حروب فرض لبنان فيه منطقاً لا يفهمه إلا الأقوياء والأنقياء، وصار بذرة مقاومة تثمر مقاومات مشابهة للمشروع الغربي، وثقافة الاستسلام الرخيص ونقض سرديات الجيش الذي لا يقهر وذهاب تلك الأطروحات إلى زوايا النسيان.
في نظرة فاحصة للحظة نرى مشهدا مماثلا حين يهرول الكثير من العرب نحو التطبيع مع "إسرائيل" ويفقد العرب كأنظمة قدرة التخيل للوقوف ضد التطبيع في المنطقة، وكأنه قدر. ويأتي الطوفان من غزة، وتقف الأنظمة العربية موقف المتفرج، بل المتآمر، كالعادة، بعد أن فقدت عذريتها والثقة بنفسها.
وحده اليمني ينتصب واقفاً في المنطقة الفاصلة بين المشاهدة والخضوع بين الجرح والخونة، معلناً أن كرامة الأمة بعدم الاستفراد بقضيتها، ويذهب بخياراته إلى أقصى الألم للعدو، وأقصى العزة والكرامة وإباء النفس، والتعامل بندية مع قوى عظمى عجزت بازدهار فاشل في عرض البحر عن أن توقف اليمني الغارس نصل جنبيته في حشايا أم الرشراش، بل في قلب يافا "تل أبيب" ليسطر جبينه شرف الاشتباك المباشر مع كيان "النتن ياهو"، الذي فتح على ذاته أقدارا مؤلمة يضع قواعدها اليمني في معادلات بالتأكيد أن ما بعدها لن يكون كما قبلها، لأن الضوابط والخطوط الحمراء قد احترقت في الحديدة، وسينعكس ذاك الحريق بالتاكيد في قلب الكيان الغاصب في التوقيت الذي يحدده اليمن.
إن المتابع للأحداث يدرك جيداً أن أنصار الله في اليمن وحزب الله في لبنان أعادا للعربي التوازن بالتفكير الذي اختل ذات خيانة، وأعادا الثقة بالنفس للأحرار، وكان الدرس واضحاً أن هذه الأمة نابضة بالكرامة، مفعمة بالتحدي، وجاهزة إذا صدقت النوايا للانتصار.
المصدر محمد الوهباني
زيارة جميع مقالات: محمد الوهباني