رئيس المركز الوطني للوثائق علي احمد ابو الرجال لـــــ لا
المستشرقون طافوا اليمــن علـى ظهور حمير وسرقوا مخطوطاتنا


بعيداً عن السياسة قليلاً نلتقي اليوم بشخصية إدارية من الطراز الأول، عاصرت عدة عهود من الحكم، هو القاضي الأديب والكاتب الفقيه والطبيب الهاوي والإداري صاحب العزيمة.. من نظارة الأوقاف وخدمة الحجيج، إلى المستشفى المتوكلي في صنعاء وإدارة شئون المرضى، ثم المدرسة الصناعية، ووزارة الأشغال وشق الطرق وتعبيد السبل، إلى رأس محافظة صنعاء، وبعدها الحديدة، واليوم في مهمة جديدة، هي حفظ الذاكرة الوطنية.. يملك مكتبة متنوعة تحوي كتب الأدب والطب البديل وكتب التاريخ والسياسة والفكر والفلسفة، ويحتفظ بتسجيلات نادرة لبتهوفن وموزرتوتشوفيسكي.. القاضي علي بن أحمد أبو الرجا
 القاضي علي أم الأديب أم القائد الإداري؟ من أنت منهم؟!
أنا لست قاضياً ولم أعمل في القضاء لكن لقب القاضي اندرج على أفراد أسرتي أما الشاعر والأديب فأنا أحب الشعر والأدب وقرأت لكثير من الأدباء والشعراء اليمنيين والعرب، بالنسبة للطب فأنا هاوي وقرأت كثيراً في الطب، وفيما يخص العمل الإداري هناك تجربة عشتها، والحديث يطول.

سنتحدث عن تلك التجربة لكن .. كأي طفل، ماذا عن طموحك في فترة الطفولة؟!
كنت أريد أن أكون طبيباً.. هذه أمنيتي.
ثم ما الذي حدث؟
كان والدي - رحمه الله- يرفض تماماً فكرة سفري للدراسة خارج اليمن،لأنني كنت ابنه الوحيد.. وعندما مرض بورم سرطاني أوصى أصدقاءه بمنعي من السفر، وبعد وفاته حضر أصدقاؤه - لتعزيتي - ومعهم أمر من الإمام بتوظيفي في نظارة الأوقاف بالرغم من أنه كان يحذرني من العمل في الأوقاف لأنه كان يعتبره قبراً بالنسبة لي.

كيف انتقلت إلى صعدة للعمل في الجوازات ؟
لم يكن عملي في الجوازات وإنما ذهبت من الأوقاف بناءً على تكليفي لمدة محدودة للعمل في إدارة جوازات صعدة في موسم الحج لصرف جوازات الحجاج ومن ثم أعود للعمل في الأوقاف.. تقدمت بنفسي لشغل هذه الوظيفة وكانوا يقولون أني ما زلت صغيراً على المهمة وأصريت وطلبت منحي فرصة، وفعلاً وافق ناظر الأوقاف حينها الوالد المرحوم محسن إسحاق الله يرحمه.

هل كانت المهمة صعبة بالفعل؟
قبل سفري إلى صعدة سألت عن أهم الشخصيات في صعدة لمقابلتهم وأخذ المشورة لمساعدتي وتسهيل مهمتي، وذهبت وقابلتهم، وكان من بين الشخصيات التي قابلتها الوالد العلامة مجد الدين المؤيدي رحمه الله، وذهبت إلى الجامع الذي كان العلامة المؤيدي يدرس فيه وقدمت له نفسي, وأتذكر أنني قلت له: ولدكم علي أبو الرجال.. قال لي: أنت جدك العلامة أحمد صالح أبو الرجال صاحب كتاب (مطلع البدور)؟ قلت له: نعم. قال: لاحظت أنك تضم في الصلاة؟ قلت له: لأن الإمام زيد بن علي هو من روى حديث الضم، فابتسم.

العلامة مجد الدين المؤيدي رجل علم شهير ومن كبار العلماء لكن يبدو أنك كنت توقره كثيراً وتعتز بالشهادة التي منحك إياها؟
لقد كان عالماً جليلاً وحكيماً بل إنه أوسع علماً من باقي العلماء في عصره. أتذكر قصة رواها الوالد عبدالسلام صبره أنه عندما كان يرقد في المستشفى بصنعاء وكان متواجداً للعلاج أيضاً الوالد عبدالسلام صبره رحمهم الله جميعاً، وصل إليه رسول من الإمام أحمد وقال له: «طلبوا مولانا تكتبوا عن الشيوعية»، فجاوبه: «أريد أن أقرأ كتبهم أولاً، وإذا وجدت فيها ما يدعوني للرد سأفعل»!

كيف كانت الحياة العامة في صعدة مقارنة بصنعاء؟
كانت حياة تعيسة.. في طفولتي عندما اكتسحت القبائل صنعاء بعد حركة 48 وقامت بنهب المنازل بما فيها منزلنا أقسمت بأنني سأنتقم منهم إذا ما توليت منصباً- رغم أن بيتنا مافيش فيه ما يكلف من الأثاث - لكن عندما زرت تلك المناطق ورأيت حالهم وحالة الفقر والعوز التي يعيشها أهل تلك المناطق عذرتهم واستغفرت الله على يميني. 

لنتحدث عن المدرسة الصناعية كونك كنت في منصب المدير أي صاحب قرار ؟
المدرسة افتتحت في عام 1958م، وكانت تنتج القماش والمفارش وغيرها، وعندما تعينت فيها أضفنا صناعة فرش النوم الخاصة بأفراد الجيش وصدر قرار تعييني مديراً لها أثناء سفر الإمام أحمد إلى روما حيث اتخذ البدر مجموعة من القرارات تحت مسمى التحديث في الجهاز الإداري لكن عندما عاد الإمام أحمد من روما ألغى جميع القرارات التي أصدرها البدر عدا قرار تعييني في مدرسة الصناعة وأيضاً ثلاثة أشخاص آخرين لم يتم إزاحتهم من مناصبهم التي عينهم فيها البدر، ولم يرُق للبعض بقائي على رأس المدرسة، فوشوا بي عند الإمام بأني أقوم ببيع العطب (القطن) المستخدم في صناعة - الفرش - لجيبي الخاص، وصدر أمر من الإمام للتقصي إلى العلامة الجليل عبدالقادر بن عبدالله رحمه الله، وقام بزيارة المدرسة ومعه لجنة واطلع على الحقيقة وعرضت عليه وثيقة تنفي صحة الاتهامات وأرسل بعدها العلامة عبدالقادر إلى الإمام أن هذا كذب ولا أصل له والوثائق تؤكد أن العمل يتم بحسب الأصول الإدارية وتم إيداع الواشين السجن.

من هنا كانت بداية اهتمامك بحفظ الوثائق؟
كانت البداية منذ صغري، عندما كنت أقوم بمساعدة والدي في الأرشفة وحفظ الوثائق، وهذا عزز في نفسي الاهتمام بالتوثيق أكثر، والمثل يقول: الوثائق عقارب الدهر.

 ماذا عن تهمة ارتباطك بحركة الأحرار؟
لدي علاقات ممتازة مع الجميع  طيلة فترة عملي، وكانت تربطني علاقات جيدة مع الجميع، وبالمقابل كانت لي علاقات مع كثير من المسؤولين والأمراء، وكنت على علم بأن هناك تحضيراً لثورة، وقد صارحني بعض الإخوة - رحمهم الله - بمخططهم، وعرضوا عليّ الانضمام لهم وقلت لهم: أنا أريد أن أخدم وطني وشعبي في أي مكان ومع أي عهدٍ كان، أما التهمة كان يقصد بها تخويفي لأنني كنت قد أصبت بالدرن أو الصمم (ضعف السمع)، وقرر الأطباء سفري للخارج وكنت أراجع الإمام للسفر وكان متواجداً في السخنة وقد وجدت الشيخ الجليل محمد علي عثمان -رحمه الله - والأخ الدكتور عبدالرؤوف - رحمه الله - متوجهين للسخنة، ورجوتهما التوسط لي عند الإمام لكن عند عودتهما أبلغاني أنهما لم يستطيعا إقناع الإمام بأني لست ضمن حركة الأحرار ولم أسافر إلى عدن كما بلغ الإمام لكنه لم يقتنع.. والحمد لله إلى الآن علاقاتي جيدة مع الجميع ولم أفكر حتى في الانضمام لأي حزب أو تنظيم سياسي كلهم يعرفون عملي.

لماذا ؟
لأنني على يقين أن الجهد الصادق للعمل في الوطن ليس بالضرورة أن يتم بالانتماء لأي حزب أو تنظيم .

هل التقيت بالإمام أحمد حميد الدين؟
التقيت به مرة في تعز عندما ذهبت لمراجعته في زيادة راتبي، وقال لي: « لا يكفي العباد إلا الله»، فقلت له: ها أنت موجود هنا بالنيابة عنه.. وسارع  بعض الأصدقاء الذين كانوا موجودين إلى إخراجي من عنده لتلافي الموضوع.
وفي تعز أيضاً التقيت بالمفكر السياسي الأستاذ عبدالله با ذيب رحمه الله؟
يعتبر الأستاذ/ عبدالله باذيب من كبار الاشتراكيين في العالم العربي حينها كما يقال، وكان متواضعاً وصاحب حديث شيق، ومثقفاً يسكنه حب الوطن، وكان يقيم في غرفة في مبنى دار الضيافة، وتعرفت عليه، وأخبرني بأنه وجد في تعز فرصة لإصدار صحيفة (الطليعة) بحرية، لأن الإنجليز لم يتحملوا ذلك، وأن الإمام أعطاه مبلغ ثلاثة آلاف ريال «سلفة» لإصدار الصحيفة. فأجبت عليه: «قد يرسل لك الإمام عسكر بعد فترة لسداد المبلغ»، وبالفعل بعد أقل من أسبوع سمعت صوت باذيب وهو يناديني، خرجت إليه  فقال: الإمام نفذ علي ثلاثة عسكر من عند النائب يطالبني بسداد السلفة التي عندي، فضحكت وقلت له : اكتب رسالة للنائب، وذهبت إلى أخي العزيز محمد أحمد الجرافي - رحمه الله - للتوسط لأنه كان يعرفه وسلمت له المراجعة، وعدت له في اليوم الثاني وأعطاني توجيهاً من القاضي أحمد السياغي بإيقاف مطالبة باذيب بالسلفة وتأجيل ذلك.

 لمن تقرأ من الكُتَّاب اليمنيين والعرب ؟
لا أستطيع أن أحدد بالتفصيل، ولكن كنت قد قرأت من « سلسلة اقرأ « لـِ: محمود أمين العالم المصري، وطه حسين، والزيات، ولليمنيين قرأت للبردوني وكنت أيضاً أحضر مجلسه في منزله.
لنتحدث عن المشاريع التي أنجزتها وزارة الأشغال خلال فترة الستينيات بشكل خاص.
أنجزت وزارة الأشغال الكثير من المشاريع التي كانت اليمن بحاجة إليها، وأشرفت على الكثير من المشاريع التي تم تنفيذها من قبل الدول الصديقة. هناك مشاريع بدأنا بها أيام الإمام، منها طريق صنعاء الحديدة وميناء الحديدة, وأخرى بعد الثورة مثل مصنع الغزل وطريق صنعاء تعز الترابي الذي نفذه الأمريكان، أيضاً طريق صنعاء صعدة الذي نفذه الصينيون والذي نجح بتعاون المواطنين في تلك المناطق معنا وحماية المعدات والعمال مقابل توظيف عدد من أبنائهم ضمن العمال والحراس.

ماذا عن مصنع الغزل والنسيج ؟
كان من أهم المشاريع لأنه أول مصنع حديث في اليمن، طبعاً واجهت الأشغال مشاكل عدة منها اشتراط الصينيين توظيف نساء، كون عملية الغزل تحتاج بالضرورة إلى نساء وهنا كانت الصعوبة لأنه من الصعب في ذلك الوقت تجاوب المجتمع بسبب العادات خاصة العلماء فوقفنا حائرين وكان الأستاذ الثائر عبداللطيف ضيف الله - حفظه الله - وزيراً للأشغال وتم الاتفاق على عمل اجتماع مع العلماء وإقناعهم، وبالفعل جمعنا العلماء وشرحنا لهم الموضوع وقلنا لهم: إننا بصدد الانتهاء من بناء مصنع للغزل، ونحتاج للنساء في العمل.  طبعاً احتج البعض منهم ورفضوا هذه الفكرة لكني ناقشتهم وحاورتهم حتى اقتنعوا ووقعوا محضراً يجيز عمل المرأة، وبعدما انتهوا من التوقيع أخذت الفتوى في يدي وقلت لهم: حتى تكونوا في الصورة من الآن!! قد يحدث أثناء العمل تعارف بين العاملين والعاملات ويعقب ذلك زواج فيما بينهم. حينها انتفض بعضهم مرة ثانية وقالوا: نحن نخشى من هذا.. قلت لهم: وماذا يمكنني فعله؟ هل علي ترك العمل وأتفرغ لحراستهم؟ فسكتوا.. وجرت الأمور على خير.

كنتم تقومون بتشييد بنى تحتية وها هي اليوم تدمر!! كيف كانت ظروف العمل في ذلك الوقت أثناء العمل في شق الطرق ومطار صنعاء أيضاً؟ من المؤكد أنكم عانيتم الكثير لتشييد هذه المشاريع؟ 
كانت المهام صعبة ولكن كان هناك تضافر مجتمعي، مثلاً عندما شرع الروس ببناء مدرج مطار صنعاء أخبرونا بأنهم سيحتاجون أحجاراً لأساس المدرج، ووضعت خطط لتوفير وجمع الأحجار من الجبال المحيطة بصنعاء، ولاختصار الوقت قمنا بالاتفاق على طلب العون من المواطنين حيث وتكونت أربع مجموعات تعمل طيلة الأسبوع كل يوم تتولى إحداها  « قلع « الأحجار من جبال صنعاء ونقلها على السيارات إلى المواقع.. كانت المجموعة الأولى من القبائل المحيطة بصنعاء والمجموعة الثانية  من موظفي الدولة والثالثة من الجيش والمجموعة الرابعة كانت من المواطنين، والحمد لله تم إنجاز المدرج في أقل من شهر، استطعنا توفير أكثر من 27 ألف متر مكعب من الأحجار استخدمت في بناء المدرج وكانت عملية رائعة أكدت حرص اليمنيين وتعاونهم في البناء.

يعني بدأتم ببناء المدرج قبل المطار؟ 
كان في البداية مدرج فقط وأجهزة اتصال لتنظيم هبوط الطائرات..  أما المطار الحالي فقد تم بناؤه بمعونةٍ من جمهورية ألمانيا الغربية، ووضع تصميم المبنى بشكل حديث استخدموا أعمدة من الألمنيوم يمكن فكها وإعادة تركيبها بحسب الرغبة هذا بالنسبة لصالات المطار، أما برج المراقبة فكان على أساس أن يتم بناؤه من الخرسانة، وكان المرحوم عبدالله الصعدي وزير الأشغال وقتها مصراً على أن يكون من الأحجار ليتحمل أي قصف، فاختلفنا مع الألمان حينها فاضطررت للسفر إلى ألمانيا الغربية لإقناعهم، وتوفقنا بمساعدة أحد أعضاء البرلمان الذي كان يشغل منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي الألماني آنذاك والذي كان متعاطفاً ومحباً لليمن فاستطاع إقناع البرلمان بتعديل تمويل مشروع المطار وبناء برج المراقبة من الخرسانة والأحجار.

ما هي قصة « منتدى الأشغال» الذي أسسته أنت؟
هو مجرد مجلس مقيل في وزارة الأشغال مفتوح نجلس فيه يومياً ويحضره عدد من الشخصيات بينهم عرب وأجانب كنا نناقش فيه كثيراً من المواضيع الثقافية وغيرها.
الحديث معك شيق وتجربتك في الإدارة غنية ولا يمكن اختزالها في لقاء واحد بعد النشاط التعاوني ومنصب محافظ محافظة صنعاء وكذلك محافظ الحديدة ثم نائب مدير عام رئاسة الجمهورية وبعدها رئيس المركز الوطني للوثائق دعنا نتحدث عن المركز قليلاً.
صدر القرار الجمهوري رقم   25 لعام 1991م وقضى بإنشاء المركز الوطني للوثائق وتعييني رئيساً للمركز الذي يتبع إدارياً رئيس الجمهورية، ويقوم المركز بجمع وحفظ وأرشفة الوثائق، ومنذ ذلك الحين عملنا على تجميع الوثائق من أرشيفات المؤسسات الحكومية، وكانت غالبية الوثائق مهملة، وبعضها كان ممزقاً في بدرومات المرافق الحكومية، فاضطررنا إلى النزول إلى جميع الجهات الحكومية، والتفتيش في مخازنها وفرز الوثائق ومن ثم جمعها وأرشفتها، هذا فيما يخص الوثائق الموجودة لدى الأجهزة الحكومية، أما الوثائق التي كانت بحوزة بعض الأسر والجهات الغير حكومية منها ما حصلنا عليه مجاناً مثل وثائق الوالد المرحوم أحمد الجرافي أحد رجالات اليمن المعروفين، فقد قام العلامة المرحوم محمد أحمد الجرافي مفتي الديار اليمنية بتسليم وثائق والده هدية للمركز، وكذلك بعض الشخصيات، ومنها ما قمنا بشرائه، وهناك وثائق خارج اليمن لها وضع آخر.

كيف يعني وضع آخر؟
هناك مراكز نظيرة للمركز الوطني للوثائق في بعض الدول مثل تركيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تونس والجزائر والعراق، هذه المراكز قمنا بتوقيع اتفاقيات معها بموجبها يسمح لنا بأخذ صور من الوثائق المتعلقة باليمن التي لديها، أيضاً هناك شخصيات عربية وأجنبية زارت اليمن وعملت فيه وكتبت عنه أو احتفظت ببعض الوثائق عنه، وهذه الشخصيات وصلنا إلى بعضها ووجدنا منهم تعاوناً, ولدى المركز علاقات ممتازة مع مراكز التوثيق والأرشفة في عدة دول، والمركز عضو في المجلس الدولي للأرشيف، والحمد لله لدينا أكثر من عشرة كيلو متر طولي من الوثائق، لكن للأسف المركز إلى اليوم لم يستطع أن يحظى بمبنى حسب المواصفات العالمية للحفاظ على ماتم جمعه.

حفظ الذاكرة الوطنية ولمُّ شتاتها مهمّة شاقّة ومتعبة لكنها ضرورية. لمن يقدم المركز خدماته ؟
أرشيف المركز متاح لجميع الباحثين والمهتمين وأيضاً للجهات الحكومية لكننا نعاني من معوقات عدة، هي عدم توفر مبنى كما قلت لك الإنجليز والأتراك وغيرهم عرضوا علينا تصوير الوثائق التي تهمنا لكن أين سنضعها؟ أيضاً عدم توفر آلات تصوير في المركز، كما أن آلة المايكرو فيلم (آلة تأخذ صوراً للوثائق) الآن معطلة رغم أن هذا النوع من الكاميرات قد عفى عليه الزمن وهناك تقنية رقمية حديثة إلا أنه لا يوجد لدينا لا قديم ولا حديث.

هل لمباني الأرشيفات الوطنية تصميم معين؟
أكيد والتصميم جاهز من سنين، وعبركم أطالب بسرعة بناء مبنى للمركز قبل أن تنهب أرضية المركز التي تكرر السطو عليها أكثر من ثمان مرات، علماً بأن كثيراً من الوثائق محفوظة في حقائب بسبب عدم وجود مكان لها.

سبق ونهبت الأرض المخصصة للمركز؟
ثمان مرات تم نهب أرض المركز، وكافحنا لاستعادتها، وفي المرة الثامنة كادت أن تنهب لولا تدخل أنصار الله.
هناك عمليات منظمة لسرقة الآثار، وكذلك الحال بالنسبة للكتب والمخطوطات اليوم تعرض في متاحف وجامعات عربية وغير عربية باعتبار أنها من تراثهم.

 ما هو السبب؟
تسربت وثائقنا نتيجة جهل البعض الذين باعوا الوثائق والمخطوطات بأبخس الأثمان، وهناك من تخلى عنها بالمجان، لأنه لا يدرك أهميتها، أتذكر بعد ثورة سبتمبر قام البعض بالتخلص من وثائق هامة بحجة أنها من العهد البائد وكنت حينها أحذرهم وأنصحهم لكن بلا فائدة!! هناك الكثير من الوثائق والمخطوطات تسربت خارج اليمن وذهبت إلى دول أخرى مع أشخاص طافوا على قرانا على ظهور الحمير لشراء الوثائق من الناس وكان الكثير لا يدركون أهمية ما لديهم.. هناك حكاية شهيرة لأحد المستشرقين، الذي كان يتقن اللهجة الصنعانية وعاش في صنعاء فترة طويلة واختلط بالناس حتى اعتادوا عليه وكان يتردد على الجامع الكبير للصلاة، وفجأة اختفى، وحينما بحثوا عنه اكتشفوا أنه غادر البلاد معه - شوالات - كتب ومخطوطات حملها على ظهر أربعة جمال. كما أن الأحوال المعيشية والمجاعات كانت سبباً في دفع البعض إلى بيعها لتوفير لقمة العيش، ومازالت هذه المشكلة قائمة إلى اليوم.

ما يحدث اليوم في اليمن من قصور في أداء أجهزة الدولة سببه سياسي أم إداري؟
مشكلة اليمن برُمَّته عدم قراءة التاريخ قراءة صادقة.

أخيراً في ظل ما يحدث اليوم من عدوان وحرب، ماذا تقول للقوى السياسية بشكل عام؟ 
أقول لهم: اقرأوا.. اقرأوا التاريخ ... حينها فقط ستعودون إلى الصواب وتعملون يداً واحدة لبناء البلد بشجاعة أسوةً بمن بنوا حضارة يشهد لها العالم إلى اليوم.