هل نسمح للابتذال بأن يسرق هويتنا؟
 

بشرى الغيلي

بشرى الغيلي / لا ميديا -
المرأة اليمنية، تلك النفحة العطرة التي تزين تاريخ وثقافة اليمن، رمز العفة والكرامة، تحمل قيماً عريقة تنبض بالعزة والاحترام، هي ليست فقط «حاملة الحجاب»، بل هي صانعة المجتمعات، ومصدر القوة التي تتحدى الصعاب، وتثبت يوماً بعد يوم أن الاحتشام والتمسك بالعادات لا يعنيان ضعفاً أو تخلفاً، بل حكمة وشموخاً.
لكن في زمن تتسارع فيه الصور وتغزونا عبر شاشات وسائل التواصل، نرى صورة مشوهة وغير حقيقية تتسلل إلينا من الخارج، حيث بعض النساء اليمنيات اللواتي خرجن للدراسة أو العمل، للأسف اخترن طريقاً آخر بعيداً عن قيمنا، مسلكاً مبتذلاً لا يعكس أصالة المرأة اليمنية ولا يليق بها، كظهور بعض المواقف المخالفة لأعرافنا وقيمنا اليمنية ممن سافرن إلى أوروبا وبعض الدول العربية، وأصبحن نموذجاً سيئاً للفتاةِ اليمنية في الخارج، فهناك من تنشر مقاطع بلكنتها اليمنية وبانحطاط مستفز، وصارت مثل هؤلاء يتصدرن الشهرة باسم اليمنيات.
هذه الظاهرة ليست مجرد قضية مظهر أو حرية في اللباس، بل هي سلوك يتخطى حدود الاحترام، وينحدر في دروب الابتذال بالكلام والصورة، ما يصنع أزمة حقيقية في المجتمع، ليس فقط لأن هذا يسيء إلى صورة المرأة اليمنية في الداخل والخارج، بل لأنه يشكّل عبئاً ثقيلاً على كل امرأة تحافظ على توازنها، وتناضل في سبيل كرامتها وهويتها.
من هنا تكمن المشكلة الحقيقية عندما تُربط هذه الممارسات غير المسؤولة باسم «المرأة اليمنية في الخارج»، يبدأ البعض في الداخل بتعميم الأحكام، وتشكيل صورة نمطية سوداء عن كل امرأة تسافر، حتى تلك التي تلتزم وتعمل بجد وتحقق إنجازات، فتقع ضحية الظنون والاتهامات غير العادلة.
هناك فرق بين الحرية التي تحترم النفس والواجب، وبين الانفلات الذي يهدد كرامتنا. فالحرية لا تعني التفريط بالقيم، ولا الانضباط بالهوية، بمعنى القيد والتقيد بلا روح. المرأة اليمنية تستطيع أن تكون متجددة وعصرية، محافظة على تقاليدها وذات حضور قوي في كل مكان، من دون أن تفقد كرامتها أو هويتها.
الاحترام والتمسك بالعادات ليسا ضعفاً، بل هما درع الحماية الذي يحفظ للمرأة مكانتها ويصون المجتمع بأسره. وهنا تكمن عظمة المرأة اليمنية، التي نفاخر بأنها تختار بعقلها، تعتز بثقافتها، وتعرف كيف توازن بين التقاليد ومتطلبات العصر.
عطفاً على ما سبق، فإن ما أود التركيز عليه أن يكون لدينا وعي مجتمعي شامل، ونبتعد عن الأحكام الجماعية والتعميم الجائر، وأن ندعم المرأة اليمنية في الداخل والخارج على حد سواء، مع رفض الابتذال، الذي لا يمثلنا، ونؤمن بأن المرأة اليمنية عنوان للعزة والرفعة والكرامة، أينما كانت ومهما كان مظهرها، وليست مجرد دمية تحركها مشاهدات ولايكات «السوشيال ميديا». ولا ننسى أن هناك ناجحات نفتخر ونفاخر بهن ونقلن صورة مشرقة ومشرفة عن المرأة اليمنية، وللأسف هؤلاء لا يشتهرن شهرة المبتذلات. وهنا نقول لبعض الشباب ولمن يشجعونهن: أنتم سبب وصولهن إلى هذه المراحل. وكل التحية للمرأة اليمنية التي تحملُ اليمن في خطواتها وطموحها وتعطي انطباعاً يليق بها.

أترك تعليقاً

التعليقات