لصوص المقاولة في تعز1-2
 

محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم / لا ميديا

من مشاكلنا المتأصلة في اليمن بشكل عام وتعز بشكل خاص، مشكلة البطالة المنتشرة في المدينة، ووجود الآلاف من الشباب العاطل الذي لا يجد وظيفة حكومية أو أهلية، ولا يجد مزرعة يعمل فيها مثل القرى، ولا غيرها من وسائل العمل التي تتناقص في المدن كثيرة السكان قليلة التنمية.
وهذا الأمر (البطالة) يؤدي دائماً لانتشار كثير من المشاكل الاجتماعية، وفي مدينة تعز بالذات انتشرت عدد من المظاهر السيئة بسبب ظاهرة البطالة وضعف الأداء الحكومي خلال العقود الماضية، من أهمها: انتشار عصابات البلطجة التي يتم استئجارها في مشاكل الأراضي والقتل والسرقات، وتفشي ظاهرة تعاطي الحبوب المخدرة والمهدئة الممنوعة، وظهور بعض الفواحش والاغتصابات الناشئة عن سوء استخدام النت وتوزيع وبيع الأفلام والمقاطع الإباحية، يضاف إلى كل ذلك ظهور مشكلة انتماء عدد واسع من الشباب العاطل بتعز لجماعات العنف والإرهاب الدينية مثل القاعدة (أنصار الشريعة) وداعش.
كل تلك الأمور كانت تحت السيطرة لسنوات، وكانت الحكومة والسلطة المحلية وإدارات الأمن المتعاقبة تواجه ما ظهر من تلك الجرائم، وامتلأت السجون المتعددة بأصحاب السوابق والمجرمين والفاسدين.
وكانت أعقد حلقة في حلقات الإجرام في تعز هي حلقة (عصابات البلطجة)، والتي كانت تتخفى وتنكمش في أوقات الحملات الأمنية، وتقدم نفسها معاونة للأمن، بينما يتخفى بعضها في الأرياف خارج مدينة تعز، وخاصة في منطقة المخلاف شمال المدينة، والتي كان يتخفى فيها عشرات من المطلوبين الأمنيين من قادة عصابات البلطجة في الأراضي المتنازع عليها وعصابات القتل والتهديد.
كل هذه الإشكالية تم استخدامها بشكل خطير وسيئ في الانفلات الأمني بتعز في 2011، ثم في الفترة الحالية.
في فترة ثورة 2011 التي خرج فيها آلاف الشباب الذين كانوا يرزحون تحت مشكلة البطالة وضياع أفق المستقبل، فخرجوا في ساحات الاعتصام والمظاهرات والمسيرات، مطالبين بتغيير النظام للخروج من مأزق الضياع والبطالة التي يعيشونها، وحينها استغل أولئك المجرمون والمطلوبون هذه الأحداث والانفلات الأمني والعناد المتبادل بين السلطة والأحزاب الانتهازية حينها.
كان استغلال تلك الأحداث عن طريق مجموعات كثيرة من المجرمين وبلطجية الأراضي، والذين انضموا للفريقين المتنازعين حينها، واحتموا بالانفلات الأمني وحاجة كل طرف للأفراد المسلحين أصحاب الخبرة.
أبرز أولئك البلطجية هم الذين اجتمعوا حول الشيخ حمود سعيد المخلافي في ذلك الوقت، وقدموا أنفسهم كمجموعات مسلحة تقف معه ومع شباب الاعتصام والساحة ضد محاولة البلطجية المقابلين مع النظام الحاكم، والذين حاولوا اقتحام الساحة وقتها بالقوة في مايو 2011، مما أدى لنشوب حريق فيها وسقوط بعض الضحايا.
بلطجية حمود سعيد المخلافي وجدوا حاضنة شعبية وحزبية حينها، بناء على الجو المشحون ضد القوات الحكومية ومحاولة اقتحام الساحة، وقيام حزب الإصلاح وأحزاب المشترك الأخرى بالتعبير عن موافقتها على انضمامهم، وكذلك قيام جزء من النظام الحاكم بالانحياز للثورة لاستغلال الاندفاع، وبقيادة علي محسن الأحمر، وضابطه المقرب في تعز صادق سرحان المخلافي، وسيطروا على جزء من المدينة صارت عصابات البلطجية المتحالفين معهم يتحركون بسهولة، وتغدق عليهم الأموال مقابل الحماية والتحرك حسب التوجيهات.
وبمجرد ما انتهت الأحداث في 2012 وحصل الاتفاق السياسي حينها، حتى انفجرت مشكلة تلك العصابات من جديد، وبدأوا في التهجم على المحلات التجارية وأصحاب متاجر الجملة والتجزئة في شارع جمال وسوق القرشي وشارع التحرير الأعلى والأسفل وعصيفرة وأماكن أخرى، وصاروا يطالبون بأموال تحت مسمى مقابل الحماية.
وبدأت الشكاوى تكثر ضد هذه المجموعات، وخاصة عند الشيخ حمود المخلافي الذي كان (عند الناس) مسؤولاً عنهم باعتبار معظمهم من عزلة المخلاف (والتي هي منقسمة بين مديريتي التعزية وشرعب السلام).
وكان الشيخ حمود يحاول الاتصال ببعضهم لإعادة الأموال أو التوقف عن الابتزاز، فيجد أحياناً قبولاً، وفي أحيان أخرى يجد تحدياً وسخرية من قيادات العصابة، الذين يعرفون أن شخصية حمود سعيد المخلافي إنما هي شخصية مصطنعة من الجناح العسكري للإخوان المسلمين، وليس شيخاً ولا مرجعية قبلية أو اجتماعية في تلك المناطق.

أترك تعليقاً

التعليقات