التاريخ يعيد نفسه
بوب دينارد ليس آخر كلاب الحرب


بدأ بوب دينارد (1921م - 2007م) نشاطه العسكري مع تطوعه بدايةً في صفوف الجيش الفرنسي للقتال ضد فيتنام التي تحتلها بلاده، ليجد نفسه بعدها متنقلاً بين الدول يعمل كمرتزق حرب، وتدرجاً حتى أصبح سيد مهنته.
تنقل بوب دينارد أو «كلب الحرب» مع من تسميهم وسائل الإعلام «المجموعة القذرة»، بين أكثر من عشرين دولة، من المغرب إلى الكونجو إلى جزر القمر وأنجولا ونيجيريا وإيران والعراق واليمن، يقاتل ويدرب ويتزعم الجيوش والعصابات ويخوض انقلاباتٍ وحروباً واغتيالاتٍ وإبادات جماعية بعشرات الآلاف. 
لطالما انتهجت منظومة السيطرة الدولية كل الطرق في تنفيذ سياستها ودون اعتبار لأي معايير إنسانية وأخلاقية حتى في حدنها الأدنى؛ فمنظومة تحركها السلطة والربح لن تلتفت بالضرورة لأي قيمية، بل لمصالحها لا شيء آخر.
بوب دينارد وفق مذكراته يعترف بكون المخابرات الفرنسية هي من قامت بتجنيده أواخر خمسينيات القرن الماضي في «خدمة مصالحها العليا»، وكانت مهمته السفر للبلدان التي فيها مصالح فرنسية والقيام بما يناسب لتأبيد هذه المصالح.
العائلة السعودية الناشئة كنهج للمنظومة الدولية اللا قيمية، أصبحت بفعل هرمونات النفط طبقة مسيطرة بلا منافس، عملت لتثبيت مصالحها في اليمن بكل الوسائل منذ تأسسها، وإحداها استئجار المرتزق العالمي بوب دينارد عقب ثورة الـ 62م ليقوم ببناء قاعدة في نجران لتدريب آلاف المرتزقة الذين أتت بهم السعودية مما يزيد عن ثلاثين دولة، وإرشاد العمليات العسكرية والاستخباراتية والتخريبية ضد الثورة والجمهورية، وبقيادته والجنرال الأمريكي كوندي والقوات الملكية نفذ حصار السبعين يوماً على العاصمة صنعاء في العام 67م.
وكان بوب دينارد ضمن فرق التدريب الأجنبية في المعسكر الذي أسمته السعودية بـ «جيش الإنقاذ الوطني» في منطقة الشرورة الحدودية، والذي بُني على غرار الجيوش الإسلامية حيث أسمى عدد من فصائلها بأسماء رموز دينية كخالد بن الوليد وصلاح الدين أُطلق عليها اسم فصائل الجهاد في سبيل الله، حسبما يوضح د. ثابت عبد حسين في كتابه «الثورة والثورة المضادة» صــ85ـــ
عمل «كلب الحرب» في اليمن ضمن منظومة محلية ودولية لقيادة الثورة المضادة بجانبيها المتكاملين البريطاني والسعودي ضد ثورتي اليمن في الشمال والجنوب. وكانت تنظيمات كحزب الرابطة والتحرير والإصلاح وغيرها، تمثل الأجنحة الداخلية التي تخفي خبايا أروقتها جزءاً رئيساً من كتلة المنظومة الدولية المُسيطرة. 
المفارقة أن المرتزق دينارد استقبل في اليمن في عهد صالح ضيفاً على الجمهورية التي حاربها بأموال خليجية في الستينيات وأكدت أوساط حينها أنه كُرِّم بوسام الجمهورية.